رضخ زعيم الجمهوريين في مجلس النواب الأميركي كيفن مكارثي لضغوط الجناح اليميني في الحزب أمس الثلاثاء، بإعلانه موافقته على بدء إجراءات ترمي إلى عزل الرئيس الديمقراطي جو بايدن على خلفية تعاملات لنجله هانتر، في خطوة تأتي قبل عام من الانتخابات الرئاسية.
وقال رئيس مجلس النواب "أطلب من لجنة في مجلس النواب بدء تحقيقات رسمية في وجود أسباب موجبة لعزل" بايدن، مشيراً إلى أن الرئيس الديمقراطي "كذب" على الشعب الأميركي في شأن أعمال ابنه المثيرة للجدل في الخارج.
وأوضح مكارثي أن "الجمهوريين في مجلس النواب كشفوا ادعاءات خطيرة وذات مصداقية في شأن سلوك الرئيس بايدن"، متهماً الرئيس الأميركي بتغذية "ثقافة الفساد".
تعاملات هانتر التجارية
ولطالما كانت التعاملات التجارية التي قام بها هانتر بايدن في أوكرانيا والصين عندما كان والده نائباً للرئيس في عهد باراك أوباما، هدفاً للجمهوريين، لكن لم يظهر بعد دليل موثوق به على أن الرئيس متورط في أي نشاط غير قانوني.
وهانتر بايدن (53 سنة) الذي تعافى من إدمان سابق على المخدرات، يخضع حالياً لتحقيق من قبل مدع خاص من وزارة العدل الأميركية في شأن تهرب ضريبي محتمل، ويتوقع أن يتم توجيه الاتهام إليه بنهاية سبتمبر (أيلول) بجريمة فيدرالية أخرى هي حيازة سلاح ناري.
تنديد بـ"الدوافع السياسية"
إلا أنه لم يتم توجيه أي اتهام إلى هانتر في جرائم مرتبطة بتعاملاته التجارية خارج الولايات المتحدة.
وكان مكارثي يتعرض منذ أشهر لضغوط من الجناح اليميني في الحزب لفتح تحقيق في وجود أسباب موجبة لعزل بايدن البالغ 80 سنة والساعي إلى ولاية رئاسية ثانية في الانتخابات المقررة في نوفمبر (تشرين الثاني) 2024.
وسارع البيت الأبيض إلى التنديد بـ"الدوافع السياسية" لقرار الجمهوريين.
وقال الناطق باسم البيت الأبيض إيان سامز عبر منصة "إكس"، "حقق الجمهوريون في مجلس النواب بشأن الرئيس تسعة أشهر ولم يعثروا على أي دليل على ارتكاب أي مخالفة".
"كذب على الشعب الأميركي"
لكن مكارثي الذي اضطر لتسوية مع اليمين المتطرف في حزبه للفوز بمنصب رئيس مجلس النواب، قال إن "ادعاءات إساءة استخدام السلطة والعرقلة والفساد" ضد بايدن "تستدعي إجراء مزيد من التحقيقات من جانب مجلس النواب".
وأضاف "لقد وجدنا أن الرئيس بايدن كذب على الشعب الأميركي في شأن معرفته بالتعاملات التجارية الخارجية لعائلاته"، متحدثاً عن أن "السجلات المصرفية تظهر تحويل دفعات بنحو 20 مليون دولار إلى أفراد عائلة بايدن وشركائهم عبر شركات وهمية مختلفة".
وستتولى التحقيق في ما إذا كانت هناك أسباب لعزل الرئيس لجنة نيابية يهيمن عليها الجمهوريون، وأكد مكارثي "سنذهب إلى حيث تأخذنا الأدلة".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وزعيم الجمهوريين في مجلس النواب، الذي يرتبط بقاؤه في موقعه بأصوات الجناح اليميني المتطرف، كان قد تعهد طرح مسألة التحقيق على التصويت قبل الشروع في إجراءات العزل.
لكنه تراجع عن ذلك بضغط من الجناح اليميني في الحزب، وخشية ألا يتمكن من جمع الأصوات الكافية في المجلس.
وقال المتحدث باسم البيت الأبيض سامز إن مكارثي "تعهد بإجراء تصويت لبدء العزل، لكنه تراجع عن ذلك بسبب عدم توافر التأييد الكافي له". وبموجب الدستور الأميركي، يمكن عزل الرئيس في حالات "الخيانة، والرشوة، أو غيرها من الجرائم الكبرى والجنح".
وأبدى عدد من النواب الجمهوريين المعتدلين شكوكهم بمسألة عزل بايدن.
"أمر من ترمب"
وندد النواب الديمقراطيون بالخطوة، قائلين إنها ممارسة بحت حزبية تهدف إلى الانتقام من محاولة العزل المزدوجة التي قام بها مجلس النواب في حق الرئيس الجمهوري السابق دونالد ترمب.
وقالت النائبة الديمقراطية عن فلوريدا ديبي فاسرمان شولتس "ليست هناك أي أدلة... كل ما هناك مجرد أمر من ترمب لبدء إجراءات العزل".
أما النائب الديمقراطي جيرولد نادلر، وهو عضو اللجنة التي ستتولى التحقيق، فشدد على عدم وجود "أي أساس لبدء هذا التحقيق المزعوم".
وأضاف "لم يرتكب الرئيس بايدن أي خطأ... قد يفلح رئيس المجلس مكارثي في الاحتفاظ بمنصبه ليوم إضافي، لكنه رضخ مرة جديدة إلى العناصر الأكثر تطرفاً في الحزب الجمهوري".
الأوفر حظاً
واعتبر عمار موسى المتحدث باسم حملة بايدن لانتخابات 2024، أن الخطوة التي اتخذها مكارثي "حيلة سياسية".
ويعد ترمب الأوفر حظاً لنيل ترشيح الحزب الجمهوري لمواجهة بايدن في انتخابات 2024، إلا أن الرئيس السابق يواجه اعتباراً من مارس (آذار) المقبل إجراءات محاكمة في واشنطن في قضية محاولة التلاعب بنتائج الانتخابات الرئاسية لعام 2020 التي خسرها لصالح بايدن.
وترمب الذي فاز بانتخابات 2016 على حساب هيلاري كلينتون، واجه إجراءات عزل مرتين من قبل مجلس النواب خلال ولايته التي امتدت أربعة أعوام، أولهما عندما ثبت بأنه منع عن أوكرانيا مساعدات عسكرية بينما كان يطالبها بكشف معلومات تدين بايدن، والثانية للتحريض على التمرد لمنع المصادقة على فوز بايدن في 2020.
وتمت تبرئته في كلا المرتين من قبل مجلس الشيوخ الذي كان يهيمن عليه الجمهوريون.