Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مفاوضون يتطلعون لاتفاق ينزع الفتيل عن آخر ساحات المعارك بسوريا

الاتفاق قد يتضمن إبعاد بعض المقاتلين الأكراد ودمج آخرين تحت قيادة وزارة الدفاع

عناصر من قوات سوريا الديمقراطية في مدينة الحسكة (رويترز)

ملخص

قال دبلوماسي أميركي إن الإطاحة بالأسد فتحت الباب أمام واشنطن لدراسة سحب قواتها من سوريا في نهاية المطاف، إلا أن جانباً كبيراً من الأمر يعتمد على ما إذا كانت قوات موثوقة مثل حلفائها الأكراد ستظل منخرطة في الجهود الرامية إلى مواجهة أي عودة لتنظيم "داعش".

يوجه مفاوضون كل تركيزهم على التوصل لاتفاق محتمل لحل واحدة من أكثر القضايا خطورة التي تلقي بظلالها على مستقبل سوريا: مصير القوات الكردية التي تعدها الولايات المتحدة حليفاً رئيساً في القتال ضد تنظيم "داعش" فيما تعدها الجارة تركيا تهديداً للأمن القومي.

وقالت مصادر لـ"رويترز"، إن مفاوضين دبلوماسيين وعسكريين من الولايات المتحدة وتركيا وسوريا إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية التي يقودها الأكراد يبدون في المفاوضات قدراً أكبر من المرونة والصبر مما تشير إليه تصريحاتهم العامة. وشاركت خمسة من هذه المصادر بصورة مباشرة في مناقشات مكثفة خلال الأسابيع القليلة الماضية.

وقالت ستة من المصادر، إن هذا قد يمهد الطريق لاتفاق في الأشهر المقبلة من شأنه أن يتضمن مغادرة بعض المقاتلين الأكراد من المنطقة المضطربة في شمال شرقي سوريا فيما يضع آخرين تحت قيادة وزارة الدفاع الجديدة.

لكنهم قالوا، إن هناك عديداً من القضايا الشائكة التي لا يزال يتعين حلها. ومن بين هذه القضايا كيفية دمج مقاتلي قوات سوريا الديمقراطية الذين يتمتعون بتسليح وتدريب جيد في الإطار الأمني السوري وإدارة الأراضي الخاضعة لسيطرتهم التي تضم حقولاً رئيسة للنفط والقمح.

"كتلة عسكرية"

وفي حديث لقناة "الشرق" للأخبار الثلاثاء الماضي، قال قائد قوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي، إن المطلب الأساس للقوات هو الإدارة اللامركزية، وهو ما قد يمثل تحدياً للإدارة السورية الجديدة التي تتطلع إلى إعادة كل مناطق البلاد إلى سلطة الحكومة بعد الإطاحة برئيس النظام السابق بشار الأسد الشهر الماضي.

وأشار عبدي إلى أن قوات سوريا الديمقراطية لا تعتزم حل نفسها وأنها منفتحة على ربط نفسها بوزارة الدفاع والعمل وفق قواعدها، ولكن "ككتلة عسكرية".

ورفض وزير الدفاع السوري الجديد مرهف أبوقصرة هذا التوجه، وقال إن مقترح أن تظل قوات سوريا الديمقراطية كتلة واحدة "لا يستقيم". وتقول السلطة الجديدة في دمشق، التي كانت حتى وقت قريب من قوات المعارضة، إنها تريد دمج جميع الجماعات المسلحة ضمن القوات الرسمية السورية وتحت قيادة موحدة. وعندما طُلب من قوات سوريا الديمقراطية التعليق أحالت "رويترز" إلى مقابلة قائدها.

 

ويقول دبلوماسيون ومسؤولون من جميع الأطراف، إن مقدار الحكم الذاتي الذي يمكن أن تحتفظ به الفصائل الكردية سيتوقف على الأرجح على دعم واشنطن المستمر منذ فترة طويلة لحلفائها الأكراد.

ولم يتحدث الرئيس المنتخب دونالد ترمب علناً عن نواياه، بما في ذلك في ما يتعلق ب2000 جندي أميركي موجودين في سوريا. ولم يعلق أيضاً ممثل عن ترمب.

وسيعتمد أي اتفاق أيضاً على ما إذا كان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان سيحجم عن شن هجوم عسكري يهدد بتنفيذه ضد وحدات حماية الشعب، وهي قوات كردية تقود تحالف قوات سوريا الديمقراطية.

وتنظر أنقرة لوحدات حماية الشعب على أنها امتداد لحزب "العمال الكردستاني" الذي يخوض تمرداً مسلحاً ضد الدولة التركية منذ عام 1984 وتصنفه كل من تركيا والولايات المتحدة جماعة إرهابية.

وقال وزير الخارجية التركي هاكان فيدان هذا الشهر، إن السلطات السورية الجديدة "يجب أن تُتاح لها فرصة... لإنهاء الاحتلال والإرهاب الذي خلقته وحدات حماية الشعب"، لكنه لم يحدد المدة التي ستنتظرها أنقرة حتى تتخلى وحدات حماية الشعب عن سلاحها قبل أن تُقْدم على شن توغل.

وقال مصدر في وزارة الخارجية التركية، إن نزع سلاح الفصائل المسلحة ورحيل "المقاتلين الأجانب" أمر ضروري من أجل استقرار سوريا وسلامة أراضيها، وأنه كلما حدث ذلك في أقرب وقت كان أفضل.

وأضاف المصدر، "إننا نعبر عن هذه التوقعات بأشد العبارات خلال اتصالاتنا مع الولايات المتحدة والإدارة الجديدة في دمشق".

محادثات مكثفة

قال دبلوماسي أميركي كبير، إن مسؤولين أميركيين وأتراكاً يعقدون مناقشات "مكثفة للغاية" منذ أن شنت فصائل المعارضة هجوماً خاطفاً من معقلهم في شمال غربي البلاد نجحوا خلاله في الإطاحة بالأسد في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) 2024.

وقال الدبلوماسي، إن البلدين لديهما "وجهة نظر واحدة حول أين يتعين أن تنتهي الأمور"، بما في ذلك الاعتقاد بأن جميع المقاتلين الأجانب يجب أن يغادروا الأراضي السورية، وأشار إلى أن المفاوضين الأتراك يرون أنه يتعين تسوية الأمور "على وجه الاستعجال".

لكن الدبلوماسي الذي طلب مثل بعض المصادر الأخرى عدم الكشف عن هويته حتى يتسنى له الحديث عن المفاوضات الحساسة، قال إن المحادثات "معقدة للغاية" وستستغرق وقتاً طويلاً.

ويقول مسؤولون من جميع الأطراف، إن محادثات تجري بالتوازي بين الولايات المتحدة وكل من قوات سوريا الديمقراطية وهيئة تحرير الشام، ومحادثات بين تركيا وهيئة تحرير الشام، وأخرى بين قوات سوريا الديمقراطية وهيئة تحرير الشام.

وكان الأكراد من بين أطراف قليلة استفادت من الصراع السوري إذ تمكنوا من السيطرة على مناطق ذات أغلبية عربية بعد أن تعاونت الولايات المتحدة معهم في الحملة ضد تنظيم "داعش". ويسيطرون حالياً على ما يقرب من ربع مساحة البلاد.

إلا أن سقوط نظام الأسد ترك الفصائل الكردية السورية في موقف دفاعي، وسط اتساع سيطرة الفصائل المسلحة المدعومة من تركيا في الشمال الشرقي وفي ظل العلاقات الوثيقة بين حكام البلاد الجدد في دمشق وأنقرة.

وبرزت تركيا التي قدمت الدعم المباشر لبعض فصائل المعارضة في مواجهة الأسد، واحدة من أكثر الأطراف نفوذاً في سوريا منذ سقوطه. ومثلها مثل الولايات المتحدة، تصنف تركيا هيئة تحرير الشام جماعة إرهابية، لكن من المعتقد أن أنقرة لديها نفوذ كبير على الهيئة.

زعزعة الاستقرار 

ويخشى مسؤولون من جميع الأطراف من أن يؤدي الإخفاق في التوصل إلى وقف لإطلاق النار واتفاق سياسي يمكن أن يصمد طويلاً في الشمال الشرقي إلى زعزعة استقرار سوريا بينما تسعى للتعافي من حرب أهلية استمرت أكثر من عقد وأسفرت عن مقتل مئات الآلاف ونزوح الملايين واجتذبت أطرافاً من الخارج من بينها روسيا وإيران وإسرائيل.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتشير الأنباء إلى مقتل العشرات في شمال سوريا منذ ديسمبر الماضي في اشتباكات بين قوات سوريا الديمقراطية التي يقودها الأكراد وحلفاء لتركيا وكذلك في غارات جوية شنتها تركيا عبر الحدود.

كما أن عدم التوصل إلى تسوية حول مصير الفصائل الكردية في سوريا من شأنه أن يقوض الجهود الناشئة لإنهاء تمرد حزب العمال الكردستاني في تركيا.

وتحذر الأمم المتحدة من "عواقب وخيمة" على سوريا والمنطقة إذا لم يتم التوصل إلى حل سياسي في شمال شرقي البلاد.

المقايضات المحتملة

كان الدعم الأميركي لقوات سوريا الديمقراطية مصدراً للتوتر مع تركيا. وواشنطن وأنقرة عضوان في حلف شمال الأطلسي.

 

وترى واشنطن في قوات سوريا الديمقراطية شريكاً رئيساً في مواجهة تنظيم "داعش" الذي يحذر وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن من أنه سيحاول استغلال هذه الفترة لإعادة بناء قدراته في سوريا. ولا تزال قوات سوريا الديمقراطية تتولى حراسة عشرات الآلاف من المعتقلين المرتبطين بالتنظيم.

وقال أردوغان الأربعاء الماضي، إن تركيا قادرة على "سحق" جميع "الإرهابيين" في سوريا، بما في ذلك تنظيم "داعش" والمسلحين الأكراد.

وتطالب تركيا بنقل إدارة معسكرات الاعتقال والسجون التي يتم احتجاز معتقلي تنظيم "داعش" بها إلى حكام سوريا الجدد، وعرضت مساعدتهم. كما طالبت قوات سوريا الديمقراطية بطرد جميع المقاتلين الأجانب وكبار أعضاء حزب "العمال الكردستاني" من أراضيها والتخلص من سلاح الأعضاء المتبقين بطريقة يمكنها التحقق منها.

وأبدى قائد قوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي مرونة في ما يتصل ببعض المطالب التركية، وقال الشهر الماضي، إن مقاتليه الأجانب، بمن في ذلك أعضاء حزب "العمال الكردستاني"، سيغادرون سوريا إذا وافقت تركيا على وقف إطلاق النار.

وقال حزب العمال الكردستاني في بيان الخميس الماضي، إنه سيوافق على المغادرة إذا احتفظت قوات سوريا الديمقراطية بسيطرة في الشمال الشرقي أو بدور مهم في القيادة المشتركة.

وقال عمر أونهون، آخر سفير تركي لدى دمشق، إن مثل هذه التطمينات من المستبعد أن ترضي أنقرة في وقت تحاول فيه قوات سوريا الديمقراطية "الاحتفاظ بحضورها واستقلاليتها" في سوريا.

