Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

للسيارات الكهربائية فوائد بيئية لكنها قد ترهق أعصاب مالكيها

تكشف إحصاءات جديدة عن زيادة غير مسبوقة في مبيعات السيارات الكهربائية، لكن مقتنيها يشعرون بالإحباط بسبب نقص محطات الشحن السريع في المملكة المتحدة. كاتبة المقالة، وهي مالكة لسيارة كهربائية منذ ثلاثة أعوام، تعبر في هذا المقال عن استيائها من التطور البطيء

اشترت إليانور سيارتها الكهربائية قبل ثلاثة أعوام، لكن المزايا التي تستمتع بها أثناء القيادة في المدينة تتلاشى عندما تريد القيام برحلة طويلة (إليانور ميلز)

ملخص

ما يثير غضبي هو أن الحكومة تشجع الناس على استخدام السيارات الكهربائية لكنها لا تستثمر في البنية التحتية الأساسية، لضمان وصول سائقي المركبات الكهربائية إلى وجهاتهم بصورة موثوقة، عندما يحتاجون إلى ذلك

كيف كان عيد الميلاد بالنسبة إليكم؟ هل أمضيتم الجزء الأكبر من الأيام الـ 10الأخيرة في التنقل عبر شبكة طرق مزدحمة تنعدم الثقة بها أكثر فأكثر، من أجل زيارة عدد من الأقارب في أنحاء مختلفة من المملكة المتحدة؟ أو ربما وجدتم أنفسكم عالقين في ازدحام مروري خانق على إحدى الطرقات السريعة "أم 25" أو "أم 5" أو "أم 40" أو "أم 6" أو "أم 42" (اختر ما يناسبك منها). بغض النظر عن المسار الذي سلكته، فغالباً ما أصبحت عملية التنقل بطيئة ومملة، بحيث تطالعك دائماً "خرائط غوغل" بتنبيه مثل: "هناك تأخير لمدة 20 دقيقة، أنت تسلك الطريق الأسرع". وفي حين أن كثيراً منا يتشارك هذا الإحباط، إلا أن هناك معاناةً أخرى يمر بها بصورة خاصة الأفراد الذين يحاولون القيام بزيارات لأحبائهم مستخدمين سيارة كهربائية.

الأخبار الأخيرة التي ذكرت أن الحكومة فشلت على نحو كبير في تحقيق هدفها المتمثل في تركيب نقاط شحن للسيارات الكهربائية في محطات خدمة الطرق السريعة - حيث يجب أن تكون هناك ست على الأقل في كل محطة، لكن وفقاً لمؤسسة "راك" RAC [الشركة البريطانية لخدمات مساعدة السيارات في الطرقات]، فإن اثنتين فقط من كل خمس تمتلك نقاط الشحن في الوقت الراهن - قوبل بتنهدٍ جماعي في منزلي.

وهذا ليس مفاجئاً بالنسبة إلينا، أو إلى أي سائق سيارة كهربائية في المملكة المتحدة، حيث ما زالت البنية التحتية للشحن الكهربائي غير كافية وتفتقر إلى الكفاءة بلا شك. لدينا جميعاً تجارب تشهد على ذلك. خذ على سبيل المثال أحد أصدقائي الذي كان يقود سيارته من نوع "تيسلا" إلى اسكتلندا، ووصل إلى منطقة ويرال، ليجد أن جميع نقاط الشحن التابعة لـ "تيسلا" مشغولة أو معطلة، وأقربها كان في منطقة بريستون. وبعدما شق طريقه إلى هناك، اكتشف أن ثلاثة سائقين آخرين كانوا سبقوه وهم ينتظرون دورهم. وبسبب عدم رغبته في تحمل الانتظار لمدة ثلاث ساعات، تابع رحلته مع صديق له، تاركاً سيارته مركونة في المحطة طوال عطلة نهاية الأسبوع.

ولنأخذ الزيارة التي قمتُ بها في عيد الميلاد لزيارة والدة زوجي في مدينة برومسغروف. هي سيدة كبيرة في السن وتواجه صعوبة في المشي. قمنا بزيارتها في دار لرعاية المسنين بالسيارة، وخرجنا لتناول طعام الغداء معاً. كان الأمر بسيطاً على الدوام عندما كنا نستخدم سيارتنا القديمة من طراز "بي أم دبليو أكس 3"، حين كنتُ أقوم بالرحلة ما بين لندن وبرومسغروف في ما يزيد بقليل على ساعتين، والوقت نفسه في طريق العودة. لكن هذه السنة تغيرت الأمور. فسيارة "نيسان ليف" التي تعمل بالطاقة الكهربائية، والعزيزة علينا بعدما كنا قد اشتريناها قبل نحو ثلاثة أعوام، لديها حد أقصى من المسافة يزيد بقليل على 100 ميل (161 كيلومتراً، أو حتى أقل مع استخدام نظام التدفئة فيها أو خلال الأيام الباردة عندما تستهلك السيارات الكهربائية مزيداً من الطاقة). وهذا يعني أنه للوصول إلى برومسغروف، يتعين علينا التوقف وشحنها لمدة 45 دقيقة على الأقل في الطريق ذهاباً وإياباً، ما يحول الرحلة التي كانت تستغرق ساعتين ونصف الساعة إلى رحلة مدتها ثلاث ساعات ونصف الساعة، إذا ما حالفنا الحظ.

 

المشكلة أنه وبسبب عدم توافر كثير من نقاط الشحن، حتى على الطرق السريعة الرئيسة في بريطانيا، لن يكون مؤكداً ما إذا كنت ستستطيع شحن سيارتك حتى عند توقفك في المحطة. أتذكر الوقت الذي انطلقنا فيه عند الساعة السابعة صباحاً، ووصولنا إلى "محطة الخدمات في شيرويل فالي" Cherwell Valley Services بحلول الساعة الثامنة والنصف صباحاً، فقط لنكتشف أن المحطة المزودة بمركزٍ كهربائي متطور - نقطة شحن رئيسة، فائقة السرعة، ومدعومة باستثمار حكومي بقيمة 70 مليون جنيه استرليني- كانت مشغولة بالكامل. وعلى رغم وجود ما يقارب 10 أجهزة شحن سريعة، إلا أن جميعها كانت قيد الاستخدام (باستثناء اثنين كانا معطلين). وفي حين أننا انتظرنا دورنا بصبر، إلا أن الأمر استغرق أكثر من نصف ساعة لبدء عملية الشحن التي دامت بعد ذلك نحو ساعة. وما زاد في الطين بلة وفاقم الأمور، أن سائقاً آخر قام بفصل جهاز الشحن الذي كنا نستخدمه فجأة من دون إبلاغنا. ونتيجة لذلك، انتهى بنا الأمر بإضافة نحو ساعة ونصف إلى رحلة من المفترض أن تستغرق ساعتين ونصف الساعة. وكان ذلك في موقع يتضمن أجهزة شحن متعددة.

السيناريو السائد هو أسوأ بكثير. فعلى رغم الجهود التي بذلتها الحكومة وشركات تصنيع السيارات خلال الأعوام الأخيرة لتشجيعنا على قيادة سيارات كهربائية (إذ إن 20 في المئة من جميع مبيعات السيارات الجديدة كانت كهربائية في أغسطس (آب) عام 2023، وتعهدات الحكومة بالتخلص تدريجاً من جميع محركات الاحتراق الداخلي بحلول 2032، وفرض حظر على محركات الوقود الأحفوري بحلول 2050)، قد يتوقع سائق سيارة تعمل بالطاقة الكهربائية العثور على خيارات شحن مناسبة على الطرق السريعة في المملكة المتحدة. لكن لسوء الحظ، فإن الواقع ما زال دون تلك التوقعات.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

في معظم محطات الخدمة على الطريق السريع "أم 4"، يوجد شاحن كهربائي واحد أو اثنان لآلاف السيارات، بينما في بعض نقاط الخدمات على الطرق السريعة "أم 1" و"أم 6" و"إي 1 (أم)" لا توجد حتى الآن شواحن كهربائية على الإطلاق. هذه المشكلة ليست فريدة من نوعها، فقد أوردت مؤسسة "راك" لخدمات الطرقات أن من بين 119 موقعاً لمحطات الخدمة، 46 منها فقط لديها الحد الأدنى من أجهزة الشحن الستة التي وعدت الحكومة بتوفيرها بحلول ديسمبر (كانون الأول) عام 2023.

لكن ماذا يعني ذلك من الناحية العملية؟ في المحطة الأخيرة التي توقفنا فيها، وهي بمثابة مركز مهم يُعرف بـ"خدمات لي دولامار" Leigh Delamere Services ويقع شمال بريستول على الطريق السريع "أم 4"، كانت هناك ثلاث سيارات تعمل بالطاقة الكهربائية تنتظر دورها أمامنا للشحن، في حين لم يكن هناك سوى جهازين مُتاحين فقط، مما أدى إلى تقطع السبل بنا لأكثر من ساعتين. لحسن الحظ أن سيارتنا الكهربائية قديمة وتستخدم إصدار "تشاديمو" Chademo من الشواحن التي توقفت معظم السيارات الكهربائية عن استخدامها، مما سمح بفترة انتظار أقصر. ومع ذلك، لم يسعني إلا أن أشعر بتعاطف مع امرأة كانت تقود سيارة "جاكوار" كهربائية متوقفة إلى جوارنا. كانت بطارية سيارتها فارغة، وبحاجة لشاحن "سي سي أس" CCS، فيما كانت تواجه وضعاً صعباً إذ كان برفقتها طفلان صغيران يبكيان، وأمامها فترة انتظار لمدة ساعة في الأقل. هذه السيدة بعدما زارت أهل زوجها في مدينة باث، كانت تحاول العودة للندن وسط درجات حرارة متدنية جداً، مع أطفال متعبين، وهي غير قادرةٍ على المضي قدماً قبل أن تشحن بطارية سيارتها. فقمتُ بمعانقتها.

هيا يا ريشي - لقد حان الوقت. حان الوقت للاستثمار في البنية التحتية، ودعم أشخاص مثلنا يحاولون اتخاذ الخطوات الصحيحة من أجل الحفاظ على الكوكب والمستقبل

 

لا بد من الإشارة إلى أن هناك شعوراً قوياً بالتضامن بين معظم سائقي السيارات الكهربائية، مع استثناءات عرضية فقط. فموقف الشحن المثير للإحباط يُعَد أمراً مزعجاً على نحو خاص، لأنه يبدو بمثابة عقاب لنا على اتخاذ خيارات مسؤولة من الناحية البيئية. فقد اخترتُ قيادة سيارة كهربائية بسبب مخاوفي في شأن التغير المناخي وما سيؤول إليه الكوكب مستقبلاً بالنسبة إلى أطفالي. وعلى رغم الكلفة الإضافية الكبيرة للسيارة الخالية من الانبعاثات التي يزيد سعرها بنحو 15 ألف جنيه استرليني عن الطراز الذي يعمل بالبنزين، فإن نيتي كانت المساهمة في تقليل استهلاك الطاقة. ومع ذلك، فإنه من المحبط أن تتضاعف أوقات الرحلات التي يتعين علينا القيام بها، إلى حد أننا أحياناً نمازح أنفسنا بالقول إن السفر بعربة تجرها خيول، أو السير على الأقدام، ربما يكون أسرع.

باتريك شيريف، المستشار الخبير في المركبات الكهربائية، يشير إلى أن "المشكلة الأساسية تكمن في أن محطات خدمة الطرق السريعة غالباً ما تقع في مناطق نائية، وتفتقر إلى القدرة الكافية من الشبكة الوطنية، لدعم أجهزة الشحن الكهربائية المتعددة التي تتطلب طاقة كبيرة. وفيما أن هناك حاجة كبيرة للاستثمار في البنية التحتية وتحديث الشبكة، فإن الجهود التي تبذلها الحكومة لمعالجة هذه المشكلة غير كافية. ويبدو أنه، حتى لو جرى تحقيق هدف الحكومة المتمثل في توفير ستة أجهزة شحن سريعة للمركبات الكهربائية في كل محطة خدمة - وهو ما يُعتبر أمراً بعيد المنال - فلن يكون ذلك كافياً لحل المشكلة. وعند الأخذ في الاعتبار أن كل مضخة يمكنها شحن نحو 15 سيارة يومياً، فيما هناك آلاف المركبات الكهربائية التي تجوب الطرقات، فإن وجود ستة شواحن فقط لن يشكل حلاً ناجعاً".

 

ويرى بعض الخبراء أن إحدى العقبات الكبيرة التي تحول دون إحراز تقدم في هذا المجال، تكمن في الاحتكار الذي تحتفظ به شركة "غريدسيرف" Gridserve حتى عام 2026، والتي تدير غالبية محطات شحن السيارات الكهربائية على الطرقات السريعة. ومع عدم وجود ضغوط تنافسية، فلن يكون لديها حافز كبير للحفاظ على تقدمها والتعجيل في توسيع نطاق خدماتها. وتشير وجهة النظر السائدة في هذا القطاع، إلى أنه لن يتم التوصل إلى تطور حقيقي ما لم يُكسر هذا الاحتكار. ووفقاً لشيريف، فإن هناك "حاجة لإنشاء المئات من أجهزة الشحن السريع في محطات الخدمة على الطرق السريعة، لا بل شبكة شاملة وواسعة النطاق منها. وبينما تصب الشركات الكبرى استتثماراتها في هذا الاتجاه، فمن غير المرجح أن تبصر هذه الرؤية النور حتى عام 2030 في الأقل.

فماذا يفعل في هذه الأثناء أفراد مثلنا يحتاجون إلى أن يسافروا مسافات أطول من النطاق الراهن الذي تتيحه لهم سياراتهم الكهربائية؟ التحلي بالصبر على ما يبدو. أو ربما في حالتي، ومع ارتياد ابنتي لـ"جامعة مانشستر" (الأمر الذي يتطلب التوقف مرتين لشحن السيارة لمدة 45 دقيقة على الأقل في كل اتجاه، مما يعني أن الرحلة التي عادة ما تتطلب أربع ساعات في سيارة تقليدية، باتت تستغرق نحو سبع ساعات بواسطة سيارة كهربائية، حتى لو كان الشحن ممكناً على الفور)، فقد لجأت إلى استعارة شاحنة أخي التي تعمل بالبنزين لأخذها إلى هناك وإعادتها مع أمتعتها. وهذا ليس بالضبط سبباً يشجع على شراء سيارة كهربائية!

في الواقع أجد نفسي محبطة لأنني أحب سيارتي "نيسان ليف". إنها هادئة ورائعة، إلى جانب تمتعها بميزة التسارع التي تجعلها ممتعة، وتتفوق حتى على سيارات "بورشه" والدراجات النارية عند الإقلاع على إشارات المرور. هناك مزايا كبيرة أخرى، خصوصاً أننا نعيش في منطقة الانبعاثات المنخفضة جداً في وسط لندن ULEZ (حيث تكلفنا قيادة سيارتي من طراز "بي أم دبليو" القديمة 12.50 جنيه استرليني في اليوم). فنحن الآن لا ندفع أي رسوم ازدحام، ويمكننا ركن سيارتنا طوال اليوم في منطقة ويستمنستر لقاء رسم لمدة 10 دقائق فقط. ومن السهل شحن طرازات "ليف" خلال فترة الليل على عمود إنارة للشحن خارج منزلي، وإذا ذهبنا إلى الإقامة مع العائلة أو الأصدقاء، فيمكننا توصيلها بمصدر الطاقة المنزلي الخاص بهم (نعم، نحن ندفع لهم مقابل الكهرباء). إلا أن الحماسة تتضاءل عندما يكون عليك السفر لمسافة تزيد على 100 ميل (161 كيلومتراً).

ما يثير غضبي هو أن الحكومة تشجع الناس على استخدام السيارات الكهربائية - مما أسهم في جعل بريطانيا أول دولة في "مجموعة الـ 20" G20 التي تخفض انبعاثاتها الكربونية إلى النصف - لكنها لا تستثمر في البنية التحتية الأساسية، لضمان وصول سائقي المركبات الكهربائية إلى وجهاتهم بصورة موثوقة، عندما يحتاجون إلى ذلك. سُئلت ذات يوم عما إذا كنت نادمة على شراء سيارتي من طراز "ليف"، فكان جوابي: "أحياناً". من المؤكد أنني ما كنت لأقتني سيارة مثلها، لو كان لدي أطفال صغار أو كنتُ مضطرة إلى القيادة لمسافات تزيد على 100 ميل بصورة منتظمة.

لذا هيا يا ريشي - لقد حان الوقت. حان الوقت للاستثمار في البنية التحتية، ودعم أشخاص مثلنا يحاولون اتخاذ الخطوات الصحيحة من أجل الحفاظ على الكوكب والمستقبل. عندما اشتريتُ سيارتي قبل نحو ثلاثة أعوام، اعتقدتُ بأن أجهزة الشحن ستكون متاحة وسهلة على نطاق واسع على الطرق السريعة. لكن الواقع هو أن الأمر يزداد سوءاً. ساعدنا، لو سمحت!

© The Independent

المزيد من علوم