ملخص
لا يبدو أن الرئيس السابق دونالد ترمب أو الحالي جو بايدن في عجلة من أمرهما في ما يخص قيادة حملاتهما الانتخابية لعام 2024
بينما يكرس منافسو ترمب وبايدن وقتهم للتفاعل مع الناخبين في مجالس المدن في أنحاء ولاية كارولاينا الجنوبية، وتعزيز العلاقات مع رواد الأعمال في ولاية نيو هامبشير، وزيارة مقاطعات ولاية آيوا الـ99، بالكاد يقوم المرشحان الرئيسان للرئاسة عن حزبيهما، الرئيس السابق دونالد ترمب والرئيس جو بايدن، بجولات انتخابية في الولايات الحاسمة للتصويت المبكر على رغم تصاعد المنافسة مع قدوم فصل الخريف.
وشارك بايدن في موكب نقابي بفيلادلفيا الإثنين الماضي، لكنه لم ينظم سوى مهرجان انتخابي واحد خلال أكثر من أربعة أشهر منذ بدء حملته الانتخابية لعام 2024. على الجانب الآخر، توقف ترمب الذي انتقد استراتيجية بايدن سابقاً ووصفها بـ"الاختباء في القبو" في 2020 عن المشاركة في الحملات لثلاثة أسابيع، آخرها كان في معرض ولاية آيوا في الـ 12 من أغسطس (آب) الماضي.
وتسلط الجداول الزمنية الضوء على واقع مفاده بأن بايدن الديمقراطي، وترمب الجمهوري، على رغم تصنيفات التأييد الوطنية والدولية غير المرضية، يظلان المرشحين الأبرزين. يواجه بايدن معارضة رمزية فقط من الناشط المعارض للتلقيح روبرت إف. كينيدي الابن الذي يحظى بتقدير أكبر من قبل الجمهوريين. وفي المقابل، يحتفظ ترمب حالياً بتفوق على منافسه الأقرب إليه، وذلك وفقاً لاستطلاعات الرأي الأخيرة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقال ويت آيرز، المحلل البارز لاستطلاعات الرأي من الحزب الجمهوري، "عندما تكون في مقدمة المتنافسين خلال المراحل التمهيدية، تبدو الحاجة لجهود الحملات الانتخابية أقل أهمية"، خصوصاً في هذه المرحلة التمهيدية من السباق.
وقبل أربعة أشهر من بدء التصويت عام 2024، يعمل كل من بايدن وترمب على بث أجواء الحتمية [على نتائجها]، إذ عمل بايدن على استغلال منصبه الرئاسي وجعل جولاته الوطنية وسيلة لتسليط الضوء على إنجازاته، بينما فضل ترمب في أوقات عدة الابتعاد من المناسبات التي تشمل المرشحين الجمهوريين الآخرين، وحتى غاب عن المناظرة التمهيدية الأولى لحزبه الشهر الماضي، إلا أن أسباب هذا الغياب النسبي في الحملات الانتخابية للمرشحين تظل متنوعة ومختلفة.
ويبدو فريق ترمب منكباً في مواجهة التهم الجنائية التي يواجهها الرئيس السابق الآن في أربع ولايات قضائية منفصلة تتهمه بمحاولة إلغاء نتائج انتخابات عام 2020 بشكل غير قانوني وإدراج أموال دفعت مقابل الصمت [للممثلة الإباحية ستورمي دانييلز] بشكل مغلوط في سجلات تجارية والتعامل بإهمال مع مستندات حكومية سرية بعد انتهاء فترة رئاسته ومحاولاته لعرقلة التحقيق بهذه التهمة الأخيرة.
واشتكى ترامب من أن المحاكمات الوشيكة ستجبره على التوقف عن الحملات الانتخابية.
وفي تصريح أثناء زيارته الأخيرة لولاية نيو هامبشير في أغسطس الماضي، قال: "عذراً، لن أتمكن من الذهاب إلى آيوا اليوم ولن أكون قادراً على الذهاب إلى نيو هامبشير اليوم لأنني قابع في قاعة المحكمة معطلاً وقتي بأمور لا جدوى منها".
ومع ذلك، تحولت جلسات واستدعاءات ترمب أمام المحاكم إلى أداة دعائية فاعلة تعد من أبرز فعاليات حملته الانتخابية. فقد استقطبت رحلاته إلى السجون والمحاكم في نيويورك وميامي وواشنطن وأتلانتا الاهتمام الإعلامي، حيث تتبعت تحركاته بواسطة طائرات هليكوبتر إخبارية وبث مباشر عبر شاشات التلفزيون وعلى منصات الإنترنت. وساعدت صورته الجنائية التي طبعت على قمصان وأكواب وملصقات، في جمع أكثر من 20 مليون دولار لحملته خلال شهر أغسطس وحده.
وأفاد مساعدوه بأن جدول أعماله سيزداد نشاطاً بعد عطلة عيد العمل [الرابع من سبتمبر/أيلول الجاري]، إذ سيقوم بجولات إلى آيوا وداكوتا الجنوبية خلال الأسبوع المقبل - على رغم أنهما ليستا ولايتين حاسمتين في الانتخابات التمهيدية أو العامة - ومن ثم إلى ولاية كاليفورنيا. وإضافة إلى ذلك، سيكون مشغولاً خلف الكواليس. وفضلاً عن لعب الغولف والاجتماعات مع محاميه، شارك ترمب في مدونات صوتية (بودكاست) ذات توجهات محافظة، وقام بتصوير فيديوهات تُبَث على منصته الاجتماعية "تروث سوشيال"، وحضر حفلات جمع تبرعات، سواء في ناديه في نيو جيرسي أو في ولايات أخرى.
وخلال الشهر الماضي، سافر إلى ناشفيل في ولاية تينيسي لحضور حفل جمع تبرعات جذب مئات الحاضرين، بما في ذلك الموسيقيان كيد روك وجون ريتش وسائق ناسكار السابق داريل والتريب، لمناقشة الاجتماع الخاص في فندق "فور سيزونز"، وذلك وفقاً لشخص شهد الحدث ولكن طلب عدم الكشف عن هويته.
وفي الأسبوع الأخير، استضاف ترمب عائلات أفراد الجيش الذين لقوا حتفهم خلال عملية الانسحاب الفوضوية من أفغانستان. وفي الأسبوع الذي سبقه، نظم حفلاً لجمع التبرعات لمصلحة "مشروع حرية الوطن" Patriot Freedom Project، وهو تنظيم يدعم أولئك الذين شاركوا في الهجوم على الكونغرس الأميركي في السادس من يناير (كانون الثاني) 2021.
وذكر المساعدون أنه كان يركز أيضاً على بناء العلاقات، إذ أجرى اتصالات مع مسؤولي الحزب وقام بتسجيل فيديوهات لفعاليات حزبية على مستوى الولايات والمقاطعات. وأكدوا أن هذه الجهود أسهمت في حصوله على تأييد من أعضاء مجلس الشيوخ وأعضاء مجلس النواب والمسؤولين على مستوى الولاية.
وأقروا أيضاً بأن التجمعات الضخمة التي امتازت بها حملاته السابقة والتي كان يقوم بها أسبوعياً في هذه الفترة من عام 2015، تكلف كثيراً من الأموال، لا سيما أن حملاته السياسية تقوم بتخصيص عشرات ملايين الدولارات لتغطية الأتعاب القانونية للدفاع عنه وعن حلفائه. وفي أماكن التجمعات، ألقى ترمب خطابات في فعاليات منظمة وممولة من قبل الأحزاب في الولايات وقام بزيارات غير معلنة إلى مطاعم محلية، حيث يتفاعل مع مؤيديه.
في ولاية نيو هامبشير، المعروفة بأنها من أولى ولايات التصويت، أشار المحلل الاستراتيجي الجمهوري المخضرم مايك دينيهي إلى أن ترمب "يبذل بالضبط نسبة الجهد المطلوبة لضمان بقائه في الصدارة". بينما أكد دينيهي أن حملة ترمب الشاملة [على مستوى الوطن] "تعمل بنشاط أكبر من أي وقت مضى في تاريخ حملاته السابقة"، مضيفاً "المتنافسون في التصفيات الجمهورية لا يشكلون تحدياً جدياً لترمب، مما يمنحه الفرصة لبذل أقل جهد ممكن والحفاظ على ريادته".
وفي المقلب الآخر، قام بايدن بحملة انتخابية أكثر تواضعاً حتى.
ودافع الرئيس عن مبادرة اللجنة الوطنية الديمقراطية Democratic National Committee لجعل ولاية كارولاينا الجنوبية، الأولى التي تنطلق منها الانتخابات التمهيدية الرئاسية للحزب عام 2024، مختلفاً بذلك عن الجمهوريين الذين لا يزالون يبدأون [التصويت] بولاية آيوا. ومع ذلك، لم يقم بايدن بزيارة كارولاينا الجنوبية بصفته مرشحاً لعام 2024.
وبينت حملة إعادة انتخابه أن نهجه يشبه ذلك المتبع من قبل الرؤساء السابقين الذين سعوا إلى انتخابهم لولاية ثانية، بما في ذلك الرئيسان باراك أوباما وجورج دبليو بوش. ويروج بايدن بشكل متكرر لإنجازاته في السياسة ويعمل على تخفيض كلف حملته، في حين يعمل مع الديمقراطيين على مستوى الوطن والولايات لتعزيز فرق العمل وعمليات جمع البيانات، تمهيداً لاستغلالها عندما تحتدم المنافسة العام المقبل.
وحضر الرئيس حفلات تبرع في جميع أنحاء البلاد لمصلحة حملة إعادة انتخابه وزار لأغراض رسمية ولايات تشهد صراعات حاسمة مثل أريزونا. وذهب إلى معاقل الجمهوريين، بما في ذلك يوتا وتكساس وألاباما.
وعند وصوله إلى تلك المناطق، يخلط الأمور كثيراً بين السياسة ومنصب الرئاسة، إذ يحتفي بأمور مثل قانون البنية التحتية المدعوم من الحزبين الذي وافق عليه الكونغرس العام الماضي، بينما ينتقد الجمهوريين لمعارضتهم اقتراحات في مجال الطاقة الخضراء والرعاية الصحية التي يزعم أنها توفر وظائف وتقلل الكلف للأميركيين.
ومن جانبه، صرح إد رنديل، الحاكم الديمقراطي السابق لولاية بنسلفانيا: "تحصل على تقدير كبير عندما تؤدي وظيفتك ويميل الناس إلى الاستماع إليك أكثر عندما لا تتحدث عن إعادة انتخابك الشخصي ولكنك تتحدث فقط عن تنفيذ أمر فيه مصلحة للبلاد. هذه ميزة حقيقية. يمكن للرئيس الحالي مواصلة البقاء في منصبه كالمعتاد".
وخلال الأسبوع الماضي، قاد بايدن جولة في عيد العمل إلى فيلادلفيا، المكان الذي أقيم فيه مهرجان حملته الانتخابية الوحيد. وجرى ذلك داخل مركز المؤتمرات في المدينة، حيث تكفلت بعض أكبر النقابات في البلاد بتمويل حدث في يونيو (حزيران) الماضي بعد إعلان تكاتفها للمرة الأولى لتقديم تأييد مشترك لبايدن.
وتستحضر عودة بايدن لولاية بنسلفانيا ذكريات الحملة الانتخابية لعام 2020 التي تأثرت بتداعيات جائحة "كوفيد-19"، إذ قام بايدن بزيارة هذه الولاية أكثر من أي ولاية أخرى. وعلى رغم أنه كان عضواً في مجلس الشيوخ عن ولاية ديلاوير، فإن ولادته في سكرانتون بولاية بنسلفانيا تظل محور حديث وتركيز في خطابه وحديثه بشكل متكرر.
وأدلى مايك ميكوس، المستشار الديمقراطي ذو الخبرة الطويلة في بيتسبرغ، بتصريح قال فيه: "أعتقد بأن هذا التصرف يشير إلى حملة تستمد العبر من الخبرات التي جمعت عام 2020، حين ارتفعت أهمية بنسلفانيا بشكل كبير - حتى خلال الحملة الانتخابية المحدودة"، مضيفاً "إذا اعتبرتها محسومة لك فقد يسفر ذلك عن فقدانها".
وبالطبع، التركيز بشكل كبير على ولاية واحدة ربما يؤدي إلى تفاوت في الجهود في مناطق أخرى. وأحد أبرز الأمثلة على ذلك عدم قيام هيلاري كلينتون بحملة في ولاية ويسكونسن عقب انتخابات الديمقراطيين لعام 2016 فخسرت فيها الولاية بفارق ضئيل أمام ترمب. ولكن بن وايكلر، رئيس حزب الديمقراطي في ولاية ويسكونسن، لفت إلى أن أول رحلة لبايدن كرئيس كانت إلى ولاية ويسكونسن.
وأضاف وايكلر "تبدو الدورة الانتخابية هذه وكأنها نقيض عام 2016". ويردف مشيراً إلى مناطق التأييد التقليدي للديمقراطيين (الجدار الأزرق) في ولايات ويسكونسن وميشيغان وبنسلفانيا، "هذه إدارة تدرك في جوهرها أن تعزيز التأييد في الجدار الأزرق هو مسار الفوز في انتخابات إعادة الانتخاب عام 2024".
جيل كولفن كتبت تقريرها من نيويورك، وأسهم الكاتب جوناثان ماتيس من وكالة "أسوشييتد برس" في مدينة ناشفيل بولاية تينيسي في هذا التقرير.