Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

العارضات الممتلئات يحجبن النحيلات... إلى حين

هناك تغيير فعلي في معايير الجمال ولكن التطرف في كسر الصورة النمطية للمرأة أيضاً له سلبيات

كسر الصورة النمطية ساعد في مكافحة التنمر التي تتعرض له المرأة بسبب قوامها (بكسلز)

ملخص

لكل مرحلة معايير جمال مختلفة، ودور الأزياء لم تعد تهمل النساء المصابات بالبهاق والممتلئات القوام، فهل نعود إلى نموذج مارلين مونرو؟  

في السنوات الأخيرة، ظهر ميل واضح لدى العلامات التجارية ودور الأزياء إلى التشجيع على قبول الاختلاف والتعددية بعد أن سجنت معايير الجمال جسم المرأة طويلاً في نمط معين. فبالتنسيق بين الحراك المجتمعي والفنون والموضة، بدأت تظهر عارضات ممتلئات وأخريات في سن متقدمة، وأيضاً عارضات يعانين البهاق ويشغلن أغلفة المجلات العالمية. فهل حصل فعلاً تغيير في نظرة المجتمع وسلوكيات أفراده إلى معايير الجمال؟

لكل مرحلة معايير

في العصور القديمة وحتى مطلع القرن 19، كان قوام المرأة الممتلئ معياراً للجمال وكانت مارلين مونرو مثالاً للمرأة الجميلة بمقاييس لا تشبه التي سادت لاحقاً. ففي مرحلة لاحقة، حصل انقلاب في صورة المرأة الجميلة. طوال عقود شهدنا سيطرة واضحة لصورة الفتاة ذات النحول الزائد، سُجل في تلك المرحلة ارتفاع كارثي ومقلق في معدلات الإصابة باضطرابات غذائية مثل الأنوريكسيا، خصوصاً بين المراهقات. وتكررت مآسي العارضات اللاتي عشن هاجس النحول الزائد ومنهن من فارقن الحياة بسبب هذا المرض. وهذا، ما دفع الحكومة الفرنسية إلى تبني مشروع قانون يحظر العارضات اللاتي يتمتعن بنحافة مفرطة تحت طائلة تسديد دور الأزياء التي تستعين بهن غرامات. فكان تأثير صورة العارضات النحيلات واضحاً آنذاك في المجتمع. رفع الخبراء الصوت لتكثيف حملات التوعية لحماية المراهقات اللاتي تأثرن بالصورة النمطية التي سجنت فيها المرأة.

 

كانت دار "دولتشي أند غابانا" أولى دور الأزياء التي أقدمت على خطوة تغييرية جريئة أحدثت ضجة في عالم الموضة عندما قدمت تصاميمها بمقاسات كبيرة للمرة الأولى في تاريخها، لتقلب المقاييس. وبعد أن كانت المرأة التي تتمتع بقوام ممتلئ مهمشة بالكامل ومستبعدة، وتكتفي بمشاهدة عروض الأزياء وفتيات الإعلانات بحسرة، ظهرت العارضات الممتلئات مثل آشلي غراهام وبريشوس لي وكانديس هوفين وبالوما إلسيسر، اللاتي قلبن موازين اللعبة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

أيضاً، بدأنا نشاهد في عروض كبرى دور الأزياء العالمية عارضات في سن متقدمة وبشعر أبيض. في أسبوع الموضة في نيويورك لعام 2018 ظهرت 13 عارضة فوق سن 50. وعام 2015، ظهرت عارضة بسن 71 عاماً على المنصة إيف سانت لوران، في مساع حثيثية لتقديم صورة أقرب إلى المرأة العادية، ولتشجيع قبول الاختلاف والتعددية، كما أصبحت للعارضات اللاتي يعانين البهاق حصة كبيرة في عالم الموضة والجمال، وبدأت كثيرات منهن يظهرن على أغلفة المجلات العالمية ومنهن العارضة ويني هارلو التي عانت طويلاً من نظرة المجتمع حتى عملت في مجال عرض الأزياء وتهافتت عليها دور الأزياء وأصبحت رمزاً للمصابين بهذا المرض في العالم، والوجه الإعلاني لعلامة تجارية عالمية وكسرت الصورة النمطية عن الجمال.

عندما يكون التغيير مستحيلاً

بدا واضحاً أن عالم الموضة بدأ يقدم فرصة للنساء من مختلف الأعمار وأشكال الأجسام والألوان للمشاركة في العروض للترويج لمعايير جمال مختلفة. بدأ هذا الاتجاه يلقى قبولاً بين مختلف دور الأزياء والعلامات عله يحقق انتشاراً في المجتمع أيضاً، لكن هل تسهم هذه التغييرات التي نشهدها في عالم الموضة والجمال، في نشر مبدأ التعددية الجمالية؟

بحسب المعالجة النفسية ريما بجاني نشهد بالفعل تغييراً في صورة الجمال ومعاييره، لكن هذا لن يلغي الصورة النمطية السائدة للجمال بشكل تام. "نشهد مزيداً من التعددية بالفعل على المنصات في عروض الأزياء، بعد أن كانت المرأة التي لا تملك معايير الجمال الموافقة للصورة النمطية المثالية تتعرض للتنمر. أصبحت هناك مساحة خاصة للمرأة لا يمكن لأي كان التدخل فيها. فمن الضروري بلوغ مرحلة يكون فيها كل شخص حر بحياته وبجسمه، وإن كان ذلك صعباً".

 

أما تلك التغييرات التي نشهدها في عالم الموضة، فيمكن اعتبارها من التحركات المجتمعية لمجموعات دائمة. هي تهدف اليوم إلى محاربة ظاهرة التنمر، ونشر الوعي حول أهمية احترام مساحة الآخر، والدعوة إلى قبول الاختلاف، لكن الشرط الأساسي في مثل هذه الحالة هو الحرص على ألا تتخذ الأمور حداً أقصى وتذهب إلى أماكن أخرى، كما في حال المثليين. فكانت هناك دعوة إلى احترامهم وقبول الاختلاف لديهم، فيما ذهبت الأمور إلى مكان آخر وأصبح هذا الموضوع يشكل تهديداً للأجيال الصاعدة. هناك توجيه خطأ في هذا المجال عبر ترسيخ هذه الأفكار من سن مبكرة عندما لا تكون الهوية الجنسية قد تحددت بعد، فيكون الأثر أكبر على من هم من هذه الشريحة العمرية. فيبدو وكأن المجتمع بذاته قد أنتج حالة المثليين بهذه الاتجاهات المسيطرة، كرد فعل على المجتمع، وفق بجاني.

 

أما في نشر فكرة قبول زيادة الوزن، فلا بد من تناول الموضوع من مختلف النواحي. فكل إنسان حر بجسمه فعلاً، لكن يجب ألا تصل الأمور إلى حد الاستهتار والترويج لزيادة الوزن التي لا تعتبر صحية. ففي مقابل حسنات نشر هذا المبدأ للحد من التنمر ولترك مساحة من الحرية شخصية، لا يمكن التغاضي عن مضار زيادة الوزن ولا يمكن الذهاب إلى حدود قصوى في هذا المجال. ولا بد من الانطلاق من علاقة الفرد بجسمه من الطفولة وفي مختلف المراحل العمرية، مع التركيز على تجنب الحرمان والحرص على المتابعة الصحية.

لكن تشير بجاني إلى أن الأمور بلغت حد المبالغة في الموضة في الصيحات التي تطرح. ويبدو واضحاً أن ما يحصل رد فعل على التنمر في المجتمع أكثر من كونه نشراً لفكرة قبول الآخر بأسلوب صحي. فطريقة طرح الأمور تفتقد بعد النظر والمنطق أحياناً في ظل هذه المبالغات التي نشهدها أحياناً. وطالما أن المبدأ الأساسي تحدي المجتمع من خلال الأفكار التي تنشر، فلا يمكن أن يتخذ التغيير من خلال الموضة منحى إيجابياً سواء في مسألة زيادة الوزن أو في تقبل العمر أو في المثلية أو في أي حالة أخرى. وبرأي بجاني معالجة أساس المشكلة في المجتمع أكثر فاعلية من نشر الأفكار عندما لا تكون الأرضية المطلوبة متوافرة.

اقرأ المزيد

المزيد من منوعات