Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

قلم الرصاص "رسول الفنون" القادم من زمن الذكاء الطبيعي

بدأت أهميته مع الطفولة والمدرسة وانتقلت إلى عوالم مهمة مثل الطب والفضاء والبحوث تحت الماء

أحد الموظفين يحمل إبريقاً من أقلام الرصاص في متحف بريطاني شمال غربي لندن (أ ف ب)

ملخص

مع تزايد أهمية قلم الرصاص بات رجال الفضاء يستخدمون أنواعاً منه في رحلاتهم لأنها لا تتأثر بعوامل الجاذبية الأرضية والضغط الجوي وتقاوم تقلبات المناخ أيضاً.

حافظ قلم الرصاص على وجوده في زمن الذكاء الاصطناعي والتقنيات، وذلك بسبب مرونته العالية، ومنافسته للآلة في كيفية تنفيذ بعض المهام اليدوية الدقيقة، التي لا تزال مستخدمة في مختلف العلوم والفنون الإنسانية المعاصرة والتي لم تتمكن الآلة من اقتحامها بعد.

وتميز هذا القلم عن بقية الأنواع الأخرى من الأقلام التي من أشهرها قلم الحبر والأقلام الشحمية (أقلام التلوين الشمعية) بميزات عدة، لكن أهمها كونه متعدد الاستخدامات، نظراً إلى إمكانية تفنن الإنسان في صناعة حشوته، وتغييرها أو تطويرها إن لزم ذلك، وفقاً لتطور العلوم وبما يوائم مرور الوقت والزمن، مما منح خط الكتابة والرسم بقلم الرصاص ميزات عدة ودرجات لونية دقيقة، إذ بدأت حشوة قلم الرصاص قبل مئات السنين بمادة الرصاص السامة، التي كانت تغلف بمواد ثمينة ومنها الفضة، ثم تغيرت الحشوة إلى الجرافيت وحده، مع تغير الغلاف إلى الخشب والبلاستيك، وذلك في مطلع العصور الوسطى.

وفي وقتنا هذا استقرت الحشوة على الجرافيت والطمي أو الطين، وتخلط هاتان المادتان وفق نسب محددة، وهو ما يمنح القلم الصلابة المناسبة وتعدد الألوان بين الأبيض والرمادي والأسود، إلى جانب وجود تدرجات مختلفة في الصلابة والليونة تصل إلى أكثر من 20 درجة.

استخدامات جميلة

لا تجد لقلم الرصاص أية استخدامات حربية قاتلة أو مدمرة للبيئة أو للإنسان على رغم ارتباطه باسم مادة الرصاص السامة، فضلاً عن عراقته وقدرته على البقاء ضمن مختلف الظروف والأزمنة، بل يمكن القول إنه القلم الوحيد الذي جذب إلى عالمه دائماً أهل الحرف الدقيقة والفنون الجميلة، من شتى أنواع التخصصات العلمية والإبداعية المعاصرة والقديمة، إذ يحتاج إليه الطفل في سنوات الدراسة الأولى، كما يحتاج إليه الرسام المحترف، نظراً إلى الدقة مهمته وأدائه السلس على الورقة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأخيراً دخل هذا القلم إلى عوالم مهمة مثل عالم الطب من أوسع أبوابه، فهو موجود داخل غرفة العمليات إلى جانب أدق أدوات الجراحات التجميلية والعادية، وبلغت ذروة استخدامه حديثاً، لكونه تأقلم مع أجواء لا يمكن لأي قلم آخر أن يعمل خلالها، فأصبح وسيلة الباحثين في البحار للكتابة تحت الماء، ورفيقاً لأشهر رجال الفضاء في رحلاتهم الطويلة إلى كواكب بعيدة، وذلك نظراً إلى كونه يترك الأثر المطلوب على الأجسام ويمكن محو ذلك الأثر وتعديله، ومع ذلك يقاوم الخط المكتوب بقلم الرصاص عوامل الجاذبية والضغط الجوي وكل تغيرات المناخ.

