Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تلك هي السياسات التي يعتنقها إيلون ماسك من الاشتراكية إلى ترمب وديسانتيس

قدم قطب "تيسلا" و"تويتر" تبرعات مالية للحزبين "الجمهوري" و"الديمقراطي" وأعلن أنه "ليس يمينياً ولا يسارياً" بيد أن تدخلاته المتعاظمة في الحروب الثقافية الأميركية تشي بخلاف ذلك

"...لقد أعدت ابتكار سيارات كهربائية، وسأرسل أشخاصاً إلى المريخ على متن مركبة فضائية، فهل تعتقد أني سأكون رجلاً متواضعاً عادياً؟" (غيتي)

ملخص

قدم قطب "تيسلا" و"تويتر" تبرعات مالية للحزبين "الجمهوري" و"الديمقراطي" وأعلن أنه "ليس يمينياً ولا يسارياً" بيد أن تدخلاته المتصاعدة في حروب الثقافة الأميركية تقول كلاماً آخر فهاكم السياسات التي يعتنقها إيلون ماسك 

"أحبذ ألا أتدخل في السياسة"، قال إيلون ماسك في سبتمبر (أيلول) 2021 عندما وجد نفسه مضطراً إلى الرد على ادعاء حاكم تكساس غريغ أبوت بأن رجل الأعمال أبدى دعمه قوانين حظر الإجهاض التي أقرتها الولاية الأميركية.

ولكن إذا كان ماسك يؤثِر فعلاً، كما يقول، البقاء على مسافة من السياسة، فإن أسلوبه في ذلك يبدو مضحكاً.

طوال أعوام شهرته الكثيرة كرئيس تنفيذي لشركتي "تيسلا" Tesla و"سبيس إكس" SpaceX والآن المنصة الاجتماعية "تويتر"، لم يسلم أحد أو شيء من تهجمات الملياردير الأميركي المولود في جنوب أفريقيا، بدءاً بدونالد ترمب [الرئيس الأميركي السابق] وبيرني ساندرز [السياسي الديمقراطي]، مروراً بمسؤولين في هيئات تنظيمية ووصولاً إلى قواعد "كوفيد" ونقابات عمالية وحتى "ضمائر" اللغة [أثار في تغريدة له جدلاً واسعاً في شأن استخدام ضمائر اللغة والهوية الجنسية].

ومنذ عام 2022 اتخذت مواقفه في السياسة العامة منعطفاً حاداً نحو اليمين، إذ أعلن دعمه الحزب الجمهوري في الولايات المتحدة، وتحالف مع نشطاء اليمين المتطرف على "تويتر"، واستخف بحقوق المتحولين جنسياً، واعتنق نظريات المؤامرة المحافظة، وتعهد إنقاذ الحضارة من "فيروس صحوة العقل" woke mind virus الذي يتهددها، في نظره [تنادي هذه الصحوة الآن بإنصاف أصحاب البشرة الملونة وأبناء الأقليات العرقية والدينية].

هكذا اكتسب ماسك بسلوكه هذا منزلة لدى الحاكم الجمهوري لفلوريدا رون ديسانتيس الذي تجاهل قناة "فوكس نيوز" ليعلن خوضه الانتخابات الرئاسية الأميركية لعام 2024 خلال حديث مباشر عبر "تويتر" مع ماسك يوم الأربعاء الـ 24 من مايو (أيار) 2023.

إننا إزاء خروج مذهل عن نهج سياسي اعتنقه الشاب البالغ من العمر 51 سنة قبل جائحة "كوفيد"، عندما اختار أن يضع نفسه في مكان يسترضي فيه اليسار واليمين كليهما، وتبرع لكل من الديمقراطيين والجمهوريين بينما أعلن على نحو متباين أنه "معتدل" و"اشتراكي" و"ليبرالي من الناحية الاجتماعية ومحافظ من الناحية المالية".

ومع ذلك فعلى رغم الأدلة التي تفيد عكس ما تقدم، لا يزال ماسك يدعي أنه مستقل، "ليس يمينياً تقليدياً ولا يسارياً" وملتزم بالنقاش السليم.

إذاً بماذا يؤمن إيلون ماسك حقاً؟ ولما كان أحد أغنى سكان العالم ومالك إحدى أكبر شبكات التواصل الاجتماعي، كيف ينعكس هذا علينا؟

تبني الحزب الجمهوري

نبدأ بالدعم الذي أظهره ماسك أخيراً للحزب الجمهوري الأميركي والذي كان واضحاً من دون لبس بل ومن دون تحفظات.

"في الماضي أعطيت صوتي للديمقراطيين لأنهم كانوا غالباً حزب المودة، ولكنهم صاروا حزب الانقسام والكراهية، وعليه لا يمكنني البتة دعمهم وسأصوت لمصلحة الجمهوريين".

جاء ذلك بعد أشهر من انتقادات كالها ماسك للرئيس الأميركي جو بايدن، وقد تضمنت هجومه اللاذع على برنامجه الرائد للبنية التحتية وقوانين الإنفاق الاجتماعي الخاصة بمنح الدعم لصناعة السيارات الكهربائية ومفاقمة العجز "الجنوني" في الموازنة الفيدرالية، وفي وقت لاحق نعت ماسك الرئيس بأنه "دمية مصنوعة من جوارب مبللة في شكل بشري".

في يونيو (حزيران) 2022 تمادى ماسك أكثر، فكشف أنه أدلى بصوته لمصلحة المرشحة الجمهورية عن عضوية الكونغرس مايرا فلوريس في سباق انتخابي في المرة الأولى، على حد زعمه، التي يقترع فيها للحزب الجمهوري، وغرد على "تويتر" قائلاً "موجة حمراء عارمة يشهدها عام 2022" [اللون الأحمر مرتبط بالحزب الجمهوري في الولايات المتحدة]، على رغم أنه لم يكن واضحاً ما إذا كان كلامه هذا بمثابة تنبؤ أو صرخة حشد.

وفي تعقيبه على تعليقات الملياردير المولود في جنوب أفريقيا قال حاكم ولاية فلوريدا رون ديسانتيس ممازحاً، "أصب تركيزي على عام 2022، ولكن مع إيلون ماسك، أود أن أقول إنني أرحب بدعم الأميركيين الأفارقة. ماذا عساني أقول؟"

وازداد التقارب بين الرجلين في مايو 2023 عندما ارتأى ديسانتس أن يعلن ترشحه للرئاسة الأميركية المقبلة عن الحزب الجمهوري من طريق الظهور مع ماسك على "سبايسس" Spaces خدمة "تويتر" للمناقشات الصوتية.

ولكن الحدث عرقلته مشكلات تقنية، إذ إن الخودام الأساس لـ "تويتر" التي أفيد بأنها تعطلت بسبب عمليات التسريح الجماعي للعمال في أعقاب استيلاء ماسك على الشركة، واجهت صعوبات جمة في استيعاب 600 ألف شخص قيل إنهم تحضروا للاستماع إلى كلام المرشح الجمهوري، مما حمل خصومه السياسيين ووسائل إعلام محافظة على الاستهزاء بالحدث باعتباره كارثة.

وفي الحقيقة فديسانتس ليس سوى واحد من محافظين كثر استعانوا بماسك في العام الماضي.

المذيع التلفزيوني اليميني المتطرف تاكر كارلسون الذي طردته قناة "فوكس نيوز" في وقت سابق من عام 2023، أعلن أنه سيبدأ عرضاً جديداً على "تويتر"، وذكر "ديلي واير"، الموقع الإلكتروني الإخباري اليميني، أنه سيعرض بعضاً من برامجه مجاناً على هذه المنصة الاجتماعية.

وعلى رغم ذلك كله لم يبلغ ماسك حد إعلان دعمه الدائم للحزب بأسره، وبعد تغريدته حول السباق الانتخابي الأميركي سأل أحد مستخدمي "تويتر"، "أظن أن جمهورياً سيفوز بمنصب الرئيس [أيضاً]؟".

"[لم يُحدد بعد]"، أجاب ماسك. "إلى من تميل؟"سُئل في سؤال لاحق، فجاء الرد: ديسانتيس".

وبالمثل فإن تأييد هذا القطب للحزب الجمهوري في اليوم السابق للانتخابات النصفية الأميركية في نوفمبر (تشرين الثاني) 2022 كان محدوداً بعض الشيء. "للناخبين أصحاب التفكير المستقل: تكبح السلطة المشتركة أسوأ تجاوزات الحزبين كليهما"، قال متوجهاً إلى متابعيه على "تويتر" البالغ عددهم 115 مليون متابع. "عليه أوصي بالتصويت للجمهوريين في عضوية الكونغرس نظراً إلى كون الرئاسة ديمقراطية، والمتشددون من الديموقراطيين أو الجمهوريين لا يصوتون أبداً للجانب الآخر، لذا فإن في يد الناخبين المستقلين فعلاً أن يقرروا من يتولى زمام الأمور".

وبعد الانتخابات أضاف ماسك، "كي أكون واضحاً، فطالما كان انتمائي الحزبي التاريخي مستقلاً، مع سجل تصويت فعلي للديمقراطيين بالكامل حتى هذا العام، وأنا منفتح على فكرة التصويت للديمقراطيين مرة أخرى في المستقبل".

أعلن نفسه "وسطياً" يتبرع بالمال للحزبين

تعكس تحفظات ماسك في شأن دعم الحزب الجمهوري صدى ادعائه القديم بأنه "وسطي" أو "مستقل" لا ينسجم مع الصناديق التقليدية لليسار أو اليمين، وعلى مدى أعوام قدم ماسك تعريفات مختلفة لسياساته الخاصة، وكانت سمته الأكثر ثباتاً أنه "ليبرالي على الصعيد الاجتماعي ومحافظ على المستوى المالي"، أو حتى "ليبرالي جداً اجتماعياً".

في عام 2020 صاغ هذا الجانب منه على النحو التالي: "أنا ليبرالي جداً اجتماعياً، ويميني وسطي اقتصادياً، ربما، أو وسطي. لست أعلم، ولكن واضح أنني لست شيوعياً".

في عام 2018 وصف ماسك نفسه بأنه "فوضوي طوباوي من النوع الذي أجاد إيان بانكس وصفه على أفضل وجه"، مشيراً إلى مؤلف الخيال العلمي الاسكتلندي الراحل الذي كتب بشوق (وإن بتشكك) عن حضارة لا سلطوية اشتراكية عابرة للفضاء اسمها "الثقافة"، حيث لا مال ولا فقر ولا عمل مأجوراً ولا شرطة ولا سجون ولا جيش نظامي دائم، ووفرة لا تنتهي من السلع الأساس".

في مرحلة أخرى ادعى ماسك أنه "اشتراكي" ولكنه "ليس من النوع الذي ينقل الموارد من الأكثر إنتاجية إلى الأقل إنتاجية"، ونصحنا لاحقاً بعدم أخذ كلامه على محمل الجد.

في أبريل (نيسان) 2021 نشر ماسك على "تويتر" رسماً كاريكاتورياً على شكل عصا تمثل السياسيين المعتدلين وهو بينهم، واقفين ثابتين على الطيف السياسي في وقت يسرع اليسار مبتعداً صوب التطرف وجاراً معه خط الوسط بعيداً حتى بدا المعتدلون يمينيين مقارنة معهم.

وفي تشرين الثاني (نوفمبر) التالي أعلن نفسه "ليس يميناً تقليدياً ولا يسارياً"، وفي ديسمبر (كانون الأول) قال "تعلم أن ’تويتر‘ يتسم بالعدل عندما يكون المتطرفون في أقصى اليمين وأقصى اليسار مستائين في الوقت نفسه".

هذا الاتجاه تسانده بعض الشيء تبرعات ماسك المتصلة بالسياسة، ووفق بيانات جمعها مرصد "أوبن سيكريت" غير الربحي المتخصص في مراقبة ممارسات الضغط، قدم إيلون ماسك ما مجموعه 1.2 مليون دولار للسياسيين والأحزاب ولجان العمل السياسي (اختصاراً PACs) وحملات الاستفتاء منذ عام 2002.

وزعت تلك الأموال بشكل متساو تقريباً، فبلغ نصيب الديمقراطيين منها 542 ألف دولار، والجمهوريين 542 ألف دولار، مع تخصيص 85 ألف دولار لحملتي استفتاء يساريتين واسعتين في كاليفورنيا. ولكن هذا التوازن شهد تقلبات على مر السنوات، ففي 2006 و2013 و2017 ذهبت الأغلبية الساحقة من تبرعات رجل الأعمال إلى الجمهوريين، بينما كانت محصورة بالديمقراطيين عام 2015.

كذلك قدم 30 ألف دولار إلى لجنة عمل سياسي أنشأتها شركة "سبيس إكس"، وقد تبرعت بدورها بنسبة 54 في المئة منها للديمقراطيين و46 في المئة للجمهوريين، وكان كثير من السياسيين المستقلين الذين تبرع لهم ماسك مشرعين في ولاية كاليفورنيا حيث مقر "تيسلا" سابقاً، وتكساس حيث أبقت "سبيس إكس" منذ فترة طويلة على مرافق اختبار الصواريخ خاصتها وإطلاقها.

في الواقع تبرع ماسك لعدد أكبر من السياسيين الديمقراطيين المستقلين مقارنة مع الجمهوريين، وغالباً ما أشاد بديمقراطيين محددين بطريقة لا يتبعها مع خصومهم إلا نادراً، وبالعودة لعام 2005 قدم 10 آلاف دولار للمقترح رقم (82) في ولاية كاليفورنيا المتعلق برفع الضرائب على الأغنياء بغية دفع كلف الحضانة العامة للأطفال في سن الرابعة، على رغم أن المقترح لم ينل الموافقة.

وعندما ترشح دونالد ترمب عن الحزب الجمهوري قال ماسك عنه "يعتريني شعور قوي بأنه ربما ليس الرجل المناسب، ولا يبدو أنه يملك الشخصية التي تنعكس إيجاباً على الولايات المتحدة". يقول ماسك إنه أعطى صوته لجو بايدن عام 2020.

في الوقت نفسه أنفقت شركة "سبيس إكس" نفسها نحو 9.7 مليون دولار على جماعات الضغط، فيما دفعت "تيسلا" 5.5 مليون دولار، ويذكر أن الشركة الأولى تعتمد على العقود الحكومية في عدد كبير من إيراداتها، بينما تخضع الأخيرة لكثير من القواعد التنظيمية، وفي عام 2013 كتبت مؤسسة "سانلايت فاونديشن" أن "حملة "سبيس إكس" لكسب الدعم السياسي كانت ممنهجة ومتطورة".

ووفق وصف ماسك فلا تؤشر هذه التبرعات إلى معتقداته الشخصية، بل إنها ببساطة كلفة ممارسة الأعمال التجارية في أميركا.

وفي تصريح أدلى به إلى الموقع الإخباري الأميركي "هافينغتون بوست" عام 2013 قال إنه "كي يلقى صوتك أذاناً صاغية في واشنطن يتعين عليك أن تقدم بعض الإسهامات الصغيرة".

وهكذا يفسر كل ما ذكرناه الأسباب التي حملت النسخة الأولى من هذه المقالة المنشورة في ديسمبر 2021، على وصف معتقدات ماسك السياسية بالمراوغة والمحيرة نوعاً ما، ولكن منذ ذلك الحين وبسبب سلوك ماسك أصبح ذلك التصور قديماً إلى حد ما.

إيلون ماسك محارب ثقافي

الأمور الواضحة لا يمكن تجاهلها، يبدو أن ماسك قد أتخم بتناول الحبوب الحمراء.

مستوحاة في الأساس من فيلم الخيال العلمي "ماتريكس" Matrix الصادر عام 1999، "الحبة الحمراء" تعبير مجازي يستخدمه المتعصبون للعرق الأبيض والمناهضون للنسوية في وصف مسار تحولهم نحو التطرف في نظرتهم إلى العالم، وماسك نفسه حث متابعيه على "تويتر" على "تناول الحبة الحمراء" في أبريل 2020.

إنه تعبير لطيف عن عمق القاع الذي بلغه ماسك منذ ذلك الحين في الحرب الثقافية "حفرة الأرانب" [اللانهائية والمليئة بالمفاجآت وهو رمز مستعار من الرواية الشهيرة "أليس في بلاد العجائب"]. وقد وصف "الصحوة" بأنها "فيروس العقل" الذي يشكل "تهديداً قاتلاً للحضارة"، موضحاً "إما أن يهزم فيروس صحوة العقل وإلا سينتهي كل شيء".

في مقابلة معه على "بابيلون بي"، موقع إلكتروني محافظ يعتمد الهجاء الإخباري، قال ماسك في يونيو 2022 إن "الصحوة في جوهرها مثيرة للانقسام والاستبعاد والكراهية. إنها تمنح الأشخاص اللئيمين أساساً درعاً تحميهم كي يتصرفوا بدناءة وقسوة، ومدرعين بفضيلة زائفة".

وفي نفس مشابه سخر ماسك من تبني "تويتر" عام 2016 قمصان "ستاي ووك" Stay Woke المستوحاة من احتجاجات بلدة فيرغسون ضد عنصرية الشرطة، مدعياً أن شعار المتظاهرين "ارفعوا أيديكم، لا تطلقوا النار" كان "مختلقاً" وأن "الأمر برمته كان خيالاً". لقد حكمت وزارة العدل الأميركية فعلاً ببراءة الشرطي الذي أطلق النار على مايكل براون [شاب أميركي من أصول أفريقية]، ولكنها خلصت أيضاً إلى أن شرطة فيرغسون انتهكت "بشكل روتيني" الحقوق الدستورية للمواطنين، وميزت ضد أصحاب البشرة السوداء.

زعم حاكم تكساس غريغ أبوت الذي تبرع له ماسك بمبلغ 10 آلاف دولار عام 2014، أن الأخير "تعجبه السياسات الاجتماعية" الخاصة بولايته والتي تشمل حظر جميع حالات الإجهاض تقريباً وتعريف الرعاية الصحية للمتحولين جنسياً لمن هم دون 18 سنة على أنها "إساءة إلى الأطفال"، فقابله ماسك بالرفض ولكن على نحو مبهم وخفيف، على النقيض من مواقفه النارية التي حشدها ضد النقابات العمالية أو المقترحات الضريبية.

كذلك أسهم ماسك في تعزيز نظريات المؤامرة اليمينية مدعياً أنه لا بد من محاكمة مستشار الرئيس في شؤون الصحة أنتوني فاوتشي، وأعاد في تغريدة نشر ادعاء باطل في شأن الهجوم على زوج رئيسة مجلس النواب الأميركي السابقة نانسي بيلوسي من موقع إلكتروني معروف بالأخبار المزيفة.

وعندما أخذت حملة رهاب المثليين تتبدى ضد أحد موظفيه السابقين، يوئيل روث [رئيس قسم السلامة والنزاهة]، أقحم ماسك نفسه وأشار من دون مبرر إلى أن روث أسهم في إيذاء الأطفال، وإثر ذلك عانى روث سيلاً من إساءات وتهديدات أجبرته، بحسب ما ورد، على مغادرة منزله.

عكست تلك الحادثة النزعة المتزايدة لدى اليمين الأميركي إلى تلطيخ سمعة المعارضين السياسيين، خصوصاً المثليين وثنائيي الجنس والمتحولين جنسياً، باعتبارهم مولعين بالأطفال جنسياً أو "متحرشين"، وبحسب مركز البحوث اليساري "ميديا ماترز" Media Matters، فإن بعض أعضاء حركة "كيو أنون" QAnon شبه الفاشية التي لجأت كتكتيك سياسي إلى الترويج لحملات [تقول بوجود مجموعة سرية تحكم العالم من عبدة الشيطان] والمتحرشين بالأطفال، مقتنعون بأن ماسك واحد منهم، وإن كان اعتقادهم يستند إلى أدلة هشة.

على "تويتر" يستخدم ماسك بانتظام مفردات ودية، إذ يتفاعل مع نشطاء اليمين المتطرف الذين يتداولون ادعاءات كاذبة حول الانتخابات الأميركية عام 2020 وخطاب كراهية حول الأقليات، وأحياناً يطلب نصائحهم حول كيفية تشغيل الموقع أو يبدي انسجامه معهم مؤيداً تغريداتهم، وربما يسعنا تفسير هذا التصرف على أنه التزام بالحفاظ على نقاش مفتوح عبر الانقسامات السياسية، عدا أنه من الصعب تسمية أي يساري يتعامل معه بالصديق.

كذلك أظهر ماسك كراهية كبيرة تجاه الإغلاقات (حجر) التي دخلتها البلاد بسبب "كوفيد"، ووصفها ذات مرة بالـ "فاشية"، وفي بداية الجائحة أعلن أن "الذعر من فيروس كورونا تصرف ينم عن غباء"، وكان مخطئاً حينما توقع أن الفيروس سيختفي من الولايات المتحدة بحلول نهاية أبريل (نيسان) 2020.

كذلك خص دائماً المتحولين جنسياً في انتقاداته لـ "الصحوة"، وبينما ادعى أنه "يدعم تماماً" هؤلاء الأشخاص، تراه يستهزئ بفكرة أنه يتوقع من أي شخص استخدام ضمائر اللغة الصحيحة عند الإشارة إليهم، علماً أن معظم المتحولين جنسياً يجدون في ذلك فعل احترام أساساً وضرورياً لمشاركتهم المتساوية في أي مجتمع.

في ديسمبر 2022 قال ماسك إن "فرض ضمائرك على الآخرين عندما لا يختارون ذلك، ونبذ من لا يستخدمونها، ليس تصرفاً جيداً ولا لطيفاً تجاه أي شخص"، وقد أعلن سابقاً أن "الضمائر مقززة"، ونشر في إحدى تغريداته صورة "ميمز" ساخرة تشبه الأشخاص المتوافقين جنسياً [بمعنى أن هويتهم الشخصية مطابقة لجنسهم عند الولادة] الذين يذكرون ضمائرهم على صفحاتهم على "تويتر" بالمعاطف الحمراء القمعية [الجنود البريطانيون] في أميركا خلال الحقبة الاستعمارية.

قبل صفقة شراء "تويتر" انتقد ماسك القواعد التي تفرضها الشبكات الاجتماعية في شأن خطاب الكراهية ضد المتحولين جنسياً والتي تمنع المستخدمين من الإشارة عمداً إلى أشخاص متحولين جنسياً محددين بحسب جنسهم عند الولادة (أو ما يسمى مخاطبة الشخص بالجنس الخطـأ misgendering) أو بأسمائهم القديمة التي نبذوها كجزء من انتقالهم بين الجنسين (استعمال اسم ما قبل التحول الجنسي deadnaming)، ومن منصبه كرئيس تنفيذي أُفيد أن ماسك جعل إعادة النظر في هذه السياسة أولوية قصوى.

وبعد الاحتفال بعيد الميلاد 2022 مباشرة، أبدى ماسك إعجابه بتغريدة نشرها الحساب "ليبس أوف تيك توك" Libs of TikTok، علماً أنه حساب محافظ على "تويتر" اتهم بالتشجيع على ممارسة العنف والمضايقات ضد الأشخاص المثليين وثنائيي الجنس والمتحولين جنسياً، والذي يبدو أنه يصف تعليم الأطفال حول هذه المسائل (LGBT+) بأنها تترك "الأطفال في حيرة في شأن هويتهم الجنسية وتسرق منهم براءة الطفولة"، فيما يصف الرعاية الصحية للمتحولين جنسياً بأنها "تجعل الأطفال عقماء وتشوههم".

وأشار نقاد إلى أن هذا الخطاب ربما يكون مرتبطاً بلجوء ابنته المتحولة جنسياً إلى قطع علاقتها به، إذ تخلت قانوناً عن اسم عائلتها وقالت إنها لا تريد أن تكون على صلة به "بأي طريقة أو شكل من الأشكال".

ماسك بدوره ألقى باللوم على "الماركسيين الجدد" في انقلابها ضده، وشعر آخرون بدهشة واستغراب إزاء دخول صديقة ماسك السابقة، نجمة الموسيقى الإلكترونية غرايمز، علاقة مع امرأة متحولة جنسياً.

عموماً تبدو المطابقة صعبة بين أفعال ماسك عام 2022 وادعاءاته حول الوسطية، وليس في تحالفه مع التجار الغاضبين المؤيدين لترمب كثير من "الليبرالية الاجتماعية" التي كان يتباهى بها سابقاً، والتي دفعته سابقاً إلى تفضيل "الديمقراطية المباشرة" على "الديمقراطية التمثيلية" والدعوة إلى إطلاق سراح المسجونين بتهم تتعلق بالقنب الهندي.

مؤيد للرأسمالية ومعاد للنقابات

بغض النظر عن السياسات الاجتماعية لا يزال ماسك من أشد أنصار السوق الحرة، وهو يبدي شكه العميق في التدخلات الحكومية في الشؤون التجارية، وقد كان هذا الجانب من مواقفه أساس هجومه على "قانون إعادة البناء بشكل الأفضل" الذي تقدم به الرئيس بايدن في ديسمبر 2021، إذ قال إن الخفض الضريبي في مشروع القانون الذي يصل إلى 12500 دولار بالنسبة إلى الأشخاص الذين يشترون السيارات الكهربائية، يشكل صدقة "غير ضرورية" لصناعة أخذت تزدهر فعلاً.

ودعم ماسك هجومه بحجة فلسفية واضحة في الاختلاف بين الشركات والدول القومية، وقال قاصداً في كلامه قادة الأعمال إنه "لا يبدو منطقياً أن نستبعد الأشخاص الذين أثبتوا مهارتهم الكبيرة في استثمار رأس المال عن هذا العمل"، وأن نمنح هذا العمل إلى هيئة كانت مهارتها ضعيفة جداً في استثمار رأس المال، ألا وهي الحكومة.

تمثل الحكومة ببساطة الشركة الأكبر مع فرض احتكارها للجوء إلى العنف، وحيث لا يتوفر لك أي ملاذ، إذن ما هو مقدار الأموال التي تريد أن تمنحها لهذه الهيئة؟"

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

في الواقع يبدو هذا النمط الليبرالي من التفكير ثابتاً إلى ما حد ما لدى ماسك، ولقد عارض بشدة النقابات العمالية وخصوصاً في شركاته، ذلك أنها في رأيه تشكل معوقاً أمام العمليات التي تتسم بالكفاءة، وكذلك انخرط مراراً في مناوشات مع [السيناتور الأميركي الديمقراطي] من فيرمونت بيرني ساندرز حول مقترحاته فرض ضريبة دخل على أصحاب المليارات. وفي أكتوبر (تشرين الأول) الماضي ادعى أن بايدن "خاضع على ما يبدو لسيطرة النقابات"، ونشر في عام 2018 تغريدة تقول إن موظفي "تيسلا" الذين حاولوا تكوين نقابات سيفقدون خيارات الأسهم الخاصة بهم، ولكن الجهات التنظيمية اعتبرت أن تصرفه غير قانوني.

ولكن عندما يبدي ماسك تأييده تدخل الحكومة فإنه يميل إلى تفضيل الإجراءات التي تقلص البيروقراطية الحكومية، فبدلاً من دعم الصناعات الخضراء التي تراعي خير البيئة مثلاً، يريد فرض ضريبة على انبعاثات الكربون ويقول إنه قد مارس ضغوطاً على إدارة بايدن بغرض إصدار هذه الضريبة، ويبني حجته على أن سعر الوقود الأحفوري لا يعكس أثره السلبي على البيئة بشكل صحيح، مما يعني أن الشركات تصوغ قراراتها بناء على معلومات خاطئة.

وفي رأيه أن فرض ضرائب على الكربون سيحقق التوازن الصحيح، فتكون السوق الحرة قادرة على اكتشاف أفضل السبل التي تسمح بخفض انبعاثاتها بطريقتها الخاصة، ولكن كلامه هذا لم يردعه من القبول بمليارات الدولارات من الإعانات الحكومية التي وجدت طريقها إلى شركتيه "تيسلا" و"سبيس إكس".

وعلى نحو مماثل فكثيراً ما دافع ماسك عن وضع دخل أساس شامل بغية دعم العاملين الذين يعتقد أنهم سيخسرون وظائفهم قريباً بسبب الذكاء الاصطناعي الذي سيحل مكانهم، ومن بعض النواحي ربما تبدو هذه فكرة يسارية إلى حد ما لأنها ستشمل إنفاق مبالغ مهولة من أموال دافعي الضرائب، ولكن في الحقيقة لاقى هذا الاقتراح الترحيب من جانب بعض المحافظين من أمثال [الرئيس الأميركي السابق] ريتشارد نيكسون واقتصاديي السوق الحرة من قبيل ميلتون فريدمان، وكلاهما رأى أنه سيمنع البيروقراطيين الحكوميين من اتخاذ القرارات في شأن من يستحق الفوائد، ويحول دون معاقبة المستفيدين لحصولهم على عمل.

الطاقة الخضراء كانت خطاً أحمر في نظر ماسك

الاحترار العالمي والطاقة النظيفة نقطة ثابتة أخرى في سياسات ماسك، ففي عام 2006 قدم واحدة من أكبر تبرعاته المنفردة، وقد بلغت 75 ألف دولار، التي وجدت طريقها إلى "المقترح رقم 87" (Proposition 87)، علماً أنه عبارة عن حملة استفتاء في ولاية كاليفورنيا الغرض منها فرض ضريبة خاصة على الشركات المتخصصة في استخراج الوقود الأحفوري.

ومنذ ذلك الحين أصبحت مستويات انبعاثات غازات الدفيئة [المسؤولة عن الاحترار العالمي] تشكل في الغالب خطاً أحمر بالنسبة إليه، وخلال الأعوام الأولى من فترة رئاسة دونالد ترمب للولايات المتحدة انضم ماسك إلى مجلس استشاري تابع للبيت الأبيض، قائلاً إنه "كلما ازدادت أصوات المنطق التي يستمع إليها الرئيس كلما كان ذلك أفضل"، ولكن عندما أصدر ترمب قراراً يقضي بانسحاب الولايات المتحدة من "اتفاق باريس للمناخ"، استقال ماسك من المجلس الاستشاري قائلاً إن "تغير المناخ حقيقة واقعة والخروج من اتفاق باريس ليس خطوة جيدة بالنسبة إلى أميركا أو العالم".

وعندما اقتنع ماسك بالدخول إلى عالم العملة الرقمية الافتراضية "بيتكوين" Bitcoin، في خطوة طبيعية تماماً نظراً إلى رؤيته الليبرالية وميله إلى الحلول التكنولوجية للمشكلات السياسية، أضف إلى ذلك ولعه الشديد بالجدالات والخلافات، كانت المستويات المهولة من انبعاثات الكربون التي تنبعث نتيجة هذه العملة الحقيقة التي دفعته إلى إعادة التفكير في خطوته.

قال ماسك في مايو 2021 إن شركته "تيسلا" أوقفت مشتريات سياراتها باستخدام العملة الرقمية "بيتكوين"، مضيفاً "يعترينا قلق في شأن الزيادة السريعة في استخدام الوقود الأحفوري في تعدين الـ ’بيتكوين‘ وإنجاز تعاملاتها، خصوصاً الفحم الحجري المسؤول عن إطلاق أسوأ الانبعاثات مقارنة مع أي وقود، وفي الحقيقة تبقى العملات المشفرة فكرة جيدة على مستويات عدة، وأعتقد أن مستقبلاً واعداً ينتظرها، ولكن لا ينبغي أن يتسبب ذلك بكلفة كبيرة على البيئة".

وحينما قدم ماسك دعمه لبايدن ارتبط خياره هذا بخير البيئة أيضاً، وبعد تنصيب الرئيس مباشرة قال في تصريح أدلى به إلى المجلة الأميركية "فورتشن" Fortune "تغمرني حماسة كبيرة لأن الإدارة الجديدة تصب تركيزها على المناخ، وأشعر بتفاؤل شديد في شأن المستقبل الذي ينتظر الطاقة المستدامة مع الإدارة الجديدة".

وحتى في مرحلته كمحارب ثقافي ظل ماسك متمسكاً بهذا السلاح بعينه، وعندما ادعى الناشط المحافظ توم فيتون في ديسمبر 2022 أن السيارات الكهربائية "لا تحمل أي تأثير [إيجابي] على المناخ"، أجاب ماسك باقتضاب "نعم، السيارات الكهربائية تؤثر في المناخ".

تكنوقراطي طموحاته فلكية

بين كل هذه المسائل نجد نزعة واحدة من سياسات ماسك لا تتناسب بسهولة مع البوصلة السياسية التقليدية، إنها التكنوقراطية، وبالعودة إلى ثلاثينيات وأربعينيات القرن الـ 20 كان جد ماسك، جوشوا هالدمان، الزعيم الكندي للحركة التكنوقراطية الأصلية التي كانت تؤمن بضرورة إزاحة السياسيين والمصرفيين واستبدالهم بأصحاب الخبرة الأكبر.

إيلون ماسك، الرأسمالي الاستثنائي، لا يسير تماماً على خطى جده، بيد أنه شأن مؤسس حركة التكنوقراطية ويليام هنري سميث، تشير تصريحاته إلى اعتقاد أساسي قوي بأن العلماء والمهندسين في مقدورهم أن يجدوا حلولاً للمشكلات السياسية التي تبقى عصية على غيرهم.

وكما أشارت المؤرخة جيل ليبور، يلهم ماسك كثيراً من متابعيه بنسخة عجيبة من الرأسمالية التكنولوجية تسميها الـ "ماسكية" Muskism، وتقول كذلك إن كثيراً من أفكار الأخيرة مستمدة من الخيال العلمي، وأحياناً من الخيال العلمي القديم جداً، مما يعني أنها تروج أيضاً لـ "رؤى مستقبلية" إلى جانب الصواريخ والسيارات.

يعتقد ماسك أننا ربما نعيش في ما يشبه المحاكاة، وعادة ما يشير إلى أفكار مؤلف الخيال العلمي الاسكتلندي إيان م. بانكس [تنتمي غالبية رواياته إلى أدب الخيال العلمي] باعتبارها مراجع، أضف إلى ذلك أنه مهموم جداً بأخطار الذكاء الاصطناعي الذي يعتبره "التهديد الأخطر لبقاء الجنس البشري"، وتجده لا يكتفي بالتعبير عن قلق من الأتمتة الجماعية لوظائف ذوي الياقات البيضاء [مصطلح يشير إلى الأشخاص الذين ينجزون الأعمال الذهنية المكتبية مثل المديرين والمتخصصين والذين يحصلون على أجور مرتفعة]، بل أيضاً من ظهور ذكاء اصطناعي نظري فائق الذكاء ويملك قوة مهولة يتعذر على البشر أن يكبحوا جماحها.

في عام 2014 قال ماسك إننا من طريق تطوير واستخدام "الذكاء الاصطناعي نستدعي الشيطان، وفي كل تلك الروايات التي تحكي عن رجل يحمل نجمة خماسية وماء مقدساً، يبدو كما لو أنه ولا ريب قادر على التحكم في الشيطان، ولكن في الحقيقة لن يجدي ذلك نفعاً".

هذه المسألة والاحترار العالمي كلاهما يغذيان قناعة ماسك بأن استعمار الكواكب الأخرى غير الأرض، كي نصبح "نوعاً حياً متعدد الكواكب"، خطوة بالغة الأهمية من أجل بقاء الجنس البشري على المدى الطويل، ولكن بغض النظر عن الجدية التي تأخذ بها هذا الهدف يبدو جلياً أنه مهم ويحدد بقية سياسات ماسك.

حتى الانتقاد اللاذع الذي وجهه ماسك إلى "فيروس صحوة العقل"، كذلك استحواذه العدائي على منصة "تويتر"، يستندان إلى فكرة أن "الصحوة" والشبكات الاجتماعية المثيرة للانقسام تشكلان تهديداً للحضارة الإنسانية. إنه سبب منطقي كوني مميز لنشر تغريدات مستمرة عن الضمائر.

وهنا لا بد من الإشارة إلى أمرين اثنين، أحدها أن كثيراً من هذه المشكلات ليست معروفة جيداً خارج نطاق صناعة التكنولوجيا، وأن تعطيها الأولوية يعني اعتقادك أن أموراً مهمة تغيب عن بال الآخرين، والأمر الآخر أن ماسك لا يحاول مواجهة المستقبل الخطر بواسطة إجراءات حكومية أو مؤسسات جماعية ضخمة من قبيل الحركات الرسمية أو النقابات العمالية، ولكنه بدلاً من ذلك يريد أن يحل هذه المشكلة بنفسه من طريق شركات ربحية هرمية تنازلية يتولى إدارتها بنفسه، ومن ثم يكون صاحب القرار في طريقة تخصيص رأس المال.

بكلمات أخرى، ماسك تكنوقراطي من نوع خاص، إنه مهندس موهوب و"عُلام" يعتقد أن في مقدور المهندسين والمهووسين تصميم أنظمة حكومية واقتصادية أفضل من نظيراتها المعمول بها حالياً.

وإثباتاً لما تقدم انظر إلى مشروع ماسك "هايبرلوب" Hyperloop المتعثر الذي يسعى إلى بناء شكل جديد من وسائل النقل العام متجنباً أي تدخل من خبراء النقل التقليديين الذين يقولون إنه قد اخترع في الواقع حافلات غير فاعلة أبداً. (المشروع أيضاً من بين المشاريع المستفيدة من قانون البنية التحتية لبايدن).

وعندما اختارته شخصية العام في 2021، وصفت مجلة "تايم" ماسك على النحو التالي: "الرجل الآتي من المستقبل حيث تصير كل الأمور ممكنة بفضل التكنولوجيا يعيدنا إلى ماضينا الصناعي المجيد"، ولكن في الحقيقة أن كثيراً من الناس الذين عاشوا في ذلك الماضي لعنوا أرباب الصناعة لأنهم "بارونات لصوص" وفق وصفهم، وقالوا إن القوانين والسياسات الاجتماعية السارية حتى اليوم مستوحاة من أفعال هؤلاء وأخطائهم الشائنة.

لهذا السبب تصف البروفيسورة [جيل] ليبور ظاهرة الـ "ماسكية" بأنها تنطوي على "كثير من الإقطاعية"، إذ تقول إنه "يبدو كما لو أن ثمة بارونات والبقية منا هم الفلاحون، فيما مصائرنا معلقة بأيديهم لأنهم يعرفون أكثر. إنها لفكرة رجعية غريبة الافتراض بأن جيف بيزوس [رجل أعمال ومؤسس شركة ’أمازون‘] وإيلون ماسك، [وهما اثنان من] أغنى أثرياء العالم، في أيديهم أن يقررا مصير البشرية خارج كوكب الأرض".

ولكن في جعبة ماسك إجابة متفائلة عن هذه الادعاءات، فقد ذكر في برنامج "ساترداي نايت لايف"  Saturday Night Live في مايو 2021: "أتوجه إلى أي شخص أسأت إليه وأقول لقد أعدت ابتكار سيارات كهربائية، وأرسل أشخاصاً إلى المريخ على متن مركبة فضائية، فهل تعتقد أني سأكون رجلاً متواضعاً عادياً؟"

نشرت هذه المقالة للمرة الأولى في 9 ديسمبر 2021، وأضيفت إليها المستجدات بانتظام منذ ذلك الحين.

© The Independent

المزيد من تقارير