ملخص
بحسب آخر أرقام متوفرة من مصلحة الضرائب فإن هناك 68 ألفاً و800 مقيم مسجلين ضريبياً في الخارج عام 2022 دفعوا ضرائب في بريطانيا بقيمة 10.78 مليار دولار
أعلنت وزيرة الخزانة في حكومة الظل لحزب العمال المعارض رايتشل ريفز أول من أمس الثلاثاء جانباً من البيان الانتخابي الاقتصادي للحزب في حال فوزه بالانتخابات العامة هذا العام وتشكيله الحكومة المقبلة في بريطانيا، ومن أهم ما أعلنته ريفز أن حكومة العمال ستلغي ما تركته حكومة المحافظين من أي امتيازات ضريبية للأجانب المقيمين في بريطانيا، وهو ما ترى شركات المحاسبة والاستشارات الضريبية أنه سيدفع من كان متردداً من المقيمين الأثرياء إلى مغادرة بريطانيا فوراً، بالتالي تقليل عائدات الضرائب بدلاً من زيادتها كما يستهدف حزب العمال.
وكان وزير الخزانة في حكومة المحافظين جيريمي هانت أعلن في موازنة الربيع الشهر الماضي إلغاء الإعفاء الضريبي على أرباح رأس المال والدخل من أعمال خارج بريطانيا، للمقيمين المسجلين ضريبياً في الخارج، واستبق بذلك إعلان المعارضة واحداً من أهم بنود خططها الاقتصادية لزيادة موارد الخزانة العامة، وقدر في بيان الموازنة أن ذلك سيوفر للخزانة 3.67 مليار جنيه استرليني (4.65 مليار دولار) مع مطلع عام 2028.
لكن ريفز زايدت على هانت في إعلانها قبل ساعات بأن ألغت الامتيازات كافة للمقيمين بإلغاء وضع التسجيل الضريبي في الخارج نهائياً، مما يعني دفعهم ضريبة الدخل التي تزيد على نسبة 40 في المئة على أي دخل لهم من خارج بريطانيا، وكذلك دفع ضريبة التركات على ثروتهم في الخارج، وقدرت أن يوفر ذلك دخلاً إضافياً للموازنة بنحو 2.6 مليار جنيه استرليني (3.3 مليار دولار) على مدى خمس سنوات مقبلة.
هرب محتمل
وحذر معهد الدراسات المالية من أن سياسة حزب العمال بإلغاء نظام التسجيل الضريبي في الخارج تماماً ستعني خسارة الخزانة العامة ما يزيد على 6 مليارات جنيه استرليني (7.61 مليار دولار)، يدفعها هؤلاء المقيمون سنوياً ضرائب في بريطانيا، بحسب ما ذكرت شبكة "سكاي نيوز". وبحسب آخر أرقام متوفرة من مصلحة الضرائب فإن هناك 68 ألفاً و800 مقيم مسجلين ضريبياً في الخارج عام 2022 دفعوا ضرائب في بريطانيا بقيمة 8.5 مليار جنيه استرليني (10.78 مليار دولار).
في تقرير لصحيفة "فاينانشيال تايمز" حذرت شركات الاستشارات الضريبية من أن إعلان راتشيل ريفز عن سياسة حزب العمال تجاه المقيمين، ومن يحصلون على دخل من الخارج ستؤدي إلى هرب أغلب هؤلاء خارج بريطانيا، بالتالي خسارة الخزانة مليارات أكثر مما يمكن تحصيلها نتيجة إلغاء التسجيل الضريبي في الخارج.
جاء إعلان ريفز ضمن خطة أوسع لزيادة الحصيلة الضريبية لتمويل خطط الحزب الاقتصادية التي يعد بها في بيانه الانتخابي، ومنها تحديث مصلحة الضرائب لرفع كفاءة التحصيل وزيادة العائدات وغيرها من الإجراءات. وبحسب خطط حزب العمال ستتمكن مصلحة الضرائب من توظيف مزيد من مأموري التحصيل الضريبي وتحديث التكنولوجيا فيها لمنع التهرب الضريبي، وتقدر ريفز أن ذلك سيزيد عائدات الضرائب بنحو خمسة مليارات جنيه استرليني (6.34 مليار دولار) على مدى خمس سنوات.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
لكن فرض مزيد من الضرائب، ولو بشكل مباشر عبر إلغاء إعفاءات ضريبية، سيدفع مزيداً من المقيمين إلى مغادرة البلاد كما تقول أكثر من شركة استشارات. يقول الرئيس التنفيذي لشركة "بليك روزنبيرغ" للاستشارات الضريبية نيمش شاه، "إذا كان المسجلون ضريبياً في الخارج يترددون بين البقاء أو المغادرة فإن هذا (إعلان ريفز) سيكون حافزاً لهم كي يغادروا".
أما مدير الضرائب الدولية في شركة "أندرسن" للاستشارات مايلز دين فيقول إن نصائحه لعملاء الشركة هي "اهربوا بينما يمكنكم ذلك لأن الوضع لم يعد آمناً كمناخ ضريبي"، ويضيف أن "أغلب العملاء الذين لن يبقوا في البلاد يتحسبون لحدوث ما هو أسوأ سيغادرون".
ضرائب وإنفاق
من المتوقع أن يركز حزب المحافظين الحاكم في حملته الانتخابية على انتقاد خطط المعارضة لرفع الضرائب وزيادة الإنفاق، إذ تضمن إعلان ريفز مساء الثلاثاء تعهد حكومة حزب العمال المقبلة بتمويل وجبة إفطار في كل المدارس الابتدائية في البلاد، وزيادة عدد زيارات أطباء السنبن بمئات الآلاف وزيادة عدد الجراحات والأشعات ومواعيد الكشف في خدمة الصحة الوطنية بمقدار مليونين إضافيين سنوياً.
كل ذلك يتطلب زيادة الإنفاق الحكومي عما هو عليه الآن، وهذا ما يجعل حزب العمال يستهدف تحصيل مزيداً من الضرائب من العاملين بالخارج أو أصحاب الثروات في الخارج المقيمين في البلاد ومسجلين ضرائبياً خارجها.
لكن مكتب مراقبة الموازنة يقدر أن أية حكومة مقبلة، وفي ظل مستويات الإنفاق الحالية ستحتاج إلى توفير 20 مليار جنيه استرليني (23.37 مليار دولار) إضافية لتلبية الإنفاق على الاحتياجات اليومية على مدى خمس سنوات، ومع أن ريفز لم توضح كيف ستتغلب على ذلك، إلا أن أغلب المحللين والاقتصاديين يرون أن حكومة عمالية مقبلة لن يكون أمامها خيار سوى زيادة الاقتراض، بالتالي ارتفاع العجز وكذلك زيادة العبء الضريبي على البريطانيين الذي وصل حالياً إلى أعلى مستوى له في 70 عاماً.