Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

وجبات الطائرات... "لا تسمن ولا تغني من جوع"

تختلف حسب زمن الرحلات الجوية وشركات الطيران تتنافس لإرضاء الركاب وكسب ثقتهم وهذه طرق إعداد الأكلات

تتنافس شركات الطيران في وجباتها أملاً في إرضاء المسافرين وكسب ثقتهم (اندبندنت عربية)

ملخص

تشكّل "وجبة الطائرة" محور اهتمام رئيس للركاب قبل حجز رحلاتهم، وأحد أهم العوامل التي ترجح كفة شركة طيران عن أخرى، فماذا نعرف عن إعداد تلك الوجبات؟

تقلع الطائرة، تصل إلى الارتفاع المطلوب، تطفأ إشارة ربط الأحزمة، وتدب الحركة، وتنبعث رائحة الطعام الذكية. هنا تتذكر أنك نسيت تناول إفطارك! تأتي المستضيفة وتسألك عن اختيارك الوجبة التي تحب من قائمة الطعام المتوفرة على الرحلة، لحظات وتوضع أمامك أطباق تمثل وجبة متكاملة: مقبلات وعصير وزبد ومربى وطبق رئيس وحلوى وكأس ماء وكوب شاي أو قهوة، إضافة إلى أدوات المائدة، فهل فكرت في عملية إعداد هذه الوجبة، وكيف تصل إلى المنضدة التي أمامك الآن؟

وكانت تتنافس شركات الطيران حول العالم في نوعية الخدمات التي تقدمها، أملاً في إرضاء الركاب المسافرين وكسب ثقتهم، ومن بين تلك الخدمات الوجبات والمشروبات التي تقدم على متن الطائرات، التي باتت تشكل محور اهتمام رئيس للركاب، قبل حجز رحلاتهم على الخطوط الجوية، وأحد أهم العوامل التي ترجح كفة شركة طيران عن أخرى.

لكن مع ازدياد أعباء السفر وتكلفته، لجأت كثير من الشركات إلى تقنين ما تقدمه من أطعمة للركاب، خصوصا الجزء الأكبر منهم  الذين يسافرون على الدرجة الاقتصادية نظرا لانخفاض سعرها نسبيا. وبسبب ذلك يشكو الركاب من أن ما يقدم لهم، هو في الحقيقة، وجبة "لا تسمن ولا تغني من جوع".

"اندبندنت عربية" تسلط الضوء في ملف مشترك، يجمع أربع دول: مصر ولبنان والسعودية والإمارات، على مهام شركات تموين الطائرات بالوجبات والمشروبات، والمراحل والخطوات التي تتخذها كل شركة لتحضير وجباتها في أفضل صورة ممكنة لركابها.

مصر... فحص الطعام وتجهيزه

في مصر، تقع مهمة إعداد وتجهيز الوجبات والمشروبات للطائرات على عاتق شركتي "مصر للطيران للخدمات الجوية" و"LSG" المنوط بهما تموين 13 رحلة جوية، وتختلف أعداد الوجبات المقدمة للمسافرين حسب زمن الرحلات الجوية.

وفي محاولة للتعرف إلى طبيعة المهام والمراحل التي تتخذ منذ بداية تحضير الوجبات وصولاً إلى تسليمها للركاب في كابينة الطائرة، يقول رئيس قطاع الخدمات بشركة مصر للطيران للخدمات الجوية أحمد كريم "الخطوة الأولى في تلك المنظومة تبدأ من (المورد) من خلال شراء المواد الخام المستهدف تحويلها إلى وجبات، سواء كانت لحوماً أو فراخاً أو أسماكاً أو أرزاً أو معكرونة وغيرها من الوجبات، عبر إدارة المشتريات بالشركة من خلال مناقصة عن الكميات التي ترغب في التعاقد عليها من اللحوم والأسماك والدواجن وغيرها من المأكولات، أما الخطوة الثانية فمرحلة رصيف التسلم، حينما يحضر المورد المواد الخام المتفق عليها، ويكون هناك مراقب للجودة تابع للشركة بحوزته ترمومتر، للاطمئنان على المواد الخام ونظافة السيارة، وأنها مناسبة للمواد الخام المستهدف توريدها لكي يجري تسلم تلك المنتجات".

