Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تعيين متهمين بالفساد في مناصب رقابية يثير الجدل في العراق

سياسة "إرضاء الداعمين" تستفز خصوم رئيس الحكومة والمعارضة

تعتبر المعارضة العراقية أن حكومة عبد المهدي نسبت إلى نفسها إنجازات حكومات سابقة (مكتب رئيس مجلس الوزراء العراقي)

بينما يستمر رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي في تطبيق سياسة "إرضاء الكبار" في العراق، من خلال منح مرشحيهم مناصب رفيعة في الدولة، تتعالى الانتقادات الموجهة إلى أداء حكومته، لتصل إلى حد اتهامها بالإعلان عن إنجازات وهمية في السنة الأولى من عمرها.

أصدر عبد المهدي أخيراً قراراً بتعيين شخصيات في مناصب رفيعة، بينها درجة "مفتش عام" في بعض الوزارات، وهو منصب يتطلب القيام بجهود رقابية في مجال مكافحة الفساد، على الرغم من أن بعض الشخصيات التي شملها قرار التعيين، متهمة بقضايا فساد.

يقوم المفتش العام بأعمال الرقابة على أداء الوزير المكلف بإدارة حقيبة ما، لذلك يشترط عرف المحاصصة ألا يكون المفتش والوزير من الحزب نفسه. ولكن، حتى مع هذا الشرط، تتداول الأوساط السياسية تفاصيل عن تواطؤ كثير من المفتشين مع الوزراء، للتغطية على فسادهم، مقابل عمولات كبيرة.

يقول خصوم رئيس الوزراء إن عبد المهدي يقر تعيين مرشحي أحزاب توفر له الحماية السياسية، في مناصب يفترض أنها مختصة بمكافحة الفساد المستشري في أجهزة الدولة، مضيفين أن ليس لدى هذه الشخصيات خبرات في هذا المجال، ومهمتها تحصيل مصالح الأحزاب التي رشحتها من مؤسسات الدولة.

أمر ديواني سري

كشفت البرلمانية العراقية عالية نصيف، أن "هناك أمراً ديوانياً صادراً من رئاسة الوزراء تحت عنوان (سري) يتضمن تعيين عشرات المفتشين الجدد في الوزارات والهيئات وإعادة تدوير آخرين، ما يعني زيادة الترهل الموجود أساساً في أعدادهم وزيادة الصفقات مع حيتان الفساد في الوزارات وتبادل المنفعة بين المفتشين والوزراء".

تضيف نصيف، وهي من ائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي، الذي يبدو أن إرضاءه ليس من اهتمامات عبد المهدي، حالياً، أن "الشخص الذي أعطى المشورة لرئيس الوزراء بزيادة أعداد المفتشين العموميين هو شخص منتفع وانتهازي وخبير في بورصة المفتشين"، مطالبة عبد المهدي بـ"التراجع عن هذا القرار، والاكتفاء بدلاً من ذلك بتقنين المفتشين بمفتش عام واحد له مكاتب في الوزارات كعمل ديوان الرقابة إذا ما أرادوا الرقابة الاستباقية، أو توحيد الوزارات المتشابهة في اختصاصاتها بمفتش عام واحد كالوزارات الأمنية".

جعجعة بلا طحين

على الرغم من تعدد الأجهزة الرقابية في العراق، إلا أن الفساد المالي والإداري، هو حقيقة يقر الجميع بوجودها على نطاق واسع. ففضلاً عن "ديوان الرقابة المالية" و"هيئة النزاهة" و"لجنة النزاهة في البرلمان"، هناك مكاتب المفتشين العموميين في جميع الوزارات والهيئات غير المرتبطة بوزارة. وعندما تسلم عبد المهدي مهماته قبل نحو عام، أعلن تشكيل "المجلس الأعلى لمكافحة الفساد"، تحت إدارته المباشرة.

برر مقربون من رئيس الوزراء آنذاك إنشاء هذا المجلس، بأن "الأدوات التقليدية القائمة لمحاربة الفساد لم تكن فعالة. وعليه جاء هذا التشكيل الجديد لمنح رئيس الوزراء سلطة مباشرة في هذا الملف". وبعد شهور، بدأ بعض الساسة في توجيه اتهامات لمجلس مكافحة الفساد، بالتورط في الفساد، عبر التغطية على ملفات تخص عدداً من مسؤولي الحكومة الجديدة.

الحكومة متهمة بـ"سرقة الإنجازات"

تزامن الجدل بشأن تعيين المفتشين الجدد، مع صدور تقريرين يشتملان على ملاحظات بشأن أداء الحكومة في الشهور الستة الأولى من عمرها، بعدما وزع مكتب رئيس الوزراء ملفاً يتضمن إنجازات السلطة التنفيذية خلال المدة المذكورة.

يرى تقرير "لجنة مراقبة تنفيذ البرنامج الحكومي في مجلس النواب"، أن "نسبة الإنجاز نصف السنوي هو نحو 36 في المئة، وليس 79 في المئة قالت الحكومة"، مشيرة إلى أن "نسب إنجاز أغلب المشاريع بلغت صفراً في المئة، وهذا يعد إخلالاً بالتوقيتات".

ويقول التقرير إن "البرنامج (الحكومي)، لم يكن متوائماً مع الخطط المقدمة، إضافة إلى عدم تحقق ما وعدت به الحكومة من معالجات سواء بالقضاء على البطالة أو ضبط الأمن وإصلاح وضع السجون والبطاقة التموينية ووضع النازحين".

يتابع أن "ما أدرج كمتحقق الآن هو مشاريع سابقة منذ سنين ولا يمكن اعتبارها نسب إنجاز للحكومة الحالية".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وسارعت المعارضة، التي يتزعمها تيار الحكمة بزعامة عمار الحكيم، إلى الإعلان عن أن مضمون التقرير لا يختلف عن فحوى تقرير سبق لها أن أعلنت عنه.

وقال القيادي في تيار الحكمة، صلاح العرباوي، إن مضمون تقرير اللجنة البرلمانية، "يتطابق بنسبة كبيرة مع تقرير المعارضة ويبتعد بنسبة كبيرة عن تقرير الحكومة".

وكان التقرير الذي وزعه تيار الحكمة، في إطار مراجعته لأداء السلطة التنفيذية، بناء على تقييمها خلال الشهور الستة الأولى من عمرها، ذكر أن حكومة عبد المهدي نسبت إلى نفسها إنجازات تحققت في عهد حكومات سابقة، مشيراً إلى أن "الأرقام التي أعلنتها الحكومة كإنجازات في تقريرها تفتقر إلى الدقة والصدقية".

ويرى تقرير المعارضة، أن "بعض الأعمال التي اعتبرتها الحكومة إنجازات في تقريرها عبارة عن صيانة مجار وطباعة كتاب وإعداد دراسات".

دعم سياسي محدود

يحيل مراقبون تزايد الانتقادات الموجهة لسياسات رئيس الوزراء العراقي، إلى حقيقة أنه يحصل على دعم سياسي من فصيلين برلمانيين فقط، ما يضع معظم الأطراف الأخرى في خانة المعارضين.

لكن هذين الفصيلين البرلمانيين، وهما كتلة "سائرون" التي يرعاها مقتدى الصدر، وتحالف "الفتح" بقيادة عمار الحكيم، لا يتبنيان دعم الحكومة بشكل علني، بل أن بعض أعضائهما وجه انتقادات لأداء عبد المهدي شخصياً، ولبعض وزرائه.

خط الرجعة

سياسياً، يوصف هذا التكتيك بأنه "خط الرجعة" الذي تبقيه الأحزاب الداعمة للحكومة مفتوحاً، بغية اللجوء إليه، في حال وحد المعارضون جهودهم لإقالة عبد المهدي.

على الرغم من أن هذين الفصيلين، يملكان مجتمعين، نحو 100 من مقاعد البرلمان العراقي المكون من 329 مقعداً، إلا أنهما لن يتمكنا من حماية عبد المهدي من الإقالة. وقد وحد المعارضون أحياناً جهودهم، وهو ما حاول رئيس الوزراء نفسه التقليل من شأنه، عندما ذكر أنه يراهن على "حكمة" الأطراف السياسية، التي لا يمكن أن تتورط في زعزعة الاستقرار السياسي الهش، في البلاد، أساساً.

بالنسبة إلى كثير من المراقبين، فإن فرص بقاء عبد المهدي أو رحيله في أي لحظة متساوية مع إجماع شبه عام بأن الحكومة تكسب الوقت فحسب من خلال سياسة الترضيات، عن طريق توزيع المناصب الحكومية على الأحزاب، بغية تهدئتها، وهي أرضية هشة، تترك مصير الحكومة معلقاً على مواقف حزبية ليست ثابتة.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي