ملخص
تستمر المعارك في مدينة حلب بعد سيطرة المعارضة بقيادة "هيئة تحرير الشام" على الريف الغربي للمدينة، في حين يتخوف سكان أكراد من انتهاكات تطاولهم لا سيما أنهم عاشوا معاناة النزوح من عفرين فضلاً عما تعرضوا إليه من مضايقات من قبل قوات النظام.
عشرات الحافلات توجهت، منذ صباح أمس الجمعة، نحو مدينة حلب لإخلاء المدنيين النازحين جراء التطورات المتسارعة التي شهدتها ثاني أهم مدن البلاد، بخاصة بعد قصف الفصائل المعارضة مباني في السكن الجامعي الواقع في الجهة الغربية للمدينة، وهي الجهة ذاتها التي وقع ريفها كاملاً تحت سيطرة المعارضة وفق ما أعلنت غرفة "إدارة العمليات العسكرية" التي تدير معركة "ردع العدوان" التي بدأت فجر الأربعاء الماضي.
في أحد ممرات السكن الجامعي تجمع عدد من الطلاب حول زميلهم الذي أصيب بشظايا إحدى القذائف التي استهدفت السكن الطلابي بصورة مباشرة حيث يقيم طلاب كليات "جامعة حلب"، لكن هذا الطالب فقد حياته جراء إصابته البليغة، إلى جانب ثلاثة أشخاص، في حين أصيب آخرون بجروح.
نزوح الطلاب الجامعيين
الحادثة أثارت الذعر في صفوف الطلاب وشكلت إنذاراً لآلاف الطلاب وأهالي الأحياء المجاورة ليسرعوا بالخروج من المنطقة.
وتوجه آلاف الطلاب ومعهم سكان آخرون من المنطقة إلى محطات الحافلات لتقلهم إلى ذويهم في مدن سورية مختلفة كدمشق والسويداء وحمص والحسكة ودير الزور وغيرها، وتوجه بعض الطلاب إلى المدينة الجامعية في حمص بوسط البلاد، على أمل أن تهدأ الأمور في حلب ويعودوا إلى مقاعدهم الدراسية.
وبرزت مبادرات أهلية ورسمية لتسريع وتسهيل عمليات الإجلاء، كما سهلت وسيرت الإدارة الذاتية لشمال شرقي سوريا عدداً من الحافلات الكبيرة والصغيرة لإعادة المتحدرين من كوباني (عين العرب) ومنبج والرقة والحسكة والقامشلي إلى مدنهم وذويهم، كما سجلت مبادرات أهلية مماثلة في السويداء أقصى جنوب سوريا.
وفي المقلب الآخر، عاد سكان من القرى والبلدات التي سيطرت عليها المعارضة أخيراً إلى منازلهم وذويهم بعد أعوام من النزوح، خصوصاً في مدينة سراقب التي تقع على مفترق طريقي M4 وM5 الدوليين.
وفي ما خص المواجهات الدائرة في حلب، بدأت المعارضة بالسيطرة على أحياء المدينة الغربية كحلب الجديدة والراشدين والحمدانية لتنتقل إلى وسط المدينة وتحكم سيطرتها على القلعة الأثرية والجامع الأموي والشعار والقصر البلدي وساحة سعدالله الجابري وهي أبرز معالم المدينة، فضلاً عن الأوتوستراد الدولي في جنوب المدينة حيث تعمل المعارضة على إحكام الطوق على حلب من الجهات الجنوبية والغربية، وكذلك الشمالية، في حين ما زالت بعيدة من الجهة الشرقية وإن كانت تحاول الوصول إليها من الطرف الجنوبي للمدينة.
