Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل تغير مفهوم إيران لأمن الخليج فى ظل دبلوماسية الجوار؟ (2)

عملت طهران على طرح مبادرات للتعاون والأمن البحري في الخليج العربي عدة مرات لكنها استمرت في ممارسة سلوكيات تزعزع الثقة

قائد القوة البحرية في الحرس الثوري قال إن أي سفينة تريد المرور عبر مضيق هرمز يجب أن تبلغ عن وجهتها باللغة الفارسية (أ ف ب)

ملخص

اعتبرت إيران أن العامل الأجنبي والخارجي هو مصدر عدم الاستقرار في المنطقة لاختلاف طبيعة مصالح القوى الخارجية المختلفة والمتنافسة

بعد التقارب بين إيران ودول الخليج العربي، والإعلان عن تحالف بحري يستهدف التعاون والأمن الإقليمي البحري، هل تغيرت رؤية إيران لمفهوم أمن الخليج مع تغير التفاعلات الإقليمية والدولية؟ 

عملت طهران على طرح مبادرات للتعاون والأمن البحري في الخليج العربي عدة مرات في ظل الحكومات المختلفة منذ أكبر هاشمي رفسنجاني وحتى محمد خاتمي ومحمود أحمدي نجاد وحسن روحاني. تمحورت المبادرات الإيرانية حول نفس المضمون وقد عبر عنه وزير الخارجية الإيراني السابق خلال حكومة روحاني، فقد أكد أنه يتضمن ثلاث نقاط، وهي ضرورة بناء إطار شامل للثقة والتعاون في هذه المنطقة الاستراتيجية، أي استبعاد عدم الثقة في المستقبل والتوتر والأزمات، والتأكيد مرة أخرى أن جوهر الترتيبات الإقليمية يجب أن يقتصر على الدول الخليجية الثمانية، وأكد محمد جواد ظريف أن "تعاوننا ليس على حساب أي طرف آخر، وأن إيران ستعمل على توفير قدر أكبر من الأمن. فإيران لديها إدراك كبير للمصالح المتنوعة التي تنطوي عليها المنطقة"، وثالثاً، اعتبرت إيران أن العامل الأجنبي والخارجي هو مصدر عدم الاستقرار في المنطقة لاختلاف طبيعة مصالح القوى الخارجية المختلفة والمتنافسة.

النقطة الأهم هنا هو على رغم تضمين المبادرات الإيرانية لأفكار يمكن أن تسهم في التعاون والأمن الإقليمي البحري بين إيران ودول الخليج العربي، إلا أن إيران استمرت في ممارسة سلوكيات تزعزع الثقة في النوايا الحسنة المتضمنة في مبادراتها. 

فدائماً ما تثير دول الخليج العربي مخاوفها علناً حول ما تمثله إيران من تهديدات تتمحور بشكل مستمر حول الرغبة الإيرانية للسيطرة على الخليج العربي، وإثارة النزاعات الحدودية والإقليمية مع جيرانها العرب، فضلاً عن محاولاتها التأثير بشكل كبير في مستويات إنتاج النفط والأسعار، والتهديد الدائم بالقدرة على إغلاق مضيق هرمز، الذى يمر عبره نحو 20 في المئة من تدفقات النفط في العالم، كذلك استمرار تطوير قدراتها اللامتماثلة في الخليج باستخدام صواريخها وزرع الألغام البحرية بواسطة الغواصات مما يهدد مصالح دول الخليج العربية. 

لذا فإن استمرار محاولة إيران استعراض قوتها وزيادة قدراتها التسليحية اللامتماثلة، لا سيما استمرار طموحها في امتلاك أسلحة نووية، ومحاولتها للسيطرة على منطقة الخليج باعتبارها القوة المهيمنة الوحيدة سيظل عائقاً ويثير الشكوك في نواياها نحو التعاون والاستقرار الإقليمي للاستفادة الجماعية من موقع الخليج الاستراتيجي. 

فما مدى التغير في مفهوم إيران لأمن الخليج بعد المصالحات العربية؟

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

من خلال رصد التصريحات الإيرانية أخيراً نجد أنها تؤكد باستمرار نفس الرؤية، فقد صرح منذ فترة قائد القوة البحرية في الحرس الثوري علي رضا تنكسيري مخاطباً الولايات المتحدة الأميركية بأن بلاده وبقية دول المنطقة توفر أمن الخليج، وأن لا حاجة لواشنطن في المنطقة. 

وفي تصريحات حديثة له قال تنكسيري إن "أي سفينة تريد المرور عبر مضيق هرمز، يجب أن تبلغنا بجنسيتها ونوع حمولتها ووجهتها بالفارسية، وإذا لم تفعل ذلك فسوف نلاحقها".

كما قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني، إن ادعاءات واتهامات المسؤولين الأميركيين لإيران بشأن أمن الملاحة البحرية في الخليج ومضيق هرمز مرفوضة تماماً ولا أساس لها، مؤكداً أن "إيران هي الدولة الأكثر فاعلية في توفير أمن الملاحة البحرية في الخليج والمياه الإقليمية والدولية، وقد ضمنت دائماً المرور الآمن للسفن عبر مضيق هرمز".

تأتي التصريحات قبل وبعد الاتهامات الأميركية للحرس الثوري بالقيام بتهديدات للملاحة البحرية على إثر اعتراض سفينتين قبالة سواحل خليج عمان. فقد أعلن المتحدث باسم البيت الأبيض جون كيربي أن واشنطن بدأت بإرسال تعزيزات عسكرية إلى الخليج، مشيراً إلى رصد الولايات المتحدة تهديدات إيرانية متكررة للشحن التجاري في مياه الخليج، وأن وزارة الدفاع الأميركية ستبدأ في تعزيز تمركزها الدفاعي بالمنطقة.

الرؤية الإيرانية ترفض الوجود الأميركي لاعتباره تهديداً لفرص ممارسة القوة على السفن المارة، فالأمر يتجاوز أفكار أن يقوم أمن الخليج على التعاون بين الدول الواقعة عليه من دون أطراف أخرى، إلى محاولة ممارسة نوع من الهيمنة البحرية على الخليج، ومن ذلك الإصرار على فرض اللغة الفارسية للسفن العابرة، مع تجاهل هوية الدول المشاطئة له، مما يتناقض مع مبادئ حسن الجوار ووضع أسس للتعاون في مجال الأمن الإقليمي، وبخاصة أمن الملاحة البحرية، وكلها أسس لا بد من توافرها لبناء الثقة بين إيران وجيرانها.

هناك إجراءات بناء ثقة لا بد من وضعها من أجل إنشاء ترتيبات أمنية إقليمية فعالة لتسوية النزاعات وردع الصراع، وربما يسهم الاهتمام الصيني بالمنطقة ورغبته في دعم استقرارها نظراً لاعتماد الاقتصاد الصيني على واردات النفط من الخليج العربي، في إنشاء ترتيبات أمنية تعزز الاستقرار والأمن. 

وقد تعمل الصين على التأثير على إيران لوقف تهديداتها البحرية حتى لا تتأثر أسعار الطاقة في السوق العالمي، لكن الأمر المؤكد أنه حتى لو استمرت إيران في ممارسة مظاهر الهيمنة البحرية، فلن تكون أكثر من مجرد استعراض لرسم صورة ذهنية بالسيطرة لأن المحدد الصيني سيكون رادعاً لأى تهديدات حقيقية من إيران.

اقرأ المزيد

المزيد من تحلیل