طبقاً لتقرير صادم من البنك الدولي صدر عام 2021 فإن نحو 3 مليارات شخص حول العالم لا يحصلون على خدمات الصرف الصحي بطريقة مأمونة، من بينهم معظم سكان العاصمة الموريتانية نواكشوط، فمدينتهم لا تتوافر غالبية أحيائها على هذه الخدمة التي تكثر الحاجة إليها في موسم التساقطات المطرية الذي بدأ لتوه في موريتانيا ويستمر حتى شهر سبتمبر (أيلول) من كل عام.
توسع عشوائي
لم يفكر مخططو العاصمة إبان تأسيسها نهاية خمسينيات القرن الماضي في الانفجار العمراني والديموغرافي اللذين ستشهدهما عاصمة البلاد النائمة في أحضان المحيط الأطلسي والممتدة على ثلاث جهات بطول 20 كيلومتراً ويقطنها ثلث سكان البلد الذي تجاوز عددهم 4 ملايين نسمة مع مليون مقيم من دول الجوار.
هذا الواقع سبب ضغطاً على شبكة الصرف الصحي المتهالكة في وسط المدينة التي لم تعد تقوم بدورها بشكل سلس.
ومع كل نظام جديد يصل إلى الحكم في نواكشوط تعود قصة التفكير في حل جذري لمعضلة الصرف الصحي التي باتت تؤرق الحكومات قبل المواطنين، ويقول محمد يحيى الذي يترأس المنظمة الموريتانية للسلامة البيئية التي تطالب بالتسريع في إيجاد حل لمشكلة الصرف الصحي في العاصمة إنه "كانت هناك محاولات عدة لإنشاء شبكة صرف صحي حديثة، فقبل عقد من الزمن تقدمت المفاوضات بين موريتانيا والصين، لكن الأمر توقف فجأة".
وعلى رغم ذلك لجأت الحكومات السابقة إلى حلول موقتة لبعض الأحياء الأكثر تضرراً من غياب الصرف الصحي، كما هي الحال في سوكوجيم لكصر وحي PS اللذين تمت إعادة ربطهما بالشبكة القديمة، مما ساعد في تجفيف التربة وتراجع مستوى تشبع الأرضيات بالمياه الجوفية والسطحية، بحسب خالد سليمان الذي قال إنه عاد لبيته في حي سوكوجيم لكصر بعد أن تدخل برنامج حكومي أعاد تأهيله بيئياً وصحياً.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقبل أيام نظم المكتب الوطني للصرف الصحي في موريتانيا يوماً مفتوحاً للتعريف بنشاطات هذه الهيئة المسؤولة عن معاناة السكان مع تصريف مياه الأمطار الذي يحد من حركة الأفراد والمركبات ويلقي بظلاله الكئيبة على حياة الناس طيلة فترة موسم الأمطار.
من جهته كشف وزير المياه والصرف الصحي الموريتاني سيد محمد الطالب أعمر عن إطلاق قطاعه لإعلان دولي "لإبداء الرغبة في اختيار شركة أو مجموعة شركات ذات قدرات وخبرة في المجال لتنفيذ شبكة للصرف الصحي في موريتانيا، وهو واحد من أهم المشاريع الهيكلية في تاريخ الدولة".
وأضاف الوزير أن "بعض الأحياء في العاصمة مهددة بالسيول في كل موسم أمطار وبعض المدن الأخرى كذلك مثل كيهيدي في الجنوب وأكجوجت في الشمال".
مخاوف صحية واقتصادية
لا تقتصر الأضرار التي يخلفها غياب الصرف الصحي على المنظر العام للمدينة، بل تتعداه إلى أخطار محتملة تؤثر في الصحة العامة، ويقول المتخصص في الصحة العمومية سعدنا الأمانة "يؤدي الصرف الصحي المحسن إلى خفض عبء المرض وتحسين التغذية والحد من التقزم وتحسين نوعية الحياة وزيادة المستوى الصحي لبيئة المعيشة وتطوير الإشراف البيئي وزيادة فرص العمل والأجور وتعزيز القدرة التنافسية للمدن وتحقيق مكاسب اقتصادية واجتماعية عامة".
ويتخوف عدد من سكان العاصمة ممن يجاورون أماكن تجمع مياه الأمطار من انتشار الأمراض المرتبطة بهذه الظاهرة، وتقول فاطمة الهيبة "نتأثر صحياً في كل موسم خريف ويصاب أطفال الحي وكبار السن بحميات مرتبطة بانتشار البعوض والناموس".