Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تهديدات الحوثي تربك التجارة الدولية في البحر الأحمر

ارتفاع تعرفة الحاويات إلى أعلى معدل لها في العام الحالي وزيادة طول رحلات السفن بنسبة 40 في المئة

بعض شركات الملاحة قرر استخدام طريق رأس الرجاء الصالح تفاديا لهجمات الحوثيين (رويترز)

ملخص

مزيد من شركات النقل البحري الكبرى تتفادى باب المندب والبحر الأحمر وقناة السويس بسبب زيادة التهديدات والهجمات الحوثية 

تواصل شركات النقل البحري الكبرى في الأيام الأخيرة الإعلان عن تحويل سفنها وناقلاتها بعيداً من باب المندب، متفادية المرور في البحر الأحمر مع تصاعد تهديد الحوثيين في اليمن المدعومين من إيران الملاحة الدولية في المنطقة. وأحدث تلك الشركات هي "أم أس سي"، شركة شحن المتوسط، وهي أكبر مجموعة شحن بحري في العالم التي أعلنت الجمعة "تحويل سفنها بعيداً من البحر الأحمر مع زيادة التهديدات بهجمات".

كانت شركة "سي أم أي سي جي أم" الفرنسية اتخذت خطوة مماثلة بنهاية الأسبوع بعدما أعلنت مجموعة الشحن البحري الدنماركية العملاقة "مايرسك" وشركة النقل الألمانية "هاباغ - لويد" تعليق مرور سفنها في البحر الأحمر خلال الأسبوع، وذلك بعد تعرض أكثر من سفينة شحن وناقلة لهجمات بالصواريخ والمسيرات. وكانت جماعة الحوثي صعدت من تهديداتها للملاحة في بحر العرب وخليج عدن والبحر الأحمر بعد بدء الحرب في غزة الشهر قبل الماضي.

ويعد مضيق باب المندب، البالغ عرضه أكثر من 30 كيلومتراً من الممرات الملاحية المهمة للتجارة بين الشرق والغرب، إذ تمر منه نسبة 10 في المئة من التجارة العالمية سنوياً بواسطة نحو 17 ألف سفينة شحن وناقلة. ويمر عبر المضيق ما يصل إلى نسبة 10 في المئة من النفط المشحون بحراً بالناقلات في العالم.

تعطل التجارة

يشكل نصيب شركتي "مايرسك" و"هاباغ - لويد" وحدهما ما يصل إلى ربع إجمالي الشحن البحري بالسفن والناقلات في العالم، إذ تستحوذ "مايرسك" على نسبة 15 في المئة من سوق شحن الحاويات عالمياً وتستحوذ "هاباغ - لويد" على نسبة سبعة في المئة من سوق النقل البحري بالحاويات.

وأبلغت بعض تلك الشركات، التي علقت مرور سفنها وناقلاتها عبر باب المندب إلى البحر الأحمر وقناة السويس، سفنها باستخدام طريق رأس الرجاء الصالح بجنوب أفريقيا. ويعني ذلك دوران تلك السفن والناقلات حول أفريقيا جنوباً ثم الإبحار في المحيط الأطلسي شمالاً. وتزيد تلك المسافة على المرور من باب المندب وقناة السويس بنحو 40 في المئة، مما يعني طول المدة وزيادة الكلفة بنحو النصف أو أكثر، ذلك فضلاً عن تعطل التجارة بشكل عام، بخاصة بين دول آسيا وأوروبا، وتأخر التسليم في وقت ما زالت التجارة العالمية تحاول فيه التعافي من اختناقات أزمة وباء كورونا.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبحسب أرقام وبيانات مركز النقل البحري العالمي لدى "غلوبال كوموديتي إنسايتز" فإنه على سبيل المثال تبلغ المسافة بين ميناء سنغافورة في آسيا وميناء روتردام في هولندا عبر مضيق باب المندب وقناة السويس 8 آلاف و440 ميلاً بحرياً، بينما المسافة بين الميناءين الآسيوي والأوروبي عبر رأس الرجاء الصالح فتصل إلى 11 ألفاً و720 ميلاً بحرياً، كذلك فإن تغيير مسار النقل البحري بتلك الطريقة يعني زيادة ما بين 10 و15 يوماً في الرحلة البحرية من ثم تأخير مواعيد التوصيل.

يقول سمسار الشحن البحري في "بلو بيك كوموديتيز أند شيبينغ" لوف منغاني "ما نراه في الأيام الأخيرة هو مزيد من الهجمات على شركات شحن الحاويات الكبرى مثل (أم أس سي) و(مايرسك) و(أن واي كيه لاين) و(هاباغ - لويد). وإذا أخفت تلك الشركات فستوقف تسيير المئات من سفنها". ويقول المحلل في مجموعة "يواشيا" غريغوري برو إن قرار "مايرسك" تجنب البحر الأحمر "يعد تصعيداً في رد الفعل على الهجمات، فالحوثيون يوسعون ضرباتهم فلا تفرق بين سفينة وأخرى، وليس التركيز فقط على السفن التي تملكها شركات إسرائيلية أو المتجهة إلى موانئها".

وهذا ما جعل شركات النقل البحري الكبرى تبلغ سفنها بتفادي مضيق باب المندب والبحر الأحمر ما دام الوضع في غاية الهشاشة هكذا، على رغم الحماية التي توفرها قطع أساطيل غربية أميركية وبريطانية وغيرها للسفن العابرة للمضيق. وتنقل "غلوبال كوموديتي إنسايتس" عن مصدر في مجال الشحن البحري قوله عن التحول إلى طريق رأس الرجاء الصالح "على رغم التعقيدات التي سيسببها ذلك مع عملائنا في شأن وقت النقل ومواعيد التوصيل فإن الأهم هو الحوار بيننا وبين طواقم سفننا".

ارتفاع الكلفة

نتيجة ذلك التحول في مسار الشحن البحري بسبب الهجمات الحوثية، رفعت الشركات أسعار الشحن البحري على سفن شحن الحاويات الجافة والمبردة بشكل عام وناقلات الصهاريج. وبحسب "غلوبال كوموديتي إنسايتس" فإن هناك زيادة في كلفة حاوية وجهتها إلى الشرق الأوسط بمقدار 100 دولار إضافية كأخطار حرب على الشحن الجاف والشحن المبرد لكل حاوية 20 قدماً.

وبدأت بعض شركات النقل البحري بالفعل فرض رسوم أخطار الحرب تلك على الشحنات التي تمر بالبحر الأحمر. على سبيل المثال، بدأت شركة "زيم إنتغريتد شيبينخ سرفيس" الإسرائيلية في حيفا زيادة أسعار الشحن على خدماتها ما بين آسيا والبحر المتوسط لتغطية كلف تأمين السفن المارة قرب اليمن. وإجمالاً، وصلت أسعار الشحن البحري من شمال آسيا إلى بريطانيا حالياً إلى أعلى معدل لها هذا العام.

حسب أرقام وبيانات إدارة معلومات الطاقة الأميركية فخلال النصف الأول من العام الحالي 2023 بلغ حجم النفط الذي يمر من مضيق باب المندب إلى البحر الأحمر وقناة السويس معدل 8.8 مليون برميل يومياً. وبلغ حجم الغاز الطبيعي المسال الذي يمر بهذا الخط الملاحي 4.1 مليار قدم مكعبة يومياً.

ويخشى من أن يؤدي استمرار الصراع في المنطقة والتهديدات الحوثية للسفن والناقلات إلى ارتفاع أسعار النفط والغاز نتيجة زيادة كلفة النقل البحري. وقدرت شركة "بلاتس" زيادة محتملة الأسبوع الماضي في أسعار خام "برنت" للعقود الآجلة بنسبة تقارب واحداً في المئة. وفي حال استمرار التوتر والاضطرابات في المنطقة يمكن أن تستمر تلك الزيادة وبمعدل أكبر العام المقبل 2024.