 

ويضيف "يعقب ذلك إجراءات الفحص والتسلم، ومراجعة المواد ومدى نظافتها وإجراءات الفحص الجمركي ومدة الصلاحية، ثم توزيع المواد الخام على المخازن، التي تصل سعتها لـ5 آلاف متر، موزعة على ثلاثة أدوار تحوي ثلاجات وأماكن مبردة لتخزين المنتجات بطريقة معينة، بخلاف منتجات الإنتاجيات المباشرة التي تطلبها بعض الرحلات الخاصة، فيكون لها طرق معينة في التخزين حتى تسليمها على الطائرة، ثم يبدأ كل قسم في تحديد حاجاته المباشرة اليومية من الأطعمة، التي تتوافق مع سياسات الجودة".

بحسب كريم، فإن القسم المسؤول عن الأطعمة الساخنة يحضر في الثالثة من صباح اليوم التالي، ويبدأ العمل على تسوية وتسخين الطعام على درجة حرارة فوق الـ65 درجة، ثم تبريد الطعام، وتجهيز المنتجات للدرجات السياحية سواء الإيكونومي أو البيزنس.

تذوق الطعام على ارتفاع 30 ألف قدم

ويضيف رئيس قطاع الخدمات بشركة "مصر للطيران للخدمات الجوية" أحمد كريم "شروط الطهي على الطائرات تختلف عن الفنادق والمطاعم، لأن بعض الدراسات العلمية الأميركية ذكرت أن الإنسان على ارتفاع 30 ألف قدم تقل لديه عناصر التذوق بنسبة 30 في المئة، من ثم تصبح المعادلة الأصعب هو كيفية وضع مكسبات طعم إضافية من دون إحداث ضرر لركاب الطائرة، مثل إضافة الفلفل الأسود الذي لا نفضل إطلاقاً استخدامه على الطائرة، ويتم استخدام بديل له إما توابل الشرق الأوسط أو ورق اللورا أو البابريكا الباردة، وهي توابل غير مضرة صحياً، ولا تسهم في عمل غازات أو عسر الهضم".

ويوضح كريم أن "المتعارف عليه أنه لا يتم إنضاج وطهي الطعام بنسبة 100 في المئة، لكن يطهى بنسبة 80 في المئة، لأنه يسخن مرة أخرى على الطائرة ثلث ساعة على درجة حرارة معينة، حتى يخرج بالدرجة التي تناسب الركاب والمسافرين، وبالطريقة التي يفضلها العرب والشرقيون". موضحاً أنه توضع ألوان على المنتجات سواء الساخنة أو الباردة أو الحلويات، "الدواجن باللون الأزرق، واللحمة بالأحمر، والسمك بالأخضر، أما الوجبات الخاصة للركاب الذين لديهم طلبات خاصة في أثناء حجز التذاكر فتصنف باللون الأبيض".

أعداد الوجبات حسب زمن الرحلة

وفقاً لـ"كريم" فإن أعداد الوجبات تختلف حسب زمن الرحلات الجوية، "الرحلة التي تستغرق أقل من ساعتين مثل بيروت وعمان وأثينا تمنح وجبة باردة، والطائرات التي تستغرق مدتها ما بين ساعتين حتى أربع ساعات مثل تونس وبني غازي وطرابلس والرياض وجدة وجبتها ساخنة على حسب موعد الإقلاع، والطائرات التي تراوح مدتها ما بين أربع وست ساعات مثل جوهانسبورغ وكازابلانكا يمنح الركاب وجبة ساخنة وسناكس، والرحلات الطويلة المدة ما بين ثماني ساعات و12 ساعة، مثل واشنطن ونيويورك وطوكيو وبكين يمنح الركاب ثلاث وجبات وتوزيعها وفقاً لجدول محدد". موضحاً أن الرحلات الجوية "تتطلب دراسة محددة، إذ يجري تقديم (منيو) واحد لكل الدول العربية (60 في المئة لحوماً، و40 في المئة أسماكاً)، وهناك حرص على تغيير الوجبات للعملاء كل شهرين في الرحلات العادية، عكس الرحلات الخاصة التي يجري تنفيذ ما يطلبه الركاب من وجبات معينة".

ويعمل بشركة "مصر للطيران للخدمات الجوية" 2500 موظف، وتمتلك الشركة مصنعاً لإنتاج الثلج الجاف، وتنتج ما بين 13 و15 ألف وجبة يومياً في الفترات العادية، في حين يبلغ أقصى إنتاج لها 45 ألف وجبة في شهر رمضان، بحسب كريم.

 

ويشير إلى أن هناك 350 طباخاً بالشركة، بينهم ثلاثة طهاة في منتخب مصر للطهاة، وتتعاقد الشركة دائماً مع طهاة عالميين. مرجعاً السبب في ذلك إلى أن الشيف العمومي للمطبخ يجب أن "يكون طاهياً عالمياً، وهو أمر متعارف عليه"، لافتاً إلى أن "عامل الوقت مهم للغاية في مهنتنا، ولو حدث تأخير دقيقة واحدة في تجهيز الوجبات سيتسبب الأمر في تأخير تموين الطائرة والمراحل المرتبطة بها، ومن ثم توقيع غرامات على الشركة".

ووفقاً للموقع الرسمي لشركة "مصر للطيران" (الناقل الوطني)، فإن جميع وجبات الطعام المعتادة على متن رحلات "مصر للطيران" "حلال"، أعدت وفقاً للشريعة الإسلامية، والركاب الذين لديهم حاجات غذائية خاضعة لقيود معينة، تقدم وجبات خاصة بهم مثل مرضى السكري، وهي صحية وخالية من السكر، والوجبات الهندوسية الخالية من اللحوم البقري ومنتجاتها، وقد تحوي دجاجاً أو أسماكاً أو مأكولات بحرية، ووجبات ذات دهون منخفضة وملح خفيف، وهي وجبات خاصة للركاب الذين لديهم مشكلات تتعلق بالقلب وارتفاع ضغط الدم، وكذلك وجبات الأطفال الرضع.

السعودية... قواعد صارمة من أجل الجودة

ومن مصر إلى السعودية، حيث تقدم الخطوط السعودية مجموعة واسعة من الوجبات الصحية، أو من يجب أن يكون لديهم طعام خاص، ووجبات مختلفة للأطفال الرضع أيضاً. وحول عملية إعداد الوجبات وكيفية تنظيم وتجهيز الأطعمة على متن الطائرة، أوضحت الجهة المسؤولة في الخطوط السعودية أن "ترتيب وجبات الطائرة يجري حسب جدول الرحلة المحدد، وتقسم وقت الرحلة إلى عدة خدمات رئيسة، مثل الإفطار والغداء، والعشاء، إضافة إلى خدمة الوجبات الخفيفة وترتيب المكونات وتجهيز الأطباق المناسبة وفقاً لحاجات ضيوف السعودية".

 

وأشارت الخطوط السعودية إلى تميزها في خدمة الإفطار النموذجية بتقديم مجموعة متنوعة من الأطباق الساخنة التي تلبي توقعات وأذواق الضيوف السعوديين. أما قائمة الغداء والعشاء فتشمل ثلاثة أطباق رئيسة ترافقها تشكيلة واسعة من الأطباق الغنية بالبروتينات والنباتيات، و"تعدّل المكونات والأطباق المقدمة حسب المسار الجوي والمنطقة التي يجري تحليق الطائرة فيها، مما يتيح للضيوف تجربة متنوعة ومتجددة في كل رحلة".

وأوضحت الخطوط "بأن تجهيز وجبات الطعام يكون متماشياً مع مواعيد الرحلة، إذ يجري إعدادها في أقرب وقت ممكن قبل مغادرة الطائرة، مع مراعاة معايير تقديم الطعام على متن الطائرة واتباع طرق الطهي الباردة لضمان الحفاظ على جودة وسلامة الطعام خلال الرحلة الجوية الممتدة".

معايير الوجبات

وأكدت الشركة أن من ضمن أولوياتها إضافة المكونات الغذائية المحلية، إن توفرت، مثل التمر وزيت الزيتون (زيت الجوف المحلي) ومنتجات الألبان، وعندما يتعذر الحصول على المكونات المحلية من داخل السعودية تتبع قواعد صارمة لاختيار المكونات من مناطق أخرى وضمان الحفاظ على تدابير السلامة والجودة.

وتدرك الخطوط السعودية أهمية تقديم خيارات متعددة للوجبات، إذ يتفاوت طعم وتفضيلات الأشخاص بتوفير وجبات بنسب مئوية مختلفة، وفقاً لإجمالي العدد الفعلي للمسافرين في درجات السفر إلى الحصول على مزيد من الأصناف والخيارات التي يمكن أن تغطي وترضي الغالبية.

ويفيد موقع "فلاي ناس"، الذي يعد ضمن خطوط الطيران الاقتصادية في السعودية، أن طاقم الطائرة يرحب بتقديم وجبة شهية ساخنة أو بسلطات خفيفة للمسافرين، لكن على المسافر طلب الوجبة خلال عملية الحجز، أو بفترة لا تقل عن 12 ساعة من موعد الرحلة.

وتواصلت "اندبدندنت عربية" مع مجموعة من الطلبة، الذين اعتادوا السفر في رحلة ابتعاثهم وسؤالهم حول جودة وجبات الطائرة، تقول نورة خالد "ليس هناك أسوأ من وجبة صغيرة وغير شهية في رحلة طيران طويلة، أحرص أن أدخل الطائرة ومعي وجبة خفيفة مثل الموز والشوكولاتة".

وأكد محمد منصور أنه يختار دوماً وجبته قبل صعود الطائرة، لضمان توفر ما يرغب به من وجبات صحية ونباتية، وإن كانت الخيارات محدودة، فيما علقت منيرة الحسن أن حاسة التذوق لدى المسافرين تتغير لأسباب عدة منها الارتفاع الشاهق للطائرة، وحفظ الوجبات مغلفة لمدة ساعات، هذا الأمر بحسب رأيها يغير مذاق الوجبة مهما كانت جودتها، لذلك فهي تفضل الوصول إلى المطار وتناول الطعام في أحد المطاعم قبل صعود الطائرة.

لبنان... أسرار تحضير وجبات الطائرات

وفي جولة لـ"اندبندنت عربية" داخل مطبخ الشركة اللبنانية لتموين مطار بيروت، يتجلى عالم مترامي الأطراف من النكهات والأطباق، إذ تتيح هذه الزيارة للزوار فرصة نادرة لرؤية كيف تحضر وجبات الطائرات، بكل تنوعها وغناها، في بيئة مطبخية متطورة ومزدحمة، يقول رئيس الطهاة ومسؤول عمليات الإنتاج ربيع صالح "عملية تحضير الوجبات لشركات الطيران تتطلب دراسة وتحضيراً دقيقين. نقدم عرضاً تقديمياً ونعتمد على معايير مختلفة في التحضير، مثل وجهة الرحلة، ونسعى إلى تقديم أطباق تعكس ثقافة الوجهة قدر الإمكان".

ويسلط صالح الضوء على مختلف الأقسام كقسم الأطعمة الباردة والساخنة والفواكه والحلويات والمخبز العربي والأجنبي، موضحاً أن "كل شيء يجهز بدقة، قبل أن يحمل على الطائرة"، لافتاً إلى أن "هناك اختلافات بين المنتجات المقدمة على متن الطائرة وتلك الموجودة في المطاعم العادية. على سبيل المثال، الكرواسون يحضر بطريقة خاصة، لتجنب تكاثر الفتات، مراعاة للنظافة على متن الطائرة".

 

واستذكر صالح ذكريات "تجربة تحضير الوجبات للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال زيارته لبنان". مشيراً إلى أن "المطبخ في شركته عكف على إعداد أفضل المأكولات البحرية وغيرها من الأطباق الفاخرة، وكيف لاقت هذه الوجبات استحساناً وتقديراً كبيراً من الوفد الفرنسي، إذ أرسل الوفد رسالة تقدير وشكر تعبيراً عن إعجابهم بالجودة العالية للطعام الذي قدم عند المغادرة".

في حديثه عن تأثير الأزمات الاقتصادية على جودة الخدمات، يوضح رئيس قسم الخدمات الجوية بـ"طيران الشرق الأوسط" حسام مغربي لـ"اندبندنت عربية"، "لم تؤثر فينا من جهة جودة الخدمة، فخلال الـ15 عاماً الماضية، حافظنا على مستوى خدماتنا من دون تخفيض الجودة. كما تغير مفهوم الطيران بصورة كبيرة، ففي الدرجة الأولى كان من المسموح سابقاً للركاب التدخين وحتى تدخين السيجار على متن الطائرة. أما في الدرجة الاقتصادية فكان التدخين محصوراً في الصفوف الأخيرة فقط".

ويعتبر أن هذا المطبخ كما المطبخ اللبناني "يتميز بكرمه، بحيث تحوي صواني الطعام مجموعة متنوعة من الأطباق، مثل السلطات والحلويات والمقبلات الشرقية والأجنبية. نختار الوجبات بناءً على وقت الرحلة، ففي الصباح نقدم وجبات الإفطار كالكنافة والأومليت (البيض المخفوق على الطريقة الفرنسية)، وفي الرحلات القصيرة نقتصر على ساندويتش مع عصير وحلوى. للرحلات الأطول من ساعتين نقدم وجبات ساخنة، مثل الدجاج أو اللحم مع الرز أو الباستا لمراعاة كل الأذواق من آكلي اللحم إلى النباتيين"، لافتاً إلى أنه في مدة هذه الرحلة "نحرص على تقديم الأطباق اللبنانية التقليدية لإعطاء الركاب تجربة لبنانية أصيلة وتذكيرهم بوطنهم ونحن من الشركات القليلة التي تقدم الطعام اللبناني ذهاباً وإياباً".

وتختلف الأطباق من ناحية الدرجات. ففي درجة الأعمال نقدم خيارات إضافية عن الأطباق الرئيسة في الدرجة الاقتصادية كالسلمون أو البريزاولا كمقبلات، ومن ثم تأتي الوجبات الرئيسة الساخنة، وهي ذاتها، لكن الكمية أكبر في الوجبة الرئيسة ونوع الخبز يختلف. أما في الدرجات الأولى فنقدم مجموعة من الأطباق اللبنانية، التي هي عبارة عن مزيج من الغربي والشرقي، ليتمتع الراكب بأقصى درجات الرفاهية.

كلفة الطعام

في ما يتعلق بكلفة خدمات الطعام في الشركة، يوضح المغربي بأنها تعتبر "موضوعاً بغاية السرية"، موضحاً أن "الحفاظ على سرية التفاصيل الدقيقة هو لأسباب تنافسية، إذ تعد هذه المعلومات حساسة في صناعة الطيران، وربما تستغل في المنافسة غير الشريفة من قبل شركات الطيران الأخرى". وبشكل تقديري، يشير إلى أن "الكلفة السنوية لخدمات الطعام تتخطى عشرات ملايين الدولارات سنوياً".

وعن أبرز التحديات التي واجهتهم، يشير المغربي إلى "أن الشركة تواجه عدداً محدوداً من التحديات من ناحية الشكاوى، التي تنقسم إلى ثلاثة أنواع رئيسة، تراوح ما بين عدم الرضا عن الطعام من دون تفاصيل دقيقة، وشكاوى مفصلة تأخذها الشركة في الاعتبار لتحسين الخدمات، وادعاءات التسمم التي غالباً ما ترتبط بعوامل خارجية لا بجودة الطعام المقدم".

 

وفي إطار الحرص على الجودة، يؤكد "استعداد الشركة لتغيير المزودين حسب الحاجة"، لافتاً إلى أن "الشركة تلقت إشادات كبيرة من المؤثرين والمدونين في السنوات الأخيرة، بخاصة من الأجانب الذين سافروا في الدرجة الاقتصادية، مما يعكس تميز خدماتها الغذائية".

بدوره، يتحدث المدير التنفيذي لـ"الشركة اللبنانية لتموين مطار بيروت" (LBACC)، حسين طفيلي، عن دور الشركة في تقديم خدمات الطعام للطائرات، يذكر طفيلي "تتولى LBACC مهمة تقديم الطعام للرحلات القادمة والمغادرة لشركات متعددة كطيران الشرق الأوسط وإير فرانس ولوت البولندية والمصرية للطيران والطيران الجزائري وكذلك لوفتهانزا. ندير أيضاً المطاعم والكافيتريات في مطار رفيق الحريري الدولي. لدينا أكثر من 600 موظف يعملون في مختلف الأقسام كالمطبخ والتموين والمالية والموارد البشرية والأمن والجودة والتحكم والتسويق والهندسة. نقدم يومياً نحو 8 آلاف وجبة، وفي الصيف يصل العدد إلى 18 - 20 ألف وجبة يومياً، كلها تحضر طازجة. لدينا 190 عامل مطبخ، و90 في المئة من مكونات الطعام تحضر محلياً، بينما الباقي يأتي من الخارج".

الإمارات... 25 نوعاً من الوجبات الخاصة

وفي الإمارات يمكن بدء الجولة بمركز "الإمارات لتموين الطائرات" بصورة عكسية، فعندما تصل الرحلة إلى مطار دبي الدولي، يجري نقل عربات الطعام المليئة بالأطباق المستخدمة وبقايا الطعام والبياضات، من على متن الطائرة بواسطة مركبات التحميل والتفريغ الخاصة، وتصل هذه العربات إلى المركز خلال 30 دقيقة فقط من هبوط الطائرة، وتوضع فوق نظام نقل إلى يسير على سكة مفردة، إذ يجري تفريغ محتويات العربات يدوياً".

ويجري فصل الصواني وأدوات الطعام والأطباق وبقايا الطعام والمخلفات، وتذهب الأدوات إلى المغاسل الآلية التي يديرها أكثر من 600 عامل في الوردية الواحدة، يتعاملون مع أكثر من 2.5 مليون قطعة يومياً، ثم تنقل الأدوات والأطباق والصواني إلى المخزون الذي تتم مراقبته بنظام آلي.

ويتطلب إعداد الطعام في مركز "الإمارات لتموين الطائرات" ثلاث مراحل: الأولى التخطيط، والثانية إعداد الوجبات اليومية، والثالثة وضع الوجبات على الصواني لتقديمها للركاب. المرحلة الأولى هي الأطول، وتتطلب دراسة خطوط الرحلات والمناطق وحركة المسافرين والتفضيلات الغذائية والخلفيات الإثنية والثقافية، ووزن الوجبة، إضافة إلى نكهتها وتقديمها.

ويحتوي مركز "الإمارات لتموين الطائرات" على مختبر لمراقبة الجودة يعمل فيه 27 خبيراً متخصصاً على مدى الساعة، لضمان جودة وسلامة الوجبات طوال مراحل إعدادها وحتى تقديمها للركاب على الطائرات.

ويجري تغيير قوائم الطعام على الرحلات ثلاث مرات في السنة، ويتطلب ذلك تخطيطاً مسبقاً وتقييماً شاملاً، وضمان أن تلائم الوجبات الجديدة طريقة التقديم في الأطباق المتوفرة في المخزون.

 

أما المرحلة الثانية فيبدأ إعداد الوجبات قبل ثماني ساعات من موعد إقلاع الطائرة. وقبل الدخول في التفاصيل، لننظر إلى محتويات الصينية التي توضع أمام الراكب، بغض النظر عما إذا كانت الوجبة إفطاراً أم غداءً أم عشاءً: سلطة وخبز وزبد وطبق رئيس وأكياس صغيرة من الملح والفلفل والسكر وحلويات وماء، إضافة إلى أدوات المائدة والأطباق والكؤوس والفوطة البيضاء. وهذا يعني أن المكونات جاءت من أربعة مصادر مختلفة: المطبخ البارد والمخبز ومطبخ الأطباق الساخنة ومخزن الصواني والأدوات.

ويبدأ إعداد الأطباق الباردة في المركز بخط إنتاج السلطة، الذي ينتج ما يزيد على 25 ألف طبق سلطة فاكهة، ويحضر نحو 20 ألف شطيرة و77 ألف طبق مقبلات يومياً. وفي المخبز، الذي يديره 100 عامل في كل وردية، يجري إعداد مختلف أنواع الحلويات، إضافة إلى أنواع الكيك والمافن والكرواسون، وما يزيد على 30 ألف قطعة خبز من مختلف الأنواع.

في هذه الأثناء، يتواصل العمل على قدم وساق في مطبخ إعداد الوجبات الرئيسة أيضاً، وربما كانت الخيارات على رحلة ما طبق دجاج وطبق لحم وطبقاً نباتياً، تتم عملية الطبخ وتوضع المخرجات في حاويات كبيرة، ليجري توزيعها داخل أطباق التقديم، ثم توضع داخل مبردات ضخمة إذ تخفض حرارتها إلى ثلاث درجات مئوية بانتظار تعبئتها في عربات الطعام التي تنقل إلى الطائرات.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

والمطبخ مقسم حسب إنتاجه إلى أقسام عدة، إذ ينتج أطباق الشرق الأقصى وأطباقاً عربية وشرق أوسطية وأطباقاً عالمية وأخرى يابانية وأطباقاً من شبه القارة الهندية، إضافة إلى الوجبات الخاصة حسب الطلب.

ويجري في كل خطوة من مراحل إعداد الطعام التأكد من المحافظة على النظافة والظروف الصحية وإجراء اختبارات الجودة لضمان وصول الطعام إلى الركاب في أفضل حال. ومن الأهمية بمكان المحافظة على درجات حرارة مناسبة في أماكن إعداد الطعام وتخزينه.

بعد تجهيز صواني الطعام، توضع في العربات الخاصة، التي يستوعب كل منها 34 صينية، وتخزن في ثلاجات ضخمة تقل درجة حرارتها عن الصفر، بانتظار نقل العربات على متن شاحنات التحميل حسب الأعداد والأنواع المطلوبة إلى كل طائرة.

ويضم أسطول "الإمارات لتموين الطائرات" نحو 200 شاحنة تحميل هيدروليكية، بما فيها 30 شاحنة خاصة لخدمة طائرات الإيرباص العملاقة A380 ذات الطابقين، ويقدر عدد العاملين في المركز حالياً بنحو 9600 موظف. وجميع مدخلات ومخرجات المركز من الأطعمة خالية من لحوم ومنتجات الخنزير، كذلك جميع اللحوم والدواجن مذبوحة على الطريقة الإسلامية.

ويعد المركز 25 نوعاً من الوجبات الخاصة، سواء لاعتبارات دينية وإثنية أم لأغراض الحمية الغذائية أم لأسباب صحية، إضافة إلى وجبات الأطفال المميزة، وينبغي على المسافرين طلب الوجبات الخاصة لدى إجراء الحجز أو قبل 24 ساعة في الأقل من موعد الإقلاع، ويزود المركز صالات طيران الإمارات الخاصة في مطار دبي الدولي بالأطعمة والمشروبات، ويقدم المركز خدمات الطعام والشراب لأجنحة الضيافة الخاصة بطيران الإمارات في أحداث كبرى عديدة تقام في دبي، مثل كأس دبي العالمية ومعرض دبي للطيران، وهناك 122 عربة طعام تقوم شاحنات المركز بتحميلها على الرحلة الواحدة لطائرة الإمارات الإيرباص A380 التي تعمل على خطوط طويلة، إذ يقدم لكل راكب في المعدل 2.5 وجبة.

اقرأ المزيد

المزيد من تحقيقات ومطولات