Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل تنجح دبلوماسية الممرات الآمنة في إبقاء غزة حية؟

الضغوط الدولية تتصاعد على إسرائيل للسماح بإيصال المساعدات للقطاع ومراقبون ينقسمون حول استجابتها للنداءات

أعلنت مصر فتح مطار العريش الذي يبعد نحو 40 كيلومتراً عن غزة لاستقبال المساعدات الإغاثية من دول العالم (أ ف ب)

ملخص

لا تزال مئات الأطنان من المساعدات تمكث في مطار العريش انتظاراً لفتح معبر رفح البري

مع استمرار سقوط الضحايا المدنيين في الحرب الإسرائيلية على غزة، تتعالى النداءات الإقليمية والدولية لإقامة ممرات إنسانية تشمل إيصال مساعدات للمدنيين في غزة، وكذلك توفر مساحة آمنة لأهالي القطاع الذين تتساقط عليهم قذائف الجيش الإسرائيلي منذ 10 أيام. وبينما كانت الممرات الآمنة محور التحركات الدبلوماسية في الأيام الأخيرة، لم تجد تلك الأصوات صدى لدى الجانب الإسرائيلي الذي أحكم الحصار على غزة وقصف معبر رفح، الجسر الوحيد له مع العالم الخارجي.

منذ بدء الحرب التي شنتها إسرائيل رداً على هجمات حركة "حماس" في السابع من أكتوبر (تشرين الأول)، أصبح مصير 2.3 مليون فلسطيني مجهولاً، حيث لم تستجب تل أبيب لدعوات ضبط النفس، كما حذرت مصر من أي دعوات لتهجير المدنيين نحو أراضيها في شبه جزيرة سيناء. وتحيط إسرائيل بقطاع غزة من الشمال والشرق، وتحده مصر جنوباً والبحر المتوسط غرباً.

تكدس المساعدات

مصر التي توجهت إليها الأنظار منذ بداية الأزمة، سواء للتهدئة الدبلوماسية أو إيصال المساعدات، وكذلك للرد على دعوات تهجير الفلسطينيين، استبقت تصاعد الأزمة الإنسانية بإعلان فتح مطار العريش، الذي يبعد نحو 40 كيلومتراً عن غزة، لاستقبال المساعدات الإغاثية من دول العالم.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لكن بعد نحو أسبوع من ذلك القرار تمكث في المطار مئات الأطنان من المساعدات التي جاءت من دول عدة، إضافة إلى ما أرسلته منظمة الصحة العالمية والـ"يونيسف" انتظاراً لفتح معبر رفح البري، كما أعلنت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين أن الاتحاد الأوروبي سيقوم بتدشين ممر جوي إنساني باتجاه قطاع غزة عبر مصر لإرسال المساعدات الإنسانية، موضحة أن أول رحلتين جويتين ستنطلقان هذا الأسبوع.

وتمتد الحدود المصرية مع قطاع غزة مسافة 12 كيلومتراً، وفيها نقطة عبور وحيدة هي معبر رفح البري، وتعد الرابط الوحيد مع العالم الخارجي بالنسبة إلى 2.3 مليون شخص يقيمون في قطاع غزة المحاصر من جانب إسرائيل براً وبحراً، ولا يوجد في القطاع مطار، وقصفت تل أبيب الجانب الفلسطيني من معبر رفح مرات عدة مما أدى إلى تعطل العمل فيه.

وتدير مصر وإسرائيل والسلطة الفلسطينية بشكل مشترك معبر رفح منذ عام 2005، وفق اتفاقية المعابر الموقعة بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل في العام نفسه.

وتلقي مصر باللائمة على إسرائيل في استمرار إغلاق المعبر، حيث قال وزير الخارجية المصري سامح شكري في مؤتمر صحافي، أمس الإثنين، "حتى الآن لم تتخذ الحكومة الإسرائيلية موقفاً يسفر عن إمكانية فتح المعبر من ناحية غزة للسماح لدخول المساعدات أو خروج مواطنين من الدول الثالثة، ونحن على أتم الاستعداد، وكل الأجهزة المصرية على المعبر على أهبة الاستعداد لإدخال المساعدات وخروج مواطني الدول الثالثة".

مناطق آمنة

على رغم الدعم الأميركي الكبير لإسرائيل في الحرب الحالية، فإنها دعت مراراً لإقامة مناطق آمنة للمدنيين وإقامة ممرات لإيصال المساعدات، وقد كرر وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن تلك الرسالة أكثر من مرة في زيارته للشرق الأوسط، بخاصة في العواصم العربية عمان والدوحة والرياض انتهاء بالقاهرة. وتزامن ذلك مع مطالبة الرئيس الأميركي جو بايدن باتباع إسرائيل "قواعد الحرب" خلال اتصال مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، لكن الأخير من الواضح أنه لم يصغ لتلك المطالب.

المحاولة الإسرائيلية الوحيدة لمخاطبة المدنيين وتأمينهم كانت من خلال حث أهالي شمال قطاع غزة على النزوح جنوباً باتجاه وادي غزة، واستجاب مئات الآلاف لتلك الدعوة سعياً للنجاة من القصف المتواصل، وهو ما لم يتحقق، حيث قصفت إسرائيل قوافل مدنية في جنوب القطاع ومناطق ضمن ما قالت إنه سيكون "طريقاً آمناً".

تجاهل إسرائيلي

وبينما لا يخلو تصريح أو بيان من أي دولة في العالم حول أحداث غزة من الدعوة لفتح ممرات إنسانية أو مناطق آمنة، تتجاهل إسرائيل تلك الدعوات وهو ما يعزوه مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق رخا أحمد حسن إلى أن تل أبيب تعيش حالاً من الارتباك والشعور بالإهانة، نظراً إلى الفشل الذي منيت به أجهزة استخباراتها وقواتها العسكرية أمام حركة مسلحة هي "حماس"، مما يجعلها تتصرف من دون أن تحسب خطواتها، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة وأوروبا بدأت تظهر فيهما أصوات تخشى على حليفتهما إسرائيل من تحول الرأي العام العالمي ضدها على وقع الكارثة الإنسانية في غزة، وضرب مثالاً بتصريحات وزيرة إسبانية طالبت وزيرة الحقوق الاجتماعية الإسبانية إيوني بيلارا بتقديم نتنياهو إلى المحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب.

وتوقع حسن في حديثه لـ"اندبندنت عربية"، أن عدم استجابة إسرائيل للنداءات الإنسانية لن يطول، بخاصة أن مطالب فتح المعابر أو إقامة مناطق آمنة جاءت من الولايات المتحدة نفسها، التي تهمها مصلحة إسرائيل، لأن استمرار الوضع الحالي في غزة يعني إبادة جماعية أمام أنظار العالم.

"لن تقف الحرب"

ولا يتفق الباحث السياسي الفلسطيني عبدالهادي مطاوع مع توقعات الدبلوماسي المصري السابق، قائلاً إن إسرائيل لن تقدم أية بوادر إنسانية أو تستجيب لنداءات العالم. وأشار إلى تصريح وزير الطاقة الإسرائيلي يسرائيل كاتس قبل أيام حول عدم السماح بدخول مساعدات إلا مقابل إطلاق سراح الأسرى لدى "حماس".

وكان كاتس قال، الأسبوع الماضي، في بيان حول المساعدات الإنسانية لغزة، إنه "لن يتم تشغيل مفتاح كهربائي ولن يفتح صنبور مياه ولن تدخل شاحنة وقود حتى يعود المختطفون الإسرائيليون إلى ديارهم".

وقال مطاوع لـ"اندبندنت عربية"، إنه حتى في حال تنفيذ ممرات إنسانية لإدخال المساعدات فإنها لن تتجاوز الخط الذي حددته إسرائيل للمدنيين، أي منطقة وادي غزة، ولن تصل المساعدات إلى النصف الشمالي من القطاع، بخاصة أن الأمم المتحدة نقلت عملها إلى الجنوب وإسرائيل قصفت مخازن تابعة للأمم المتحدة في شمال غزة، مما يعني أنها لا تمتثل لأي قوانين دولية.

كما قلل الباحث السياسي من أهمية التحركات الدبلوماسية الدولية، مؤكداً أنه لا يتوقع أن تسفر عن هدنة أو إيقاف الحرب، لأن إسرائيل عازمة على اجتياح قطاع غزة برياً وهو "أمر قادم لا محالة"، لكن الخلاف قد يكون حول مدة ذلك، وما إذا كانت إسرائيل ستحتل القطاع بالكامل أم النصف الشمالي منه، الذي تعتقد إسرائيل أن البنى الأساسية للفصائل الفلسطينية موجودة فيه.

ولم تقتصر دعوات فتح ممرات آمنة على الدبلوماسيين والمسؤولين، فقد وجه بابا الفاتيكان نداء للإسراع في فتح ممرات إنسانية لسكان القطاع، داعياً إلى احترام القانون الإنساني.

القانون الدولي

يعني مصطلح الممر الإنساني منطقة خالية من الوجود العسكري توضع تحت حماية طرف ثالث بعيداً من الأطراف المتصارعة، وعادة ما تكون قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة أو الصليب الأحمر أو الهلال الأحمر، ويتم تحديد تلك الممرات بزمان ومكان محدد بهدف حماية المدنيين خلال فترات النزاع بعد توافق طرفي الصراع.

يوضح نائب رئيس مجلس إدارة الجمعية المصرية للقانون الدولي نبيل حلمي، أن القانون الدولي نظم العلاقات بين الدول المتنازعة بما يتفق مع القانون والأخلاقيات والمعاهدات الدولية في المجتمع الدولي، بخاصة الاتفاقية الرابعة من اتفاقيات جنيف الموقعة عام 1949، الخاصة بالقانون الدولي الإنساني وحماية المدنيين تحت الاحتلال، والذي نص على حمايتهم واحترام دينهم وثقافتهم وعدم جواز تهجير المدنيين.

وأضاف العميد الأسبق لكلية الحقوق بجامعة الزقازيق المصرية لـ"اندبندنت عربية"، أن مخالفة الدول للقانون الدولي خلال النزاعات يترتب عليه مسؤولية تستوجب المحاسبة، مشيراً إلى أن إسرائيل لا تلتزم القواعد القانونية المستقرة، بخاصة أنها تعتمد على دعم الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية وفي حال التوجه لمجلس الأمن ستستخدم واشنطن الـ"فيتو" لصالحها.

واستخدمت أميركا وبريطانيا وفرنسا حق النقض "الفيتو" في مجلس الأمن ضد مشروع قرار روسي يطالب بوقف إطلاق النار في غزة.

وحول إمكانية محاسبة إسرائيل على الانتهاكات الحالية، قال حلمي إن فلسطين انضمت قبل سنوات إلى المحكمة الجنائية الدولية، ويمكن أن تلجأ إليها في شأن المخالفات التي ترتكبها إسرائيل، والتي تشمل جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية، مستدركاً أن مدى استجابة المحكمة محل شك، لأن فلسطين ليست دولة كاملة السيادة ولكن يمكن التجاوز عن ذلك عبر المدعي العام للمحكمة.

وبحسب موقع الصليب الأحمر الدولي، فقد نفذت مناطق آمنة للمدنيين في نزاعات سابقة مثل حرب التحرير في بنغلاديش، والنزاعات المسلحة في كمبوديا وتشاد وقبرص ونيكاراغوا وسريلانكا ويوغوسلافيا السابقة، و"أنشئت معظم هذه المناطق بناءً على اتفاقات مكتوبة استناداً إلى المبدأ الذي يوجب عدم الهجوم على المناطق التي تنشأ لتكون ملاذاً آمناً للجرحى والمرضى والمدنيين".

إجلاء الأجانب

وحاول كثير من الدول إقناع أطراف الصراع بفتح مجال لإجلاء رعاياها من قطاع غزة تحسباً للاجتياح البري، فعلى مدار الأيام الماضية ذكرت واشنطن أنها تعمل مع مصر وإسرائيل على تأمين وصول مواطنيها إلى ملاذ آمن، وفي مباحثات المسؤولين الفرنسيين والبريطانيين والروس مع مصر سواء على المستوى الرئاسي أو وزير الخارجية، شملت مطالبة القاهرة بالمساعدة في إجلاء مواطنيهم.

لكن الموقف يبقى معلقاً للأجانب ومزدوجي الجنسية الذين احتشدوا أمام معبر رفح في اليومين الماضيين أملاً في عبورهم إلى الجانب المصري وسط أنباء متضاربة عن قرب فتحه.

ورفضت مصر عبور المواطنين الأميركيين أو غيرهم من الأجانب، إلا في إطار اتفاق يسمح بعبور المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، وفق ما نقلته قناة "القاهرة الإخبارية" شبه الرسمية عن مصادر أمنية مصرية.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير