Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"أونكتاد" تدق ناقوس الخطر على التجارة الدولية

التصعيد والتوتر في البحرين الأحمر والأسود يهددان الملاحة العالمية

النقل البحري ينقل 80 في المئة من الحركة العالمية للبضائع والسلع (أ ف ب)

حذر مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية "أونكتاد" من الخطر الهائل على التجارة العالمية نتيجة تصاعد التوترات الجيوسياسية وتأثير التغيرات المناخية. وأشارت المنظمة الدولية، في بيان، إلى أن "عرقلة الملاحة البحرية التجارية في البحر الأسود والهجمات الأخيرة على السفن في البحر الأحمر وتأثيرها في قناة السويس، إضافة إلى تأثير التغيرات المناخية على قناة بنما يهدد وضع التجارة العالمية بصورة كبيرة".

وكان الحوثيون المدعومون من إيران قد بدأوا منذ شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي شنّ هجمات على السفن والناقلات التي تستخدم الخط الملاحي (باب المندب – قناة السويس) عبر البحر الأحمر. وأعلن الحوثيون استهداف السفن التي لها علاقة بإسرائيل بسبب الحرب في غزة، إلا أن التوتر في المنطقة تصاعد مع قصف الأميركيين والبريطانيين مواقع في اليمن هذا الشهر لمنع تهديد الملاحة الدولية.

وأدت تهديدات الحوثيين للسفن والتصعيد العسكري الأخير إلى تحويل معظم شركات الملاحة الكبرى مسارات سفنها بعيداً من البحر الأحمر إلى طريق رأس الرجاء الصالح مع زيادة مدة الرحلات، من ثم تأخير الشحنات وزيادة كلفة الشحن بأضعاف قيمتها، وعلى رغم القصف الأميركي والبريطاني لقدرات الحوثيين العسكرية، فإن التهديدات للملاحة التجارية لم تتوقف. وبدأت بعض الشركات، خصوصاً في أوروبا، تعاني أضرار تعطل الملاحة عبر البحر الأحمر، إما بتعليق عمل المصانع لتأخر وصول المكونات المشحونة من آسيا أو نتيجة زيادة كلفة الشحن والتأمين على الشحنات البحرية.

تفاقم الأضرار التجارية

إلى ذلك، أكدت "أونكتاد" الدور الحاسم الذي يلعبه النقل البحري باعتباره العمود الفقري للتجارة الدولية، فهو مسؤول عن أكثر من 80 في المئة من الحركة العالمية للبضائع والسلع، مشيرة إلى أن "الهجمات الأخيرة على الشحن البحري في البحر الأحمر، إلى جانب التحديات الجيوسياسية والمتعلقة بالمناخ أدت إلى نشوء أزمة معقدة تؤثر في طرق التجارة العالمية الأساسية". وأضافت أن تلك الهجمات والتهديدات الحوثية تسببت في تفاقم مشكلات التجارة العالمية الناجمة عن عرقلة الملاحة البحرية من قبل، بخاصة بسبب الحرب في أوكرانيا منذ مطلع العام قبل الماضي 2022، وذلك ما جعل المنظمة التابعة للأمم المتحدة تعرب عن "مخاوفها العميقة" في شأن مستقبل التجارة الدولية في حال استمرار تلك التوترات الجيوسياسية.

ولفتت "أونكتاد" إلى أن "الصراع الدائر في أوكرانيا تسبب في تحولات كبيرة في تجارة النفط والحبوب، ما تسبب في إعادة تشكيل أنماط التجارة الراسخة، في وقت تعاني فيه قناة بنما، وهي قناة محورية للتجارة العالمية، من خفض مستويات المياه، مما أدى إلى خفض مذهل بنسبة 36 في المئة في إجمالي العبور خلال الشهر الماضي مقارنة بالعام الماضي، في وقت تثير فيه الآثار الطويلة الأجل لتغير المناخ على قدرة القناة مخاوف في شأن التأثيرات الدائمة في سلاسل التوريد العالمية".

وتابعت "أونكتاد" أن الأزمة الأخيرة في البحر الأحمر جاءت نتيجة الهجمات التي يشنها الحوثيون لتعطل مزيد من طرق الشحن، لتضيف "طبقة أخرى من التعقيد".

تأثير تراكمي

وقالت المنظمة الدولية إن التصعيد في منطقة البحر الأحمر أدى إلى زيادة هائلة في كلف التجارة بما يؤثر سلباً في سلاسل التوريد العالمية، وكان الارتفاع في متوسط ​​أسعار الشحن الفوري للحاويات خلال الأسبوع الأخير من شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي بما يزيد على 500 دولار في أسبوع واحد، هو أعلى زيادة أسبوعية على الإطلاق". وأضافت أن "متوسط ​​الأسعار الفورية لشحن الحاويات من شنغهاي ارتفع هذا الأسبوع بنسبة 122 في المئة مقارنة بمطلع ديسمبر 2023، ما يعني بأكثر من الضعف، في حين ارتفع متوسط أسعار الشحن من شنغهاي إلى أوروبا بنسبة 256 في المئة، أي أكثر من ثلاثة أضعاف، بينما ارتفعت الأسعار إلى الساحل الغربي للولايات المتحدة أعلى من المتوسط، على رغم أنها لا تمر عبر قناة السويس، بعدما ارتفعت بنسبة 162 في المئة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأشارت "أونكتاد" إلى التأثير العالمي للأزمة، إذ تبحث السفن عن طرق بديلة، متجنبة قناتي السويس وبنما، لافتة إلى أن هذه الاختلالات تتسبب في تأثير تراكمي لهذه الاضطرابات يترجم إلى مسافات طويلة لنقل البضائع، وتصاعد كلف التجارة، وزيادة في انبعاثات الغازات الدفيئة الناجمة عن اضطرار الشحن إلى السفر لمسافات أكبر وبسرعة أكبر، إذ إن تجنب المرور عبر قناتي السويس وبنما يتطلب مزيداً من أيام الشحن، مما يؤدي إلى زيادة النفقات.

وتابعت المنظمة الدولية أن السعر اليومي لأقساط الشحن والتأمين ارتفع، مما أدى إلى تفاقم الكلفة الإجمالية للعبور، إضافة إلى ذلك، تضطر السفن إلى السفر بصورة أسرع للتعويض عن التحويلات، وحرق مزيد من الوقود لكل ميل وانبعاث مزيد من ثاني أكسيد الكربون، مما يزيد من تفاقم المخاوف البيئية.

التداعيات العالمية

وشددت "أونكتاد" على الآثار الاقتصادية البعيدة المدى المترتبة على هذه الاضطرابات، إذ تشكل الانقطاعات الطويلة، بخاصة في شحن الحاويات، تهديداً مباشراً لسلاسل التوريد العالمية، مما قد يؤدي إلى تأخير عمليات التسليم وارتفاع الكلف، في حين أن أسعار الحاويات الحالية تبلغ ما يقارب نصف الذروة خلال أزمة وباء كورونا، فإن نقل أسعار الشحن المرتفعة إلى المستهلكين يستغرق وقتاً، ومن المتوقع أن يظهر التأثير الكامل في غضون عام.

من التداعيات العالمية لتهديد الملاحة التجارية في البحر الأحمر أيضاً أن "تشهد أسعار الطاقة ارتفاعاً كبيراً مع توقف عمليات نقل الغاز، مما يؤثر بصورة مباشرة في إمدادات الطاقة، بخاصة في أوروبا".

وتنعكس الأزمة أيضاً في أسعار المواد الغذائية العالمية، إذ من المحتمل أن تؤدي المسافات الطويلة وارتفاع أسعار الشحن إلى زيادة الكلف، ويشكل انقطاع شحنات الحبوب من أوروبا وروسيا وأوكرانيا أخطاراً على الأمن الغذائي العالمي، مما يؤثر في المستهلكين ويخفض الأسعار المدفوعة للمنتجين.

ولا يقتصر التأثير في النشاط الاقتصادي في الدول الصناعية المتقدمة، بل إن البلدان النامية معرضة بصورة خاصة لهذه الاضطرابات.

وأكدت "أونكتاد" أنها ستظل "يقظة في رصد تطورات الوضع"، مؤكدة الحاجة الملحة إلى "إجراء تكيفات سريعة من جانب صناعة الشحن والتعاون الدولي القوي من أجل اجتياز عملية إعادة التشكيل السريعة لديناميكيات التجارة العالمية، إذ تؤكد التحديات الحالية مدى تعرض التجارة للتوترات الجيوسياسية والتحديات المتعلقة بالمناخ، مما يتطلب بذل جهود جماعية لإيجاد حلول مستدامة، وبخاصة لدعم البلدان الأكثر عرضة لهذه الصدمات.