Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ما الدول العربية الأكثر بدانة؟ أطلس السمنة يجيب ويقترح حلولا

لعنتها تطارد الكوكب و"الحلول تبدأ من البيت والمدرسة والدولة"

دعا تقرير "أطلس السمنة العالمي" World Obesity Atlas  إلى استدراك الأمر وإيجاد حلول، مثل فرض ضرائب وقيود على إنتاج وتسويق الأغذية غير الصحية (اندبندنت عربية)

ملخص

#أطلس_السمنة_العالمي يدق ناقوس الخطر وهذه هي البلدان العربية الأكثر بدانة

بعد إطلاق تقرير أطلس السمنة العالمي لهذا العام بات لزاماً أخذ موضوع البدانة كأولوية عالمية، لدق ناقوس الخطر الصحي، واتخاذ إجراءات تحد من مسببات البدانة التي تؤدي بدورها إلى مشكلات وأمراض جسدية ونفسية.

انطفاء وهج البدانة

مرت البدانة في رحلتها الزمنية بمراحل مختلفة. فشهدت عزها في الحضارات القديمة، وكانت تعتبر علامة على الثراء والنجاح، فيتناول أصحابها الأطعمة الباهظة الثمن. واعتبرت علامة على الصحة الجيدة أيضاً، فكانت الأمراض المرتبطة بالبدانة أقل شيوعاً في بعض الثقافات القديمة.

ربط الرومان البدانة بالجاه والثراء والجمال والقوة، ومثلهم الصينيون القدماء الذين ربطوها بالصحة والنجاح والثراء، وكانت النظرة إلى البدناء مليئة بالاحترام والإعجاب. وعند اليونان اعتبرت المرأة البدينة جذابة وجميلة. أما العرب قديماً فاعتبروا البدانة دلالة على الثراء وحسن الضيافة، والسيدات البدينات جميلات ومغريات.

ومع ذلك كانت النظرة في هذه الثقافات تواري خلفها مفهوماً آخر للبدانة على اعتبار أنها نتيجة للخمول والكسل وقلة العمل، لذلك ارتبطت بعلية القوم.

لا يخفى أن وهج البدانة تحول لاحقاً في العصر الحديث إلى نار تحرق أصحابها، إذ تميل المجتمعات اليوم للنظر إلى البدانة بطريقة سلبية وتعتبرها مشكلة صحية وجمالية، وسبباً لعديد من الأمراض المزمنة، مثل السكري وأمراض القلب والكلى والتهاب المفاصل وغيرها. هذه النظرة أدت إلى تفاقم المشكلة، إذ رافقت المشكلة الصحية مشكلة نفسية في كثير من الأحيان، خصوصاً بسبب المعايير الجمالية الحديثة التي تستبعد البدانة، وتكرس النحافة كأيقونة العصر.

 

الأطلس الذي حمل القلق!

 في مطلع شهر مارس (آذار) حذر "الاتحاد العالمي للسمنة" من أن أكثر من نصف سكان العالم أو 51 في المئة سيكونون عرضة لزيادة الوزن أو السمنة بحلول عام 2035. ليصبح العدد أربعة مليارات في غضون 11 عاماً إن لم تتخذ خطوات عاجلة لمعالجة هذه المشكلة، بعد أن كان في عام 2020 أكثر من 2.6 مليار شخص يعانون السمنة أي ما يعادل 38 في المئة من سكان الكوكب.

ودعا تقرير "أطلس السمنة العالمي" World Obesity Atlas  إلى استدراك الأمر وإيجاد حلول، مثل فرض ضرائب وقيود على إنتاج وتسويق الأغذية غير الصحية، والمنتجات ذات الدهون العالية والغنية بالسكريات والملح. وحث الحكومات على تطوير خطط عمل وطنية شاملة لمنع البدانة الكارثية، مثل توصيات منظمة الصحة العالمية للوقاية من السمنة وإدارتها.

وأشار التقرير إلى أن ارتفاع معدلات السمنة سيؤدي إلى انخفاض في الأعمار وزيادة في عبء الرعاية الصحية.

 أما السبب في ازدياد معدل السمنة فيرجعه التقرير إلى التغير المناخي، و"كوفيد-19"، والملوثات الكيماوية.

الدول البدينة

أفاد التقرير أن الدول التي تتصدر البدانة عالمياً هي خمس جزر في المحيط الهادي، أولاها جزيرة ناورو التي تشكل البدانة فيها نحو 60 في المئة، تليها جزيرة ساموا الأميركية، وجزر كوك، وأرخبيل بالاو، وجزر المارشال.

 أما في الدول العربية فتحتل الكويت المركز الخامس عشر عالمياً بمعدل 34.28 في المئة، تليها قطر فالسعودية تباعاً. ويحتل الأردن المركز 23 عالمياً والرابع عربياً، بينما تحتل الإمارات المركز 26 عالمياً والخامس عربياً، ولبنان 27 عالمياً والسادس عربياً.

أما باقي الدول العربية فجاء مركزها عالمياً بهذا التدرج، فاحتلت البحرين المركز 34، وليبيا المركز 38، والعراق المركز 55، وعمان المركز 60، ومصر المركز 61، وسوريا المركز 77، والمغرب المركز 85، وتونس المركز 89، واليمن المركز 127، وموريتانيا المركز 141، والصومال المركز 170 والسودان المركز 174 وجزر القمر المركز 180. وهذا الترتيب عائد إلى احتساب البدانة لدى الذكور، ويختلف بشكل طفيف إذا كان الترتيب بحسب الإناث.

 

أسباب تزايد السمنة

تقول اختصاصية التغذية علا أبوشقرا لـ"اندبندنت عربية" إن السمنة في البلاد العربية تعد من المشكلات الصحية الأكثر انتشاراً بخاصة لدى الأطفال والمراهقين. وهي في تزايد كبير عاماً بعد عام، لأسباب عدة أهمها: كثرة الأطعمة المصنعة قليلة الألياف، والغنية بالوحدات الحرارية والدهون المشبعة والسكريات بنسبة كبيرة، وتسويقها بشعارات جذابة، واستهلاكها بشكل مفرط. عدا عن تناقص النشاط الجسدي أو البدني، وقضاء أوقات طويلة أمام شاشات التلفزة والأجهزة الإلكترونية المتطورة، ووجود السيارات الخاصة بشكل كثيف.

تعتبر أبوشقرا أن جائحة كورونا لعبت دوراً أساسياً في زيادة نسبة السمنة، إذ أسهمت في بقاء الناس لفترات طويلة في المنازل خلال فترة الحجر من دون أي نشاط بدني، مع العلم أن عدداً من مدربي الرياضة خصصوا حصصاً رياضية مجانية عبر الإنترنت، إلا أن مشاركة الناس لم تكن بمعظمها تتحلى بالالتزام والاستمرارية، إضافة إلى الإكثار من تناول المعجنات والحلويات، كما أثرت في عادات الناس، كالتلامذة أو العاملين الذين يدرسون أو يعملون عن بعد، الذين أصبح متاحاً لهم تناول الطعام أمام الشاشات من دون وعي ولا استمتاع، ما ولد بحسب أبوشقرا عدم الرضا أثناء الطعام وعدم الشعور بالشبع، اللذين يؤديان إلى الإفراط في تناول الطعام، بالتالي زيادة نسبة الدهون في الجسم.

تشير أبوشقرا إلى أن الضغط النفسي والتوتر والخوف والاكتئاب والشعور بالفراغ والوحدة خلال جائحة كورونا، إضافة إلى الأوضاع الاقتصادية أثرت بشكل سلبي في الناس، إن من ناحية اختياراتها للأطعمة الدسمة والغنية بالدهون والسكريات، وتناولها كوسيلة للتعامل مع المشاعر التي مر بها الناس حينها، أو من ناحية التخزين الكبير للأطعمة الصحية وغير الصحية خوفاً من الحرمان في المستقبل، وهذه من أهم أسباب الجوع النفسي الذي يؤثر في عدم تواصل الإنسان مع إشارات الجوع والشبع في جسمه، بالتالي تناول الطعام بكميات كبيرة مما يتسبب في زيادة الوزن.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

​​​​​​​الحل يبدأ في البيت

بما أن البدانة تسبب كثيراً من الأمراض مثل السكري وأمراض القلب والضغط والكلى وترقق العظام وسواها، لا بد من دق ناقوس الخطر وإيجاد الحلول لمساعدة أفراد المجتمع والوقاية من البدانة والأمراض الناتجة منه.

تقول أبوشقرا إن الأهل عادة هم المثل الأعلى لأولادهم. ولأن الولد يقلد أهله يكمن أحد هذه الحلول بشكل فردي أولاً من قبل الأهل بتشجيع أولادهم على اتباع عادات صحية مثل:

- تناول الطعام على مهل ومن دون وسائل ملهية (تلفزيون، تليفون...) وإشراك الحواس كافة للتمتع بتناول الطعام.

- تناول الطعام مع الأهل، وجعل هذا الوقت مرحاً، مما يعزز وحدة الأسرة والنجاح الأكاديمي ويعزز الوزن الصحي للأطفال ويمنع مشكلات السلوكيات في المنزل والمدرسة.

- عدم تقديم الطعام كمكافأة أو قصاص للأطفال، الأمر الذي يفسد علاقة الطفل مع الطعام في المستقبل.

- عدم إجبار الطفل على إنهاء طعامه على رغم عنه، وتشجيعه على الاستماع لجسمه، وتشجيعه على إيجاد البدائل الصحية وتناولها باعتدال (فوشار بدلاً من الشيبس/ الفاكهة بدلاً من الحلويات/ العصائر الطبيعية بدلاً من المشروبات الغازية)

- تشجيع الطفل على ممارسة الرياضة، وإدخاله في نشاطات ونوادٍ رياضية تعزز ثقته بنفسه وتبعده عن الألعاب الإلكترونية، وتحسن من صحة جسمه ودماغه.

 

دور المدارس والدولة

تشجع أبوشقرا المتخصصين في مجالات التغذية والأطباء والجمعيات المتخصصة على تقديم دور فعال عبر إقامة الندوات وورش عمل ودراسات، وتخصيص صفحات توعوية عبر وسائل التواصل الاجتماعي، لرفع مستوى الوعي حول أخطار اتباع أنظمة غذائية عشوائية أو تناول أدوية معينة لإنقاص الوزن، وإيضاح تأثيرها السلبي في الصحة على المدى البعيد، وحول السمنة وأسبابها وأخطارها وسبل الوقاية.

وتشير أيضاً إلى دور المدارس الأساسي في إقامة الندوات التثقيفية للأهل والتلاميذ. وتوفير المنتجات الصحية بجودة عالية تراعي معايير سلامة الغذاء في كافيتريا المدرسة وبأسعار أقل من المنتجات الغنية بالدهون والسكريات. وتخصيص حصص رياضية لجميع الصفوف لتشجيع الأولاد على ممارسة الرياضة بانتظام.

وتقترح أبوشقرا وضع برامج تمنع استيراد بعض الأطعمة غير الصحية والعمل على التسويق للأطعمة الصحية. إضافة إلى أهمية تدعيم وسائل المراقبة والمتابعة والتقييم، وتدعيم مراكز البحوث والدراسات الخاصة بداء السمنة، وتحسين تقديم الرعاية الطبية الصحية المتكاملة للمصابين بالسمنة.

وتختم أبوشقرا بما أن مفتاح إنقاص الوزن هو تخفيض عدد السعرات الحرارية المستهلكة فللدول وسياساتها دور أساسي في مراقبة شركات الصناعة الغذائية والمطاعم، بخاصة التي تلك التي تقدم وجبات سريعة بالإفصاح عن المكونات الغذائية والوحدات الحرارية بشكل واضح وموثوق.

اقرأ المزيد

المزيد من تحقيقات ومطولات