Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تحذير عراقي من تحول "مخيم الهول" إلى "مصنع إرهابي"

بغداد تناشد المجتمع الدولي تصفية المخيم وإعادة عائلاته إلى بلدانها الأصلية قبل انفجار الكارثة

تشدد الأمم المتحدة على أهمية نقل الأطفال من المخيم قبل أن يبلغوا ويتحولوا إلى إرهابيين (أ ف ب)

ملخص

لم تعد قضية مخيم "الهول" السوري محلية بعد أن جعلها العراق قضية مجتمع دولي مجدداً التأكيد على ضرورة استعادة الدول لرعاياها من المخيم.

تتصاعد تحذيرات العراق مع المخاطر التي يشكلها مخيم "الهول" السوري الذي يقيم فيه عشرات الآلاف من المرتبطين بتنظيم "داعش" الإرهابي المنهزم في العراق وسوريا، إذ عملت بلاد الرافدين على تحويل القضية من محلية إلى دولية، لا سيما أن غالبية نزلاء المخيم من نساء وأطفال التنظيم المتطرف، مما يعزز المخاوف من ولادة جيل إرهابي جديد بعد أن تمكنت القوات العراقية المشتركة من إعلان النصر على التنظيم في العاشر من ديسمبر (كانون الأول) 2017.

يشير متخصصون في الشأن الأمني العراقي لـ"اندبندنت عربية"، إلى أن بقاء هذا الملف على تلك الحال هو تهديد لأمن العراق والمنطقة والعالم، حيث يعد المخيم مدرسة للأفكار المتشددة، محذرين من "تربية جيل جديد من الإرهابيين سيكونون بمثابة بلاء يجتاح دول العالم".

الدولة تتحرك عالمياً

دعا وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، الخميس الماضي، المجتمع الدولي إلى التعامل بجدية مع ملف مخيم "الهول" في سوريا، والحد من مخاطره على مستوى المنطقة والعالم.

وقال حسين في كلمة له خلال مؤتمر في بروكسل لدعم مستقبل سوريا والمنطقة، "العراق دائماً ما يدعو المجتمع الدولي إلى التعامل بجدية مع مخاطر مخيم (الهول) في محافظة الحسكة، الذي يضم آلاف الأشخاص من جنسيات مختلفة، معظمهم من النساء والأطفال".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأكد أن العراق طلب من الدول المعنية تحمل مسؤوليتها في إعادة مواطنيها من ذلك المخيم إلى بلدانهم الأصلية وفقاً لقوانين تلك البلدان. مشدداً على ضرورة إيجاد حل نهائي لمشكلة هذا المخيم، والتقليل من حدة مخاطره على صعيد المنطقة والعالم بأسره.

وكان عضو مجلس النواب العراقي عن محافظة نينوى شيروان دوبرداني، أكد في وقت سابق، أن قافلة جديدة من عوائل مسلحي "داعش" أعيدت يوم الأحد 4 يونيو (حزيران) 2023 عبر منفذ ربيعة الحدودي إلى العراق، وسيتم نقلها إلى مخيم "الجدعة".

في هذا السياق، تؤكد وزارة الهجرة والمهجرين العراقية، أنه لا يزال يقيم في مخيم "الهول" نحو 25 ألف مواطن عراقي من عوائل مسلحي "داعش" أغلبهم أطفال، بحسب المتحدث الرسمي للوزارة علي جهانكير، مؤكداً أنه بعد إعادة هذه القافلة يتبقى نحو 7000 عائلة عراقية أخرى في مخيم "الهول".

وأوضح جهانكير في تصريح له أن إعادة العوائل الباقية رهن استكمال مراحل تأهيل وإعادة العوائل الموجودة حالياً في مخيم "الجدعة"، وبعد ذلك سيقوم الجانب العراقي بإعلام "قسد" لإعادة قوافل أخرى من تلك العوائل إليه.

ضحايا وإرهاب وأخطار

وحذر مستشار الأمن القومي قاسم الأعرجي، الإثنين الماضي، من أن وجود الأطفال داخل مخيم "الهول" سيولّد جيلاً إرهابياً جديداً. مضيفاً في بيان أن مستشارية الأمن القومي عقدت اجتماعاً موسعاً برئاسته في مركز "النهرين" للدراسات الاستراتيجية حول رؤية العراق في ما يخص مخيم "الهول" السوري، بمشاركة عربية ودولية.

وتابع أن "الاجتماع عقد بمشاركة رئيس جهاز الأمن الوطني حميد الشطري، ونائب قائد العمليات المشتركة الفريق الركن قيس المحمداوي، ووكيل مديرية الاستخبارات والتحقيقات الاتحادية، ومستشار رئيس الوزراء لحقوق الإنسان زيدان خلف، وممثل عن جهاز الاستخبارات الوطني، وشخصيات أكاديمية ومسؤولين في وزارة الخارجية العراقية، وبحضور ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة في العراق جينين بلاسخارت، وسفراء الاتحاد الأوروبي والدول العربية والأجنبية العاملين في العراق".

وأشار الأعرجي، بحسب البيان، إلى أن "الحكومة العراقية بعد إعلان النصر على (داعش) وتحرير المدن التي اغتصبت، بدأت بحملة إعمار تلك المناطق بموازاة العمل على إعادة بناء الإنسان وتأهيله للخلاص من آثار الإرهاب".

وأضاف أن "الحكومة العراقية أكدت مراراً أن مخيم (الهول) السوري يشكل تهديداً خطراً على العراق والعالم ويجب تفكيكه"، مشدداً على "أهمية تماسك المجتمع الدولي، والعمل على حث الدول على سحب رعاياها من المخيم"، كما اقترح عقد مؤتمر دولي على مستوى وزراء الخارجية لإيجاد حل وغلق هذا المخيم.

ونوه الأعرجي إلى أن "الحكومة العراقية نقلت 1369 عائلة من المخيم إلى العراق وأخضعتها لعمليات تأهيل تمهيداً لدمجها بالمجتمع"، مبيناً أن 800 عائلة عادت إلى مناطق سكنها بعد عمليات التأهيل، ومؤكداً أن "وجود الأطفال داخل مخيم ينتشر فيه الحقد والإجرام سيولّد جيلاً إرهابياً جديداً، وهؤلاء الأطفال ضحايا، ويجب أن يحاسب الإرهابيون وفق القوانين ولا يفلتوا من العقاب".

وزاد أن قضية مخيم "الهول" السوري ليست محلية، بعد أن جعلها العراق قضية مجتمع دولي، مجدداً التأكيد على مطلب بغداد باستعادة الدول لرعاياها من المخيم.

رؤية الأمم المتحدة

بدورها، طرحت ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة في العراق جينين بلاسخارت، رؤية الأمم المتحدة في ما يخص مخيم "الهول". وأكدت أن "ما خلفه تنظيم (داعش) هو إرث معقد وعلينا أن نتصدى له جميعاً"، مشددة على أهمية نقل الأطفال من المخيم قبل أن يبلغوا ويتحولوا إلى إرهابيين، ومجهودات العراق في هذا الملف لم تكن سهلة، والحل الأمثل لغلق هذا الملف هو تضافر جهود المجتمع الدولي للسيطرة على الوضع وحسمه.

وبين المكتب الإعلامي لمستشار الأمن القومي أن الاجتماع شهد جملة مداخلات من قبل المشاركين، تمحورت حول أهمية تفكيك هذا المخيم، وأكدت أهمية الإسراع بغلقه وإزالة هذا الخطر الذي يشكل تهديداً للمنطقة والعالم.

 في هذا الإطار، قال المتخصص الأمني سرمد البياتي، أن هناك دولاً تعاونت في سحب قسم من رعاياها في مخيم "الهول"، مضيفاً لـ"اندبندنت عربية"، أن "حجة سفراء بعض الدول ممن لديها رعايا هناك أنه ليست لديهم أدلة ضد هؤلاء تدينهم بالإرهاب من أجل محاكمتهم، وهم يطالبون بهذه الأدلة من العراق وسوريا، وهذه ليست حجة منطقية".

أما الباحث في الشأن السياسي والأمني عقيل الطائي، فيقول إن مخيم "الهول" الذي يقع شمال شرقي سوريا يضم ما يقارب 51 ألف نسمة من نساء وأطفال وشباب، وهم من عوائل مقاتلي التنظيم المنهزم في العراق وسوريا وبعض الإرهابيين الذين هربوا من العراق، مبيناً أن المخيم مصدر قلق وقنبلة موقوتة تهدد العالم بأسره، لأنهم ينتمون إلى مختلف الجنسيات.

 وأكد الطائي أن العراق بادر بجلب العوائل العراقية من "الهول" وأسكنها مخيم "الجدعة" على رغم الاعتراضات والقلق الأمني في ذلك المخيم، في حين لم تبادر أية دولة أخرى بسحب مواطنيها الذين انضموا إلى التنظيم الإرهابي، مشيراً إلى أن هناك أطفالاً يكبرون ويكبر معهم الفكر التكفيري.

وعبر الطائي عن تمنياته بأن تتعامل الدول مع هذا الملف بجدية عبر إنشاء مراكز ومؤسسات تأهيلية لتصحيح الأفكار التي يؤمن بها هؤلاء، لأنه إذا بقي الأمر هكذا فستكون المنطقة غير مستقرة، ومن المحتمل استغلال هذه المجموعات بتوجيهها وفق مصالح سياسية.

 ومن جانبه، قال المحلل السياسي واثق الجابري، إن دعوة العراق للمجتمع الدولي من أجل الاهتمام بملف مخيم "الهول" ناجم عن المخاطر التي يتوقعها نتيجة وجود كبار الإرهابيين في هذا المخيم مع عوائلهم وأطفالهم الذين تربوا على الفكر الداعشي، بل إن العوائل نفسها عرضة لمخاطر هذا الفكر.

ولفت إلى أن كثيراً من الدول لم تتسلم رعاياها أو تهتم بهذا الملف بالشكل الكافي، على رغم أنهم يشكلون خطراً في كل لحظة، على اعتبار أن هذه المناطق غير مستقرة أمنياً ونشبت بها كثير من الأحداث التي دعت إلى تسرب وهروب بعض الإرهابيين من المخيم.

بعد إثارة القضية 

الباحث السياسي صالح لفتة يؤكد أن تحرك العراق نحو المجتمع الدولي لحل ملف مخيم "الهول" وإثارة القضية بجدية والتحذير من مخاطر ترك أزمة المخيم من دون حل هو تحرك فيه كثير من الحكمة، فلا يمكن إنهاء هذا الملف بالجهود العراقية فقط.

وأوضح أن مخيم "الهول" لا يحتوي فقط على العوائل العراقية، بل إن هناك أطفالاً ونساء من مختلف دول العالم ومنها بالطبع دول أوروبية لا ترغب في استقبال مواطنيها، وحتى إعادة العائلات العراقية تتطلب تنسيقاً دولياً، إذ يحتاج العراق خبرات دولية للمساعدة في دمج هذه العائلات بالمجتمع لافتقاره إلى مؤسسات متخصصة في هذا الشأن. كما يحتاج أيضاً إلى تنسيق مجتمعي حتى لا تتعرض تلك العائلات لمخاطر في حال العودة إلى مناطق سكنها مثل عمليات الانتقام والثأر.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير