Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"شد الحزام" آخر معارك البقاء في غزة

الجوع يقتل الأطفال والأهالي يحاولون ترشيد الطعام رغم ندرته ليتمكنوا من العيش يوماً آخر

لم يتناولوا طعاماً منذ يومين فإسرائيل منعت إمدادات الغذاء والمياه من الوصول لليوم الـ33 (أ ف ب)

ملخص

إسرائيل تدمر المنطقة الزراعية ومخازن الدقيق وقوارب الصيادين ومراكز التموين

على طبق مكرونة صغير جمعت رباب صغارها الثلاثة، وقبل أن يبدأوا في تناول الطعام قالت لهم، "رجاء يا أحبابي قللوا الأكل، فالظروف في غزة مأسوية، وبسبب الحصار لا يوجد طعام يمكننا الحصول عليه بعد ذلك".

لم يأبه الأطفال لحديث والدتهم، وبسرعة تهافتت أياديهم على حبات المكرونة المحمرة ذات الرائحة الشهية، فهم جائعون وبطونهم خاوية منذ نحو 30 ساعة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

بعد اللقمة الأولى سمعوا صوت انفجار قوي زلزل بيتهم، تركوا طعامهم وهرعوا إلى المطبخ حيث أشارت رباب إليهم بأنه المكان الآمن، احتضنت الأم صغارها وهدأت روعهم وأعادتهم إلى طبق الطعام.

في كل مرة كان يتجرأ الصغار على العودة لتناول حبات المكرونة كانت تسقط قنبلة تسبب انفجاراً ضخماً يخيفهم، وفجأة دخلت عليهم شظية متطايرة أصابت طبق الأكل فتناثر قطعاً في أرجاء البيت.

ما إن هدأت الانفجارات حتى تسابق الأطفال نحو حبات المكرونة المتناثرة على الأرض وأخذوا يتناولونها، تقول الأم "لا يمكن لطفل أن يصبر على الجوع ليوم ونصف اليوم من دون أن يدخل معدته شيء، لكن في غزة يحدث هذا مع الصغار والكبار".

رباب ليست فقيرة، بل تعيش وضعاً ميسوراً، وفور بدء الحرب خزنت مواد تموينية وغذائية وطحيناً وماء يكفيها لأسبوعين، لكن جميع ذلك نفد بسبب طول فترة القتال، واليوم لا يوجد في بيتها أي طعام، وحتى المياه نفدت.

البحث عن الطعام

لا تزال رباب تعيش في غزة المحاصرة، إذ أحكمت القوات الإسرائيلية المتوغلة سيطرتها على الشوارع الرئيسة وفرضت عليها إغلاقاً كاملاً، وتمنع دخول شاحنات المساعدات الغذائية إلى الناس، ولا يستطيع التجار أيضاً الوصول إلى مخازنهم لجلب المواد الغذائية وضخها في المحال.

نتيجة لهذه العزلة، انقطعت إمدادات الخضراوات عن غزة من الجنوب الذي يعد سلة القطاع الغذائية، ومنع الجيش تدفق السلع والمحاصيل.

 

 

وعلى رغم القتال والصواريخ، تنزل رباب يومياً إلى المحال التجارية في منطقتها لتبحث عن أي طعام على الرفوف من دون جدوى، تقول السيدة التي لم تتذوق طعاماً منذ يومين "فرغت المحال التجارية من السلع، حتى البسكويت لا نجده، أزور 30 سوبر ماركت ولا أجد أية بضائع، يريدون إبادتنا بالجوع".

الحال نفسها لدى النازحين الذين توجهوا جنوباً، فهم أيضاً جائعون لدرجة أنهم لم يتناولوا الطعام منذ يومين، وإسرائيل منعت إمدادات الغذاء والمياه من الوصول إلى غزة لليوم الـ33، وبسبب ذلك تناول السكان جميع البضائع التي خزنها التجار قبل الحرب.

في مدينة خان يونس جنوب القطاع، حيث المنطقة الإنسانية الآمنة التي حددها الجيش لسكان غزة، كان آدم يتجول في السوق الشعبية بحثاً عن أي طعام مهما كانت جودته لعله يجد شيئاً يعود به لأطفاله الجائعين.

يقول، "قضيت أكثر من ساعتين أبحث عن كيلوغرام من الطحين لأصنع خبزاً لأطفالي فلم أجد، حاولت شراء أرز ولم أفلح أيضاً، سألت عن المكرونة فقالوا إنها نفدت، فأخذت أبحث عن البسكويت ووجدت كمية قليلة أعتقد أنها لن تشبع طفلاً".

ويضيف آدم، "معلبات التونة واللحوم والحمص والفول جميعها نفدت من السوق، أما الخضراوات فقد أصبحت كالعملة النادرة، ولا أقوى على دفع ثمنها الذي ارتفع ثلاثة أضعاف، نحن جائعون وبطون أطفالنا فارغة".

لا حليب للأطفال

وفقاً لتقديرات برنامج الأغذية العالمي، فإن مخزون السلع الغذائية الأساسية في غزة يكفي لمدة ثلاثة أيام على الأكثر، وبعد ذلك سينفد بشكل نهائي، في وقت أصيبت الحركة التجارية بالشلل بسبب الدمار الواسع النطاق وانعدام الأمن ونقص الوقود.

لدى آدم طفل رضيع، ولسوء تغذية الأم باتت غير قادرة على أن تدر له الحليب، وربما كان ذلك بسبب الخوف، وقد بات الطفل يعتمد على الحليب الصناعي الذي يؤكد الأب أنه غير متوفر، وقد يموت مولوده من الجوع، لافتاً إلى أنه يوصي أسرته بتناول كميات قليلة لتوفير الطعام لوقت لاحق وسط توقعات بأن الأسوأ لم يحدث بعد.

 

 

بحسب المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، فإن 52 ألف رضيع في غزة يواجهون خطر الموت والجوع والجفاف، وجرى تسجيل ارتفاع مهول في عدد الأطفال المصابين بسوء التغذية الحاد.

يقول مدير المرصد رامي عبدو، "تستخدم إسرائيل سياسة التجويع ضد سكان غزة فقد أصبحت سلاح حرب، 90 في المئة من سكان غزة مصابون بفقر الدم وضعف المناعة وباتوا غير مأمنين غذائياً، يوثق أطباء غزة حالات لأطفال يعتقدون أنهم توفوا بسبب الجفاف الناجم عن الجوع الشديد، منذ 32 يوماً لم تدخل غزة أية بضائع".

ويضيف، "يعمل مخبز واحد في مدينة غزة يقدم الخبز لنحو 14 ألف فرد، وهناك أربعة مخابز في الجنوب لخدمة 1.8 مليون شخص، لكن قبل الحرب كان هناك 55 فرناً، ولاحظنا أن مخزون المحال التجارية من المواد الغذائية انتهى تماماً، وحتى لو كان لدى تجار الجملة مخزون فإنهم لا يستطيعون الوصول إليه".

ويتابع عبدو، "لا يعرف الآباء في غزة إذا كان بإمكانهم إطعام أطفالهم اليوم أم أنهم سيموتون، لقد أصبح الحصول على الخبز تحدياً وجودياً، وبات نصيب الفرد من المياه نصف لتر، أما الوصول إلى الدقيق والزيت والسكر فهو أمر مستحيل".

الرهائن مقابل الطعام

في الأسبوع الماضي، كثفت إسرائيل استهداف أسواق ومخزن للمواد التموينية تابع لوكالة "الأونروا"، ودمرت المخابز وخزانات المياه، وطاول القصف المنطقة الزراعية ومخازن الدقيق وقوارب الصيادين ومراكز التموين للمنظمات الإغاثية، وعطلت شبكات التبريد وري المحاصيل، وفقد أكثر من 15 ألف مزارع محاصيلهم، ولم يتمكن نحو 10 آلاف من مربي الماشية والدواجن من متابعة عملهم.

يؤكد عبدو أن هناك قراراً إسرائيلياً بشل قدرة وصول المدنيين إلى هذه المراكز لتأمين احتياجاتهم الغذائية، على رغم أن هذا محظور بشكل حازم في القانون الدولي الإنساني.

من جهة إسرائيل، يقول المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاغاري، "لا يمكن إمداد غزة بالطعام ولا الوقود ولا نسمح بالهدن الإنسانية، نحن لدينا شروط واضحة هي تحرير الرهائن مقابل وقف إطلاق النار وعودة الأمن".

المزيد من متابعات