Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"الليكود": الهدف من قانون الجمعيات الحد من التخريب الأجنبي

تأجيل إسرائيل المشروع لا يعني إلغاءه والهدف ضبط قدرة منظمات حقوق الإنسان على العمل في تل أبيب والضفة الغربية

يوجد داخل إسرائيل أكثر من 30 ألف منظمة غير حكومية (اندبندنت عربية)

ملخص

ما إن كشفت الحكومة الإسرائيلية نيتها تشريع قانون جديد يسعى للحد بشكل كبير من عمل المنظمات المدنية والحقوقية "غير الربحية" وتلقيها تبرعات من حكومات أجنبية، حتى هبت ضغوط دولية وأميركية مكثفة لصده ومنع تمريره على اللجنة الوزارية للتشريع.

ما إن كشفت الحكومة الإسرائيلية نيتها تشريع قانون جديد يسعى للحد بشكل كبير من عمل المنظمات المدنية والحقوقية "غير الربحية" الإسرائيلية وتلقيها تبرعات من حكومات أجنبية، وفرض ضرائب عالية عليها، حتى هبت ضغوط دولية وأميركية مكثفة لصده ومنع تمريره على اللجنة الوزارية للتشريع. فالقانون المثير للجدل الذي قدمه عضو الكنيست أريئيل كيلنر من حزب "الليكود"، ينص على أن أي مجموعة غير ربحية تنخرط في التوعية العامة قبل أو بعد عامين من تلقي تبرع من حكومة أجنبية، ستفقد وضعها كمؤسسة عامة ولن تكون مؤهلة للحصول على إعفاءات ضريبية، إضافة إلى ذلك، سيتم فرض ضريبة دخل على هذه المؤسسات غير الربحية بنسبة تصل إلى 65 في المئة من دخلها، الأمر الذي ولد انفجاراً على المستوى الدولي لما قد يسببه هذا القانون من شلل لقدرة منظمات حقوق الإنسان على العمل في إسرائيل والضفة الغربية، حيث يعتمد كثير منها بقدر كبير على التمويل من الحكومات الأجنبية، مثل "بتسيلم"، "كسر الصمت"، "عير عميم"، "يش دين"، و"اللجنة الشعبية ضد التعذيب"، و"جمعية حقوق المواطن في إسرائيل" و"غيشا" أو منظمات مؤيدة للفلسطينيين مثل "زوخروت" التي تدعو إلى عودة اللاجئين الفلسطينيين وأحفادهم إلى داخل إسرائيل.

ويوجد داخل إسرائيل أكثر من 30 ألف منظمة غير حكومية، نحو 70 منظمة منها تتعامل وتركز في عملها على "الصراع الإسرائيلي- الفلسطيني"، وتحصل على تمويل إما من الاتحاد الأوروبي بشكل عام أو من حكومات الدول الأعضاء، ومن بينها الدنمارك والسويد وبلجيكا أو من النرويج التي لم تنضم للاتحاد الأوروبي.

انتقادات شديدة

وبحسب التفسير الوارد في مشروع القانون، فإن الغرض منه "تقليص مشاركة الكيانات السياسية الأجنبية في الديمقراطية الإسرائيلية من خلال الضرائب، التي يتم تنفيذها من خلال الدعم المالي للجمعيات والمنظمات غير الربحية التي تشمل أنشطتها التدخل في القضايا القانونية في إسرائيل، وفي النشاط السياسي، وفي سياسة الحكومة وفي الرأي العام". ويرى حقوقيون مؤيديون للتشريع الجديد، أن "تدخل الكيانات السياسية الأجنبية في دفع مسارات قضائية ذات خصائص سياسية، لتغيير سياسات الحكومة، يشكل انتهاكاً للخصائص الأساسية لدولة إسرائيل المستقلة، وكذلك انتهاكاً لسيادة مواطنيها".

وانتقدت وزارة الخارجية الألمانية بشدة مشروع القانون، معتبرة أنه سيضر بالعلاقات مع إسرائيل، كما أبدت الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا وبريطانيا والاتحاد الأوروبي معارضتها الشديدة لهذه الخطوة، فيما عبرت بيانات عامة للسفارات: الهولندية والبلجيكية والإيرلندية والنرويجية والسويدية لدى إسرائيل، عن قلقها البالغ في شأن التشريع. وكتب سفير ألمانيا في إسرائيل شتيفن زايبرت في تغريدة على "تويتر": "مشروع قانون ضرائب المنظمات غير الحكومية مصدر قلق بالغ لنا ولعديد من شركاء إسرائيل الدوليين، لأن العلاقات الحيوية وغير المقيدة بين المجتمعات المدنية ذات قيمة أساسية في ديمقراطياتنا الليبرالية"، في حين أشار موقع "واينت" الإسرائيلي إلى أن وزير الخارجية البريطانية جيمس كاليفري هاتف نظيره الإسرائيلي إيلي كوهين، وطالبه بالامتناع عن تمرير القانون، فيما رد الأخير بأن "إسرائيل لن تقبل بتدخل أي دولة في شؤونها الداخلية المتعلقة بالصراع مع الفلسطينيين".

ووصف الصندوق الجديد لإسرائيل، وهو منظمة تمول وتجمع عشرات منظمات المجتمع المدني التي تعمل في إسرائيل والضفة الغربية، مشروع القانون بأنه "الخطوة التالية نحو جهود الحكومة لإصلاح النظام القضائي". وقال الرئيس التنفيذي للصندوق دانييل سوكاتش، في بيان إن "نتنياهو وحكومته من المتطرفين يريدون إخراج المجتمع المدني من الوجود، وبخاصة المنظمات التي تعمل على الدفاع عن حقوق الأكثر تهميشاً في إسرائيل". وأضاف "يمكن لهذا القانون أن يفرض إغلاق مئات المنظمات في إسرائيل، ويستهدف على وجه التحديد تلك التي تقول الحقيقة للسلطة، والديمقراطيات القوية يمكن أن تسمع النقد، وبخاصة عندما يكون قاسياً، وأن تعمل على تحسين نفسها".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

دور حاسم

بدورها، اعتبرت السفارة الفرنسية في إسرائيل، أن مشروع القانون الأخير "امتداد للقرار الإسرائيلي عام 2021 لتصنيف ست مجموعات حقوقية فلسطينية كمنظمات إرهابية"، مشيرة إلى أنه استهداف للمجتمع المدني الإسرائيلي والفلسطيني. وقالت في بيان "مقلق للغاية والقدر نفسه، نعيد تأكيد التزامنا الدور الحاسم للمجتمع المدني في حياة كل ديمقراطية، في إسرائيل وفي كل أنحاء العالم".

ووفقاً لصحيفة "هآرتس" الإسرائيلية انتقدت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، مشروع القانون بقوة، لا سيما أنه سيؤثر بشكل كبير على تشريع الكونغرس المعروف باسم "قانون شراكة الشرق الأوسط من أجل السلام" (MEPPA) الذي يخصص 250 مليون دولار لتمويل منظمات التعايش التي تعزز الحوار الإسرائيلي- الفلسطيني ودعم التنمية والاقتصاد بين الجانبيين.

وأكدت وزارة الخارجية الأميركية من خلال متحدثها ماثيو ميلر، "أنها تدعم بشكل عام الدور المركزي للمنظمات غير الربحية في المجتمع المدني من أجل الديمقراطية، والحكومة التي تدافع عن مبادئ الشفافية".

"تخريب أجنبي"

وفقاً لموقع "واللا" الإسرائيلي، فإن الضغوط الدولية والأميركية الكبيرة والانتقادات الشديدة التي طالت الحكومة الإسرائيلية عقب الكشف عن التشريع، دفعها لتأجيل تمرير "قانون الجمعيات" على أن تتم إعادة النظر فيه بشكل معمق، بخاصة بعد أن تبين أن الجمعيات اليمينية الإسرائيلية قد تتضرر أيضاً من هذا القانون، في حين أشارت صحيفة "هآرتس" عبر موقعها الإلكتروني، إلى أن مشروع القانون الحالي جزء من الاتفاقات مع حزب "عوتسما يهوديت" الذي يترأسه وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير. التي تنص على أن تتم المصادقة على القانون، في غضون 180 يوماً من تشكيل الحكومة.

وقال مبادر المشروع أريئيل كيلنر في تغريدة على "تويتر": "التأثير على بلد آخر من خلال تمويل الجمعيات التي تروج لمصالحك هو أمر غير مشروع، ولا يجب تحمله بعد الآن. يجب وضع حد للتخريب السياسي الأجنبي". وأضاف "الدول الأجنبية، وبخاصة من أوروبا، لا تتوقف عن العمل داخل الدولة اليهودية من خلال تمويل منظمات المجتمع المدني"، فيما اعتبر وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين وفقاً لموقع "واينت" الإسرائيلي، أنه "إذا كانت هناك تبرعات من الحكومات الأجنبية لقضايا إنسانية مثل بناء مستشفى أو شراء دواء أو طعام، فيجب السماح بها من دون تحمل ضرائب ولا يجب أخذ شيكل واحد، ومع ذلك، إذا ذهبت الأموال من الحكومات الأجنبية إلى أشياء مثل البناء الفلسطيني في المناطق جيم، أو التحريض في الكتب المدرسية الفلسطينية أو دعم المنظمات المرتبطة بالمنظمات الفلسطينية فيجب منع تحويلها تماماً".

تأثير فعال

في المقابل، يرجع نشطاء يساريون أن استهداف منظمات حقوق الإنسان الإسرائيلية مثل "بتسيلم" و"كسر الصمت" و"الصندوق الجديد لإسرائيل" وحركة "السلام الآن" و"عيمق شافيه" و"هناك قانون" وغيرها من المنظمات، بسبب قيامها بالكشف عن انتهاكات إسرائيلية لحقوق الإنسان ضد الفلسطينيين، حيث سبق وأن وصف المركز الإسرائيلي للمعلومات عن حقوق الإنسان "بيتسيلم" إسرائيل بأنها نظام "أبرتهايد" (فصل عنصري)، وتعهد إلى جانب تسع منظمات حقوقية إسرائيلية نهاية العام الماضي، بمساعدة المدعي العام في المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي كريم خان، في تحقيقه حول الانتهاكات في فلسطين، وهو التعهد الأول من نوعه لحث المحكمة على التحرك.

ويرى الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل، أن ردود الفعل الأميركية والأوروبية على مشروع القرار الذي يتصل بمنظمات المجتمع المدني، دلالة واضحة وأكيدة على قدرة هذه الدول في التأثير على السياسات الإسرائيلية. أضاف "تأجيل تقديم مشروع القانون، لا يعني إلغاءه، ولا يعني العودة عن الفكرة والهدف، وأن إسرائيل ستعود له في وقت لاحق وظروف مناسبة".

يذكر أن الحكومة الإسرائيلية السابقة ومنذ أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لم تتراجع عن إجراءاتها بحق ست منظمات فلسطينية، من بينها منظمات حقوق إنسان، كانت قد اتهمتها "بدعم الإرهاب"، على رغم الانتقادات والاحتجاجات الكلامية الهائلة التي صدرت حتى من حلفائها الأميركيين والأوروبيين.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات