Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

روبوتات بقدمين ومكانس ذكية... هل نشهد نهاية الأعمال المنزلية؟

يبدو منزل المستقبل المدعوم بأجهزة معززة بالذكاء الاصطناعي بيتاً مثالياً تتولى فيه أجهزة آلية لطيفة جميع أشغالنا، لكن الواقع قد لا يكون سعيداً جداً

غيرت الروبوتات الطريقة التي نفكر بها في الأعمال المنزلية بشكل كبير ومن المرجح أن تفعل ذلك بشكل أكبر في السنوات القادمة (أ ف ب/ غيتي)

ملخص

أحدثت الروبوتات تحولاً شديداً في طريقة تفكيرنا تجاه الأعمال المنزلية، ومن الوارد أن يتعاظم تأثيرها هذا في السنوات المقبلة

تستهلك الأعمال المنزلية أسابيع عدة من وقتنا سنوياً. والآن، تباع الملايين من الروبوتات المصممة على إنجاز هذه المهام، من بينها مثلاً الأجهزة التي تنظف أرضياتنا آلياً، وهي من المرجح أن تواصل نموها.

ولكن، مع ذلك، في تصوراتنا العامة للدور المتزايد الذي تلعبه الروبوتات في حياتنا، بالكاد نتطرق إلى تأثيرها في مستقبل العمل المنزلي. في المقابل، نشاهد ابتكارات روبوتية شبيهة بالكلاب ذات استخدام عسكري تتحرك بتثاقل من إنتاج شركة "بوسطن ديناميكس"، أو نقرأ تكهنات لا متناهية حول التأثير المحتمل للروبوتات الجنسية الذكية على العلاقة الحميمة بين البشر.

لكن من المرجح أن يكون تأثير التكنولوجيا على منازلنا ثورياً بالقدر نفسه، إن لم يكن مدمراً أو في غاية الإثارة. في الحقيقة، لقد أحدثت الروبوتات بالفعل تحولاً شديداً في طريقة تفكيرنا تجاه الأعمال المنزلية، ومن الوارد أن يتعاظم تأثيرها هذا في السنوات المقبلة. وسبق أن ترددت أصداء هذه التحولات خارج بيوتنا، مغيرة الطرق التي نعيش بها حياتنا.

لذا، فإن دخول المساعد المعزز بالذكاء الاصطناعي من إنتاج "أل جي" LG إلى "معرض الإلكترونيات الاستهلاكية" [الذي يعرض فيه نماذج من المنتجات المتقدمة للشركات ويعلن عن منتجات مستقبلية] هذا الأسبوع، يشكل جزءاً من تحول كبير جداً تشهده منازلنا. يبدو المساعد الذكي متواضعاً: تراه في حجم لعبة محشوة تقريباً، وفي مقدوره التجول حول المنزل على قدمين مزودتين بعجلتين في أسفلهما، مستخدماً كاميرات وأجهزة استشعار ومهارات أخرى ليس فقط للمراقبة وإنما لإدارة المنزل أيضاً (لم تطلق الشركة اسماً فعلياً على هذا النظام الذكي، مكتفية بالإشارة إليه فقط باسم "عميل الذكاء الاصطناعي للمنزل الذكي من "أل جي" LG’s smart home AI agent).

أحدث ابتكارات "أل جي"، بمظهرها المتواضع الذي يتميز بعيون دائرية بيضاء وجسم مدمج، قد لا يبدو للوهلة الأولى وكأنه إنجاز ثوري. ومع ذلك، فإن الشركة المصنعة تعتبره خطوة مهمة إلى الأمام. وشددت الشركة في إعلانها على أن هذا النظام "يهدف إلى تحرير المستخدمين من الأعمال المنزلية" و"مساعدة العملاء في الانخراط بتجربة عيش أكثر ذكاءً وأكثر متعة في المنزل". بناء عليه، يعتبر خطوة نحو "المنزل الخالي من العمل" الذي تروج له. وتذكر "أل جي" أن الروبوت الصغير المنحني يحقق حلم التخلص تماماً من الأعمال المنزلية.

 

في الوقت الحاضر، يبقى [التخلص من الأعمال المنزلية] حلماً في الغالب. ولعل الروبوت المنزلي الأكثر شهرة حتى الآن هو "رومبا" Roomba من ابتكار شركة "أي روبوت" iRobot، والذي بيع من هذه المكانس الكهربائية الآلية ما يربو على 40 مليون جهاز، بعيد من أن تكون عنصراً شائعاً في المنازل. أحد الأسباب هو كلفتها المرتفعة، وليس مستبعداً أن ترتفع أكثر إذا ما انتظر الناس منه النهوض بمجموعة متنوعة من المهام. كل ما على "رومبا" القيام به هو السير والكنس وشفط الأوساخ والغبار، ولكن شركات من قبيل "تيسلا" وعدت بإنتاج آلات متطورة أكثر تصل كلفة الواحدة منها حتى عشرات الآلاف من الدولارات نظراً إلى الخصائص المعقدة التي تتسم بها.

قد يكون تصوير "أل جي" رؤيتها تجاه "منزل خال من الأعمال" متفائلاً إلى حد ما، حيث تفترض أن كل شيء يعمل بشكل لا تشوبه شائبة، وهو ما لا يحدث في كثير من الأحيان. في الواقع، يمكن أن يكون الوضع الحالي للمنازل الذكية محفوفاً بالمضاعفات: كثيراً ما يواجه المستخدمون مشكلات مثل عدم توافق الأجهزة المنزلية الذكية مع بعض المساعدين الصوتيين أو مشكلات الاتصال التي تعطل وظائفهم. من ثم بدلاً من التخلص تماماً من المهام المنزلية، قد نستبدل مجموعة واحدة من المهام بأخرى. قد يعني هذا قضاء وقت أقل في المهام التقليدية مثل التنظيف بالمكنسة الكهربائية، ومزيد من الوقت في التعامل مع المشكلات التكنولوجية، مثل إعادة ضبط أجهزة التوجيه لاستعادة الاتصال بالإنترنت.

إذا ما تحققت الرؤية الطموحة التي تعد شركات التكنولوجيا والروبوتات بها، ووجدنا أنفسنا محاطين بروبوتات أشبه بالبشرhumanoid robots بوسعها أن تؤدي جميع مهامنا المنزلية، فمن الممكن أن تحدث ثورة في حياتنا اليومية. على رغم التقدم الذي تم إحرازه بالفعل مع الأجهزة مثل غسالات الأطباق والغسالات، فإن الأعمال المنزلية لا تزال تستهلك ساعات عدة كل أسبوع. إضافة إلى ذلك، هناك اختلال ملحوظ في كيفية تقسيم هذه المهام، إذ تتحمل النساء في كثير من الأحيان العبء الأكبر من عبء العمل هذا. إن وصول الروبوتات القادرة على أداء هذه الأعمال المنزلية يمكن أن يغير هذه الديناميكية بصورة كبيرة ويعيد تشكيل مشهد الأعمال المنزلية.

في الواقع، سبق أن شهدنا تغيرات كبيرة من هذا النوع. وجدت دراسة نشرت في عام 2008 أن تراجع أسعار الأجهزة المنزلية وتوافرها المتزايد أسهما في انضمام المرأة إلى القوى العاملة: تبين أن 10 إلى 15 في المئة تقريباً من الزيادة في مشاركة المرأة في القوى العاملة بين عامي 1975 و1999 تعزى إلى غسالات الملابس وأجهزة منزلية أخرى.

وهذه المرة، من الوارد أن يتراجع حجم وقت تتطلبه الأعمال المنزلية بنسبة 40 في المئة، وفق بحث نهضت به "جامعة أكسفورد" نشر العام الماضي. والأعمال المحددة التي ستخضع للأتمتة تتفاوت بسرعة كبيرة. على سبيل المثال، توقع الخبراء أن يتراجع التسوق بنسبة 60 في المئة، في حين ستتراجع رعاية الأطفال الجسدية بنسبة 21 في المئة فقط. ومع ذلك، تشير نتائج هذا البحث إلى أن تأثير هذه التطورات على الأعمال المنزلية يمكن أن يكون كبيراً، حتى في غضون فترة لا تزيد على عقد من الزمن.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

حتى في تلك الدراسة ذات النظرة المستقبلية، أظهرت التوقعات أن تجاربنا في الأعمال المنزلية وتوقعاتنا في شأنها كانت متناقضة بصورة كبيرة. فعلى سبيل المثال، اعتقد المشاركون اليابانيون أن التراجع فيها سيكون قليلاً، ولكن الأبرز أن الرجال توقعوا أن يترك ذلك التراجع تأثيراً ضئيلاً.

ربما تكون تلك الإجابات في جزء منها استخفاف الرجال عموماً بالحجم الحالي للعمل المنزلي. تعد هذه الفجوة في الإدراك أمراً بالغ الأهمية لأن معظم الباحثين في مجال الذكاء الاصطناعي هم من الرجال. وإذا قللوا من قيمة الفوائد المحتملة للمنزل الآلي، فقد يقللون من أولوية تطوير مثل هذه التقنيات.

كذلك أشار الباحثون الذين تولوا هذه الدراسة إلى أن الثورة التكنولوجية التي تجتاح بيوتنا لا تقتصر على الروبوتات والأضواء الذكية: فالابتكارات التكنولوجية الأخرى مثل التسوق الإلكتروني، والتدريس عبر الإنترنت، تعمل أيضاً على تغيير حياتنا المنزلية بصورة كبيرة. ولكن كثيراً من هذه الأنظمة لا تقلل بالضرورة من حجم العمل بقدر ما تجعله غير مرئي. لعل طلب العشاء بواسطة تطبيق رقمي لتوصيله يقلص الأعمال التي نأخذ مجراها في البيت، مثلاً، ولكنه في المقابل يستلزم شبكة واسعة [غير مرئية] من العمال.

تبرز الخصوصية باعتبارها مصدر قلق كبير في المنازل الذكية المتصلة بشبكة الإنترنت، إذ تتمتع أجهزة ذكية كثيرة تدعمه بإمكانية الوصول إلى لحظاتنا الأكثر حميمية. في الآونة الأخيرة، مثلاً، تبين أن صوراً التقطتها كاميرا المكنسة الكهربائية الروبوتية "رومبا" [المتصلة بشبكة الإنترنت]، من بينها صورة امرأة تستخدم المرحاض، قد وجدت طريقها إلى صفحات الإنترنت، وقالت الشركة إن الأشخاص الذين ظهروا في تلك الصور كانوا أبدوا موافقتهم على جمع البيانات، موضحة أنهم كانوا يشاركون في اختبارات معينة تجريها. ولكن أقله كانت تلك الواقعة بمثابة تذكير بالقدرة الكبيرة لتلك الأجهزة على التطفل على خصوصياتنا.

وليس مستبعداً أن تصبح هذه المخاوف في شأن الخصوصية أعمق وأكثر انتشاراً مع ازدياد أعداد الأجهزة الذكية في منازلنا. على سبيل المثال لا الحصر، يتجول روبوت شركة "أل جي" في مختلف أرجاء المنزل كي يطمئن على حيواناتك الأليفة ويحرس أمنك، ولكنه في النتيجة سيكون قادراً أيضاً على رؤية الأجزاء الأكثر تفصيلاً في بيتك. علاوة على ذلك، فإن الاعتماد المتزايد على الذكاء الاصطناعي، الذي يتطلب جمع بيانات ضخمة، يزيد من حدة هذه المخاوف، إذ أصبحت الحاجة إلى جمع البيانات أكثر أهمية.

ولكن مع ذلك، يبدو أن المستهلكين سعداء جداً بأن يستقبلوا في مساحاتهم المنزلية الآلات الذكية القادرة على جمع البيانات. غالباً ما يعبر الناشطون في مجال الخصوصية عن مخاوفهم في شأن المساعدات الذكية مثل "أليكسا" Alexa والأسلاك المزودة بالميكروفونات اللازمة لتشغيلها في منازلنا، غير أن الناس اعتمدوها بأعداد كبيرة. وأصبحت مشاركة مقاطع فيديو مأخوذة بواسطة منتج آخر من "أمازون"، هو "كاميرات جرس الباب" من إنتاج شركة "رينغ"، شائعة جداً إلى درجة أنها صارت بحد ذاتها نوعاً من المقاطع المصورة المنتشرة عبر الإنترنت، ولكنها تثير بعض القلق في شأن ما إذا كان صحيحاً أن الأشخاص الذين يطرقون الباب قد وافقوا على تسجيل ظهورهم في تلك الفيديوهات.

في المحصلة، يبدو المنزل الخالي من الأعمال أشبه ببيت مثالي، إذ يتولى أشغالنا كافة موظفون آليون يتسمون باللطف والالتزام. ولكن تتوارى خلف هذا المشهد مجموعة من المخاوف الإنسانية جداً: انتهاك الخصوصية، وعدم مبالاتنا بالعمل المنزلي الذي تنجزه سواعد النساء خصوصاً، والعمل غير المرئي لسائقي توصيل الطلبات، والأشخاص وراء استمرارية تلك الروبوتات بالعمل. ربما يكون الروبوت ذو القدمين من ابتكار "أل جي" موجوداً هنا كي يؤذن بنوع جديد من المنازل، ولكن أسئلة كثيرة لا بد من طرحها حول السكان الذين سيعيشون فيه.

© The Independent

المزيد من علوم