Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الجزائر تحيي ذكرى الحراك الشعبي فهل طوى تبون صفحة بوتفليفة؟

السجالات لا تنتهي بين السلطة وأقطاب المعارضة والحقوقيين حول المكاسب الاقتصادية والحريات السياسية ومطالبات بالقضاء على البيروقراطية

تبون يسعى إلى تحريك المياه الراكدة في المشهد السياسي الجزائري (أ ف ب)

ملخص

يحيي #الجزائريون الأربعاء 22 فبراير ذكرى الحراك الشعبي الرابعة وهو حراك أنهى حكم #عبد_العزيز_بوتفليقة

قاد الرئيس #عبد_المجيد_تبون الذي انتخب في 2019 البلاد إلى تغييرات سياسية ودستورية شاملة

يحيي الجزائريون، الأربعاء 22 فبراير (شباط)، ذكرى الحراك الشعبي الرابعة، وهو حراك أنهى حكم الرئيس الراحل عبدالعزيز بوتفليقة الذي كان ينوي الترشح لولاية رئاسية خامسة في 2019.

وتثير هذه الذكرى تساؤلات حول ما تحقق في الأعوام الأربعة الماضية، تلك الفترة التي لم تهدأ خلالها السجالات بين السلطة الجزائرية وبعض أقطاب المعارضة والجماعات الحقوقية، وكان آخرها ذلك الذي جد أخيراً على خلفية إعلان السلطة حل الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان.

وقاد الرئيس عبدالمجيد تبون، الذي انتخب في 2019، البلاد إلى تغييرات سياسية ودستورية شاملة في محاولة منه لبناء ما سماها "الجزائر الجديدة" بحيث سن دستوراً جديداً مرره في استفتاء شعبي، ثم أتم انتخابات برلمانية اتسمت بنسب مقاطعة واسعة، مما أثار شكوكاً حيال قدرته على القطع مع تركة نظام بوتفليقة.

مكاسب كثيرة

يعتقد كثيرون أن الحراك نجح في تحقيق مكاسب عدة على رغم تصاعد الانتقادات الخارجية للوضع الحقوقي في البلاد وهي انتقادات ترفضها السلطة.

ولطالما شكل ملف ما يعرف بمعتقلي الرأي هاجساً يؤرق السلطة الجزائرية التي ترفض الإقرار أصلاً بوجودهم في البلاد، فيما كان تبون سعى إلى تحريك المياه الراكدة في المشهد السياسي من خلال دفع مبادرة لم الشمل في يوليو (تموز) الماضي ودعا مراراً إلى ضرورة رص الصفوف والوحدة الوطنية، خصوصاً في ظل الأوضاع الإقليمية المتقلبة والأزمة مع المغرب.

وقال المحلل السياسي علي ربيج إن "الحراك أفرز عدداً من المكاسب يبقى أولها أننا خرجنا شعباً وحكومة وجيشاً موحدين، واستطعنا أن نجتاز ذلك الامتحان الصعب الذي كان تحدياً كبيراً، فلم تسقط الأرواح ولم تتصد القوات الأمنية لا بالقوة ولا بالسلاح للجزائريين، فكان درساً استخلصناه بأننا يمكن أن نمضي نحو التغيير من دون أي عنف".

أضاف ربيج أن "المكسب الثاني هو الابتعاد عما يسمى المرحلة الانتقالية وفكرة المجلس التأسيسي، وهي نقطة مهمة يغفل عنها بعضهم، ففي عدد من الدول العربية عندما ابتعدت عن الانتخابات سقطت في مراحل انتقالية وفي المجهول"، مشيراً إلى أن "هناك ظروفاً عرفتها الجزائر والعالم، خصوصاً أزمة كوفيد–19 كان لها دور كبير في عرقلة تحقيق كثير من الأشياء".

ورأى أن "الجزائر على يد الرئيس تبون وما بعد الحراك الشعبي المبارك أصبحت واحدة من الدول العربية والأفريقية الصاعدة، بحيث تحقق نمواً بحوالى 3.5 في المئة وأكثر، وهي من الدول القليلة التي رفعت الأجور بعد الأزمة الصحية العالمية وخصصت أيضاً منحة للعاطلين من العمل في حدود 100 دولار، وكذلك رفع الرئيس تبون منحة التقاعد".

ولفت ربيج أيضاً إلى "الإنجازات الدبلوماسية التي حققتها البلاد على يد الرئيس تبون مثل احتضان ألعاب البحر الأبيض المتوسط والقمة العربية وإعلان ميثاق الصلح الفلسطيني والموقف الجزائري الثابت في ليبيا ومالي والوقوف بندية مع فرنسا وتغيير الخطاب معها، فخارجياً فرضت الجزائر احترامها على الجميع الآن".

انقلاب على الحراك

في المقابل، لا تزال أوساط سياسية وحقوقية عدة في الجزائر تعتقد بأنه تم الالتفاف على الحراك الشعبي الذي كان يستهدف إطلاق الحريات السياسية وتحسين الأوضاع المتدهورة اجتماعياً واقتصادياً.

وكان تبون أقر، عام 2020 أي بعد توليه السلطة بأشهر، 22 فبراير عيداً وطنياً تحت شعار "اليوم الوطني للأخوة والتلاحم بين الشعب وجيشه من أجل الديمقراطية".

