ملخص
تمكنت حكومة رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك من تمرير خططها المثيرة للجدل المتعلقة بمعالجة أزمة عبور مهاجرين بقوارب صغيرة إلى المملكة المتحدة، بعدما تغلبت على سلسلة أخيرة من التحديات في "مجلس العموم"
تمكنت حكومة رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك من تمرير خططها المثيرة للجدل المتعلقة بمعالجة أزمة عبور مهاجرين بقوارب صغيرة إلى المملكة المتحدة، بعدما تغلبت على سلسلة أخيرة من التحديات في "مجلس العموم"، من جانب نواب معتدلين في حزب "المحافظين"، وسيسلك "مشروع قانون الهجرة غير الشرعية" Illegal Migration Bill الآن طريقه إلى أن يصبح قانوناً نافذاً.
وشهدت مقاعد البرلمان الأمامية لحزب "المحافظين" (التي يجلس عليها نواب يتولون مناصب حكومية) - ليلة طويلة من الأخذ والرد على خمس تغييرات أخرى، طرح "مجلس اللوردات" إدخالها على مشروع قانون ردع القوارب الصغيرة، تضمنت أحكاماً لحماية الأفراد من العبودية الحديثة، وقيوداً على مدة احتجاز الأطفال.
هذا وسقط صوت آخر معارض لمشروع القانون في الأقل، ضمن انتصارات الحكومة، فرئيس أساقفة كانتربري جاستن ويلبي، الذي كان من أشد المنتقدين لمخطط الحكومة، تخلى عن طلبه إصدار بيان يتعلق بمعالجة مشكلة اللاجئين إلى المملكة المتحدة والاتجار بالبشر، بعدما رفض النواب اقتراحاً مماثلاً.
وشكل ذلك نهاية مفاجئة لخلاف برلماني حول إدخال إصلاحات رئيسة، كانت مهددة بالتجميد عشية العطلة الصيفية للبرلمان، وسيسلك مشروع القانون الآن طريقه إلى الملك البريطاني للحصول على الموافقة الملكية.
وكان أكثر من 10 نواب "محافظين" - بمن فيهم الزعيم الأسبق للحزب السير إيان دانكن سميث - قاموا في وقت سابق بتمرد اللحظة الأخيرة على الحكومة بسبب خططها التي تحرم المهاجرين من الحق في الحماية من العبودية الحديثة.
وكان "المحافظون" المعتدلون يأملون في تحقيق تنازلات في ما يتعلق بالعبودية الحديثة واحتجاز الأطفال، إضافة إلى إنشاء طرق قانونية جديدة للاجئين من شأنها أن تخفف من تأثير قانون ردع القوارب الصغيرة الذي دانه ناشطون باعتبار أنه يشكل انتهاكاً "صارخاً" للقانون الدولي.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
لكن وعلى رغم لجوء شخصيات بارزة في حزب "المحافظين" إلى التمرد على قيادتهم، صوت النواب مساء الإثنين الماضي على رفض جميع التعديلات التي اقترحها "مجلس اللوردات".
ولقي التعديل الذي استهدف منح الحماية لضحايا العبودية الحديثة الذين يجرى استغلالهم في المملكة المتحدة - بمن فيهم أولئك الذين يتعاونون مع التحقيقات الجنائية - رفضاً بأغلبية 55 نائباً. وعلى رغم التوقعات التي كانت تشير إلى عكس ذلك، فإن رئيسة الوزراء البريطانية السابقة تيريزا ماي لم تكن من بين الـ13 متمرداً في حزب "المحافظين" [الذين وافقوا على هذا التعديل].
كما رفضت محاولة أعضاء "مجلس اللوردات" لفرض حد زمني مدته 72 ساعة لاحتجاز الأطفال المهاجرين غير المصحوبين بذويهم بأغلبية 69 نائباً - بحيث تمرد في التصويت 11 عضواً من حزب "المحافظين" [رفضوا السير مع رغبة الحزب في التصويت]، بمن فيهم الوزراء السابقون تريسي كراوتش وتيم لوتون والسير روبرت باكلاند.
وسعى أعضاء "مجلس اللوردات" أيضاً إلى أن يفرضوا على الحكومة واجباً يقضي بتأمين مسارات آمنة وقانونية لطالبي اللجوء للمجيء إلى المملكة المتحدة، وكان هذا الأمر رفض أيضاً بأغلبية 58 نائباً.
وبعد قبول بعض التغييرات الطفيفة التي كان "مجلس اللوردات" اقترحها في وقت سابق من هذا الشهر، تعهد وزير الدولة لشؤون الهجرة روبرت جينريك بأنه لن يكون هناك مزيد من التراجع من جانب الحكومة. وأخذ على منتقدي مشروع القانون أنهم لم يطرحوا أي "بديل يمكن الاعتماد عليه".
وقبل إجراء التصويت، قال أحد كبار المتمردين في حزب "المحافظين" لـ"اندبندنت": "نأمل أن تتمكن الحكومة من تقديم تعديلات تفضي إلى نتائج إيجابية".
ولفتت السيدة تيريزا ماي إلى أنه في حال رفض التعديلات المقترحة من "مجلس اللوردات"، التي تتعلق بحماية المهاجرين من العبودية الحديثة، فسيؤدي ذلك إلى "زيادة عدد ضحايا العبودية، وهذا أمر لا مجال للشك فيه".
وكانت رئيسة الوزراء السابقة دافعت عن فكرة أن ضحايا العبودية الذين يصلون إلى المملكة المتحدة يجب أن يعفوا من الاحتجاز المخطط له بموجب "قانون مكافحة العبودية الحديثة" Modern Slavery Act - بغض النظر عن وضعهم من حيث الهجرة وطريقة وصولهم إلى البلاد. وقالت إنه سيكون "من الصعب القبض على المتجرين بالبشر إذا ما منع الضحايا من الإدلاء بإفاداتهم وتقديم أدلة".
وكان "مجلس اللوردات" ألحق بالحكومة عدداً من الهزائم الجديدة الأسبوع الماضي، بسبب مشروع القانون الذي حظي بانتقادات شديدة، الذي يصر رئيس الوزراء سوناك ووزيرة الداخلية سويلا برافرمان، على أنه جزء لا يتجزأ من الجهود المبذولة لمعالجة مسألة عبور قوارب الصغيرة "القنال الإنجليزي" إلى البر البريطاني.
ويعد مشروع القانون جزءاً من مجموعة من الإجراءات التي تهدف إلى ردع المهاجرين، من خلال التأكيد على أن طالبي اللجوء الذين يدخلون إلى المملكة المتحدة بوسائل غير نظامية، لن يسمح لهم بالبقاء في بريطانيا، وسيواجهون الترحيل إما إلى أوطانهم، أو إلى دولة أخرى مثل رواندا.
وأجرت الحكومة بعض التغييرات في التشريع - ووافقت على أنه لا يمكن احتجاز الأطفال غير المصحوبين بذويهم لفترة أطول من ثمانية أيام بدلاً من 28 يوماً. إضافة إلى ذلك، قبلت الوزيرة برافرمان بالإبقاء على الحد المتبع في الوقت الراهن والبالغ 72 ساعة لاحتجاز النساء الحوامل.
وعلى رغم نجاح رئيس الوزراء البريطاني السيد سوناك في تمرير مشروع القانون أخيراً في "مجلس العموم"، إلا أن صفقة ترحيل طالبي اللجوء نهائياً إلى رواندا، واجهت كماً من التحديات والعقبات القانونية وسينتهي بها المطاف في "المحكمة العليا".
ومع تراكم عدد طلبات اللجوء في المملكة المتحدة، تسعى الحكومة أيضاً إلى خفض كلفة فواتير إيوائهم في فنادق، من خلال استخدام أماكن إقامة بديلة، بما فيها البارجة "بيبي ستوكهولم" Bibby Stockholm وقواعد عسكرية سابقة.
وغادرت البارجة رصيف ميناء "فالموث" الإثنين الماضي، ومن المقرر أن تصل في غضون 48 ساعة إلى ميناء بورتلاند في دورسيت، ومن المقرر أن تؤوي نحو 500 فرد من طالبي اللجوء وصلوا إلى البلاد عبر "القنال الإنجليزي" على متن قوارب صغيرة. وحصل المجلس المحلي في دورسيت على حزمة تمويل بقيمة مليوني جنيه استرليني (مليونان و620 ألف دولار أميركي) لتغطية كلفة تقديم الخدمات لهؤلاء.
أوساط رئاسة الوزراء في "10 داونينغ ستريت" أصرت على القول إن الخطة ستثبت جدواها لقاء المال الذي ينفق عليها، بحيث أكد المتحدث الرسمي باسم ريشي سوناك الإثنين الماضي أن المراكب والقواعد "ستوفر أموال دافعي الضرائب مقارنة بالإنفاق السابق على فنادق إيواء المهاجرين".
بدورها رأت وزيرة الداخلية في حكومة الظل "العمالية" المعارضة إيفيت كوبر، أن حكومة لحزب "العمال" (إذا ما استلمت السلطة)، يمكن أن تواصل استخدام السفن العملاقة والقواعد العسكرية المهجورة.
كوبر لم تستبعد استخدام أماكن إقامة خارجية مثيرة للجدل - كانت اعترضت عليها جماعات اللاجئين وناشطو الحملات، معتبرين أنها أشبه بـ"سفن سجون" - لكنها شددت على أن التركيز الأساسي لحزب "العمال" سيتمحور حول البت بطلبات اللجوء المتراكمة، بحيث لا تعود هناك حاجة إلى مثل هذه المرافق.
وفي غضون ذلك، قاد الممثل الكوميدي دوم جولي احتجاجاً بالتنسيق مع منظمة "أنقذوا الطفولة" Save the Children خارج مقر وزارة الداخلية البريطانية في وسط لندن، ظهر فيه مرتدياً زي "ميكي ماوس"، وحاملاً لافتة كتب عليها "أوقفوا احتجاز الأطفال"، تنديداً بمشروع القانون.
الاحتجاج جاء بعد تعرض الحكومة البريطانية لرد فعل عنيف على قرارها إعادة دهن جداريات في مركز استقبال المهاجرين في منطقة كينت، برسوم تصور شخصيات ديزني، مثل "ميكي ماوس" و"بالو" من "كتاب الأدغال" The Jungle Book.
© The Independent