انهيارات مفاجئة
وخلال الأيام الثلاثة الأولى لهذه المعركة بدا واضحاً أن العمل العسكري لقوات النظام السوري تركز في الخطوط الدفاعية خارج المدينة، التي سرعان ما انهارت جراء انسحاب قوات النظام وأيضاً الميليشيات والقوات الأجنبية المساندة لها، وأظهرت المشاهد دخول الفصائل المعارضة أحياء حلب من دون مواجهات، لا بل إن كثيراً من الأحياء الغربية بما فيها نقاط جيش النظام باتت فارغة عند دخول المسلحين المعارضين إليها، مما حدا بمراقبين إلى ترجيح وجود صفقة، بخاصة أن هناك أنباء تحدثت عن مغادرة كبار الضباط العسكريين والأمنيين والمسؤولين من الصف الأول، بمن فيهم محافظ حلب، المدينة قبل دخول المعارضين أحياءها، وأن الجنود والضباط من الصفوف الدنيا تُركوا لمصيرهم في مواجهة زحف مسلحي المعارضة.
وسائل إعلامية معارضة ذكرت أن الفصائل المعارضة فرضت حظراً للتجول في المدينة، وتعمل على تأمينها عسكرياً وأمنياً بغية إعلان السيطرة الكاملة عليها خلال الساعات المقبلة، كما سيطرت الفصائل على مبنى القنصلية الإيرانية لدى المدينة، وفروع ومفارز أمنية تابعة للنظام السوري أبرزها فرع الأمن السياسي، وأقدمت، أيضاً، على إطلاق سجناء بينهم نساء.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
تدخل كردي عند الضرورة؟
وعلى خلاف الانهيار السريع لمناطق سيطرة قوات النظام في حلب، ما زال حيا "الشيخ مقصود" و"الأشرفية" و"منطقة الشهباء" الواقعة تحت سيطرة الإدارة الذاتية وتحميها "وحدات حماية الشعب" التي تعد العمود الفقري لـ"قوات سوريا الديمقراطية"، ما زال هذان الحيان بعيدين من سيطرة الفصائل المعارضة.
وأظهرت صور عدة توجه تعزيزات من قبل "وحدات حماية الشعب" والقوى الأمنية المسيطرة على الأرجاء إلى نقاط التماس المحتملة.
وكتب مدير المركز الإعلامي لـ"قوات سوريا الديمقراطية" فرهاد الشامي، عبر منصة "إكس" "أن خطة الهجوم على شمال غربي سوريا هي من إعداد الاحتلال التركي الذي يعتزم تنفيذ مخططاته بالتعاون مع جبهة النصرة، وتتم إدارة هذا الهجوم، خطوة بخطوة، من قبل تركيا، ومن أجل فهم هذه العملية بصورة كاملة من المهم أن نرى الدور التركي"، وشدد الشامي على أن التطورات في شمال غربي سوريا "حساسة، ونحن نهتم بها بصورة مباشرة ونتابعها من كثب، ومهما حدث، فإن أولويتنا الوطنية والأخلاقية الدفاع عن شعبنا ومناطقنا، لذلك سنتدخل حسب الضرورة للدفاع عن شعبنا".
هواجس متراكمة
وبحسب الناشط الحقوقي الكردي إبراهيم شيخو فإن نحو 250 ألف شخص كردي يعيشون في حيي "الشيخ مقصود" و"الأشرفية" الكرديين بمدينة حلب، كذلك فإن مئات العائلات نزحت من أحياء حلب إلى هذين الحيين.
ووفق شيخو الذي يقيم في منطقة الشهباء حيث يوجد أكثر من 100 ألف نازح كردي، فإن الوضع أصعب "بسبب القصف اليومي الذي تشهده هذه المساحة التي لا تتعدى 1000 كيلومتر مربع من الجغرافيا المعقدة والمحصورة بين حلب حيث سيطرة قوات النظام، وإعزاز - عفرين الواقعة تحت سيطرة تركيا والفصائل المعارضة المسلحة".
ولا يخفي الناشط الحقوقي مخاوفه من تعرض السكان الكرد في هذه المنطقة، سواء في تل رفعت ومحيطها أو في الحيين الحلبيين، لأخطار مختلفة، بخاصة أن هجوم "هيئة تحرير الشام" والفصائل المعارضة كبير من جهة العدد، مما يبقي مصير السكان مجهولاً في هذه المنطقة التي ازدادت أوضاعها تعقيداً مع الهجوم الأخير عليها وعودة المعارضة إلى داخل حلب.