وقال وزير الخارجية السوري أسعد حسن الشيباني الأربعاء الماضي في أنقرة، إن الوجود المكثف لقوات سوريا الديمقراطية المدعومة من الولايات المتحدة لم يعد مبرراً، وإن الإدارة الجديدة لن تسمح بأن تكون الأراضي السورية مصدر تهديد لتركيا. وقال نظيره التركي فيدان الذي كان يقف إلى جانبه، إن الوقت قد حان لوضع تعهدات مكافحة الإرهاب موضع التنفيذ.

دمج قوات "قسد" مع وزارة الدفاع

وقال عبدي، إنه التقى قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع، وإن الجانبين اتفقا على تشكيل لجنة عسكرية مشتركة لبحث كيفية دمج قوات سوريا الديمقراطية مع وزارة الدفاع. ووصف الاجتماع مع الشرع بالإيجابي.

واتهم وزير الدفاع أبوقصرة قادة قوات سوريا الديمقراطية، أمس الأحد، بـ"المماطلة" في هذه القضية، وقال إن "اندماج كل المناطق تحت الإدارة الجديدة... حق للدولة السورية".

وقال مسؤول، إن القيادة الجديدة تعتقد أن السماح لمقاتلي قوات سوريا الديمقراطية بمواصلة العمل ككتلة واحدة من شأنه أن "يهدد بزعزعة الاستقرار، بما في ذلك حدوث انقلاب".

وأكد عبدي أن الإدارة اللامركزية لن تهدد وحدة سوريا، وقال إن قوات سوريا الديمقراطية لا تطالب بنوع من الفيدرالية كما في العراق حيث يوجد للأكراد حكومة خاصة في إقليمهم.

ويقول بعض المسؤولين السوريين والدبلوماسيين، إن قوات سوريا الديمقراطية ستحتاج على الأرجح إلى التخلي عن السيطرة على مناطق واسعة وعائدات النفط التي سيطرت عليها خلال الحرب في إطار أي تسوية سياسية.

موارد النفط

وفي المقابل، قد تُمنح الفصائل الكردية حماية للغتها وثقافتها داخل هيكل سياسي لا مركزي، وفقاً لبسام القوتلي رئيس الحزب الليبرالي السوري الصغير الذي يدعم حقوق الأقليات لكنه لا يشارك في المحادثات.

وأقر مصدر كردي سوري كبير بأن بعض هذه المقايضات قد تكون ضرورية على الأرجح، لكنه لم يقدم تفاصيل.

وقال عبدي، إن قوات سوريا الديمقراطية منفتحة على تسليم المسؤولية عن موارد النفط للإدارة الجديدة، بشرط توزيع الثروة بصورة عادلة على جميع المحافظات.

عودة ترمب

وتدعو واشنطن إلى "انتقال مُدار" لدور قوات سوريا الديمقراطية.

وقال الدبلوماسي الأميركي، إن الإطاحة بالأسد فتحت الباب أمام واشنطن لدراسة سحب قواتها من سوريا في نهاية المطاف، إلا أن جانباً كبيراً من الأمر يعتمد على ما إذا كانت قوات موثوقة مثل حلفائها الأكراد ستظل منخرطة في الجهود الرامية إلى مواجهة أي عودة لتنظيم "داعش".

وتثير عودة ترمب إلى البيت الأبيض، اليوم الإثنين، الآمال في تركيا حول التوصل إلى اتفاق ملائم، نظراً للتوافق بينه وبين أردوغان خلال ولايته الأولى.

وتحدث ترمب بإيجابية عن دور أردوغان في سوريا، ووصفه بأنه "رجل ذكي للغاية"، وقال إن تركيا "تملك المفتاح" لما يحدث هناك.

وقال السفير التركي السابق أونهون، إن "الأميركيين لن يتخلوا عن قوات سوريا الديمقراطية، لكن وصول شخص لا يمكن التنبؤ بأفعاله مثل ترمب لا بد وأن يثير قلقهم بصورة أو بأخرى".

المزيد من الأخبار