Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مجلس الأمة الكويتي يعاود طرق باب أسلمة القوانين بدفعات أسبوعية

مطالبات نسائية بإيقاف العبث بالمرأة ومختصون يرون أن هناك توجهاً إسلامياً في المجلس الحالي وأن ما يحدث "انعكاس لخيارات الشعب"

رفضت نخبة من النساء الكويتيات المقترحات التي تقصي المرأة عن حقها الدستوري في القضاء والحياة المدنية (اندبندنت عربية)

ملخص

يرى مراقبون أن هؤلاء النواب يمثلون شريحة كبيرة من المجتمع الكويتي، وقد تكون أسباب أخرى دفعت الناخبين إليهم كالانتخاب على أساس قبلي وعائلي من دون النظر للتوجه السياسي والديني للمرشح

أثارت اقتراحات النواب في مجلس الأمة الكويتي التي قُدمت خلال دور الانعقاد الأول من الفصل التشريعي السابع عشر، جدلاً في المجتمع الكويتي.
وكانت الانتخابات النيابية التي نتج منها فوز أكثرية من المعارضة ورموز التيارات الإسلامية، قد أعادت إلى الواجهة السياسية، عنصر المراقبة والتحليل والانتقاد لأداء هؤلاء النواب المنتخبين، الذين يواجهون تيار الليبراليين في مجلس الأمة.
ووافقت الحكومة على مقترحات عدة رفعها النواب بعد موافقة غالبية أعضاء مجلس الأمة.

وأثارت بعض المقترحات التي قُدمت في الأسابيع الماضية، والتي تخص المرأة وتقييد حريتها، بأنها عودة إلى تفعيل مجموعة مقترحات قدمها مرشحون لمجلس الأمة في سبتمبر (أيلول) 2021، تحت مسمى "وثيقة القيم" والتي تتضمن 12 بنداً تطالب بعدد من الأمور مثل منع الاختلاط في الجامعات ومعارضة نوادي السباحة والمهرجانات الرياضية.

تقييد ووصاية

ورصدت الصحافة والشارع الكويتي هذه المقترحات النيابية بأنها "وصاية إسلامية لا تلائم طبيعة الكويت المدنية، وتقويض لبنود دستور الدولة المدنية الذي أُعلن عنه عام 1962، وقد ورد في المادة 6 من الدستور الكويتي بأن نظام الحكم ديمقراطي".

من ناحية أخرى، يرى الليبراليون في المجتمع الكويتي أن بعضاً مما قدمه النواب هو بمثابة "أسلمة القوانين والتشريعات"، وهي 13 مقترحاً تضمنت منع النساء من العمل في سلك القضاء، ومنع غير المحجبات من الترشح للانتخابات، وإعادة الرقابة المسبقة على الكتب، ومنع الاختلاط في التعليم، وحظر المهرجانات وبعض الحفلات، وتعديل قوانين بما يتنافى مع الحريات، وتجريم الوشم وعمليات التجميل، ومنع أنشطة الطاقة ورياضة اليوغا، ووضع ضوابط متشددة لاستخدام مواقع التواصل الاجتماعي.

وكتب رئيس تحرير صحيفة "السياسة" الكويتية، أحمد جار الله، في مقال له، "نحن اليوم أمام اقتراحات أقل ما يقال فيها إنها نكوص على القيم الكويتية، وخروج على المبادئ الدستورية التي منحت هؤلاء حق التحدث علناً، وأن يكونوا نواباً، لكنهم بدلاً من الاستفادة من هذا الحق، خرجوا علينا بما يجعلهم أولياء أمور الكويتيين، وهنا نسأل: من منحهم هذه السطوة، أليست الحكومات التي خضعت لهم، على أمل تمرير صفقات عدم محاسبة هذا الوزير أو ذاك؟".

وحاولت "اندبندنت عربية" الحصول على تعليق من نواب مجلس الأمة الحالي لكن لم يتم الرد على استفساراتها.


أوقفوا العبث

ورفضت نخبة من النساء الكويتيات المقترحات التي تقصي المرأة عن حقها الدستوري في القضاء والحياة المدنية، ودعت ست جمعيات نفع عام كويتية في بيان نُشر الشهر الماضي، إلى "وقف العبث بمكتسبات المرأة الكويتية"، منتقدةً بعض الأطروحات في مجلس الأمة التي تعادي مسيرتها والحريات العامة في البلاد، ومطالبةً النواب "الالتزام بالدستور كما ارتضاه الشعب"، وكذلك "التراجع عن استهداف المرأة ومحاولة تحجيم دورها".

وأشار البيان إلى أن "بعض النواب دأبوا على التركيز الشديد على الحريات الشخصية وتحجيمها بعدة وسائل وطرق، تتصدرها لجنة الظواهر السلبية البرلمانية التي تطرح أطروحات هامشية، مثل وضع قواعد لعمليات التجميل، ومنع الوشم، بينما تناسوا قضايا الوطن الملحة، ومنها تطوير التعليم، والقضاء على الفساد المستشري واستباحة المال العام. وأكدت ضرورة إلغاء الظواهر السلبية لأن دورها معادٍ لروح الدستور وتركيبة المجتمع الكويتي المتحضر، فضلاً عن تشتيتها الانتباه عن القضايا المصيرية للبلاد".

قضايا هامشية

من جانبه، قال الباحث السياسي الكويتي عايد المناع لـ"اندبندنت عربية"، "أعتقد أن الإنجازات ليست كبيرة، وبسبب قصر المدة أُنجزت عدة قوانين في ما يتعلق بالميزانية وهناك قوانين تتعلق بالشأن العام بشكل أو بآخر، وأعتقد أن طرحاً قد لا يكون ذا أهمية مثل قضايا الوشم وعيادات ومراكز التجميل وما شابه ذلك، هذه بالحقيقة ليست من اهتمامات الناس، ويدخل في الحريات الشخصية البحتة، وربما يكون هناك بعض الأمور لا يستطيع المشرع فيها تغيير ما يخضع للتربية وما تتمتع به الأسر".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ووصف المناع المقترحات الأخيرة "أنها محاولات لا تتناسب مع الدولة الحديثة ودور المرأة في القرن الواحد والعشرين"، مضيفاً "نعم، لقد تم إنجاز هيئة الانتخابات وتعديل قوانين المحكمة الدستورية، هذه قد يكون لها نقاش آخر. وتُسجَل للمجلس إنجازات، إنما الحريات الشخصية كحرية التعبير وحرية التفكير يجب أن تصان، من دون المساس بالأسس، سواء الأديان أو الأنبياء، والأمور ذات العلاقة بالجانب الديني وحتى الذات الأميرية، هذه ينبغي أن يُسأل عنها الناس، إن أساؤوا. ولذلك أعتقد أن التدخل في الحياة الشخصية وفرض أمور على الأفراد في المجتمع لا تتناسب مع روح الدستور الكويتي الذي ينص على الحرية في الاعتقاد والتعبير والعمل والعبادة، لأن دستورنا يتناسب تماماً مع الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وكل ما يتعارض مع ذلك يكون هناك مجال للطعن فيه".
وأكد المناع "بصريح العبارة هناك توجه إسلامي في مجلس الأمة الحالي، وسيجدونها فرصة لإنجاح محاولاتهم قبل عقود بتغيير المادة الثانية من الدستور ونصها: دين الدولة الإسلام".

انعكاس للشعب

ورأت الكاتبة أسيل عبدالحميد أمين أن "ما لا يجب إنكاره هو أن هؤلاء النواب يمثلون شريحة كبيرة من المجتمع الكويتي، وقد تكون أسباب أخرى دفعت الناخبين إليهم كالانتخاب على أساس قبلي وعائلي من دون النظر للتوجه السياسي والديني للمرشح، وهذا ما يتوقع حدوثه في ظل انحدار الوعي السياسي، والذي تقع مسؤولية رفعه على الحكومة، إضافة إلى عدم وجود أحزاب وقوائم تنظم عملية الانتخابات".

واعتبرت أن "إفساح المجال للتيارات الإسلاموية المتشددة والصمت على تغولها في أوساط المجتمع أحد أهم أسبابه هو قلة الوعي السياسي وتراخي الحكومة في هذا الشأن، وما يشكل ذلك من خطر على حقوق المرأة تحديداً، والتي يريد هؤلاء النواب جرها إلى الخلف ثانية بعد كل هذا التقدم. الكويت التي لطالما كانت الرائدة في المنطقة على صُعد الثقافة والأدب والفنون والمسرح والموسيقى وأخيراً حقوق المرأة، أصبحت ملامحها تتغير تدريجاً رجوعاً إلى الخلف، في حين أن إقليم الخليج تسير عجلات دوله قدماً، وهذا ما سيعود بالضرر على الكويت أولاً والمنطقة ثانياً ما لم تأخذ الحكومة الكويتية خطوة جادة في إصلاح المسير".

واستطردت الكاتبة الكويتية قائلةً "لا شك بأن العمل مستمر من قبل نواب إسلاميين على أسلمة القوانين في الكويت من خلال محاولات حثيثة على مدى عقود باءت أحياناً كثيرة بالفشل، أو تنجح بأضيق الحدود في حين آخر. ومثال على ذلك نجاحهم بتعديل بعض أحكام قانون الجنسية في عام 1982 وإضافة بند يشترط على من يحصل عليها أن يكون مسلماً بالميلاد، أو مضى على اعتناقه الدين الإسلامي وإشهاره خمس سنوات، إضافة إلى قانون منع الاختلاط ما بين الجنسين من الطلبة في عام 1996 لكليات ومعاهد ومراكز جامعة الكويت والهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب، وهو سارٍ حتى اليوم على الجامعات التابعة للقطاع الخاص أيضاً".

وحول مدى اختلاف آراء الشارع الكويتي عن الأطروحات النيابية، علق عايد المناع أن "الشعب هو المسؤول عن وصول هؤلاء النواب عبر مجموعات من الأصوليين، وهؤلاء يتمتعون بالموافقة على ما يطرح لأن في حالة الرفض سيُشكَك بإيمانهم، ولهذا أعتقد أن هذه المخرجات تعبر عن هذه المجاميع واتجاهاتها الأصولية، والتي حاولت سابقاً تغيير المادة الثانية بالقول إن دين الدولة الإسلام والشريعة المصدر الوحيد للتشريع، لكنها لم تفلح بموافقة ثلثي أعضاء مجلس الأمة ولعدم موافقة الأمير. ولذلك التفوا حول أسلمة القوانين بحيث يتحقق ما يريدون من دون إحداث تعديل دستوري، واعتقد أنهم بهذا الاتجاه ربما تكون الكويت بالنسبة لدول مجلس التعاون، الدولة الدينية البارزة في هذا الاتجاه، وقد تلتحق بركب طالبان في أفغانستان، حتى وإن كان هذا ما يُنفى من قبلهم، ولكن الاتجاه يشير إليه".

وختم الباحث السياسي حديثه بالقول "ليس لنا أن نصادر الحق، على الغالبية التشريع في ما تختار، ولكن عليهم أن يأخذوا في الاعتبار أننا في عصر مختلف عما يحلمون به. وبالحقيقة كل ما شرعوا لتقييد الحريات الشخصية يمارسها أبناءهم خارج الكويت وبالذات في الدول الأوروبية وأميركا. ونتمنى من الإخوة النواب الاهتمام بالصحة والسكن والتعليم العلمي الحقيقي، ويتركوا الباقي لأهل الاختصاص من التربويين والأسر والمعنيين بالحياة الشخصية".

 

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير