ملخص
حذر وزير المالية الفرنسي برونو لومير من أن ثاني أكبر اقتصاد في منطقة اليورو يواجه خطر حدوث أزمة مالية إذا فاز اليمين المتطرف أو اليسار بالانتخابات البرلمانية المقبلة بسبب خطط الإنفاق الضخمة
قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أمس الجمعة إن فرنسا تواجه لحظة "خطرة جداً" مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية في غمرة اضطراب أسواق المال بسبب تقدم اليمين واليسار المتطرفين في البلاد حالياً في استطلاعات الرأي.
وأدت حالة الغموض السياسي بالفعل إلى عمليات بيع محمومة للسندات والأسهم الفرنسية بعد أن دعا ماكرون فجأة إلى إجراء الانتخابات، في أعقاب الهزيمة التي مني بها حزبه الحاكم من تيار الوسط على يد حزب التجمع الوطني المناهض للاتحاد الأوروبي بزعامة مارين لوبن في انتخابات البرلمان الأوروبي الأحد الماضي.
وقال ماكرون في ختام "قمة مجموعة الـ7" في إيطاليا "نمر بلحظة خطرة جداً من تاريخ بلادنا. هناك قضايا كبرى موضع اختبار في ظل حروب وتحديات اقتصادية غير مسبوقة".
وتأتي تصريحات ماكرون ترديداً لما جاء في تحذير سابق لوزير المالية الفرنسي برونو لومير أمس الجمعة قال فيه إن فرنسا، ثاني أكبر اقتصاد في منطقة اليورو، تواجه احتمال التعرض لأزمة مالية إذا فاز اليمين المتطرف أو اليسار بالانتخابات البرلمانية المقبلة بسبب خطط الإنفاق الضخمة.
وعند سؤال لومير حول ما إذا كان عدم الاستقرار السياسي الحالي سيؤدي إلى أزمة مالية، أجاب "أجل". وأضاف لإذاعة "فرانس إنفو"، "إنهما (اليمين المتطرف واليسار) لا يملكان سبلاً لتحمل هذه النفقات". وكان لومير يخطط لإدخار عدة مليارات لإعادة المالية الفرنسية إلى المسار الصحيح.
ووصف ماكرون الكتلتين بأنهما "متطرفان"، وقال إن أياً منهما ليس جاداً سياسياً أو واقعياً اقتصادياً.
وتوقعت سلسلة أولى من استطلاعات الرأي أن حزب التجمع الوطني قد يفوز بالانتخابات ويكون في موقع يمكنه من إدارة الحكومة. وتعهد الحزب خفض أسعار الكهرباء وضريبة القيمة المضافة على الغاز وزيادة الإنفاق العام.
وتوقع استطلاع للرأي أجرته مجلة "لو بوان" ونشر مساء أمس أن يتصدر حزب التجمع الوطني السباق في الجولة الأولى من الانتخابات البرلمانية بفارق طفيف متقدماً على ائتلاف لأحزاب منتمية إلى اليسار تحت اسم "الجبهة الشعبية".
وذكر استطلاع الرأي أن حزب التجمع الوطني سيحصد 29.5 في المئة من الأصوات، مقارنة بنسبة 28.5 في المئة للجبهة الشعبية و18 في المئة لمعسكر ماكرون.
اليسار الفرنسي يعد بـ"قطيعة كاملة" مع الماضي
ووضعت أحزاب اليسار الفرنسي أمس انقساماتها في شأن أوكرانيا والشرق الأوسط جانباً لتقدم برنامجاً مشتركاً يشكل "قطيعة كاملة" مع الماضي، وذلك في محاولة منها لقطع الطريق أمام اليمين المتطرف الذي وعد من جانبه بتشكيل حكومة "وحدة وطنية" في حال فوزه بالانتخابات التشريعية المبكرة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وبعد هزيمة المعسكر الرئاسي في الانتخابات الأوروبية وحل الجمعية الوطنية من جانب الرئيس ماكرون، اجتمعت أحزاب اليسار الرئيسة أمس لكي تحتفي بوحدتها التي تحققت بشق الأنفس ولكي تعرض برنامجها للحكم في حال فازت في الانتخابات المقررة على دورتين في الـ30 من يونيو (حزيران) والسابع من يوليو (تموز).
ومن أبرز الوعود التي أطلقتها الأحزاب اليسارية إطلاق إجراءات اجتماعية وزيادة الحد الأدنى للأجور وإلغاء إصلاح نظام التقاعد وإعادة فرض ضريبة على الثروة.
والتحالف الجديد الذي أطلق عليه اسم "الجبهة الشعبية الجديدة" هو ثمرة مفاوضات شاقة وتضمن برنامجه توافقاً على مسائل تتعلق بالسياسة الدولية انقسم حولها اليسار بعمق في الأشهر الأخيرة.
الشرق الأوسط
فعلى صعيد الشرق الأوسط يدعو البرنامج إلى "التحرك من أجل الإفراج عن الرهائن المحتجزين منذ مجازر (حماس) الإرهابية... والإفراج عن المعتقلين السياسيين الفلسطينيين".
وكان توصيف الهجمات التي شنتها حركة "حماس" الفلسطينية على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 واندلعت إثرها الحرب في غزة، أثار انقساماً في اليسار الفرنسي إذ كان حزب فرنسا الأبية (يسار راديكالي) يرفض خصوصاً اعتبار "حماس" "منظمة إرهابية" كما تصنفها إسرائيل والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. ويومها أدى هذا الاختلاف بين فرنسا الأبية وشركائها إلى انفراط عقد تحالف اليسار السابق (نوبيس) الخريف الماضي بعدما شكل في إطار الانتخابات التشريعية التي جرت في 2022. وتشكلت "الجبهة الشعبية الجديدة" على عجل في محاولة من اليسار لقطع الطريق على حزب التجمع الوطني (يمين متطرف) بعد فوزه في الانتخابات الأوروبية. وينص برنامج الجبهة أيضاً على "الاعتراف فوراً بدولة فلسطين إلى جانب دولة إسرائيل على أساس قرارات الأمم المتحدة" و"فرض حظر على إرسال الأسلحة إلى إسرائيل".
الحرب في أوكرانيا
وعلى صعيد الحرب في أوكرانيا التي تثير بدورها خلافاً في صفوف اليسار، تعهدت الجبهة الشعبية الجديدة "الدفاع من دون كلل عن سيادة الشعب الأوكراني وحريته" وضمان شحنات أسلحة "ضرورية" لكييف. واقترح الائتلاف كذلك "إرسال جنود دوليين لضمان أمن المحطات النووية" الأوكرانية. ووضع الائتلاف جانباً مسائل خلافية أخرى مثل حلف شمال الأطلسي (ناتو). كذلك، فإن كبار المسؤولين في الأحزاب "الاشتراكي" و"الشيوعي" و"الخضر" و"فرنسا الأبية" لم يتفقوا بعد على الشخصية التي ستتولى رئاسة الحكومة في حال فوز ائتلافهم في الانتخابات.
معاداة السامية
وبهذا الصدد قال الاجتماعي - الديمقراطي رافاييل غلوكسمان الذي حل في المرتبة الأولى في صفوف اليسار في الانتخابات البرلمانية الأوروبية "يجب اختيار شخصية تحظى بتوافق"، مستبعداً جان - لوك ميلانشون زعيم "فرنسا الأبية" الذي يثير انقسامات والمتهم بأنه قريب من روسيا وتبني مواقف يعتبرها البعض مبهمة في شأن معاداة السامية. وأثار ميلانشون أخيراً جدلاً بقوله إن معاداة السامية "هامشية" في فرنسا، رغم أن الإحصاءات الرسمية للأعمال المعادية لليهود في البلاد تثبت عكس ذلك.
وفي برنامجها المشترك تؤكد الجبهة الشعبية الجديدة أن "الأعمال العنصرية والمعادية للسامية والمعادية للإسلام (...) تشهد انفجاراً مثيراً للقلق وغير مسبوق".
وبعد توحيد صفوفه بات اليسار يأمل في "الفوز" إلا أنه يواجه التجمع الوطني الذي يبقى في موقع قوة مدفوعاً بنتيجته غير المسبوقة في الانتخابات الأوروبية مع حصوله على 31.3 في المئة من الأصوات.