Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الغموض يلف مصير شبان مغاربة تحتجزهم عصابات بين تايلاند وميانمار

وجودهم في منطقة نزاع يعقد الأمور وهم "ضحية طموحاتهم"

تتضارب الأنباء بخصوص عدد الشبان المغاربة الذين تعرضوا للاحتجاز في ميدنة ماي سوت عند الحدود بين تايلاند وميانمار (أ ف ب)

ملخص

كانت الأمم المتحدة رجحت أن أكثر من 120 ألف شخص منهم أفارقة ومعظمهم أشخاص من آسيا أجبروا على العمل في "مراكز الاحتيال في ميانمار"

يلف الغموض مصير عدد من الشبان المغاربة الذين تحتجزهم حالياً عصابات مسلحة في تايلاند قرب الحدود مع ميانمار، وتحديداً في مدينة ماي سوت التي تتسم بعدم الاستقرار الأمني وبرواج أنشطة غير قانونية.

ووقع عدد من الشبان المغاربة في قبضة مسلحين في جنوب شرقي آسيا يمارسون الاحتيال والنصب على الإنترنت، بعد أن وقعوا ضحية إغراءات إعلانات بفرص عمل وهمية في مجال التجارة الإلكترونية برواتب مغرية وامتيازات جذابة.

وتتضارب الأنباء بخصوص عدد الشبان المغاربة الذين تعرضوا للاحتجاز وحتى للتعذيب في ميانمار، بين من يقول إن عددهم يبلغ 14 شاباً، ومن يؤكد أنهم يتجاوزون الـ150 شاباً، في وقت شددت فيه سفارة تايلاند لدى الرباط على أنه "من الصعب التحقق من العدد الدقيق لهؤلاء الضحايا المحتملين وجنسياتهم وأماكن وجودهم".

ما القصة؟

كل شيء بدأ برسائل وصلت إلى عديد من الشبان المغاربة، وحتى غيرهم من الجنسيات الأفريقية، من قبل جهات "غير معروفة" عبر مواقع التواصل الاجتماعي تدعوهم إلى السفر إلى تايلاند من أجل فرص عمل في التجارة الإلكترونية.

هناك من هؤلاء الشباب من أحجموا عن الاستجابة لمثل هذه الدعوات لسبب أو لآخر، ومنهم من ركبوا المغامرة ووثقوا بهذه العروض، فحزموا حقائبهم صوب تايلاند للعمل في "ظروف مالية مغرية"، وفق عروض العمل التي وصلتهم.

ويبدو أن الذين وثقوا في هذه العروض الاحتيالية وذهبوا إلى تلك البلاد، وقعوا بصورة أو بأخرى في قبضة عصابات مسلحة تقيم "مراكز احتيال" ترغمهم على النصب والاحتيال السيبراني على الأغنياء، من خلال تهديدهم وتعذيبهم في حالة الرفض، وفق شهادات وتقارير صحافية متطابقة.

وكانت الأمم المتحدة في أغسطس (آب) 2023 قد رجحت أن أكثر من 120 ألف شخص، منهم أفارقة ومعظمهم أشخاص من آسيا، أجبروا على العمل في "مراكز الاحتيال في ميانمار".

من الحلم إلى كابوس

شقيق أحد الشبان المغاربة المحتجزين في ميانمار أفاد بأن شقيقه كان يحلم بتحقيق مستقبله في المجال الذي كان يهواه منذ الصغر، وهو التجارة الإلكترونية، خصوصاً بعد أن رأى عدداً من الشباب قد كونوا ثروات من هذا النوع من العمل. واستطرد بأن شقيقه مثل آخرين صدقوا عرض العمل الذي وصل إليهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وكان عرضاً مغرياً براتب جيد، وسفر مجاني بالطائرة، وكذلك الإقامة في الفندق.

ووفق المتحدث، فإن هذا الحلم الوردي سرعان ما تبدد بعد اختفاء أخبار شقيقه طوال أسابيع، قبل أن يتم تسريب خبر احتجازه وعدد من الشبان المغاربة ومن جنسيات أفريقية وآسيوية أيضاً في مركز للاحتيال.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

والغريب في الموضوع، يستطرد المتكلم ذاته، أن "الذي تواصل مع شقيقه في البداية لعرض تفاصيل العمل في تايلاند، كان مغربياً، وهو يؤكد أن هذه العصابات ترغم شباناً محتجزين للتواصل مع أبناء بلدهم من أجل إقناعهم بالمجيء".

من جهتها أقرت سفارة تايلاند لدى المغرب بوقوع "مواطنين من مختلف البلدان الأفريقية، وليس فقط من المغرب، ضحايا لمثل هذه العصابات الدولية للاتجار بالبشر وعصابات الجريمة الإلكترونية"، مبرزة أن "استدراج الشبكات الإجرامية الدولية بعض الرعايا الأفارقة إلى مناطق في جنوب شرقي آسيا ظاهرة حديثة نسبياً، وتعمل الحكومات في جنوب شرقي آسيا وأفريقيا بصورة مشتركة للتصدي لها".

مصيدة رقمية

ويبدو أن هذه الحادثة التي ضجت بها وسائل الإعلام المغربية والأجنبية أيضاً في شأن احتجاز و"تعذيب" عشرات الشباب المغاربة في ميانمار، ليست الأولى من نوعها، إذ كثيراً ما تظهر شكاوى من الوقوع ضحايا عروض عمل وهمية أو التعرض للاحتيال السيبراني.

بالنسبة للمتخصص في الأمن السيبراني أمين رغيب ما حصل هو عبارة عن مصيدة رقمية تنم عن ضعف أو حتى غياب لثقافة استخدام الإنترنت، إذ يمكن لمستعمل هذه الشبكة بسهولة أن يتيح معطياته الشخصية الأكثر أهمية ويرسلها إلى جهات معينة، فقط لكونه يبحث عن العمل أو يرغب في شراء بضاعة.

وشدد رغيب على أن ما حصل للشبان المغاربة في تايلاند أو ميانمار هو حادثة خطرة، خصوصاً أن المحتجزين موجودون في منطقة نزاع، الشيء الذي يعقد الأمور، مطالباً الأسر والآباء بمواكبة ومتابعة أبنائهم خصوصاً في الشبكة العنكبوتية.

وفي سياق متصل، سبق لوسائل إعلام دولية، منها هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، أن كشفت عن وجود مراكز اعتقال قائمة على الاحتيال السيبراني في ميانمار، موردة قصة شاب سريلانكي وجد نفسه محاصراً في غابات ميانمار، إذ تعرض للتعذيب بسبب رفض خداع الرجال الأغنياء في عمليات احتيال جنسية.

حلول ذكية

ويعلق مدير المركز المغربي لحقوق الإنسان عبدالإله الخضري على الموضوع بالقول إن "هؤلاء الشباب المغاربة أغرتهم عروض العمل وطريقة الاستقبال التي قدمتها لهم شركات تابعة لميليشيات مسلحة تتمركز في مناطق حدودية بين تايلاند وميانمار".

واستطرد الخضري، "أصبح هؤلاء الشبان رهائن بيد تلك الميليشيات الصينية والتايلاندية التي لا تخضع لدولة ذات سيادة وإنما هي عبارة عن عصابات مسلحة تمارس الاتجار بالبشر بكل أنواعه، إضافة إلى التحايل الإلكتروني لتحقيق عائدات مالية كبيرة".

وتابع الناشط الحقوقي، "من الضروري أن تسارع الدولة المغربية، ممثلة في كل من الدبلوماسية المغربية وأجهزة الاستخبارات الخارجية، إلى تعبئة كوادرها من أجل العمل على إنقاذ هؤلاء الشباب من الاحتجاز، فاحتمال تعذيبهم حتى الموت وارد في أية لحظة".

واستدرك الخضري بأن "الأمر من الناحية العملية ليس سهلاً، لكون هذه الميليشيات تعيش صراعاً وحروباً مع جيوش الدول المجاورة، لذلك يستحسن إيجاد حلول ذكية، من خلال فتح مفاوضات معها، ولو اقتضى الأمر أن تكون من طريق وسطاء، تفضي إلى إطلاق سراح أولئك الرهائن".

وخلص الحقوقي إلى أن "هؤلاء الشباب هم ضحية طموحاتهم وسوء تقديرهم لخطورة مستقبلهم والبيئة التي ذهبوا إليها، وذلك راجع لعدم إلمامهم بالأوضاع الخطرة التي تعرفها بعض المناطق في العالم مثل ميانمار وتايلاند، فهم ما زالوا صغاراً في السن ولا يطلعون على ما يروج في بؤر التوتر العالمية".

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات