Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مصانع الكيماويات الأوروبية أمام موجة إغلاقات في 2024

تراجعت حصتها من السوق العالمية لـ14 في المئة... وأصابع الاتهام صوب الواردات الأرخص

الاتحاد الأوروبي ثاني أكبر منتج للمواد الكيماوية بعد الصين بإنتاج 833 مليار دولار (أ ف ب)

ملخص

الإنتاج تراجع 6.6 في المئة العام الماضي وسط توقعات بإنتاج هش في 2024 والمفوضية الأوروبية تدرس فرض مزيد من رسوم مكافحة الإغراق لحماية الصناعة

تدخل أوروبا عام 2024 غارقة في واحدة من أعمق الأزمات، إذ تبدو اليوم مصانع إنتاج الكيماويات أمام سيناريو الإغلاق، إثر ضعف في الطلب وارتفاع كلفة التشغيل والخامات وأجور العمال، وهي الأزمة التي سادت طوال العام الماضي، وأثرت سلباً في النتائج المالية للشركات، وسط توقعات باستمرار الأزمة على أدنى تقدير حتى منتصف العام الحالي.

يتزامن انخفاض المبيعات مع الطاقة الفائضة في عديد من سلاسل القيمة البتروكيماوية، مما أدى إلى توقف عدد من الشركات في دول القارة أو إغلاقها بشكل دائم، وهو الأمر الذي من المتوقع أن يستمر العام الحالي، وفق ورقة بحثية لـ"ستاندرد آند بورز غلوبال" رأت أن مبيعات الاتحاد الأوروبي - ثاني أكبر منتج للمواد الكيماوية بعد الصين - تزيد على 760 مليار يورو (833 مليار دولار) وفقاً لمجلس الصناعة الكيماوية الأوروبي "سيفيك"، بنسبة 14 في المئة من المبيعات العالمية في 2022، وهي النسبة التي تراجعت عما كانت عليه عام 2012، حين سجلت 17 في المئة، وهو ما يثير مخاوف في شأن مركز أوروبا على المدى الطويل كقوة رئيسة في أسواق المواد الكيماوية العالمية.

وتعتزم مجموعة "بي إيه أس أف"، إغلاق مصانع إنتاج الأمونيا والكابرولاكتام وثنائي إيزوسيانات التولوين وغيرها من المنتجات الرئيسة في مجمع الشركة في لودفيغسهافن الألمانية بحلول نهاية العام الحالي، في محاولة لمعالجة الكلفة المرتفعة في أوروبا، بما في ذلك أسعار الغاز الطبيعي.

وانخفضت أحجام الإنتاج الكيماوي في أوروبا بنسبة 6.6 في المئة العام الماضي، في تراجع حاد عن النمو البالغ 5.1 في المئة عام 2022، ومن المتوقع أن يشهد الإنتاج انتعاشاً هشاً فقط في عام 2024، وفقاً لمجلس الكيمياء الأميركي، حين قدر 1.9 في المئة نمواً في الإنتاج العام الحالي.

انخفاض الإنتاج الأوروبي

وأشار "سيفيك" في تقريرها الشهري الأخير إلى أن الاتحاد الأوروبي يفقد قدرته التنافسية في الأسواق العالمية بسبب ارتفاع كلفة الطاقة والمواد الأولية، وقدر انخفاض إنتاج المواد الكيماوية في الكتلة الأوروبية عام 2023 بنسبة ثمانية في المئة، مشيراً إلى أن الثقة في الصناعة لا تزال منخفضة ولا يوجد مؤشر على انتعاش قوي.

كان تأثير ارتفاع الكلفة وضعف الطلب حاداً بشكل خاص في ألمانيا، موطن أكبر صناعة كيماوية في أوروبا، إذ يضطر المنتجون إلى اتخاذ تدابير جذرية.

يتوقع رئيس جمعية الصناعة الكيماوية الألمانية ماركوس ستيلمان، استمرار ارتفاع أسعار الطاقة والمواد الخام، فضلاً عن نقص الطلبيات، في التأثير في الأعمال التجارية، بالتالي ستضطر الشركات إلى خفض الكلفة، سواء عن طريق إغلاق مصانع الإنتاج، أو التخلي عن بعض قطاعات الأعمال الفردية أو تحويل الاستثمارات إلى الخارج، مرجحاً أن إنتاج المواد الكيماوية في ألمانيا انخفض بنسبة ثمانية في عام 2023.

وخفضت شركة "بي إيه أس أف" 2600 وظيفة في أوروبا، حوالى 65 في المئة منها في ألمانيا، لتحقيق ما يقرب من نصف 500 مليون يورو (548 مليون دولار) من الوفورات السنوية في الكلفة غير الإنتاجية التي تسعى الشركة إلى تحقيقها في لودفيغسهافن.

وأبلغ رئيس الشركة، مارتن برودرمويلر، أن في الربع الثالث من عام 2023، دفعت الشركة حوالى 40 في المئة أكثر في مقابل الغاز في أوروبا عما دفعته في المتوسط ​​بين عامي 2019 و2021، وفي الوقت نفسه تستثمر الشركة مبلغ 10 مليارات يورو (10.9 مليار دولار) لبناء مجمع إنتاج عملاق في مدينة تشانجيانغ بالصين، مما أثار تعليقات من المحللين مفادها بأن الشركة تنقل إنتاجها فعلياً إلى الخارج.

وأعلن عديد من الشركات الأخرى خططاً لإغلاق الطاقة الكيماوية في أوروبا خلال عام 2024، مشيرة إلى مشكلات أبرزها ضعف الطلب وارتفاع الكلفة في مقابل انخفاض الأسعار، وفي بعض الحالات المنافسة من الواردات الأرخص، فيما ستشهد بلجيكا والبرتغال، إغلاق مصنعين كبيريين للبولي إيثيلين، الأول في بلجيكا بطاقة 442 ألف طن، والثاني بطاقة 700 ألف طن.

مواجهة الواردات الرخيصة

وتحركت المفوضية الأوروبية أخيراً لمواجهة الواردات الرخيصة في سلسلة قيمة البوليستر والبولي إيثيلين تيريفثاليت من خلال إعلان رسوم مكافحة الإغراق على الواردات من الصين تتراوح بين 6.6 إلى 24.2 في المئة، وتجري المفوضية أيضاً تحقيقات لمكافحة الإغراق في كلوريد البوليفينيل وثاني أكسيد التيتانيوم في سعيها إلى حماية المنتجين الأوروبيين من الأضرار المادية التي يمكن أن يسببها الإغراق.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

يمكن للصناعة الكيماوية في أوروبا أن تتنافس على المستوى العالمي، حتى في مجال البتروكيماويات، ففي نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي أشارت تقديرات مؤسسة "ستاندرد آند بورز غلوبال كوموديتي إنسايتس" إلى أن متوسط ​​كلفة إنتاج الإيثيلين في مصانع التكسير البخارية الأوروبية التي تحولت إلى استهلاك الإيثان المستورد من الولايات المتحدة بأسعار تنافسية كان من بين أدنى الكلف على مستوى العالم، إذ يقل عن 400 دولار للطن.

ومع ذلك فإن الغالبية العظمى من شركات التكسير في أوروبا لا تزال تستهلك النافتا، مما يؤدي إلى متوسط ​​كلفة إنتاج الإيثيلين من بين أعلى الكلف على مستوى العالم، إذ يتجاوز متوسط ​​كلفة إنتاج الإيثيلين 600 دولار للطن الواحد.

ويظل الابتكار أحد نقاط القوة في القطاع الكيماوي في أوروبا، إذ تنفق الصناعة الكيماوية في الاتحاد الأوروبي حوالى 11 مليار يورو (12 مليار دولار) سنوياً على البحث والتطوير، أو 17 في المئة من الإجمالي العالمي، وفقاً لـ"سيفيك".

وفق الورقة البحثية لـ"ستاندرد آند بوزر" سيكون الابتكار مهماً بشكل خاص ومفيداً للاتحاد الأوروبي في الأعوام المقبلة مع تطوير تقنيات إعادة التدوير الجديدة والطاقة المتجددة والكهرباء والمواد البلاستيكية عالية التقنية لتلبية متطلبات الصفقة الخضراء الأوروبية وجميع اللوائح المرتبطة بها، ومع ذلك تشكو الصناعة أن عبء الكلفة التنظيمية في أوروبا مرتفع بشكل مفرط وأن هناك حاجة ماسة إلى التخفيف.

ولاحظت الحكومة الفيدرالية الألمانية الشكاوى، وبدأت مناقشات مع ممثلي الصناعة حول إمكان تطوير "ميثاق كيماوي" وطني لدعم وضع البلاد كموقع للصناعة الكيماوية. وفي نوفمبر الماضي أعلنت الحكومة حزمة من إعانات دعم ضريبة الطاقة للقطاع الصناعي في ألمانيا بقيمة تصل إلى 28 مليار يورو (30.69 مليار دولار) حتى عام 2028، مع ضمان 12 مليار يورو (13 مليار دولار) لعام 2024 وكذلك لعام 2025.

على الأرجح سيتعين على الاتحاد الأوروبي بحث تنفيذ حزم دعم لإنقاذ صناعة الكيماويات الفترة المقبلة، وضمان الحفاظ على موقع كتلة اليورو على خريطة التصنيع العالمية، والحيلولة دون أن تفضي المنتجات الأرخص إلى الإضرار بالصناعة في أوروبا خلال الأعوام المقبلة.

المزيد من البترول والغاز