Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مراجعة قانون الأحزاب في الجزائر بين الترحيب والتخوف

يرى مراقبون أن التعديل من أجل حرية أكبر أمر مرحب به أما التغيير باتجاه مزيد من التشديد فمناف للمنطق

تراجع أداء الأحزاب في الجزائر منذ بدء الحراك الشعبي في عام 2019 (مواقع التواصل)

ملخص

يعد عزوف الشارع عن ممارسة السياسة من أسباب الموت السريري للأحزاب في الجزائر

عاد النشاط الحزبي ليشغل الطبقة السياسية في الجزائر، بعد إعلان الرئيس عبدالمجيد تبون إخضاع قانون الأحزاب للمراجعة، وتقديمه بعض ما يتم التحضير له في السياق ذاته من خلال دعوته إلى تجاوز الأساليب البالية في النشاط الحزبي والتركيز على العمل الفعال القائم على تجنيد الناشطين من الشارع الذي أصبح لم يعد بعد الحراك، بالإمكان تحويله عن مساره.

مراجعة "مفاجئة"

وشدد الرئيس الجزائري في لقاء دوري مع الصحافة المحلية، على أن "الأحزاب حرة في تسطير برنامجها السياسي الخاص بها، غير أن القاسم المشترك الذي يجب أن يكون حاضراً هو الوحدة الوطنية وبيان أول نوفمبر (تشرين الثاني) الذي يدعو إلى بناء دولة ديمقراطية اجتماعية". وأوضح أن "كل ما من شأنه تدعيم الجبهة الداخلية وكل ما له صلة بالخط الوطني مرحب به".
ويظهر جلياً أن السلطة في الجزائر غير راضية على بعض الأحزاب، وهو ما أشار إليه تبون بالقول إنه "ليس بإمكانه الاتفاق معها بشأن عدد من النقاط"، مشيراً على سبيل المثال إلى دعوة بعض التشكيلات السياسية إلى إطلاق سراح المتورطين في قضايا نهب المال العام وتهريبه إلى الخارج في حال تعاونهم لاسترجاعه. وشدد تبون على أن "من سرق عليه دفع الثمن، لأن هذه الأمور من الناحية الأخلاقية لا تقاس بالمال فقط". وكشف عن أن التحريات التي أجريت في إطار تنظيم الانتخابات الأخيرة، وعلى وجه الخصوص، انتخابات المجلس الشعبي الوطني (البرلمان)، كشفت عن "محاولة العصابة (عناصر النظام السابق) تقديم 750 مرشحاً فاسداً لدخول البرلمان".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


ركود على الساحة السياسية

في السياق، اعتبر الناشط السياسي عبد الحليم بن بعيبش، أنه "بات من الضروري تنظيم الساحة السياسية في الجزائر لأن الوضع الحالي غير مقبول"، موضحاً أن "60 في المئة من التشكيلات الناشطة على الساحة دخلت في حالة موت سريري، وهي لم تعد أحزاباً إلا بالاسم والاعتماد فقط، بالتالي فإن تعديل قانون الأحزاب خطوة إيجابية مبدئياً". وأضاف أنه "إذا كانت المراجعة تهدف إلى توفير حرية أكبر لا سيما في ما يتعلق بالمشاركة في الانتخابات، فهي أمر مرحب به، أما أن يكون التغيير باتجاه مزيد من التشديد فذلك منافٍ للمنطق".
وشدد بن بعيبش على أهمية أن تكون الخطوة "من أجل عمل سياسي حقيقي ومنظم كما يجب أن يكون، لأن العمل الحزبي هو المعيار الحقيقي لأي ديمقراطية"، مشيراً إلى أن "القرار كان متوقعاً بالنظر إلى أن الساحة السياسية أصبحت ميتة". وقال إن "الأحزاب في الجزائر لم تعد تقوم بدورها، وباتت ميكانيكية تنتظر الفعل من السلطة لتقوم برد الفعل، ماعدا بعض التشكيلات".


نشاط حزبي في الوقت بدل الضائع

وأطلقت مجموعة أحزاب ومنظمات نقابية ومجتمعية وشخصيات عامة، محسوبة على الموالاة قبل شهرين، مبادرة وطنية بعنوان "تعزيز التلاحم وتأمين المستقبل"، في شكل تكتل غير مسبوق منذ حراك 22 فبراير (شباط) 2019، حين برر القائمون على المبادرة خطوتهم بـ "تزايد حجم المخاطر التي تحيط بالجزائر، والتحديات التي تمس أمنها واستقرارها وسيادتها وتماسك نسيجها المجتمعي، والحملات الرامية لتشويه مؤسساتها". وأبرزوا أن الهدف من سعيهم هو "وضع إطار جامع للتشاور والحوار والتنسيق والتعاون".
كما أقدم حزب "جبهة القوى الاشتراكية" المعارض على مبادرة موازية موجهة للأحزاب من أجل التشاور بهدف التوجه نحو "عقد تاريخي لاستكمال المشروع الوطني". وقال الأمين الأول للحزب يوسف أوشيش، إن المبادرة ستكون شاملة دون إقصاء، تنأى بها عن الانقسامات الأيديولوجية، لتتوجه إلى جميع القوى السياسية المتشبثة بقيم الديمقراطية والحرية والعدالة الاجتماعية، وهي تستهدف "الوقوف في وجه محاولات، داخلية كانت أم خارجية، من شأنها المساس تحت أي ذريعة كانت بوحدة البلاد وسلامتها وبالدولة ومؤسساتها".

نقطتان مهمتان ومقترح

في المقابل، قال أستاذ العلوم السياسية، سمير حكيم، إنه "بعد الإصلاحات الدستورية والسياسية التي قام بها الرئيس تبون، بقيت بعض الملفات راكدة وخاملة لم تتحرك وحان الوقت لتنشيطها كملف الأحزاب السياسية، ولعل ما جاء في لقائه مع الإعلام المحلي يندرج في سياق توضيح مستقبل النشاط الحزبي في الجزائر". وقال إن "الإشارات تصب في خانة رفض الأفكار الليبيرالية من جهة والتكفيرية الراديكالية من جهة أخرى، ورفض تأسيس الأحزاب بناءً على إملاءات أطراف تكن العداء للجزائر".
وأشار حكيم إلى ضرورة "عرض المراجعة على الطبقة السياسية من أجل مناقشتها وتقديم مقترحات"، مبرزاً أن "هناك نقطتين مهمتين وضروريتين وجب النظر فيهما، الأولى هي تجديد الخطاب السياسي بما يتوافق مع ذهنية الشعب الجزائري الذي أصبح يفقه السياسة جيداً، والثاني تجريم الوعود الانتخابية. أما عن المقترحات فأرى أنه من المهم منح الفرصة لكل من يرغب في تكوين حزب سياسي شريطة التعبئة والنشاط الدائم بما يخدم مصلحة البلاد". وختم أن "عدد الأحزاب السياسية سيرتفع بعد مراجعة القانون، لا سيما أن كثيرين يعانون من التضييق".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير