ملخص
رجح "غولدمان ساكس" اتساع العجز في الحساب الجاري إلى 2.5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول نهاية عام 2027
كشفت بيانات رسمية حديثة عن أن العجز في صافي الأصول الأجنبية لدى البنك المركزي المصري سجل انخفاضاً كبيراً بنهاية مارس (آذار) الماضي، ليهوي إلى أدنى مستوياته خلال ما يزيد على عامين عند مستوى 65.38 مليار جنيه (1.356 مليار دولار)، انخفاضاً من مستوى 270.65 مليار جنيه (5.615 مليار دولار) في فبراير (شباط)، و352.49 مليار جنيه (7.313 مليار دولار) في يناير (كانون الثاني) السابقين على التوالي.
وتلقت الأصول الأجنبية دفعة قوية بحصول مصر على خمسة مليارات دولار في أواخر فبراير الماضي ومبلغ مماثل في أوائل مارس من مشروع "رأس الحكمة" بالساحل الشمالي، ضمن صفقة ستصل قيمتها في النهاية إلى 24 مليار دولار، فضلاً عن عودة استثمارات الخزانة في أدوات الدين المصرية عقب تحرير سعر صرف الجنيه المصري خلال الشهر الماضي، والاتفاق على حزمة دعم بقيمة ثمانية مليارات دولار من صندوق النقد الدولي.
وأعلن البنك المركزي المصري خلال اجتماع استثنائي في السادس من مارس الماضي حزمة من القرارات التي دفعت إلى تعزيز استقرار سوق الصرف، إذ قرر زيادة أسعار الفائدة بنحو 600 نقطة أساس مرة واحدة، وهي أعلى زيادة لمرة واحدة على الإطلاق، وتقرر خفض قيمة الجنيه المصري مقابل الدولار ليجري تداول الورقة الأميركية الخضراء عند مستويات بين 47.50 و48.50 جنيه.
احتياط النقد عند أعلى مستوى في عامين
وقبل أيام، أعلن البنك المركزي المصري، للمرة الأولى منذ عامين ارتفاع احتياط مصر من النقد الأجنبي إلى 40.361 مليار دولار خلال مارس الماضي، مقابل 35.311 مليار في فبراير الماضي.
والشهر الماضي وعقب الإعلان عن حزمة القرارات الاستثنائية من قبل البنك المركزي المصري، أعلن بنك "غولدمان ساكس" تعديل توقعاته لمستقبل الموازنة المصرية من عجز بنحو 13 مليار دولار إلى فائض تمويلي بأكثر من 26 مليار دولار على مدى السنوات الأربع المقبلة، مع توقعات بارتفاع احتياط النقد الأجنبي إلى أكثر من 60 مليار دولار بنهاية عام 2027.
وعزا بنك الاستثمار التغيير الكبير في رؤيته إلى صفقة "رأس الحكمة" التي وقعتها مصر مع الإمارات، واتفاق صندوق النقد الدولي التالي لها على مستوى الموظفين، وما تبعهم من إعلان مجموعة من الاستثمارات المباشرة، مما سيغير الصورة الكلية للتدفقات النقدية بالعملات الأجنبية لمصر، باستثناء استمرار اتساع عجز الحساب الجاري.
وقال "غولدمان ساكس"، في مذكرة بحثية، إن وجود مصادر تمويل خارجية أقوى بكثير، إلى جانب حزمة تمويل أكبر من صندوق النقد الدولي وشركائه، سيعني فائضاً في التمويل الخارجي يصل إلى 26.5 مليار دولار على مدى السنوات الأربع المقبلة، ويقارن هذا بصورة إيجابية مع توقعات لعجز تمويلي قدره 13 مليار دولار من جانب "غولدمان ساكس" قبل التطورات الأخيرة.
ولكن البنك العالمي توقع اتساع عجز الحساب الجاري مقارنة بالتوقعات السابقة مع ارتفاع الواردات بوتيرة أسرع ولا يعوضها إلا جزئياً زيادة في تحويلات المصريين بالخارج، ورجح اتساع العجز إلى 2.5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول نهاية عام 2027.
وتوقع التقرير أن يصل الاستثمار الأجنبي المباشر إلى مصر هذا العام وحده إلى أكثر من 33 مليار دولار، ويرتفع بصورة أسرع من التوقعات السابقة مع استقرار الوضع الكلي وانتعاش الاستثمار في المشاريع الجديدة، مع عودة تدفقات المحافظ الاستثمارية هذا العام، لا سيما في السوق المحلية عبر الأموال الساخنة.
إجراءات تحسين إدارة الاستثمارات العامة
وفي إطار ضبط الإنفاق العام كشف صندوق النقد الدولي عن خطة العمل التي تنفذها الحكومة المصرية لتحسين إدارة الاستثمارات العامة، التي تشمل تطوير نظام المشتريات الحكومية الإلكترونية، وتحديد نقاط القوة والضعف في نظام المشتريات العامة. وذكر الصندوق في وثيقة الدعم الفني لإدارة الاستثمارات العامة أنه سيحلل الإصلاحات الملموسة والمستهدفة، لضمان التنفيذ الفعال من خلال تحديد الأولويات ووضع خطط العمل خلال 2025.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأشار إلى أنه سيجرى العمل على إنشاء نموذج موحد لإدارة المشاريع الاستثمارية الحكومية، عبر وضع محددات مثل ترتيبات الحوكمة وإعداد التقارير والأدوار والمسؤوليات وإدارة أصحاب المصلحة وإدارة الأخطار، داعياً إلى تحديد معايير لبدء مراجعة المشاريع التي تواجه صعوبات، وتوثيق الترتيبات الخاصة بالمراجعة وتعديل المشروع، بما في ذلك إلغاء المشروع عند الضرورة، ووضع قواعد لإقرار المشاريع والتخطيط لها في كل مرحلة من مراحل الاستثمار، وتصميم طريقة لمراجعتها عقب كل مرحلة من مراحل التنفيذ.
وذكر أن عام 2023 شهد تطوير المنهجية وأن العام الحالي سيشهد نشر وتطبيق المنهجية العامة لإقرار المشاريع، فيما يشهد عام 2025 نشر وتطبيق منهجية خاصة بكل قطاع، وقال إنه سيجرى العمل على فصل المراجعة المركزية للمشاريع من عملية وضع الموازنة، وأنه سيجرى في العام الحالي إنشاء إطار مراجعة للمشاريع ومراجعات تجريبية قبل تقديم الموازنة، وتوثيق ونشر نتائج المراجعة، وخلال 2025 سيضفي الطابع المؤسسي على مراجعات المشاريع في كل مرحلة من المراحل.
وقال الصندوق إن مصر ستبدأ في فصل الهيئات التنظيمية الاقتصادية عن الوزارات التنفيذية وجعلها مستقلة قانونياً، وستصمم آليات تنظيم الأسعار في القطاعات الاحتكارية بطبيعتها في العام الحالي، على أن يفصل خلال العام المقبل إنتاج ونقل وتوزيع جميع المرافق التجارية، بما في ذلك الكهرباء والغاز. وأشار إلى أنه خلال العام الحالي ستدرج مشروعات الشراكة في موازنة المدى المتوسط والموازنة الرأسمالية السنوية، على أن يفصح عن الآثار المالية للمشروعات على المؤشرات المالية الرئيسة بما في ذلك الالتزامات الحكومية والعام.
مشتريات النقد الأجنبي من قناة السويس تتراجع
وفي سياق الحديث عن العائدات الدولارية، دفعت هجمات الحوثيين على حركة الملاحة في البحر الأحمر البنك المركزي المصري إلى توقع مشتريات ضعيفة من إيرادات قناة السويس من العملة الأجنبية خلال عام يبدأ من مارس الماضي وحتى فبراير 2025، وتوقع أن يشتري نحو 3.4 مليار دولار من قناة السويس، وهي قيمة محدودة مقارنة مع توقعات سابقة بمشتريات بقيمة نحو ثمانية مليارات دولار خلال العام الحالي.
وتراجعت الحمولة المارة بقناة السويس منذ بداية هجمات الحوثيين في البحر الأحمر، نحو 41 في المئة لتصل إلى 431.5 مليون طن منذ الـ19 من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي وحتى الـ17 من أبريل (نيسان) الجاري، مقابل 729.6 مليون طن خلال الفترة نفسها من العام الماضي، لكن البيانات تشير إلى تحسن شهري طفيف في أبريل الجاري لترتفع الحمولة خلال أول 17 يوماً إلى 31.8 مليون طن مقابل 30.4 مليون طن في مارس الماضي.
وكشف البنك المركزي المصري عن أنه يتوقع الحصول على أقساط قروض متفق عليها مسبقاً بقيمة 6.48 مليار دولار من مارس الماضي إلى فبراير 2025، ومن المرجح أن ترتفع تلك التمويلات في تقديرات الشهر الماضي، مع إبرام مصر اتفاقات مع صندوق النقد والبنك الدوليين للحصول على تمويلات إضافية وكذلك من الاتحاد الأوروبي الذي وافق أخيراً على صرف ما يزيد على 1.1 مليار يورو (1.17 مليار دولار) لمصر بخلاف أربعة مليارات سيصرفها على ثلاث دفعات متساوية.