Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

جدل في الجزائر بعد مشاركة أقدم حزب معارض في حوار تبون

مخاوف من أن تكون مبادرة "لم الشمل" مجرد خطوة تستهدف مصالحة داخلية بين رموز السلطة

الرئيس الجزائري مستقبلاً يوسف أوشيش (الصورة تخضع لحقوق الملكية الفكرية - مواقع التواصل الاجتماعي)

راوغ "جبهة القوى الاشتراكية"، أقدم حزب معارض في الجزائر، الطبقة السياسية بعد ترحيب الحزب بمبادرة "لم الشمل" الرئاسية، وجاءت صور التلفزيون الرسمي حول استقبال الرئيس عبد المجيد تبون الأمين الأول للحزب يوسف أوشيش، لتفتح نقاشات داخل جناح المعارضة.

وأوضح يوسف أوشيش في كلمة له بعد استقباله من قبل تبون، أن الحزب يبقى وفياً لمبادئه التأسيسية، وتمسكه بالمشروع الوطني الديمقراطي ومقترحاته للخروج من الأزمة، مضيفاً "طالبنا بالمزيد من التوضيحات حول إرادته السياسية بخصوص الحوار الوطني لتعزيز الجبهة الداخلية".

وقال أوشيش "ذكرنا بمشاريع ومبادرات الحزب بخصوص الإجماع الوطني، على أساس حوار شامل"، وأضاف "لقد جددنا التذكير بتمسكنا بالطابع الاجتماعي للدولة في ظل التآكل غير المسبوق للقدرة الشرائية"، مطالباً بإجراءات اقتصادية واجتماعية عاجلة ترفع مستوى المواطن المعيشي وتصون كرامته.

واستبق الحزب لقاء مسؤوله مع تبون ببيان أكد فيه أن "جبهة القوى الاشتراكية" وبعد اجتماع تشاوري لقياداته لديه الرغبة الصادقة في تبني ودعم كل سياسات الحوار الوطني، لأنه مقتنع بأن حل الأزمة المتعددة الأبعاد التي تمر بها الجزائر لا يمكن أن يأتي إلا من خلال توافق مؤسسي وأساسي بين جميع القوى الحيوية في البلاد، مشدداً على أن الحزب قرر الاستجابة لدعوة رئاسة الجمهورية في إطار اللقاءات التي تجرى بين تبون والأحزاب السياسية. 

سياسة الكرسي الشاغر

وتعليقاً على الخطوة، يعتقد أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر، رابح لونيسي، في تصريح لـ"اندبندنت عربية"، أن موقف "جبهة القوى الاشتراكية" في مكانه لأنه تبين أن سياسة الكرسي الشاغر التي كان يطبقها من قبل أثرت سلباً في الحزب، وتركت المكان لخصومه كي يؤثروا ويتموقعوا داخل السلطة، مضيفاً بشأن المعارضة عموماً، أنها من ضعف إلى ضعف أكبر بسبب الصراعات الداخلية وتراجع كوادرها التي هي في طريق الانسحاب التدريجي إما إقصاء أو تهميشاً، أو بسبب استغلال القيادات نفوذها لخدمة مصالح خاصة، فهي "كثيراً ما تتواطأ مع السلطة في شكل معارضة في العلن مقابل ريوع في السر".

ويتابع لونيسي، أن المعارضة في طريقها نحو الانقراض، مع تحول أحزابها إلى مجرد حزيبات ضعيفة التأثير، وقال إن الجزائر تتجه إلى نظام حزبي شبيه بالنظام الأميركي، وختم أنه لا وجود لحياة سياسية وحزبية في الجزائر، كما لا توجد مشاريع سياسية ولا برامج، فما هو موجود هو الصراع على المناصب ومختلف الريوع لا غير.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لم يعد محسوباً على الراديكاليين

من جانبه، يعتبر الناشط السياسي حليم بن بعيبش، أن حزب "جبهة القوى الاشتراكية" لم يعد محسوباً على الراديكاليين، والدليل أنه شارك في المحليات، والتقى من قبل مع رئيس الجمهورية، مضيفاً أن اللقاء مع الرئيس وموافقة الجلوس على طاولة الحوار هما من صلب العمل السياسي، ولا ينزع عنك صفة المعارضة، وإنما ما ينزع صفة المعارضة هو المشاركة في الحكومة، وأما رفض الكل والعدمية فليسا من السياسة في شيء، واستبعد أي رد من المعارضة، لأن هذه القرارات هي داخلية تخص الأحزاب وفقط، أما اختفاء هذا الجناح من الطبقة السياسية فهذا أمر خاطئ، لأن العمل السياسي يتطلب التجاوب والحوار وتبادل الأفكار والمواضيع.

تحوّل

إلى ذلك، يبيّن الحقوقي آدم مقراني، أن استقبال الرئيس وفداً عن "جبهة القوى الاشتراكية" يمثل تحولاً في صفوف المعارضة الراديكالية بقبول أحد مكوناتها التاريخية التفاعل مع مبادرات مؤسسات ما بعد رحيل عبد العزيز بوتفليقة. وقال إن محاولة الرئيس الانفتاح على جميع مكونات الطيف السياسي تأتي في سياق تشهد فيه البلاد ترهلاً لطيفها الحزبي وفقداناً لعمقه الشعبي بعد 2019، وفي وضع داخلي تحاول فيه السلطة إدخال إصلاحات اقتصادية واجتماعية تتطلب حزاماً سياسياً يدافع عنها بمختلف مشاربه الفكرية، يضاف لذلك سياق دولي تزداد فيه الضغوط على الجزائر.

ويواصل مقراني، أن إشارة مسؤول "جبهة القوى الاشتراكية" عقب لقائه الرئيس إلى قضايا يعتبرونها جوهرية تتعلق بالحريات وضرورة الإفراج عن بعض المساجين، إضافة لتعزيز السياسات الاجتماعية للدولة، تبين أن هناك إعداداً تشاورياً مسبقاً وتنسيقاً لتقريب وجهات النظر، مبرزاً أن هذا التقاطع بين السلطة وأحد الرموز التاريخية للمعارضة ينبئ بتحولات على مستوى ساحة حزبية عاجزة عن التفاعل مع الواقع وتجاوزتها الأحداث، ما يدفعها إلى الانفتاح على مبادرات كهذه بعد فشلها في طرح بديل في مختلف المناسبات السابقة.

تقلص المعارضة

وبمشاركة "جبهة القوى الاشتراكية"، أو عميد المعارضة، في حوار الرئيس تبون، يجد حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية المعارض "الشرس"، نفسه وحيداً في مواجهة السلطة، على الرغم من بعض "المعارضة" من أحزاب وشخصيات لا تزال تظهر من حين لآخر، ليتقلص جناح المعارضة التقليدية بشكل يؤشر لمشهد سياسي جديد سيكون سيد الموقف خلال الأسابيع المقبلة، والبداية مع رئيس التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية محسن بلعباس، الذي لمح اليوم بتسليم المشعل للشباب، في افتتاح المؤتمر السادس للحزب.

وقال بلعباس إن السلطة لجأت مرة أخرى إلى الخيار الأسوأ، لأنها لم ترفض أي نقاش وحوار حول القانون الأساسي للبلاد فحسب، بل فعلت ما هو أسوأ بالمصادقة على انتخابات رئاسية واستفتاء دستوري رفضهما غالبية الجزائريين، مبرزاً أنه "لا أبتهج لضعف نسب المشاركة الرسمية في مختلف الانتخابات، وإنما يؤسفني أن الجزائر أضاعت مرة أخرى فرصة تحقيق انطلاقة جديدة بدعم شعبي كان مع ذلك في متناول اليد". وأوضح أن عقد حوار وطني شامل كان ولا يزال شرطاً أساسياً لتجاوز حالة انعدام الثقة السائدة بين القوى السياسية والاجتماعية، وإحداث القطيعة مع الرداءة التي تلوث الحياة السياسية، والتغلب على عجز الطبقة السياسية سلطة ومعارضة عن المبادرة بتنازلات والوصول إلى تسوية وحل لخلافاتها خدمة لمصلحة الأمة.

وكان رئيس التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، قد عبر عن مخاوفه من أن تكون المبادرة السياسية "لم الشمل" مجرد خطوة تستهدف مصالحة داخلية بين رموز السلطة، وقال في منشور على "فيسبوك" إنه "إذا كان القصد من لمّ الشمل إعادة بناء توافق بين زمر السلطة، فذلك أمر معتاد ومألوف، لا مصداقية لسلطة تفننت في بث التفرقة وتشتيت الجزائريين، ولو كانت هناك إرادة حقة، لعملت على لمّ شمل عائلات المسجونين ظلماً وخرقاً للدستور والمعاهدات الدولية بالإفراج عن كل المعتقلين السياسيين وسجناء الرأي والكف عن المتابعات التعسفية ضد المناضلين والناشطين السياسيين".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير