Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل تنخفض كلف السيارات الكهربائية؟ 

الطلب على الطاقة يزداد في كل الاقتصادات الناشئة والبلاد النامية

خفض الأسعار لا يعني بالضرورة خفض الكلف (رويترز)

ملخص

الطلب العالمي على الطاقة في ازدياد مستمر وبمعدلات عالية، لهذا فنحن في حاجة إلى كل مصادر الطاقة، كما أننا في حاجة إلى كل تقنيات المواصلات بما في ذلك السيارات الكهربائية

أجد نفسي مضطراً إلى تكرار ما كتبته سابقاً في كل مرة أكتب فيها عن الطاقة المتجددة أو السيارات الكهربائية.

الطلب العالمي على الطاقة في ازدياد مستمر وبمعدلات عالية، لهذا فنحن في حاجة إلى كل مصادر الطاقة، بما في ذلك الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والطاقة الجوفية والنووية، ونحن في حاجة إلى كل أنواع التقنية لزيادة الكفاءة في استخراج الطاقة واستخدامها، كما أننا في حاجة إلى كل تقنيات المواصلات، بما في ذلك السيارات الكهربائية. وبغض النظر عن موضوع التغير المناخي، تعاني المدن الكبرى مستويات تلوث عالية تؤدي إلى أمراض عديدة، وتؤثر في الصحة العامة وترفع الكلف بشكل كبير، من ثم فهناك حاجة ماسة إلى إعادة تخطيط مراكز المدن من جهة، واستخدام تقنيات مواصلات من دون أية انبعاثات من جهة أخرى. 

الذي أعارضه بشدة هو عدد من سياسات التغير المناخي غير المنطقية والمكلفة، والتي تعيد توزيع الموارد بطريقة مضرة للأجيال الحالية والمستقبلية، ومنها أن يقوم السياسي باختيار سيارتي أو يتبنى سياسات تغرق البلد في ديون لأجيال قادمة. 

الطلب على الطاقة يزداد في كل الاقتصادات الناشئة والبلاد النامية. هذا يعني أن أي توسع في الطاقة الشمسية وطاقة الرياح يكفي بالكاد لمقابلة الطلب المتزايد على الطاقة، من ثم فإن عملية إحلال الطاقة المتجددة محل النفط والغاز والفحم لن تتحقق، ولهذا فإن الطلب على هذه المصادر الثلاثة سيستمر، والحديث عن تحقيق الحياد الكربوني بحلول 2050 أو 2060 يعد ضرباً من الخيال. 

السيارات الكهربائية

سبب موضوع اليوم هو الأخبار المتتالية والصادمة عن السيارات الكهربائية. وهذه خمسة عناوين في الأيام الأخيرة: 

1- شركة "نيو" الصينية تخسر 35 ألف دولار على كل سيارة تبيعها ("فورد" و"ريفيان" تحققان خسائر قريبة من هذا الرقم أيضاً).

2- سهم شركة "ريفيان" ينخفض لأن إيراداتها أقل من المتوقع على رغم زيادة المبيعات، ولأن كلفها ارتفعت، كما أن السهم انخفض 50 في خلال 12 شهراً الماضية. 

3- شركة "جي أم" تبيع 18 شاحنة كهربائية في الربع الثالث من 2023 (نعم، ليس هناك خطأ، 18 شاحنة)، والسعر يبدأ من 105 آلاف دولار (نحو 400 ألف ريال سعودي). 

4- مصنع "باناسونيك" للبطاريات الكهربائية في ولاية كنساس يعتمد على واحدة من أكبر محطات الكهرباء العاملة بالفحم في الولاية.

5- الحكومة الألمانية تسمح لشركتي كهرباء بإعادة تشغيل محطات فحم لتجنب أزمة طاقة في الشتاء المقبل. هذا يعني أن جزءاً من السيارات الكهربائية في ألمانيا سيعتمد على الفحم المشهور بانبعاثات ثاني أكسيد الكربون. 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


 
إذا كانت هذه الأخبار غير صادمة بما فيه الكفاية، فهذا مزيد من المعلومات: الإعانات التي تقدمها الحكومة الألمانية لكل سيارة كهربائية تساوي خمسة أضعاف دخل الفرد بالسنة في جمهورية الكونغو الديمقراطية، وهي البلد الذي ينتج غالب الكوبالت المستخدم في بطاريات السيارات الكهربائية. وإذا تم تحويل كل السيارات في دول الاتحاد الأوروبي إلى سيارات كهربائية، فإن هذا يخفض انبعاثات الكربون العالمية بمقدار اثنين في المئة فقط. هذا يعني أنه بعد إنفاق تريليونات من اليورو يبقى التأثير في التغير المناخي لا يذكر. 

أزمة الكلف

غالب من اشترى السيارات الكهربائية في البداية لم يشترها لأسباب اقتصادية لأنه لا يمكن على الإطلاق تسويغ ذلك اقتصادياً. الذين اشتروها هم من فئات معينة ذات دخل لا يقل عن مستوى معين، مهتمون بالبيئة ومحسوبون على اليسار سياسياً. جزء ممن اشترى لاحقاً حاول الاستفادة من الإعانات الحكومية السخية ومن الفوائد الأخرى التي تقدمها الحكومات الفيدرالية والمحلية مثل القيادة على الخط السريع أو الطرق المخصصة للحافلات والمواقف المجانية والشحن المجاني. المشكلة أن الكلفة الحقيقية لكل سيارة كهربائية أكبر بكثير من سعرها في السوق. هذا يعني أن المجتمع يدفع الثمن المرتفع على كل الحالات.
 
وعلى رغم خفض أسعار بعض المواد اللازمة للبطاريات مثل الليثيوم فإن الكلف ترتفع، وأسعار السيارات الكهربائية ترتفع. وخفض "تيسلا" الأخيرة جاء بعد رفع الأسعار مرات عدة. ويتوقع أن ترتفع الكلف (كما ذكر سابقاً، السعر في السوق قد يكون أقل من الكلف)، وذلك للأسباب التالية:

1- ارتفاع ضخم ومستمر في كلف التأمين. أوقفت أخيراً شركة تأمين بريطانية التأمين على السيارات الكهربائية، ورفضت تجديد بوالص التأمين التي انتهت أخيراً بسبب الارتفاع الكبير في كلف إصلاح السيارات الكهربائية الناتجة من حوادث تصادم. كما رفعت شركات أخرى التأمين على السيارات الكهربائية لدرجة أن بعضها تجاوز سبعة آلاف دولار سنوياً، ويتوقع أن يرتفع أكثر مع نهاية العام. حالياً أعلى كلف تأمين في الولايات المتحدة كلها للسيارات الكهربائية. باختصار، أية وفورات من كلف الصيانة أو الإعانات الحكومية ستحول لشركات التأمين، وشركات التأمين لن تستفيد منها لأنها ستدفعها تعويضاً لكلف الحوادث. 

2- إضراب نقابات عمال صناعة السيارات الأميركية يعني بالضرورة ارتفاع الكلف، لكن أهم تطور حصل الجمعة الماضي هو موافقة شركة "جنرال موتورز" على أن تشمل المنافع التي يحصل عليها عمال النقابات وموظفو مصانع السيارات الكهربائية، بما في ذلك صناعة البطاريات، وهذا يشمل المصانع المشتركة بينها وبين الشركات الأجنبية اليابانية والكورية، وهذا يعني ارتفاعاً كبيراً ومباشراً في كلف البطاريات، ومن ثم كلف السيارات الكهربائية. 

3- قيام عديد من الحكومات، بما في ذلك حكومات الولايات المتحدة، بفرض ضرائب إضافية سنوية على السيارات الكهربائية للتعويض عن خسائر الضرائب المفروضة على البنزين والديزل. 

4- قيام بعض الحكومات بتغيير نظام الضرائب على الوقود وفرض الضرائب على عدد الأميال أو الكيلومترات، بحيث يشمل السيارات الكهربائية. سابقاً لم يدفع مالكو السيارات الكهربائية هذه الضرائب. المشكلة هنا أنه تم تاريخياً دفع هذه الضرائب عند شراء البنزين، ومن ثم فإن عقلية المشتري مربوطة بفكرة الشراء. هنا سيكون الأثر النفسي مختلفاً لأن الدفع مباشرة للحكومة كضرائب طرق. ومن المتوقع أن تتحول كل الولايات الأميركية وكثير من الدول الأوروبية لهذا النوع من الضرائب. 

5- فرض دول الاتحاد الأوروبي ضرائب الكربون على كل الواردات سيرفع كلف السيارات الكهربائية لأن كمية الكربون فيها كبيرة، بخاصة في عملية تصنيع البطاريات. هذه الضرائب لم تكن موجودة سابقاً.

6- السماح بالتنقيب عن الليثيوم وبعض المعادن اللازمة للتحول الطاقي في الولايات المتحدة وكندا وبعض الدول الأوروبية يعني بالضرورة ارتفاع الكلف بسبب القوانين البيئية الصارمة من جهة، وارتفاع الأجور مقارنة بالدول الأفريقية ودول أميركا اللاتينية والصين من جهة أخرى. 

خلاصة الأمر، هناك عديد من الأمور التي ستحد من نمو السيارات الكهربائية مستقبلاً، ذكر بعضها في مقالات سابقة، إضافة إلى ما ذكر أعلاه. وأذكر مرة أخرى بأن خفض الأسعار لا يعني بالضرورة خفض الكلف، وأن غالب "العربات الكهربائية" في الهند هي دراجات نارية بعجلتين أو ثلاث، وأن عديداً من السيارات الكهربائية تشبه سيارات "سوزوكي 2 سلندر". لهذا فإن أثرها في خفض الطلب العالمي على النفط ضعيف.

اقرأ المزيد

المزيد من آراء