Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مدارس تونس تستبيحها المحن

معركة تكسير عظام بين السلطات ونقابات التعليم بعد إعفاء 150 مديراً

متخصصون في الشأن التونسي يحذرون من استمرار أزمة حجب نتائج وأعداد التلاميذ (أ ف ب)

ملخص

تصاعد الأزمة بين السلطات التونسية ونقابات التعليم رفع مؤشر المخاوف من أزمات واسعة قبل العودة المدرسية المقبلة... فما الحل؟

مناخ متوتر بين وزارة التربية ونقابات التعليم في تونس رفع درجة حرارته قرار حكومي بإعفاء 150 مدير مدرسة من مناصبهم وحجب رواتب معلمين آخرين نتيجة تعليقهم نتائج التلاميذ وكشوف أعداد المنتقلين للمرحلة التعليمية التالية، مما أثار سجالات عنيفة بين الطرفين.

كرد فعل على القرار الوزاري، قدم المئات من مديري المدارس التونسية استقالاتهم في محافظات عدة، احتجاجاً على القرارات المتخذة في حق زملائهم، تزامناً مع تشبث المعلمين بالاستمرار في التصعيد.

الكاتب العام للجامعة العامة للتعليم الأساسي في تونس نبيل الهواشي أبدى بدوره استغرابه خلال ندوة صحافية من سرعة اتخاذ قرار الإعفاء، مرجحاً أن تكون وزارة التربية انتقت قائمة المديرين الذين تربطهم علاقة بالنقابة في محاولة عقابية لهم وإرساء مبدأ التخويف، وتعهد بأن يكون ردهم النقابي على الوزارة بالمثل.

خطاب تصعيدي

وزير التربية التونسي محمد علي البوغديري قال في حوار سابق مع التلفزيون التونسي إن "مجموعة من المديرين تعنتوا ورفضوا المصادقة على نتائج التلاميذ ومن ثم أعداد الملحقين بالعام الدراسي التالي، مما دفع وزارته إلى اتخاذ إجراءات، منها إعفاء كل مدير يتأخر في المصادقة على الأعداد، علاوة على دعوتهم إلى مجالس التأديب ملوحاً بإمكانية إنهاء العلاقة الشغلية في الأساس".

معلم المرحلة الثانوية محمد علي خليف تحدث إلى "اندبندنت عربية" قائلاً "إن سلطة الإشراف لا تعي أهمية هذا القطاع، إذ تعتبره غير منتج وتنظر إليه كعبء على المالية العمومية". وانتقد سياسات التهميش التي خلفت عديد الكوارث فانحدرت المدرسة العمومية واستباحتها المحن وتردت المنظومة التربوية في زمن تراهن فيه الأمم المتقدمة والمتحضرة على العلم والتعليم، مضيفاً "ها نحن نبخس المعلمين حقوقهم وننكل بهم".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ومضى في شكواه "الحركة المطلبية حق مكفول دستورياً لا مراء في ذلك، وكل ما تحتج به سلطة الإشراف من عجز للمالية العمومية وانعدام الموارد غير مقنع، بخاصة أن قطاعات أخرى تمكنت من نيل امتيازات ضاعفت من حجم مرتبات منتسبيها".

وتابع "الأهم من كل ذلك هو إرسال خطاب تصعيدي من قبل السلطة التي هددت ونفذت وعيدها في خطوة لن تحمد عاقبتها، لأنها أقامت الحجة والدليل القاطع على النظرة الدونية لعموم منظوريها، وكان بالإمكان احتواء الأزمة وإحقاق الحق".

وبرر خليف التحركات الاحتجاجية للمعلمين بقوله "منذ سنوات ومكانة المربين تتدنى ومقدرتهم الشرائية تنهار يوماً بعد يوم... إنه القطاع الأفقر والأشد معاناة وإحساساً بالضيم والغبن... لم يعد منتسبو القطاع فاعلين في محيطهم كما كانوا في الأيام الخوالي... معظمهم يعاني ويلات الفقر والخصاصة، انحسرت مكانتهم شيئاً فشيئاً وهم الآن على الهامش وفي الهوامش يشقون الشقاء الأعظم... سنة 2024 ستكون سنة المربين... سنثور ثورة تاريخية تعيد الأمور إلى نصابها".

ومع تصاعد الأزمة بين نقابيي التعليم والسلطات التونسية ازدادت المخاوف من مشكلات تعوق العام الدراسي الجديد، الذي سيكون حتماً على صفيح من النار.

الإجهاز على المكاسب

في المقابل، اعتبر الصحافي المتخصص في الشأن التونسي مراد علالة أن أزمة التعليم في البلاد "تجاوزت مرحلة كسر العظام ووصلنا للأسف إلى الإجهاز على مكسب هو في نهاية المطاف من أهم مكاسب الدولة الوطنية، وهو المدرسة العمومية".

وقال علالة في تصريح خاص إن "ما يحصل الآن من وقف صرف أجور بعض المعلمين وإقالة عدد من المديرين نهاية طبيعية لمقدمة صدامية خاطئة وشكل نضالي غير سليم تورطت فيه النقابة، لأنها ارتهنت التلاميذ وليس أمام سلطة الإشراف المؤجرة والمؤتمنة على المال العام خيارات أخرى".

وأضاف "باعتبار العملية التربوية التقييمية لم تنجز بأكملها، خلال السنة الدراسية الجارية ولم تسلم دفاتر الأعداد للتلاميذ بل أكثر من ذلك كانت النتائج كارثية في امتحان ختم المرحلة الأولى من التعليم الأساسي المعروف بـ(السيزيام)، كان يفترض أن نتوقف عنده لاستخلاص الدروس بعيداً من الشعارات الفضفاضة وأسطوانة إصلاح التعليم ومقولة المصعد الاجتماعي".

ومضى في تقييمه للأزمة "حجب الأعداد من قبل نقابات التعليم قد يكون أقلق الوزارة وأحرجها مثلما أضر بصورة العمل النقابي وصدقية النقابيين ولكنه لم يؤذهم بنفس درجة الأذى والضرر الذي لحق بالأطفال، خصوصاً أولئك الذين لا يعلمون إلى الآن إن كانوا سينجحون ويرتقون إلى السنة الموالية بما أنهم في انتظار الإسعاف من معلميهم".

ويرى أن "الصدام ومواصلة التصعيد لن يحققا سوى تأبيد الأزمة وإطالة أمدها وتعقيد تداعياتها والدخول من دون مبالغة في المجهول، وإظهار السلطة في موضع التشدد والعجز، وتقديم المعلم في مظهر دوني يتذمر من حرمانه من المرتب، من دون أن ننسى بطبيعة الحال ضرب صورة المدرسة ونسف ثقة الأطفال والأولياء فيها".

وتابع "لذلك لا مناص من وقفة أكثر موضوعية ومسؤولية وتقديم تنازلات وطنية من أجل المصلحة العامة لكون ذلك انتصاراً للتعليم العمومي".

واختتم حديثه بتأكيد ضرورة "غلق موضوع حجب الأعداد من دون قيد أو شرط واستمرار العلاقة الشغلية الطبيعية والعودة إلى التفاوض والنضال النقابي الذي جذرته مدرسة الاتحاد العام التونسي للشغل، اتحاد الزعيم الخالد فرحات حشاد".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير