Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

شهر العسل من العزلة الرومانسية إلى النشاط الاجتماعي

أصبحت آخر صيحات الموضة التي تدور حول الأعراس اختتام الاحتفالات بشهر عسل ليس مع الشريك فحسب، بل مع الأصدقاء كذلك. في ما يلي، حوار بشأن هذا الالتفاف العصري على الأعراف والتقاليد مع الخبراء ومع أزواج قضوا شهر العسل مع الرفاق

أصبح شهر العسل المحصور بالزوجين وحدهما رسمياً شيئاً من الماضي (آيستوك)

ملخص

كيف يؤثر "شهر العسل مع الأصدقاء" على مجموعة أصدقائك أو على وضعك المالي أو على زواجك في المستقبل؟

خلال الصيف الماضي، عُقد قران ماري-كلير شابيه على زوجها في جنوب فرنسا. وتقول "خططنا ليكون شهر العسل عبارة عن رحلة في السيارة إلى منطقة بروفانس تتبعها إقامة لمدة أسبوع في صقلية". لا شيء خارج المألوف إلى الآن- لكن التفصيل غير الاعتيادي في شهر العسل الذي قضته ماري-كلير هو مرافقة صديقيها لها. وتضيف ماري-كلير "أردنا أن نشجّع أي شخص يرغب بالانضمام إلينا خلال وجودنا في فرنسا على الأقل، بأن يفعل ذلك. وقد قَبِلت عرضنا إحدى إشبيناتي وزوجها وهما صديقاي المقرّبان منذ أيام الجامعة". 

في هذه المرحلة، قد يظن بعض المتزوجين من مدة ليست بقصيرة بأن ماري-كلير وزوجها فقدا صوابهما بسبب المناظر البنفسجية الخلابة في بروفانس. أليس الهدف من شهر العسل قضاء وقت رومنسي والاسترخاء برفقة الزوج الجديد، وحدكما؟ ألن يفسد مجيء الأصدقاء بعضاً من المتعة؟ في الواقع، على أصحاب التفكير التقليدي أن يواكبوا العصر، فبينما ستبقى بروفانس وجهة شهر العسل المفضلة للأبد، أصبح شهر العسل المحصور بالزوجين وحدهما رسمياً شيئاً من الماضي. فلو أردت الآن أن تستهلّ زواجك بأروع طريقة ممكنة، عليك بقضاء "شهر العسل مع الأصدقاء".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

حسناً، ربما تكون هذه العبارة مبالغاً بها بعض الشيء- فلم يصبح "شهر العسل برفقة الأصدقاء" بعد أمراً شائعاً لدرجة أن كل الأزواج الذين سيعقدون قرانهم هذا العام سيضيفون أسرّة مزدوجة إلى جناح شهر العسل. لكن يمكننا القول إن قضاء شهر العسل برفقة الأصدقاء أصبح اتجاهاً رائجاً. على "إنستغرام" و"تيك توك"، يتباهى "أزواج جدد" كثر برحلاتهم الجماعية بعد الزفاف. وسواء كانوا يمارسون رياضة المسير في نوفا سكوتيا أم يبحرون حول كابري أو يسبحون قبالة ساحل أمالفي، فهم يقومون بذلك برفقة مجموعة من الأصدقاء. وقد أعلن أحد مستخدمي "تيك توك" في فيديو لمجموعة أصدقاء يقضون وقتاً بعد التزلج في جبال الألب الفرنسية "هذه إشارة لكم لكي تحضروا أصدقاءكم معكم خلال شهر العسل". ولا بد أن أعترف بأنهم بدوا مستمتعين جداً بوقتهم.

وتقول خبيرة العلاقات والحياة الجنسية كورتني بوير "يتخلى الكثير من الأزواج عن التقاليد، ولا سيما أولئك في العشرينيات والثلاثينيات من عمرهم. إحدى هذه الطرق هي اختيار شهر العسل برفقة الأصدقاء بدل شهر العسل التقليدي. لقد خرجنا من عالم ما بعد "كوفيد" وأدركنا أهمية الجماعة والتجارب التي نعيشها. وشهر العسل مع الأصدقاء تجربة تجمع النقطتين. فهي سبب ممتع للسفر والاحتفال بمرحلة مفصلية برفقة أصدقاء مقرّبين". لكن حتى لو كانت ممتعة، أليس من المفترض بشهر العسل أن يكون مختلفاً عن العطل الجماعية؟ فضلاً عن أنه لا بد أن شهر العسل مع الأصدقاء يثير بعض الاستهجان، ليس كذلك؟

لا شكّ أن ماري-كلير أدركت بسرعة أن فكرة شهر العسل مع الأصدقاء لم تصل للجميع. وتقول "في اليوم التالي لحفل الزفاف، أقمنا غداء في الحديقة لكل ضيوفنا. وكانت إحدى مواضيع الحديث الأساسية أننا نصطحب معنا ثنائياً آخر في شهر العسل". حملت بعض ردود الأفعال الفضولية على الخبر إيحاءات واضحة. وتعتقد ماري-كلير أن مخطط الذهاب مع ثنائي آخر "أثار ردود أفعال متفاجئة أكثر مما كان الذهاب مع مجموعة أصدقاء ليفعل". ومازحها أحد الأصدقاء بقوله إن الموضوع "يبدو شبيهاً جداً (بقصة مسلسل) اللوتس الأبيض"، وهي دعابة رددتها ماري-كلير والآخرون في شهر العسل "لدرجة أنّ عدة موظفين في الفندق اقتنعوا تماماً بأننا من محبي تبادل الأزواج". لكن لو بقيت أي شكوك حول رد الفعل على شهر العسل الذي قضته ماري-كلير مع أصدقائها، فقد انتهت عندما نزلت وزوجها في فندق باريسي تابع للفندق الذي أقامت فيه في بروفانس في وقت لاحق من السنة. وتتذكر أن "أحد الندل كان قد انتقل إلى هذا الفندق وتعرّف إلينا وقال 'آه نعم أنتما أحد ذينك الثنائيين'". 

على رغم الافتراء البذيء بعض الشيء الذي حام حول الفكرة، تقول ماري-كلير إن شهر العسل مع الأصدقاء "نجح بشكل باهر". وتشرح "اصطحبنا (صديقانا) من فندقهما صباح يوم الإثنين بعد حفل الزفاف، قاصدين بروفانس بالسيارة. أقمنا في فندق خمس نجوم داخل قرية صغيرة تقع على قمة تلّ واستطاعا أن يحجزا مكان إقامة رائع عبر "إير بي أن بي" يبعد عنا مسافة قريبة سيراً على الأقدام. دعوناهما لتناول الغداء عند وصولنا، وكان الفندق بغاية اللطافة بشأن السماح لهما بدخول المطعم والحانة ليلاً ومكان حوض السباحة خلال النهار". يبدو شهر العسل مع الأصدقاء، وفق وصف ماري-كلير، رحلة خيالية مثالية. لكن للموضوع جانباً عملياً كذلك، فالزوجان كانا في جنوب فرنسا أساساً. وربما ينبع شيوع فكرة شهر العسل مع الأصدقاء من زيادة عدد حفلات الزفاف في الخارج، بدل أن يعكس رغبة معاصرة في تبني الأفكار غير التقليدية. وتشير الخبيرة في تنظيم حفلات الزفاف في الخارج تشيلسي هارغريفز "تعتبر نزعة شهر العسل مع الأصدقاء عادة أكثر شيوعاً في حال حفلات الزفاف التي تُقام خارج البلاد مما هي عليه في حفلات الزفاف التي تُقام داخل المملكة المتحدة إجمالاً لأن الزوجين والأصدقاء موجودون أساساً في الخارج". وتضرب مثال الأعراس التي نظمتها في سانتوريني "إن جزيرة ميكونوس قريبة جداً ومناسبة للمجموعات وهذه بالتالي الطريقة المثالية لمواصلة حماسة الزفاف". على سبيل المثال كذلك، بعد زفافهما في فرنسا في أغسطس (آب)، سافر نجما برنامج عازب في الجنة Bachelor in Paradise هانا غودوين وديلان باربور إلى ميكونوس برفقة 13 صديقاً. وقالت غودوين لصحيفة "نيويورك تايمز"، "بما أننا عقدنا زفافنا في الخارج أساساً، خطر لنا أنه 'بما أنّ أصدقاءنا المقرّبين موجودون في أوروبا بالفعل، فلم لا نستمر بالاحتفال؟".        

لا يمكن استخدام الجغرافيا حجة لتفسير كل حالات قضاء شهر العسل برفقة الأصدقاء- فبعض الأزواج الجدد مستعدون "للاستمرار بالاحتفال" مهما بعدت المسافة. بعد زفافهما في إيرلندا في أغسطس الماضي، سافرت كلير يلاند وزوجها أيضاً برفقة ثنائي آخر. وتقول كلير "قضينا ما سميناه شهر المرح". قررت مع شريكها ألا يقضيا "شهر العسل الكبير" قبل العام 2025، لكنهما أرادا قضاء شهر عسل مصغّر في هذه الأثناء. واستقرّ رأيهما على مكان قصداه قبلاً: فندق هيلتون في دالامان، تركيا. خلال زيارتهما الأخيرة للمكان، كانا برفقة صديقيهما دونا وفيل. وتقول كلير "خرجنا في إحدى الليالي، وكان انطباعنا أن الزيارة لن تكون بنفس النكهة من دونهما، لذلك حجزا مكاناً معنا".

على غرار ما حدث مع ماري-كلير، اكتشفت كلير أن الأصدقاء والعائلة قابلوا مخططها "بنظرات مصدومة". وتقول "أعتقد أن الآخرين لم يستوعبوا فكرة عدم ذهابنا وحدنا. كانت مشاهدة ردود أفعال الناس مثيرة للضحك، بعد أن أخبرناهم أننا نقضي شهر العسل، فيما أخذوا يحاولون استيعاب طبيعة العلاقات بين المجموعة".

من يمكنه أن يلومهم فعلياً؟ تقول جورجينا ستارمر، المعالجة النفسية العضو في الرابطة البريطانية للاستشارات والعلاج النفسي "تحيط بـ'شهر العسل مع الأصدقاء' دينامية اجتماعية معقدة. فهو ليس شهر عسل فعلياً ولا عطلة بشكل تام"، وتشير إلى أن هذه الدينامية تثير التساؤلات "هل سيشعر الثنائي بالتحرر بسبب استمتاعهما مع الأصدقاء؟ هل سيشعران بالندم على تفويت فرصة قضاء وقت مميّز وحدهما، كما يحصل خلال شهر العسل، وعدم قضاء وقت في التعافي من إرهاق الزفاف؟ هل سيشعران بأنهما مضطران لاستضافة الآخرين أو الدفع مقابل بعض أجزاء الرحلة كاملة؟".

كانت مشاهدة ردود أفعال الناس مثيرة للضحك، بعد أن أخبرناهم أننا نقضي شهر العسل، فيما أخذوا يحاولون استيعاب طبيعة العلاقات بين المجموعة".

بسبب وجود كل هذه الاحتمالات، تعتقد ستارمر بأنه من المهم التفكير في الدوافع وراء قضاء شهر العسل مع الأصدقاء. وتقول "ربما يريد الثنائي السعيد الابتعاد عن التقاليد والأعراف، وربما يشعران بأن قضاء شهر العسل مع الأصدقاء يعكس هيكلية صداقاتهما وحياتهما الاجتماعية. قد يُنظر إلى الموضوع على أنه جزء لا يتجزأ من احتفالات الزفاف أو فرصة أخيرة لقضاء عطلة كبيرة مع الأصدقاء". لكن يساور ستارمر بعض القلق كذلك. وتشرح "ربما يشير 'شهر العسل مع الأصدقاء' إلى عدم الاستعداد للابتعاد عن الحرية الشبابية بقضاء عطلة مع الأصدقاء. وربما يشعر الثنائي بالخوف من أنهما قد يصابا بالملل أو الانزعاج من بعضهما البعض في حال قضاء العطلة وحدهما". لا شك طبعاً في أن هذه النقطة تشكل "علامة إنذار (كبيرة) محتملة". وترى ستارمر أن "الزوجين قد يرغبان بالبحث أكثر قبل القيام بمخططات ودفع عربون".   

تطرح بوير هواجس مشابهة على بساط البحث، فتقول "إحدى دواعي القلق التي تساورني بشأن شهر العسل مع الأصدقاء تتعلق بالثنائي الذي لا تربطه علاقة متينة ببعضه البعض بعيداً من المجموعة. عندما يكونان وحدهما ولا يستمتعان بصحبة بعضهما البعض بقدر استمتاعهما بصحبة الآخرين، فمن الضروري أن يتحدثا عن هذا الموضوع". عادة ما يتيح شهر العسل الفرصة لزوجين جدد بأن يمنحا بعضهما الانتباه الكامل. وتقول بوير "عندما تكون برفقة الأًصدقاء، قد يشعر الزوج الجديد بأن موقعه ثانوي، ويأتي بعد المجموعة، وليس لديكما الفرصة الكافية للقيام بنشاطات شهر العسل التقليدية".

ببساطة، حتى لو رغبت باصطحاب أصدقائك في شهر العسل، قد يكون من الأفضل ألا يشاركوك الفترة كاملة. وهذه نقطة يدركها معظم من يقضون شهر العسل مع الأصدقاء. في حالة ماري-كلير، لم ينضم إليها صديقاها سوى خلال أول يومين من الرحلة، قبل أن تنتقل من فرنسا إلى صقلية برفقة زوجها الجديد. أما كلير وشريكها فقد عكسا هذا الترتيب "قضينا خمسة أيام وحدنا قبل أن تنضم إلينا دونا مع فيل لقضاء الأيام الخمسة المتبقية". كان هذا التوازن المثالي بالنسبة إليهما. وتضيف كلير "استمتعنا كثيراً. تمكنت من الاستمتاع بأول خمسة أيام مع ليون ثم كان من الجميل أن ينضم إلينا أصدقاء نضحك بصحبتهم". ولا شك أن هذا التدبير كانت له ميزاته الحسنة- اختار أصدقاء كلير حزمة شهر العسل "فحصلا على ميزات شهر العسل مع أنهما متزوجان منذ سنوات طويلة". وتمكنا من القيام بأمور لم تكن لتتاح لهما كزوجين فحسب. وتقول كلير "استأجرنا يختاً ليوم كامل وأبحرنا على متنه، نحن الأربعة. حصلت ودونا على وشوم غريبة في إحدى الليالي كذكرى عن الرحلة، ولم نُزلها بالليزر بعد. بكينا من الضحك في بعض الأيام".

وتتابع ماري-كلير "أنا ممتنة لأننا قضينا أسبوعين بعدها وحدنا خلال شهر العسل، لكنني لن أرغب بتغيير شهر العسل مع الأصدقاء أبداً. أنا أنصح بذلك كلياً. كان أفضل علاج لكآبة ما بعد الزفاف، لأنك عادة تنتقل من عطلة أسبوع كاملة برفقة كل من تحبّهم إلى قضاء الوقت وحدك". لكن ما حصل أنهما دخلا حياة الزوجية بشكل ألطف "وكان برفقتنا صديقين مقرّبين يمكننا التحدث معهما عن الزفاف" كما تضيف ماري-كلير "كان ذلك رائعاً".

ربما يكون أكثر الأمور مدعاة للمفاجأة هو مدى استمرار فكرة شهر العسل التقليدي. وتلفت كلارا زيلروث وهليغا جونسون ويريندال، المعالجتان النفسيتان المختصتان بعلاج الأزواج ومؤسستا تطبيق علاج الأزواج آلي Ally "تغير نمط العلاقات بسرعة خلال العقود الأخيرة"، وتضيفان أن "عدداً أكبر من الأزواج يختارون العيش معاً قبل الزواج ويتزوجون في مرحلة أكثر تقدماً من العمر ويرتبطون بفترة خطوبة أطول".

وبالنسبة إلى الأزواج الذين قضوا فترة طويلة معاً وسافروا معاً قبل ذلك، قد يبدو السفر مع الأصدقاء أمراً جديداً وممتعاً ولا يُنسى. كما أنه يجب احتساب الزيجات الثانية والثالثة والرابعة والعائلات المختلطة. قبل أن تبرز نزعة شهر العسل مع الأصدقاء على "تيك توك"، حصلت على ختم الموافقة من شركة غوب. في عام 2019، ظهرت غوينيث بالترو على برنامج حوار أميركي حيث كشفت أن حفل زفافها بالمنتج براد فالشوك تبعه "شهر عسل عائلي كبير" بصحبة أطفال كل منهما وزوج بالترو السابق، كريس مارتن. وقالت بالترو "إذاً كنا زوجي الجديد وأطفاله، وأطفالي، وزوجي السابق، وأصدقاء عائلتنا المقرّبين". عادة، ربما من الأفضل تجنّب أي شيء تؤيده غوينيث من ناحية الأمان والسلامة (أتذكرون شموع الفرج المتفجرة؟)، لكنها قد تكون محقة في هذه النقطة. إن كانت عائلتكم مختلطة وعصرية، فلمَ لا تقضون شهر عسل عصرياً كذلك؟ 

وتقول زيليروث "قد يرى بعض الأزواج أن اكتشاف العالم برفقة أقرب الأصدقاء يناسبهم أكثر من السفر كثنائي". في نهاية المطاف، يجب أن يكون شهر العسل شأنه شأن أي جزء آخر من العلاقة- أي أنه على الأشخاص المعنيين به أن يقرروه ويستمتعوا به من دون أحكام خارجية. كما تقول جونسون وينيردال "لدى الأزواج حرية الاحتفال بشهر عسلهم بالطريقة التي تناسبهم، من دون الشعور بأنهم مضطرون للتكيف مع التوقعات الاجتماعية".

من السهل أن تفهم جاذبية السفر برفقة مجموعة- سواء من أجل تخفيض التكاليف أو قضاء وقت ثمين برفقة أشخاص تحبهم. قريباً، قد يصبح الاستهجان والصدمة شيئاً من الماضي. وتقول بوير "أتوقع أن يكبر الميل نحو قضاء شهر العسل برفقة الأصدقاء. فطالما الزوجان ملتزمان بالعلاقة ويخصصان بعض الوقت الثمين لقضائه وحدهما، أعتقد بأن شهر العسل برفقة الأصدقاء اتجاه ممتع يجب أن يستمر". 

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من منوعات