صعوبة التسمية

من الواضح أن تسمية القلم باسم آخر غير قلم الرصاص صعبة للغاية، فلا ينطبق عليه الوصف التقليدي بأنه قلم الرصاص، لأن مادة الرصاص السامة لم تعد مستخدمة في صناعته منذ ما يزيد على خمسة قرون، كذلك لا يمكن تسميته حتى يومنا هذا بأنه قلم الجرافيت والطين، نسبة إلى المادة الحقيقية المستخدمة في حشوته حديثاً.

كما أنه لا يسمى أيضاً بالقلم الخشبي، لأن غلافه يصنع من البلاستيك أحياناً، ويتميز هذا القلم عن بقية أدوات الكتابة بحيويته، ووجود قطعة المطاط الصغيرة في نهايته، التي تسمى الممحاة أو (الأستيكة)، ولذلك يعد اختراعاً ذكياً قابلاً للعيش إلى ما لا نهاية، إذ ارتبط وجوده بنوع خاص من الكتابة، وهي الكتابة القابلة للمحو والإزالة بسهولة، نظراً إلى أن البشرية عرفته في زمن الأداة اليدوية المرنة قبل اختراع الآلة فظهوره تزامن مع أول عهدنا بالكتابة منذ العصور البرونزية (3000-1200ق م) في منطقة الشرق الأدنى تحديداً.

سر صناعته الخط

يكمن سر صناعته للخط في تفاصيل غير مرئية ولا يمكن ملاحظتها بسهولة، إذ تمنحه مادته الصلبة أو حشوته الفريدة طريقة مختلفة في صناعة الخط، مع القدرة على إزالته عند الحاجة، لأن الخط الناتج من استخدامه منحه طريقة مختلفة للغاية من طريقة الكتابة بالمواد الحبرية وغيرها من المواد، التي تتحرك على السطوح الصلبة مثل الورق بطريقة مختلفة.

 

 

وقلم الرصاص قادر على كشط الورقة بدقة أكثر، مما يترك أثراً غير مرئي على سطحها، تملؤه المواد الصلبة الأساسية التي تلتصق بالورقة بسلالة ونقاء نادرين. وتقول بعض الدراسات الحديثة المنشورة في موسوعات علمية ومجلات أوروبية على الإنترنت، إن المادة الصلبة التي يتركها قلم الرصاص على الورقة قادرة على مقاومة كثير من عوامل الزمن الطبيعية التي تتلف الخط، وأهمها الرطوبة وتعرض الورقة لمواد كيماوية عشوائية، مما يعني أن الأثر الذي يتركه على الورقة البيضاء قادر على مقاومة عوامل الزمن وتغير المناخ والشيخوخة الطبيعية.

نبذة تاريخية

تختلف المواقع الإلكترونية والموسوعات العلمية في نسب قلم الرصاص إلى حقبة معينة أو شعب محدد، فبعضها يعده اختراعاً شرقياً لأن معرفة الإنسان بالكتابة بدأت من الشرق، فيما مواقع ودراسات أخرى تؤكد أنه اختراع أوروبي ظهر تحديداً في إنجلترا، نظراً إلى أن الكتابة بمادة الرصاص المغلفة بالفضة انطلقت من تلك البلاد في العصور الوسطى، خصوصاً أن كل المصادر التاريخية تؤكد أن اليونان والرومان هم أول من كتب بالرصاص على الورق قديماً.

مع ذلك لا تختلف الأبحاث العلمية على أن استبدال حشوته بالجرافيت بدلاً من الرصاص حدثت في القرن الـ16 الميلادي، كما تتفق المصادر على أن القرن الـ18 الميلادي شهد إضافة الطين إلى الحشوة لتحسين الأداء، ومن المؤكد أن القرن الـ19 شهد ولادة أول مصنع خاص بقلم الرصاص في الولايات المتحدة، إضافة إلى اختراع أول آلة لحشو القلم ومن ثم ظهور القلم الآلي في الفترة الزمنية ذاتها.

في عالم الرسم

وفق موقع "مراسم" على الشبكة العنكبوتية، الذي يبدو متخصصاً بفنون الرسم بقلم الرصاص، فإن هناك ما يقارب 20 درجة مختلفة لأقلام الرصاص الجرافيتية، علاوة على أن كل درجة من تلك الدرجات تحدد طريقة استخدامها في الكتابة والرسم.

 

 

ويؤكد الموقع أن فهم درجات أقلام الرصاص الجرافيتية وكيفية استخدامها أمر مهم لكل رسام وكاتب، فبعض الأقلام توفر إحساساً سلساً عند الرسم، وبعضها تتميز بالصلابة التي تحول دون كسر القلم بسهولة، فيما هناك 86 درجة من الجرافيت في القلم الأعلى جودة وأقل الأقلام جودة تحوي 65 درجة من الجرافيت، وهذا يحدد ليونة القلم وصلابته.

كما تتحدد الألوان الرئيسة للقلم وفق مبدأ الصلابة والليونة وهي ثلاث درجات تبدأ بالناعمة وثم الصلبة والصلبة للغاية التي تعني لونياً الأبيض والرمادي والأسود، كما تستخدم درجات اللون في تحديد كثافة الخط وإنشاء الرسومات التقريبية التي توازن أيضاً بين عاملي السرعة أو الحاجة إلى إدراج تفاصيل كثيرة في اللوحة بحسب حاجة الفنان إلى ذلك.

اتهام زائف

يتهم القلم حتى اليوم بأنه قلم الرصاص، والرصاص معدن سيئ السمعة، فهو سام بطبيعته وتعرف عليه الإنسان بالصدفة أثناء بحثه عن الفضة، إذ يعد الرصاص أكثر المعادن انتشاراً بالطبيعة ولكن معرفة الإنسان به جاءت نظراً إلى التصاق مادة الثراء والدفائن (الفضة) هذه به بصورة دائمة.

وتفوق درجة سميته في أثرها في الإنسان الحديث درجة سمية الزرنيخ، وهي المادة الثانية التي عرفها الإنسان تزامناً مع معرفة الرصاص وذلك في العصور البرونزية أيضاً، وذلك لأن الرصاص يدخل حديثاً في عشرات الصناعات وأهمها تكرير المنتجات الإلكترونية، وهو من عوامل التلوث التي أكدت دراسات للأمم المتحدة نشرت على موقعها الإلكتروني أخيراً في عام 2022 أنها تتسبب في موت ما يقارب مليون شخص سنوياً بأنواع مختلفة من التلوث.

ويشير الموقع الإلكتروني الأممي إلى أن هذا العنصر خطر على الأطفال لأنه يدخل في الطلاء المنتشر في كل منزل ومدرسة، أما دخوله في صناعة الطلق الناري فهو سبب كراهية الناس له، ومع ذلك التصقت تهمة "الرصاص" على مر التاريخ الحديث بالقلم كما لم تلتصق بأي شيء أو اختراع آخر، وظلت كذلك لقرون طويلة واستمرت حتى يومنا هذا.

 

 

في الفضاء والبحار والعلوم

تقول موسوعة معرفة العربية إن هناك أقلام رصاص طورت لتكون خاصة للكتابة تحت الماء، وتستخدم مثل هذه الأقلام في أبحاث مائية وتجارب تقوم بها المؤسسات البحثية الحديثة عن مخلوقات ومكونات البحار.

من جهة أخرى وصل أثر قلم الرصاص مع التحسينات المستمرة عليه إلى غرف العمليات الجراحية الدقيقة وإلى الفضاء، فالجراحون يحتاجون إلى وضع علاماتهم الدقيقة على أجسام المرضى قبل البدء بعملية جراحية، ويستخدمون لذلك أقلاماً خاصة تشبه أقلام الرصاص، في المقابل يستخدم رجال الفضاء أنواعاً خاصة من القلم الذي طورته صناعة الفضاء مراراً ليناسب رحلاتهم، فجعلته لا يتأثر بعوامل الجاذبية الأرضية والضغط الجوي ويقاوم تقلبات المناخ في الفضاء أيضاً.

اقرأ المزيد

المزيد من منوعات