وقال الناشط الحقوقي صالح حجاب إن "السلطة في الجزائر انقلبت على الحراك بعد إيهامه بأن قيادة الجيش التي تعد الحاكم الفعلي للبلاد منذ 1992 تساند مطالبه".

وأضاف أن "الحراك لم يحقق أي مطلب له، بل بالعكس على المستوى المعيشي هناك من أصبح يحن إلى فترة بوتفليقة، صار هناك شرخ كبير بين أبناء الشعب الواحد بسبب الحملات التي قامت بها السلطة".

وعلى رغم أن تغييرات طرأت على قيادة الجيش، إلا أن حجاب يحمل رئيس الأركان الراحل أحمد قايد صالح مسؤولية إجهاض مطالب الحراك.

كان صالح توفي عام 2020 وحل مكانه قائد الأركان الحالي السعيد شنقريحة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وعلى رغم الانتقادات يحاول تبون إعطاء صورة جديدة عن السلطة في الجزائر وممارساتها، ففي الأيام الأخيرة ندد بتكريمه في غيابه من قبل جامعة "باتنة 1" من خلال لوحة واستعمال عبارات مثل "صاحب الفخامة".

وسارعت الرئاسة الجزائرية إلى إصدار بيان استنكرت فيه هذا التكريم، وتبرأت مما وصفته بـ"التصرف السيئ الذي لا يمت إلى تفكير تبون بصلة"، وفق نص البيان.

لكن حجاب رأى أن "الوجه الجديد للسلطة الحالية يعمل على ترهيب الجزائريين من خلال القمع القضائي والبوليسي ومنع حرية التعبير بغلق كل القنوات التي ترفض اجترار كلامها ومنع حرية الرأي من خلال التضييق على الأحزاب والحركات التي لا تطوف في فلك السلطة، وتواصل التسيير بطريقة عبثية أرهقت كاهل الشعب لأنها أدت إلى تدني مستوى المعيشة".

ويبدو أن الوجوه التي قادت الحراك الشعبي تتحمل هي الأخرى جزءاً من مسؤولية عدم تحقق أهداف هذه الحركة التي منعت بوتفليقة من الترشح لعهدة رئاسية خامسة.

واعتبر حجاب أن "هناك جماعة تصدرت الحراك فشيطنته وشيطنت كل عمل تنظيمي ومن ثم بقيت الصوت الوحيد للحراك". وتابع أن "هذه الجماعة بقلة حنكتها وجريها فقط وراء الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي وبرفضها لأي تفاوض مع السلطة والتناحر معها كرست عقلية العناد السلبي والنقد من أجل النقد وليس التغيير".

نجاحات لم تكتمل

وعلى رغم مرور أربعة أعوام شهدت استمراراً للتضييق على الحريات السياسية والحقوقية، إلا أن التباين يظل سيد الموقف في الشارع الجزائري والطبقة السياسية تجاه التغيرات التي طرأت على البلاد على يد الرئيس تبون.

وكان تبون أعلن في نوفمبر (تشرين الثاني) 2019 برنامجاً انتخابياً يضم 54 التزاماً وهو برنامج قال إنه يرمي إلى تأسيس "الجزائر الجديدة" التي تقطع مع سياسات النظام السابق وممارساته على رغم أن كثيرين اتهموه آنذاك بأنه مرشح ذلك النظام نفسه، خصوصاً أنه كان تولى قبل عامين منصب رئيس حكومة في عهد بوتفليقة.

واعتبر القيادي في حزب "جيل جديد" وليد حجاج أن "الحراك الشعبي حقق نجاحات بالفعل لكنها غير مكتملة تماماً الآن، فأول هدف كان خروج المواطنين من كل الشرائح لوضع نهاية لنظام عبدالعزيز بوتفليقة، وهذا هدف حققه الحراك بالفعل في الثاني من أبريل (نيسان) 2019 بعد استقالة الرئيس بوتفليقة".

واستدرك حجاج في تصريح خاص بالقول "لكن في تلك المرحلة كانت هناك بعض النتائج الأخرى مثل إسقاط رموز الفساد السياسي والإعلامي في الأشهر التي تلت استقالة بوتفليقة والمحاكمات التي تابعناها لهؤلاء".

وأشار إلى أنه "ما زالت هناك أمور عدة يجب إصلاحها، بخاصة على مستوى الحريات الإعلامية، إذ إن هناك صحفاً تنطفئ بسبب ضعف التمويل وهناك أيضاً من يستغلون ساحة الإعلام للترويج لأنفسهم".

وعلى المستوى الاقتصادي، طرح البرلمان الجزائري العام الماضي قانوناً جديداً للاستثمار، فيما يسعى الرئيس تبون إلى استرجاع الأموال المنهوبة والمهربة إلى خارج البلاد وسط غموض يلف محاولاته.

وقال حجاج إن "الجزائر تحتاج إلى كثير من الإصلاحات الاقتصادية مثل القضاء على البيروقراطية وإرساء الحريات الاقتصادية، وهناك قرارات لا يمكن أن نفهمها أصلاً وما إذا كانت تصب في مصلحة الاقتصاد الوطني".

وهذه الانتقادات للوضع المعيشي تأتي على رغم الصفقات التي أبرمتها الجزائر مع حكومات أوروبية لتزويدها بالغاز في خضم أزمة الطاقة العالمية التي تسببت فيها العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير