Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هواء نيويورك محمّل بدخان كثيف يثقل الرئتين

سكان نيويورك أقوياء وقادرون على الصمود. لقد عشنا في السابق ظروفاً مناخية قاسية للغاية، ولكن هذا الدخان مختلف وتشعر وكأنه لا مفر منه

يتدفق الدخان من مئات الحرائق المستعرة في الغابات المجاورة التي تجتاح كندا (رويترز)

ملخص

الوضع شبيه بالحياة على المريخ: دخان مضر يصل إلى مستويات خيالية في جو نيويورك.

بحلول الساعة الثانية بعد الظهر، بدا وكأن الشمس بدأت تغرب في أفق مدينة نيويورك.

يتدفق الدخان من مئات الحرائق المستعرة في الغابات المجاورة، والتي تجتاح كندا، ويصل إلى المدينة هذا الأسبوع، مما أدى إلى حجب أشعة الشمس وإضفاء لون بني داكن غريب ومخيف على ناطحات السحاب والمشهدية العمرانية ككل.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبحلول منتصف بعد ظهر يوم الثلاثاء، سجلت بعض مناطق المدينة مستويات مرتفعة لمؤشر جودة الهواء تجاوزت الـ400 في المئة، وهو مستوى يعد "خطراً" على الصحة العامة. ويجب الإشارة إلى أن مقياس جودة الهواء يصل إلى 500 نقطة فقط، وعادة ما يتراوح المستوى الطبيعي لمؤشر جودة الهواء عند الـ100 نقطة. ووفقاً لتصريحات بعض سكان المدينة، بدا المشهد في نيويورك و"كأنك على المريخ"، حيث تحولت السماء إلى لون برتقالي، واختفت معالم المدينة الواضحة خلف الغيوم الدخانية.

وقررت مدارس المدينة إلغاء فترة الاستراحة في الهواء الطلق والأنشطة الخارجية، وتم تأجيل مباراة البيسبول لفريق اليانكيز، بينما توقفت الرحلات الجوية موقتاً بسبب ضعف الرؤية. وكان الخروج والمشي في شوارع نيويورك يشبهان التجمع حول نار التخييم، ولكن من دون تناول السْمُورْزْ، وهي حلوى شعبية تقليدية للسهرات حول نار المخيم في الولايات المتحدة وكندا تتكون من مارشملو محمصة وطبقة من الشوكولاتة بين قطعتين من بيسكويت، والشعور بروح الترابط الاجتماعي.

بدا الأمر وكأننا في أوائل عام 2020، حيث تلوح في الأفق تهديدات صحية على الجهاز التنفسي وتحذيرات رسمية بالبقاء داخل المنازل. وقبل بضعة أيام فقط، كان عدد قليل من الركاب يرتدون الكمامات في مترو الأنفاق أو في الأماكن العامة، ولكن اليوم، يبدو أن هذا العدد ارتفع ليصل إلى أكثر من 50 في المئة.

ومع ذلك، لا يزال وسط مانهاتن مكتظاً وحيوياً. توقف السياح وعمال المكاتب على الرصيف ليستمتعوا بالنظر إلى السماء والتقاط الصور لهذا المشهد اللافت للنظر الذي يبدو وكأنه مشهد ما بعد نهاية العالم. انتشرت صور مروعة على منصة "إنستغرام"، تظهر جسر جورج واشنطن المغطى بضباب برتقالي، ويكاد أفق نيويورك أن يكون غير مرئي من الميناء.

ظهر بعض الأشخاص غير مهتمين كثيراً بالدخان الموجود في الجو. ففي الخارج، أمام حديقة ماديسون سكوير غاردن الأيقونية، كان الحضور يتناولون وجبات الغداء من شاحنات الطعام، ويبدو أنهم غير مكترثين بجودة الهواء السيئة في حين قامت بعض الحانات والمطاعم بالإعلان عن وجود أجهزة تنقية الهواء لديها بهدف استقطاب الزبائن لتناول الطعام في الخارج.

وفي مساء يوم الثلاثاء، عندما بدأ الدخان يكسو أرجاء المدينة، قمت بركوب دراجتي من شقتي إلى حديقة جسر بروكلين للتأمل في المشهد الطبيعي. وكان قرار غير صائب أن أخرج من دون كمامة، حيث شعرت بسرعة بالتهيج في رئتي عندما كنت أقود الدراجة إلى الواجهة البحرية. وفي يوم صافٍ، تتلألأ أفق مانهاتن عبر نهر إيست. إنه واحد من أفضل المواقع في المدينة لمشاهدة غروب الشمس، ولكن يوم الثلاثاء، كانت الرؤية مبهتة، وبدت المباني رمادية وباهتة.

إلا أن سكان نيويورك أقوياء وقادرون على الصمود. لقد عشنا في ظروف مناخية قاسية جراء إعصار "ساندي" في عام 2012، ثم أثار إعصار "إيدا" في عام 2021 الذي أغرق الشقق ومحطات المترو بسرعة غير عادية، ولكن الدخان كان مختلفاً ولا مفر منه. حتى داخل مباني المكاتب الحديثة، يمكن شم رائحته بشكل واضح، ولكن أقل حدة. إنه تذكير بأن أزمة المناخ على أبوابنا، ولا يمكن تجاهلها حتى في المدن الثرية والمتقدمة.

سكان ولاية كاليفورنيا لم يترددوا في تذكير سكان نيويورك بأن دخان الحرائق أمر لا مفر منه على الساحل الغربي، لا سيما أن مناطق مثل كاليفورنيا وأوريغون وواشنطن تشهد تفاقماً متزايداً في مواسم الحرائق، ولكن بالنسبة لسكان نيويورك، فهذه ظاهرة جديدة وغير مألوفة. المدينة تواجه حالياً أسوأ مستويات جودة الهواء منذ الثمانينيات، وقد تفوقت حتى على مستويات الهواء السامة التي تعرضنا لها بعد هجمات 11 سبتمبر على مركز التجارة العالمي في جنوب مانهاتن.

وفي الأيام القادمة، من المتوقع أن يتلاشى الدخان وتعود الحياة اليومية إلى طبيعتها، ولكن سيكون من الضروري على قادة المدينة والولاية التخطيط بشكل فعال من أجل التعامل مع الكوارث المناخية في المستقبل. وقد أقر عمدة نيويورك إريك آدامز بأن الوضع "غير مسبوق".

وخلال إحاطة إعلامية قال "هذا هو التحدي الذي نواجهه، وسيكون هناك مزيد من المشكلات مثل هذه، ولا يوجد خطة أو كتيب تعليمات لمثل هذه المشكلات".

ومع ذلك، يجب أن نكون على علم بأن هذه لن تكون المرة الأخيرة التي نتعرض فيها للدخان في المدينة. يجب التحضير لما سيحدث في المستقبل واتخاذ التدابير اللازمة.

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من بيئة