Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

حرب غزة تلقي المواد الغذائية في أتون التضخم

الأسواق تخشى سيناريو اتساع رقعة الصراع والاجتياح البري الذي سيرفع سعر النفط إلى 100 دولار للبرميل

ملخص

ارتفع متوسط ​​سعر البنزين في الولايات المتحدة إلى أعلى مستوى له منذ بداية العام عند 4.35 دولار

ألقى الصراع المحتدم في غزة بين إسرائيل و"حماس"، أسعار المواد الغذائية والأسمدة إلى أتون التضخم من جديد، فأمام فوهات المدافع وشررها غير المنقطع تتزايد المخاوف اليوم في شأن اتساع رقعة الحرب في أسبوعها الثاني، وتخشى الأسواق التي تراقب من كثب سيناريو فتح جبهات جديدة تطيل أمد المعركة، وتعمق الخسائر، بعد أنباء عن خطة لاجتياح القطاع ذي الكثافة السكانية الواسعة برياً من قبل إسرائيل.

شكلت الجولة الأخيرة من الصراع الجيوسياسي في الشرق الأوسط المعروف كمصدر غني للنفط وممر رئيس للعبور بين الشرق والغرب أخطاراً صعودية، على أسعار النفط والطاقة على المدى القريب، الأمر الذي سيؤدي بدوره إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية، نظراً لارتفاع أسعار الأسمدة وتكاليف النقل.

وتشهد أسعار النفط ارتفاعاً مفاجئاً منذ أن بلغت أدنى مستوى لها في يونيو (حزيران) الماضي، وخلال الأسبوع الأول من المعركة، حقق خام برنت مكاسب قياسية وارتفع 7.5 في المئة فيما زاد خام غرب تكساس الوسيط 5.9 في المئة، ليستقر الأول عند مستوى يتجاوز 90 دولاراً في عقوده الآجلة، بينما الثاني سجل مستوى 87 دولاراً، الخميس، وسط ترجيحات بتجاوز البرميل حاجز 100 دولار بسهولة، حال اجتياح القطاع براً، وهو الرأي الذي يتبناه رئيس وحدة "أن أس تريدنغ" التابعة لشركة "نيسان سيكيورتيز" هيرويوكي كيكوكاوا.

احتياطات أميركية غير فعالة

وبدأ الارتفاع الأخير في أسعار النفط بأساسات العرض والطلب، فعلى جانب العرض، مددت السعودية في الخامس من سبتمبر (أيلول) الماضي خفض إمداداتها بمقدار مليون برميل يومياً لبقية العام، إلى جانب خفض روسيا بمقدار 300 ألف برميل يومياً، وفي الوقت نفسه انخفضت احتياطات النفط الاستراتيجية في الولايات المتحدة بشكل كبير، مما يثير تساؤلات حول فعالية هذا الاحتياطي الإضافي ضد صدمات إمدادات النفط الخارجية ويزيد من مخاوف إمدادات السوق.

وأمام العرض المقيد، ترى مذكرة بحثية حديثة لبنك الاستثمار الأميركي "مورغان ستانلي" أن الطلب في المقابل كان أقوى من المتوقع، إذ واصل الطلب على النفط نموه بقوة في عام 2023، مع نصيب الأسد بقيادة الصين، أكبر مستورد له في العالم، وتوسع بمقدار 2.1 مليون برميل في الأشهر الثمانية الأولى من العام، وعلى رغم التعافي الاقتصادي الضعيف في الصين بشكل عام، فإن الطلب على الوقود المرتبط بالنقل كان قوياً نظراً لانتعاش السفر.

وأدت المواجهة الأخيرة بين إسرائيل و"حماس" إلى ارتفاع متجدد في أسعار النفط، وهو ما يعكس علاوة محتملة على أخطار العرض، وفق ما يقول كبير استراتيجيي السوق بمنطقة آسيا والمحيط الهادئ في البنك الأميركي، تاي هوي، معتبراً أن العامل المهم هنا هو دور إيران ودول الشرق الأوسط الأخرى في هذا الصراع وما إذا كان ذلك يمكن أن يؤثر في توقعات إنتاج النفط أو انقطاع الإمدادات في المنطقة.

إيران طرف في المعركة

وبينما نفت إيران حتى الآن علاقتها المباشرة بالهجوم الأخير، إلا أنها لا تخفي الدعم لـ"حماس"، وهو ما يعزز من احتمالات أن يأتي التأثير في سوق النفط في شكل تطبيق أقوى لحظر التصدير الإيراني، أو تعطيل قناة الشحن الحيوية في مضيق هرمز، وفق ما يقوله، تاي هوي.

ويضيف محلل "مورغان ستانلي"، أن "من الآن فصاعداً، من المفترض أن تساعد استجابة العرض والتباطؤ المحتمل في الاقتصاد العالمي خلال الأشهر الـ12 المقبلة في الحد من الاتجاه الصعودي في أسعار النفط، ومع ذلك، فإن التوترات الجيوسياسية هي مرة أخرى مصدر عدم اليقين في الأسابيع والأشهر المقبلة".

وأثار ارتفاع أسعار الطاقة منذ يونيو الماضي مخاوف من أن البنوك المركزية، وبخاصة بنك الاحتياطي الفيدرالي (المركزي الأميركي)، ستحتاج إلى البقاء على الجانب المتشدد لفترة أطول لكبح التضخم، في وقت يتبنى بنك الاحتياطي الفيدرالي في الأساس الارتفاع لفترة أطول في سياسة سعر الفائدة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وارتفع متوسط ​​سعر البنزين في الولايات المتحدة من 3.9 دولار للغالون الواحد في يونيو إلى أعلى مستوى له منذ بداية العام وهو 4.35 دولار، وهو ما يتتبع ارتفاع أسعار النفط الخام، واستقر منذ ذلك الحين عند نحو 4.26 دولار، ولا يزال المستوى الحالي أقل بنحو ثلاثة في المئة عن العام الماضي، وأقل بنسبة 22 في المئة عن الذروة التي بلغها في يونيو 2022.

لكن تاي هوي، لا يرجح أن تتأثر أسعار البنزين والطاقة بالسياسة النقدية، لأن ذلك مدفوع إلى حد كبير بديناميكيات العرض والطلب العالمية. ويقول إنه "سيتعين على صناع السياسات أيضاً أن يأخذوا في الاعتبار الانخفاض المحتمل في الإنفاق على البنود التقديرية إذا احتاجت الأسر إلى تخصيص مزيد من دخلها المتاح للبنزين والوقود، ومن ثم، يمكن النظر إلى أسعار النفط المرتفعة باعتبارها ضريبة على النمو وليس مصدراً للتضخم.

تحديات كبيرة في الأسواق الناشئة

قد يشكل ذلك تحدياً أكبر لاقتصادات الأسواق الناشئة المختارة، إذ تنفق الأسر في الأسواق الناشئة عادة نسبة أعلى من دخلها على الوقود والغذاء، وهو ما سيكون له تأثير أكبر على كل من التضخم الرئيس وتأثير الدخل السلبي، وفق ما تشير المذكرة البحثية، مضيفة أن بالإمكان أن تشهد الدول المستوردة للنفط أيضاً عجزاً تجارياً أوسع نطاقاً بسبب واردات الوقود الأكثر كلفة، مما قد يزيد الضغط على عملاتها، وقد تحتاج بنوكها المركزية إلى رفع أسعار الفائدة لتحقيق الاستقرار في أسواق صرف العملات الأجنبية.

وفي حين أن التأثير في المدى القريب يؤثر في ارتفاع معدلات التضخم الرئيسة في جميع أنحاء العالم، فإن التأثير في المدى الطويل يمكن أن يكون على الإنفاق الاستهلاكي التقديري، وضغط هامش الربح لتلك القطاعات التي تعتمد على هذه السلع كمدخل، بحسب "مورغان ستانلي".

وينظر بنك الاستثمار الأميركي، إلى تداعيات ارتفاع التضخم على الناخبين، في وقت سيشهد عام 2024 انتخابات في عديد من البلدان، في مقدمها الولايات المتحدة والمكسيك والهند وإندونيسيا وتايوان والمملكة المتحدة، على سبيل المثال لا الحصر، وهو ما يجعل من الزيادة في تكاليف المعيشة بالفعل على رأس جدول أعمال الناخبين، ومن الممكن أن يدفع الارتفاع المتجدد في أسعار الوقود الحكومات إما إلى الاستفادة من الاحتياطات الاستراتيجية أو تخفيف التأثير في عامة الناس من خلال التدابير المالية حيثما كان ذلك مناسباً.

ستعد الحرب الدائرة على الأرجح نقطة حاسمة في عديد من الملفات في أقطار مختلفة تتجاوز حدود البلدين المتحاربين، بامتداد تداعياتها لتشمل عديداً من القطاعات التي تمس الحكومات والأسر والشركات والأفراد خلال الفترة المقبلة.

المزيد من البترول والغاز