Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كيف تلبي الطاقة النووية طلب الذكاء الاصطناعي على الكهرباء؟

بعد أعوام من الركود يعود نشاط بناء محطات بمفاعلات لتوليد التيار

يعود سبب توقف بناء محطات الطاقة النووية في الغرب إلى الزيادة الهائلة في الكلفة ومن ثم تردد شركات الطاقة في بنائها (أ ف ب)

ملخص

أعلنت شركة "مايكروسوفت" الشهر الماضي أنها ستبدأ في إعادة إحياء محطة الطاقة النووية في جزيرة ثري مايل ببنسلفانيا

بدأت شركات التكنولوجيا الكبرى وبعض البنوك الكبرى التوجه نحو الاستثمار في توليد الطاقة بمحطات تعمل بالمفاعلات النووية، وذلك بعد أعوام طويلة من الجمود في هذا القطاع، فمع الطلب الهائل على الطاقة من قبل الذكاء الاصطناعي ومراكز البيانات الكبرى المرتبطة به يسعى المستثمرون في هذا القطاع إلى الحصول على الطاقة من مصادر منعدمة الانبعاثات الكربونية وتعد محطات الطاقة النووية هدفاً مهماً في هذا السياق.

شهد هذا العام في الدول الغربية إقبالاً كبيراً على تطوير مصادر الطاقة من المفاعلات النووية نتيجة الطلب المتزايد من شركات تكنولوجيا كبرى مثل "غوغل" و"أمازون" و"ميتا" و"مايكروسوفت" التي تحتاج إلى توفير كميات هائلة من الكهرباء على مدار الساعة وقليلة الانبعاثات في الوقت نفسه. وبحسب صحيفة "فايننشال تايمز" وصفت إحدى الشركات التنافس على تطوير مراكز البيانات بأنه "حرب الذكاء الاصطناعي" التي تريد كل شركة تكنولوجيا كبرى أن تكسبها.

في ندوة عن المناخ بنيويورك الأسبوع الماضي أعربت بعض البنوك الكبرى أيضاً عن دعمها لهذا التوجه فيما بدا تشجيعاً لقطاع الطاقة النووية الذي ينظر إليه على أنه "بديل مهم" في عملية التحول إلى الطاقة النظيفة في العالم، وأدى ذلك إلى تفاؤل كبير بين المستثمرين وفي الأسواق بأن قطاع محطات الطاقة النووية آخذ في التوسع في الفترة المقبلة، وبخاصة في الغرب الذي شهد تراجعاً فيه منذ أعوام.

تجاوز الأخطار

صحيح أن دولاً مثل الصين وكوريا لم تتوقف عن بناء محطات توليد الطاقة بمفاعلات نووية في الأعوام الماضية، إلا أن الولايات المتحدة وأوروبا شهدتا تراجعاً كبيراً في عدد محطات الطاقة النووية بعد موجة من النشاط في بناء محطات الطاقة النووية في السبعينيات والثمانينيات، أما منذ التسعينيات فلم تضف الولايات المتحدة سوى ثلاثة مفاعلات فقط حتى الآن.

يعود سبب توقف بناء محطات الطاقة النووية في الغرب إلى الزيادة الهائلة في الكلفة من ناحية، ومن ثم تردد شركات الطاقة في بنائها لأن هامش الربح منها ليس كبيراً، ومن ناحية أخرى أدت سلسلة من الحوادث في مفاعلات نووية إلى مخاوف هائلة جعلت بناء محطات جديدة أو حتى إحلال بديل للمحطات التي تخرج مفاعلاتها من الخدمة أمراً غير وارد.

من تلك الحوادث ما جرى في محطة جزيرة ثري مايل في بنسلفانيا عام 1979 وحادثة تشيرنوبيل الشهير عام 1986 ثم الزلزال والتسونامي اللذين تبعاه وضرب محكة فوكوشيما عام 2011، وكل ذلك أدى إلى اتساع نطاق المخاوف ليس فقط بين الشركات، إنما أيضاً بين الجمهور العام الذي بدأ يفقد الثقة في أمان تكنولوجيا توليد الكهرباء من مفاعلات الوقود النووي.

لكن الواضح أن تلك المخاوف بدأت في التراجع، وهناك توجه قوي نحو تغذية مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي لشركات التكنولوجيا الكبرى بالطاقة من مفاعلات نووية. كتب كبير علماء الذكاء الاصطناعي في شركة "ميتا" المالكة لـ"فيسبوك" و"إنستغرام" يان ليكون في حسابه على موقع التواصل "إكس" يقول إن "مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي ستؤسس قرب مواقع توليد الطاقة التي يمكنها إنتاج الكهرباء بكميات كبيرة بالغيغاوات وبكلفة أقل وبانبعاثات منخفضة والأهم بصورة مستمرة ومتواصلة، أي بالأساس ستنشأ المراكز قرب محطات طاقة نووية".

استثمار غير مباشر

بالطبع لا يتوقع أن تبني شركات التكنولوجيا الكبرى محطات طاقة خاصة بها تعمل بمفاعلات نووية، لكنها بدأت الاستثمار غير المباشر في مشاريع محطات طاقة نووية، مما يشجع المستثمرين على الدخول في ذلك النشاط مستفيدين مما يمكن أن تكون شركات التكنولوجيا الكبرى على استعداد لدفعه ثمناً لطاقة نظيفة مستمرة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

أعلنت شركة "مايكروسوفت" سبتمبر (أيلول) الماضي أنها ستبدأ في إعادة إحياء محطة الطاقة النووية في جزيرة ثري مايل ببنسلفانيا. وفي مارس (آذار) الماضي أنفقت شركة "أمازون" أكثر من نصف مليار دولار (650 مليون دولار) لإقامة مركز بيانات لها قرب قرب محطة "سسكوانا استيم اليكتريك" النووية في بنسلفانيا أيضاً.

في مقابلة مع "فايننشال تايمز" يقول أرثر هايد من شركة "سيغا كابيتال"، وهي صندوق تحوط يستثمر في سلسة إمداد اليورانيوم، إن المستثمرين "يرون آفاقاً سعرية في السوق تبرر إنشاء مزيد من محطات الطاقة النووية، فهناك التزام من الحكومات بالاستثمار في الطاقة النووية الجديدة، وهناك تعهدات من مؤسسات مالية بدعم تلك المشاريع، كما أننا نعرف شكل الطلب المستقبلي. تلك هي الالتزامات والتعهدات المطلوبة للبدء في زيادة سعة إنتاج الطاقة النووية في الولايات المتحدة وأوروبا". ويضيف قائلاً "أنا متفائل جداً بأننا سنشهد مزيداً من الإعلان عن مشاريع طاقة نووية جديدة في الولايات المتحدة خلال الـ12 شهراً المقبلة".

يبقى هناك تساؤل عمن سيتحمل أخطار التوسع في إنتاج الطاقة من محطات تعمل بمفاعلات نووية. يقول المسؤولون في شركات التكنولوجيا الكبرى إن تلك الشركات لا تستطيع امتلاك محطات نووية، كما أنها حتى لو استثمرت فيها بصورة غير مباشرة لا ترغب في تحمل الأخطار، خصوصاً احتمالات التأخير في الإنشاء وزيادة الكلفة بمليارات الدولارات.

وربما يثير ذلك قلق المستثمرين الآخرين وحتى شركات إنتاج الطاقة، إلا أن هناك حلولاً وسطى من قبيل تعهد شركات التكنولوجيا باتفاقات طويلة الأمد لشراء الطاقة من المحطات النووية وبأسعار جيدة، مما يغري المستثمرين الآخرين بهامش أرباح جيد، وهو ما سيساعد أيضاً في سرعة إنجاز إنشاء محطات الطاقة النووية وتطوير تكنولوجيا المفاعلات كما فعلت الصين وكوريا.

اقرأ المزيد