ملخص
بينما تستمر دورة الألعاب الأولمبية في باريس تظل مسألة الأمن في صدارة الاهتمامات. تصريحات جيرالد دارمانان تسلط الضوء على الجهود المبذولة لتحسين السلامة العامة، وعلى رغم النتائج الأولية المشجعة تبقى الأسئلة مفتوحة حول مدى فاعلية هذه التدابير في مواجهة التهديدات المحتملة. فهل ستتمكن السلطات من الحفاظ على مستوى الأمان حتى نهاية الألعاب وسط التحديات المستمرة؟
أثارت سلسلة من السرقات في القرية الأولمبية بباريس قلقاً واسع النطاق بين الرياضيين والمسؤولين، ووفقاً لتقرير صحيفة "لوباريزيان" قدمت خمس شكاوى حتى الآن، وهو عدد ملحوظ في المرحلة الأولى من الألعاب الأولمبية، مما يثير تساؤلات حول مدى قوة التدابير الأمنية في مكان يفترض أن يكون نموذجاً للأمن.
وتعكس هذه الحوادث قلقاً متزايداً بين الرياضيين والمسؤولين الذين كانوا يتوقعون بيئة آمنة ومحمية، كما أن عدم وجود كاميرات مراقبة في القرية الأولمبية يزيد من صعوبة التحقيقات، مما يعوق جهود تحديد الجناة واستعادة الممتلكات المسروقة.
في الأثناء تعمل السلطات المعنية على معالجة هذه القضايا بسرعة لتعزيز الأمان والطمأنينة في أوساط المشاركين وسط دعوات متزايدة لتعزيز التدابير الأمنية لضمان تجربة أولمبية خالية من مثل هذه الحوادث.
في هذا السياق صرح مصدر استخباراتي لصحيفة "لوباريزيان" بأن "كل دورة أولمبية تشهد نصيبها من السرقات والاعتداءات الجسدية والجنسية والسطو والإتلاف وجرائم المخدرات. ومع ذلك تقليدياً تظل القرية الأولمبية منطقة محمية وخصوصية، إذ لا يمكن للشرطة دخولها بصورة معتادة. غالباً ما تعطى حرية الرياضيين الأولوية على مسألة السلامة".
تعليقاً على الحوادث الأمنية الأخيرة قالت آن ديكا المتحدثة باسم "أولمبياد باريس" 2024، "أبلغت الشرطة بهذه الحوادث، ونقدم دعمنا الكامل للرياضيين والبعثات، ونؤكد أن القرية تعد مكاناً آمناً للغاية، وملتزمون تماماً توفير بيئة آمنة للرياضيين".
من جهة أخرى كشف مدرب منتخب الأرجنتين الأولمبي لكرة القدم خافيير ماسكيرانو الأسبوع الماضي أن بعض لاعبيه تعرضوا للسرقة قبل مباراتهم الأولى التي أقيمت الأربعاء الماضي.
دفتر أحوال الأولمبياد
وتقدم مدرب فريق الهوكي الأسترالي كولين باتش بشكوى إلى مركز شرطة سان دوني أمس السبت بعد تعرضه لسرقة بطاقته المصرفية واستخدامها بطريقة احتيالية. وأوضح باتش أن السرقة حدثت في غرفته صباح السبت الماضي بين الساعة 9:30 صباحاً والواحدة ظهراً وفقاً لما أفادت به صحيفة "لوباريزيان".
أحيلت القضية إلى الشرطة القضائية في الدائرة 93 للتحقيق، لكن السلطات لم تعثر على أية أدلة ملموسة في موقع الحادثة. واكتشفت السرقة عندما أبلغ البنك الذي يتعامل معه باتش عن رصد معاملات مشبوهة بقيمة 1500 دولار أسترالي، أي ما يعادل 907 يوروهات.
وفي حادثة أخرى تقدم لاعب فريق الرجبي الياباني بشكوى بعد تعرضه لسرقة شملت خاتم زواجه وقلادة ومبلغاً مالياً قدره 3000 يورو (3274.95 دولار). وعلى رغم التفتيش الكامل لغرفته لم تكتشف أية دلائل على اقتحام الغرفة.
في خضم المنافسات المستمرة في المرسى الأولمبي بمارسيليا أبلغ عن حادثة سرقة جديدة تعرض لها أحد أعضاء الوفد الأسترالي قرب موقع الإبحار الأولمبي في الـ17 من يوليو (تموز) الماضي.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفقاً للمعلومات المتوافرة كان الرجل ركن سيارته في شارع جورج بومبيدو نحو الساعة 6:30 مساءً، لكنه ترك نافذة السيارة مفتوحة مع حقيبته بداخلها. ونتيجة لذلك سرقت الحقيبة، مما أسفر عن فقدان الأسترالي وثائقه وأوراقه الإدارية التي كانت بداخلها. في الوقت نفسه أفاد مصدر في الشرطة بأنه اعتقل اثنان من المشتبه فيهم يبلغان من العمر 20 و32 سنة، بحسب ما ذكرت صحيفة "لوفيغارو".
في حادثة منفصلة تقدم مهندس يبلغ من العمر 56 سنة يعمل في مجلس مدينة باريس بشكوى إلى مركز شرطة غار دو نور بعد تعرضه لسرقة حقيبته التي كانت تحوي جهاز كمبيوتر خاصاً بالعمل ووحدتي تخزين USB.
في البداية كان يعتقد أن الوسائط الرقمية المسروقة تحوي خططاً أمنية حساسة للألعاب الأولمبية. ومع ذلك أعلن مكتب المدعي العام في باريس أن وحدات التخزين المفقودة كانت تحوي فقط "ملاحظات تتعلق بحركة المرور في باريس خلال الألعاب الأولمبية"، وليس على بيانات أمنية حساسة، كما كان يعتقد سابقاً. وقد سلم التحقيق إلى هيئة سلامة النقل الإقليمية التي تتولى متابعة القضية.
الأمن يقدم إفادته
وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان قدم تقييماً أولياً للوضع الأمني بعد مرور أسبوع على افتتاح دورة الألعاب الأولمبية في باريس 2024. وأشاد الوزير بـ"الأرقام الممتازة" التي تعكس "الوجود المكثف للشرطة وقوات الأمن"، مشيراً إلى انخفاض ملحوظ في معدلات الجريمة وتحسن في السلامة العامة.
في مؤتمر صحافي عقد الجمعة في سان دوني كشف دارمانان عن إحصاءات الجريمة الأولية، موضحاً أن عدد حالات الاعتقال بلغ 200، بما في ذلك 180 حالة تمت بواسطة الشرطة. وأضاف أن هناك انخفاضاً بنسبة 24 في المئة بالسرقات العنيفة، وبنسبة 8 في المئة بسرقات السيارات، مع تحسن عام في جميع مجالات الجريمة، معلقاً "هذا التحسن يعود بلا شك إلى الوجود المكثف للشرطة وقوات الأمن في الشوارع"، ومشيداً بالأرقام الإيجابية.
في ما يتعلق بالتهديدات الأمنية أشار الوزير إلى مجموعة من الأخطار تشمل "عنف القانون العام والتهديدات السيبرانية والطائرات من دون طيار، إضافة إلى التهديدات الإرهابية"، وفي ما يخص الأخيرة أفاد بوجود "عديد من أعمال العنف التي أحبطتها أجهزة الاستخبارات" من دون تقديم تفاصيل إضافية.
وتابع جيرالد دارمانان "نحن نستجوب الأفراد يومياً، ونعتقل أشخاصاً نعتقد أنهم قد يشكلون خطراً على الأمن"، موضحاً أن 700 إجراء إداري وقضائي اتخذ منذ بداية العام، ولا يزال 200 منها قيد التنفيذ. وأشار إلى أن الترتيبات الأمنية التي بدأت منذ افتتاح الألعاب الأولمبية ستستمر طوال فترة الفعاليات، بما في ذلك الحفل الختامي والألعاب البارالمبية، وستبقى سارية بعد ذلك أيضاً. وقال إن "الإرث الذي سنتركه في مجال الأمن يشمل تعزيز الحماية من خلال كاميرات المراقبة، وإنشاء مراكز شرطة جديدة، وتشكيل فرق إضافية. وأعتقد أن جهودنا في مكافحة الجريمة، وبخاصة في مجال مكافحة المخدرات وتهريب التبغ، ستظل مفيدة لجميع بلديات منطقة إيل دو فرانس".
وبينما تستمر دورة الألعاب الأولمبية في باريس تظل مسألة الأمن في صدارة الاهتمامات. تصريحات جيرالد دارمانان تسلط الضوء على الجهود المبذولة لتحسين السلامة العامة، وعلى رغم النتائج الأولية المشجعة، تبقى الأسئلة مفتوحة حول مدى فاعلية هذه التدابير في مواجهة التهديدات المحتملة. فهل ستتمكن السلطات من الحفاظ على مستوى الأمان حتى نهاية الألعاب وسط التحديات المستمرة؟