Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الجهاز السري لحركة النهضة في تونس... يفجر أزمة بين المحامين والقضاة

ثمة أطراف تسعى للتصعيد وتريد افتعال مشكلة ليس لها مبرر

تسبب الإضراب العام بشل كل محاكم تونس (أ.ف.ب)

"أحفظ القضية أم أحيلها إلى القضاء"، شعار أطلقه فريق محامي الدفاع عن ملف اغتيال شكري بلعيد ومحمد البراهمي في القضية المعروفة بقضية الجهاز السري لحركة النهضة، والمتهمة فيه بالتورط في عمليات الاغتيال التي شهدتها تونس في 2013.

حمّل فريق الدفاع، الوكيل العام للجمهورية بمحكمة تونس البشير العكرمي، مسؤولية تعطيل سير القضاء ورفض اتخاذ قرار بإحالة الملف إلى القضاء أو حفظ القضية لعدم ثبوت التهم، معتبرين ذلك تواطئاً مع حركة النهضة وتعطيل فتح تحقيق مع رئيسها راشد الغنوشي في الملف، وإعطاءه الفرصة لنيل الحصانة البرلمانية إذا انتخب لعضوية مجلس النواب، وهو المرشح على رأس قائمة الحركة في مدينة تونس، ويصبح طلب دعوته للمثول أمام قاضي التحقيق مستحيلاً.

الاعتصام

فريق الدفاع عن ملف اغتيال شكري بلعيد ومحمد البراهمي وفي محاولة منه للضغط على السيد البشير العكرمي، أعلن عن دخوله في اعتصام بمقر المحكمة الابتدائية بتونس، للمطالبة بالرد على ما قدمته من شكايات في ما يتعلق بملف الجهاز السري.

تحول الاعتصام إلى صدام مع قوات الأمن التي تدخلت لإخراج المحامين من مقر المحكمة، ما شكل سابقة في علاقة المحامين بالقضاء، واعتبر مؤشراً خطيراً على ما يجري في التعاطي مع ملف الجهاز السري.

في المقابل، الاعتصام واقتحام مكتب الوكيل العام لمحكمة تونس شكل صدمة في أوساط القضاة الذين اعتبروه تعدياً خطيراً على هيبة القضاء، وعبّر المكتب التنفيذي لجمعية القضاة التونسيين عن تمسّكه بفتح تحقيق في الأحداث التي جدت بالمحكمة الابتدائية بتونس و"تحميل المسؤوليّات للمتورطين فيها، مؤكداً عدم التراجع عن التحرّكات التي تمّ إقرارها من قبل الجمعيّة إلاّ بفتح التحقيق القضائي لمحاسبة كلّ من ثبت تورّطه في الاعتداء على وكيل الجمهوريّة وعلى المحكمة بصفتها مقراً سيادياً". 

وكيل الجمهورية وجه الاتهام إلى ستة محامين من هيئة الدفاع وهم كثير بوعلاق، إيمان البجاوي، عبد الناصر العويني، رضا الرّداوي، إيمان قزارة.

كما قرر القضاة إعلان الإضراب العام في كافة محاكم الجمهورية لمدة عشرة أيام في انتظار فتح تحقيق جدي بالاعتداءات التي حصلت.

المحامون يردون الفعل

القرارات التي اتخذها المكتب التنفيذي لجمعية القضاة التونسيين، دفع بعميد المحامين إبراهيم بودرباله إلى الإعلان بأن هناك أطرافاً تسعى للتصعيد وتريد افتعال أزمة ليس لها مبرر، وأن مجلس عمادة المحامين يرفض قطعياً دعوة المحامين الستة للتحقيق معهم، كما قرر المجلس تنفيذ وقفات احتجاجية ينفذها المحامون بالزي الرسمي في كل المحاكم في يوم غضب وطني يوم الجمعة المقبل تحت شعار "لا للاعتداء على المحاماة، حق الدفاع ضمانة أساسية لاستقلال القضاء"، ومقاطعة وكيل الجمهورية بالمحكمة الابتدائية بتونس البشير العكرمي، وتحميله المسؤولية في كل ما آلت إليه الأوضاع وتقديم شكاوى ضده للمجلس الأعلى للقضاء ووزارة العدل.

الجهاز السري القضية اللغز

في المقابل، عقدت هيئة الدفاع عن ملف اغتيال شكري بلعيد ومحمد البراهمي قبل سنة، ندوة صحافية سلطت فيها الأضواء على وثائق سرية تتعلق بملفات اغتيال بلعيد والبراهمي موجودة في غرفة سوداء في وزارة الداخلية حجزت لدى أحد العناصر القيادية في حركة النهضة مصطفى خضر والذي حكم بالسجن ثماني سنوات بعد حجز كم هائل من الوثائق السرية لوزارة الداخلية التونسية في منزل استأجره عام 2013، كما وجدت لديه أجهزة تجسس وتصوير، وكل الوثائق التي تمت مصادرتها اختفت قبل أن يتم الكشف عنها بعد خمس سنوات إثر عمل كبير قام به فريق الدفاع وأجبر وزارة الداخلية على الاعتراف بوجود هذه الوثائق وتسليمها لقاضي التحقيق الذي وضع الغرفة وما فيها تحت سلطة القضاء.

تقول لطيفة حسني الناشطة في المجتمع المدني أن ملف الجهاز السري لحركة النهضة الذي تحدثت عنه هيئة الدفاع يهدف لكشف حقيقة تورط قياديين في حركة النهضة بهذا الملف، وتحديداً راشد الغنوشي وعلي العريض، وأن أهمية كشف الحقيقة تنطلق من أن عمل هذا الجهاز كان مخصصاً للتجسس والمساس بالأمن القومي لتونس حيث كانت عناصره تقوم بعمليات تجسس وتنصت هاتفي ورصد مصور لشخصيات أمنية وسياسية وعسكرية كما أثبتت التحقيقات عن ارتباط مباشر مع التنظيم العالمي لجماعة الإخوان المسلمين.

وتوضح أن وكيل الجمهورية بمحكمة تونس تعمد المماطلة ورفض الاستماع لأي ممن وجهت إليهم هيئة الدفاع، الاتهام بالتورط في الملف، في حين تم الاستماع منذ أكثر من ستة أشهر لكل أعضاء هيئة الدفاع، مما يظهر بوضوح إصراره على التسويف والمماطلة على أمل الوصول إلى موعد الانتخابات التشريعية وضمان الحصانة البرلمانية لعدد من قادة حركة النهضة الذين وجهت لهم الاتهامات بالتورط في الملف.

خلافات قديمة

منذ تعيين السيد البشير العكرمي وكيلاً عاماً لمحكمة تونس عام 2016، كانت العلاقة مع هيئة الدفاع عن ملف اغتيال بلعيد والبراهمي متوترة جراء الخلافات التي كانت بينهما عندما كان يشرف على مكتب التحقيق 13 بمحكمة تونس، والذي كان مكلفاً بالتحقيق في قضايا الاغتيال واتهمه الكثير من المحامين بأنه سعى لعرقلة التحقيق وتقسيم الملفات مما يصعب معه الوصول للفاعلين والمحرضين الحقيقيين على تنفيذ جرائم الاغتيال.

اتهامات خطيرة للقضاة

هيئة الدفاع عن ملف اغتيال شكري بلعيد ومحمد البراهمي وفي تصعيد مفاجئ، اتهمت الناطق الرسمي باسم القطب القضائي لمكافحة الإرهاب سفيان السليطي بالمشاركة في القتل العمد، بإشراف من الوكيل العام للجمهورية بمحكمة تونس السيد البشير العكرمي.

ونشرت الهيئة تدوينة على صفحتها الرسمية بـ "فيسبوك"، مفادها بأن "سفيان السليطي بإشراف من بشير العكرمي يشارك في القتل العمد مع الإضمار، وهذا إقرار من المساعد الأول لوكيل الجمهورية بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب، تلقاه المتفقد العام بالتفقدية العامة بوزارة العدل، وأرفقت ذلك بوثائق ومؤيدات تؤكد التهم الموجهة للسليطي".

هذا التصعيد المفاجئ سيزيد من حدة الأزمة بين القضاة والمحامين مما يهدد بتعطيل سير هذا المرفق الأساسي في حياة التونسيين.

أزمة لا بد لها من حل عاجل

من جهته، اعتبر الإعلامي والمحلل السياسي كمال بن يونس أن الوصول إلى حل بين هيئة القضاء والمحامين أمر لا بد منه، وأن التصعيد الأخير له علاقة مباشرة بالانتخابات الرئاسية والتشريعية، على الرغم من عدم إعلان ذلك، وإعادة تحريك الملف يدخل في إطار التجاذبات السياسية والاعتصام الذي تم في مقر محكمة تونس شكل سابقة في العلاقة بين المحامين.

وقال بن يونس إن هذا التصعيد سينتهي مع انتهاء الانتخابات التشريعية وستعود الأمور إلى نصابها وإن ملف الجهاز السري سيستمر على حاله، لأن كشف مثل هذه القضايا يحتاج لزمن طويل ومن المستبعد أن يتم الكشف عن الحقائق في حينها أو معرفة من تورط في هذا الملف.

إضراب القضاة

تسبب الإضراب العام الذي شل كل محاكم تونس، في منع النظر عن طلب الإفراج عن المرشح نبيل القروي، حيث أعلن المحامي عماد بن حليمة عضو هيئة الدفاع، أن المحكمة أرجأت النظر في طلب الإفراج عنه إلى يوم الأربعاء الثاني من أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، بسبب إضراب القضاة في كافة محاكم البلاد.

المزيد من العالم العربي