Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

فقراء غزة يستطلعون مصير أموال الحماية الاجتماعية

80 ألف رب أسرة بدأت مخصصاتهم تتراجع قبل 6 سنوات وأصبحوا يتلقون مئة دولار بدلاً من 600

تظاهر المستفيدون من نظام الحماية الاجتماعية حاملين لافتات تنديدية (اندبندنت عربية - مريم أبو دقة)

ملخص

أين ذهبت أموال الحماية الاجتماعية لفقراء غزة؟

منذ ثمانية أشهر ينتظر معتصم وهو مبتور الطرفين ويتنقل على كرسي متحرك، رسالة نصية تفيد باستلام الدفعة المالية التي تصرفها له وزارة التنمية الاجتماعية كمخصصات نقدية لعجزه عن العمل وإعالته من الفقر المدقع الذي يعيشه.

ويتلقى معتصم هذه النقود، ضمن برنامج وطني يسمى "نظام الحماية الاجتماعية" والذي يهدف إلى تخفيف حدة الفقر بين الفلسطينيين ورعاية وتمكين الفئات المهمشة، وذلك في إطار الحفاظ على هذه الطبقة من تفشي الفقر بينهم وتنميتهم بشكل يجعلهم فعالين في المجتمع.

حماية اجتماعية

وتشرف وزارة التنمية الاجتماعية بشكل مباشر على "نظام الحماية الاجتماعية" ويساعدها في ذلك الاتحاد الأوروبي والبنك الدولي، وبموجب هذا البرنامج فإنه يتوجب على السلطة الفلسطينية دفع مخصصات نقدية للفئات المستفيدة بقيمة 600 دولار كل ثلاثة شهور.

وعلى رغم ذلك، فإن معتصم لم يتسلم منذ بداية العام الحالي أي دفعة نقدية من مخصصات البرنامج الوطني، بسبب تأخير السلطة الفلسطينية في صرفها، نتيجة الضائقة المالية التي تعاني منها وظروف أخرى.

وبعد هذه الفترة الطويلة، وصلت إلى معتصم رسالة الحوالة المالية التي طال انتظارها، لكنه صدم عندما قرأ "تم تحويل الراتب لحسابكم بقيمة 100 دولار"، تسمر صاحب الإعاقة في مكانه ولم يعرف كيف يتصرف.

معتصم لديه التزامات طائلة، فهو يشتري علاجه من الصيدلية بالدفع الآجل، ووصلت فاتورة ديونه للبقالة نحو 400 دولار، كما أنه لا يستطيع توفير مأكل بيته ويعتمد على المعونات الخيرية التي تأتيه، وفي الوقت نفسه لديه أطفال يستعدون إلى العودة للمدارس.

خصم مخصصات

من ناحية رسمية، قال مفوض لجنة منتفعي "الشؤون الاجتماعية" في قطاع غزة صبحي المغربي، إنهم تفاجؤوا بصرف 100 دولار فقط من قيمة مخصصاتهم، وهذا يعني أن السلطة الفلسطينية اقتطعت 83 في المئة من نقودهم التي ينتظرونها منذ بداية العام.

 

 

وكما معتصم صدم جميع المستفيدين من الحسم الكبير بمخصصاتهم، إذ يستفيد من "نظام الحماية الاجتماعية" أكثر من 80 ألف رب أسرة في قطاع غزة، 53 ألف من المنتفعين مصنفين أنهم كبار السن وأصحاب أمراض مزمنة، و28 ألف من ذوي الإعاقة، إضافة إلى ما يزيد على 11 ألف سيدة مطلقة أو أرملة، وذلك بحسب بيانات وزارة التنمية الاجتماعية.

ولا تقتصر مشكلة مستفيدي برنامج "نظام الحماية الاجتماعية" على الحسومات الكبيرة، بل يعاني هؤلاء من مشكلة معقدة، بدأت عام 2017 عندما قلصت السلطة الفلسطينية دفعات المستفيدين والذين يطلق عليهم "الشؤون الاجتماعية" من أربع دفعات سنوية إلى دفعتين في العام، لكن بقيمة تقارب 600 دولار.

استبعاد إجرائي

وتفاقمت الأزمة في الفترة من عام 2018 حتى عام 2020، إذ أجرت السلطة الفلسطينية تقليصاً آخر، وأصبحت تدفع مرة واحدة للمنتفعين، كما خفضت قيمة النقد إلى أقل من 200 دولار، وفي هذه الفترة استبعدت وزارة التنمية الاجتماعية عدداً كبيراً من المستفيدين الذين تبين أنهم يعملون ولو في مهن غير مستقرة، إذ من شروط الاستفادة عدم العمل.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ووصلت مشكلة الشؤون الاجتماعية ذروتها عام 2021 و2022 وفيه لم تصرف السلطة الفلسطينية أي مخصصات مالية للمستفيدين، وحينها قال وزير التنمية الاجتماعية أحمد مجدلاني إن "السبب يعود لعدم التزام الشركاء في الوفاء بتعهداتهم المالية، وليس مماطلة وتسويف لعدم صرف المستحقات".

ومع نهاية عام 2022 صرفت التنمية مرة واحدة للمستفيدين دفعة مالية كاملة، ولم تكررها حتى 15 أغسطس (آب) الجاري، لكن مع عودتها للدفع من جديد خفضت القيمة المالية إلى 100 دولار وعملت على تقليص المنتفعين.

وباختصار، فإن منتفعي الشؤون الاجتماعية منذ حوالى ست سنوات لم يتلقوا سوى ست دفعات مالية، بينما من المفترض أن تصرف لهم المخصصات 18 مرة، وهو ما اعتبروه أنهم لم يتلقوا أي أموال خلال تلك الأعوام الطويلة والثقيلة عليهم.

استقطاعات السلطة

وبحسب مفوض المنتفعين صبحي المغربي فإنه منذ بداية أزمة الشؤون الاجتماعية عام 2017 وصلت الخصومات والاستقطاعات التي فرضتها السلطة الفلسطينية على المنتفعين ما يقارب من مليار دولار أميركي.

وتحول ملف منتفعي الشؤون الاجتماعية في غزة إلى قضية رأي عام، وعلى إثر شكوى المستفيدين ثار السكان استهجاناً، وعبروا على ذلك في مواقع التواصل الاجتماعي، واحتج المستفيدون على تقليص مخصصاتهم المالية، وشاركوا في تظاهرات شعبية واسعة، وحملوا لافتات تنديدية.

يوضح المغربي أن "الأسر كانت تلك تنتظر بفارغ الصبر لحظة صرف المخصصات، لكن تفاجأنا بتقليص قيمة الدفعة، وهذا يعني أن هذه الفئة لم تعد على رأس أولويات السلطة الفلسطينية، التي يتوجب عليها تحمل المسؤولية الكاملة تجاه المنتفعين"، مؤكداً أن سياسة التسويف والمماطلة تهدف إلى تجويع المستفيدين ومحاولة مسح سجل الشؤون الاجتماعية.

الأزمة المالية

ومن ناحية الحكومة الفلسطينية أشار الوزير أحمد مجدلاني إلى أن تأخر صرف مستحقات المنتفعين وتقليص جزء منها جاء لعدم توافر التمويل اللازم لذلك، وليس كما يشاع تهرب من الاستحقاقات ومحاولة لشطب هذا الملف.

وأضاف مجدلاني "تعاني السلطة الفلسطينية من أزمة مالية ضخمة، بخاصة في ظل استحواذ إسرائيل على عوائد الضرائب، إضافة إلى تأخر أو عدم وفاء المانحين بتعهداتهم المالية أو تقليصها أحياناً، الخصومات التي أجريت لم يكن لها رصيد، لأن الاتحاد الأوروبي لم يدفع مساهماته، وليس كما يقال لأنها حولت لخزينة المالية".

 

 

لكن للمغربي رأياً آخر، إذ يوضح أن الاتحاد الأوروبي يغطي من موازنة مخصصات الشؤون الاجتماعية نحو 82 في المئة، والبنك الدولي واحد في المئة، والسلطة الفلسطينية 17 في المئة، وهذا العام دفع المساهمون حصصهم كاملة، لتغطية 66 ألف أسرة مستفيدة.

رد أوروبي

من جهته أكد مسؤول الاتصال والمعلومات بالاتحاد الأوروبي في الأراضي الفلسطينية، شادي عثمان أنهم دفعوا 22 مليون يورو لصرف المخصصات الاجتماعية، وهذه الحصة الكاملة التي يجب على الاتحاد الوفاء بها ليستفيد منها 71 ألف أسرة مسجلة أسماؤهم في الكشوفات التي وصلتهم، متابعاً "دفعنا المساهمات المالية هذا العام كما كنا نفعل طوال 17 عاماً مضت".

وحول عدم الخصم الذي أجرته وزارة التنمية الاجتماعية، أوضح عثمان أنه وفقاً للاتفاقيات يتوجب على السلطة الفلسطينية صرف دفعة نقدية لأكثر من 37 ألف عائلة من موازنة الحكومة لكن ضمن الإمكانيات المالية المتاحة لهم.

وتؤكد نائبة ممثل الاتحاد الأوروبي ماريا فيلاسكو أنهم ما زالوا ملتزمين بدعم نظام الحماية الاجتماعية الفلسطيني لتخفيف الأزمة المالية على السلطة الفلسطينية، ومحاولة حل العقبات المالية غير المسبوقة لهذا البرنامج، لضمان استدامة النظام الفلسطيني للمخصصات الاجتماعية، إذ إنها حق جوهري ويجب ضمان وصوله.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي