Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الرسام أمادو الفادني سوداني الهوية ومصري الانتماء

 " في بيت أودي" معرض يستعيد فيه صور كتيبة مصرية قاتلت في المكسيك ووثائق تاريخية

لوحة تمثل جنوداً مصريين في المكسيك (خدمة المعرض)

ملخص

" في بيت أودي" معرض يستعيد فيه صور كتيبة مصرية قاتلت في المكسيك ووثائق تاريخية 

"في بيت أوديل"، هو عنوان المعرض الذي يستضيفه المركز الثقافي الفرنسي في القاهرة حتى نهاية هذا الشهر، للفنان أمادو الفادني، وهو فنان معروف باستلهامه الأحداث والوقائع والتواريخ المنسية، والتنقيب عن تلك الروابط التي تجمع هذه التواريخ والأحداث بالحاضر.

ولد الفنان أمادو الفادني في القاهرة لأبوين من السودان، وتشكل وعيه من خلال هذا المزيج الاجتماعي والثقافي. أفراد العائلة التي نشأ الفنان في كنفها يرتبطون بصلات متينة مع أصولهم، غير أن وعيه الحقيقي تشكل عبر انغماسه الفاعل في الدائرة الاجتماعية الأوسع لمدينة القاهرة. الأصدقاء والمعارف وعلاقات العمل والذكريات، والتفاعل مع التفاصيل اليومية لشوارع المدينة وسكانها، كل هذه الأشياء كانت كافية للتعامل مع مدينة القاهرة كوطن، أما السودان فليس سوى ذاكرة باهتة لم يختبرها أو ينغمس تماماً في تفاصيلها الحياتية. لهذا تطرح أسئلة الهوية نفسها على نحو لافت في أعمال أمادو الفادني. وعلى الرغم من أن الفنان يُعرّف نفسه بأنه فنان قاهري، ينتمي إلى هذه المدينة التي احتضنت ذكرياته وشكلت وعيه، لكنه يدرك أيضاً أن الآخرين قد يتعاملون معه كعابر بين ثقافتين أو انتمائين.

الأعمال المُقدمة في هذا المعرض كان الفنان قد أنجزها خلال فترة إقامته مدة ثلاثة أسابيع في مركز دار أوديل الواقع في إحدى القرى الريفية جنوب غرب فرنسا. يتيح هذا المركز إقامات فنية لفترة محدودة للفنانين من مختلف أنحاء العالم كمنحة مقدمة من وزارة الثقافة الفرنسية. حين حصل الفادني على هذه المنحة، كان عليه أن يجهز مشروعاً فنياً خلال فترة إقامته تلك، وكان يتجهز بالفعل بمجموعة من الأطروحات لها علاقة بتاريخه الشخصي، غير أنه وجد نفسه فجأة في خضم اشتباك جديد بين الأماكن والتواريخ القريبة. انتبه الفادني أثناء وجوده في تلك القرية البعيدة أن هويته المزدوجة وحياته القاهرية تشتبك على نحو ما بهذا المكان الواقع في قلب الريف الفرنسي.

وعبر النبش في الذاكرة والتواريخ المنسية وجد الفنان نفسه أمام سيرة غائمة لجنود سودانيون تم الزج بهم في حرب استعمارية جرت وقائعها بعيداً عن وطنهم بآلاف الأميال، وعوملوا كمجرد وسيلة لتوطيد العلاقات بين نظامي الحكم في مصر وفرنسا في ذلك الوقت. الجنود السودانيون الذين يُشير إليهم أمادو الفادني في أعماله تلك، كانوا قد أرسلو ضمن كتيبة مصرية إلى المكسيك في ستينيات القرن التاسع عشر لمساندة نظام الإمبراطور ماكسميليان الأول المدعوم من فرنسا في مواجهة الثورة الوطنية التي اندلعت ضده. فاجتمعت في هذا البلد البعيد هويات ثلاث يجمع الفادني بين اثنين منهما، بينما يتأمل الثالثة بعين المراقب من مكانه في هذه القرية الفرنسية.

كان على الفنان أمادو الفادني الخروج من هذا المزيج بمادة بصرية تصلح للعرض، فانطلق من التاريخ الشخصي لصاحبة المكان. أوديل، هذه المرأة التي أُطلق اسمها على البيت، والتي ولدت في أربعينييات القرن الماضي، أي بعد حوالى ثمانين عاماً على إرسال تلك الكتيبة المقاتلة إلى المكسيك. ربما شهد جد هذه المرأة أو أحد أفراد عائلتها الأقدم، على مرور تلك الكتيبة بين أودية الجبال البعيدة المطلة على القرية، أو جمعت بعضهم بأحد أفرادها صداقة أو حتى عداوة أو ثأر.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

هذه الأفكار المتخيلة تتجسد في أعمال الفادني المعروضة في هيئة صور؛ تتداخل في هذه الصور التواريخ والأحداث والوقائع الحقيقية وغير الحقيقية، فتشكل معاً هذا النسق البصري الذي يقدمه الفنان في هذا المعرض. تجمع الأعمال بين الطباعة والفوتوغرافيا والتلوين. في هذه الأعمال يجمع الفنان بين صور أوديل ومفردات مختلفة من الميثولوجيا المحلية في تلك المنطقة المحيطة بالمركز، إلى جانب الصور والكتابات المتعلقة بأفراد الكتيبة المصرية. ويؤطر الفادني كل ذلك بإشارات مختلفة من تجربته الشخصية، كفنان يبحث عن هويته أو يجد صعوبة في التعريف بها.

اقرأ المزيد

المزيد من ثقافة