Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

سلطان عمان يعود من طهران باتفاق تعاون وتحسين علاقات "مصر - إيران"

وقع خلال الزيارة عدداً من مذكرات التفاهم أبرزها حقل "هنجام-بخا"

أعلن المرشد الأعلى لإيران علي خامنئي الترحيب باستئناف العلاقات بين بلاده والقاهرة  (وكالة الأنباء الإيرانية فارس)

شهدت زيارة سلطان عمان هيثم بن طارق إلى طهران خلال اليومين الماضيين كثيراً من التعاون المشترك بين البلدين الحليفين فالمنطقة ونتج منها توقيع عدد من الاتفاقات الاقتصادية في مجالات عدة أبرزها الطاقة، كما استحوذ استئناف العلاقات بين إيران ومصر على العنوان الأبرز والأهم، خصوصاً بعدما سبق ذلك تردد أنباء تشير في مجملها إلى حمل سلطان عمان رسالة من القاهرة إلى طهران.

بحسب مراقبين تحدثوا إلى "اندبندنت عربية"، يمكن القول إن وساطة مسقط نجحت هذه المرة في تقريب وجهات النظر بين البلدين، حيث أعلن المرشد الأعلى لإيران علي خامنئي أمس الإثنين الترحيب باستئناف العلاقات بين بلاده والقاهرة، الأمر الذي أكده بيان نشرته وكالة الأنباء الإيرانية "فارس"، جاء فيه "نرحب ببيان سلطان عمان حول استعداد مصر لاستئناف العلاقات مع الجمهورية الإسلامية وليست لدينا مشكلة في هذا الصدد"، فيما لم يصدر رد رسمي عن القاهرة في هذا الشأن، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية. وكان خامنئي دعا إلى تعميق العلاقات بين مسقط وطهران، وأشار إلى أن "زيادة التعاون بين عمان وإيران أمر مهم لأن البلدين يشتركان في ممر مائي مهم للغاية هو مضيق هرمز".

الوسيط النزيه

في السياق يرى المحلل السياسي العماني رضا مهدي اللواتي أن زيارة السلطان هيثم بن طارق للقاهرة قبل أيام من زيارته لطهران يمكن أن تؤدي إلى التقارب الإيراني- المصري برعاية عمانية. وأضاف أن نجاح مسقط في لعب دور الوسيط يعود لما تمتاز به من ثقة عند الأطراف"، واستطرد أن "الوساطة الجديدة تأتي بعد التقارب الملحوظ بين السعودية وإيران وعودة سوريا للحضن العربي مرة أخرى".

وأوضح في حديث خاص لنا أن السلطنة الخليجية تسعى إلى حلحلة بعض الملفات التي كان لها دور في السابق، خصوصاً في الملف النووي وما تبعه من تأزم بين الأطراف بعد خروج الولايات المتحدة من الاتفاق.

وتابع، "سياسة عمان تتأسس على حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، كما تسعى إلى التقارب بين وجهات نظر الدول الشقيقة والصديقة لما فيه مصلحة المنطقة واستقرارها ومن هذا المنطلق تأتي زيارة السلطان هيثم إلى طهران لما يربط بين البلدين من ود واحترام متبادل ومصالح مشتركة سواء سياسية أو اقتصادية، إضافة إلى تعزيز العلاقات الاقتصادية العمانية- الإيرانية والارتقاء بها إلى مرحلة الاستثمار المباشر في المشاريع المختلفة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

عمان والوساطة لطهران

تعود العلاقة بين مسقط وطهران لسبعينيات القرن الـ20 عندما أمد شاه إيران رضا بهلوي في 1973 السلطان العماني قابوس بن سعيد بدعم عسكري واسع وبحلول عام 1974 كان في عمان نحو 3 آلاف جندي إيراني و16 مقاتلة، فيما قطع الأسطول الحربي الإيراني خطوط إمدادات المتمردين الساحلية وتم القضاء على تلك الثورة التي استمرت 10 أعوام.

يقول الباحث السياسي العماني علي حمدان الرئيسي إن "ثمة علاقات قديمة ومميزة تربط بين مسقط وطهران أسهمت بدورها في لعب عمان أدواراً عدة للوساطة بين الأخيرة وعدد من الدول ولعل أبرزها الولايات المتحدة".

وبحسب الرئيسي فإن "السلطنة لعبت دوراً مهماً في قضية السجناء الأميركيين لدى طهران"، وأشار أيضاً إلى دورها في "نتائج الاتفاق النووي بين إيران والولايات المتحدة خلال ولاية الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما"، إضافة إلى الدور البارز في إنهاء قضية المحتجزين البلجيكيين بطهران حيث تم إطلاق سراحهم في عملية لتبادل السجناء بين الدولتين بواسطة عمانية.

وساطة خليجية

وتابع، "لمسقط كذلك دور في عودة العلاقات الدبلوماسية بين الرياض وطهران في مارس (آذار) الماضي، كما كانت الوسيط لحل الخلافات الواقعة في اليمن وتقريب وجهات النظر بين الجانبين".

يشار إلى أن السعودية وإيران أعلنتا قبل أشهر استئناف العلاقات بينهما وإعادة فتح سفارتي البلدين، بحسب بيان مشترك صدر في بكين نقلته وكالة الأنباء السعودية الرسمية في حينها وتضمن تقديراً للوساطة العمانية والعراقية والصينية التي أسهمت في الوصول إلى الاتفاق.

الزيارة والاقتصاد

وإلى جانب الملفات السياسية التي تم تناولها بين سلطان عمان والرئيس الإيراني، كان الجانب الاقتصادي حاضراً بقوة في أجندة المحادثات بين قيادات الدولتين.

بحسب البيان الختامي المشترك عن الزيارة والمنشور في وكالة الأنباء العمانية، فإنه "تم الإعلان عن التوصل إلى وثيقة التعاون الإستراتیجي بينهما والتوقيع عليها في مختلف المجالات التي تعزز التعاون المشترك والمنافع المتبادلة في إطار العلاقات بين البلدين الصديقين ووضع أسس المحافظة على ديمومتها."

وأعرب الجانبان عن حرصهما على توسيع متزايد للعلاقات في المستقبل ودعمهما اللجان المشتركة وفرق العمل وتبادل الزیارات في المجالات المتنوعة لمتابعة تنمية العلاقات.

وشددا على الدور الفاعل للقطاع الخاص في البلدين لتوسيع آفاق التعاون الاقتصادي، معربين عن ارتياحهما للنمو المتواصل للتبادل التجاري وزيادة الاستثمارات المشتركة في ظل هذه العلاقات، ورحبا بالتوقيع على اتفاقات ومذكرات تفاهم في المجالات الاقتصادية والتجارية والنقل والاستثمار والطاقة والثقافة، ووجها بضرورة تفعيل الاتفاقات القائمة بين البلدين والعمل على الدخول في أي تفاهمات جديدة تخدم توجهاتهما ومصالحهما المشتركة.

يقول المتخصص الاقتصادي ورئيس قطاع الاستثمارات في الشركة العمانية لتنمية الاستثمارات الوطنية أحمد كشوب، "هناك عدد من الاتفاقات التي تم توقيعها بين الدولتين خلال الزيارة الأخيرة، منها ما يتعلق بالمجال السياحي وأخرى تتعلق بالموانئ وخطوط النقل اللوجستية بينهما".

 

 

مجالات الطاقة

وأضاف، "تعد الاتفاقات في مجال الطاقة هي الأبرز خلال الزيارة، لا سيما أن توجه السلطنة خلال الأعوام المقبلة يهدف إلى التقليل من الانبعاثات الكربونية والوصول إلى الحياد الصفري في 2050، فهي تركز في المرحلة المقبلة على إنتاج الهيدروجين والطاقة النظيفة والمتجددة، وكما نعلم أن لدى طهران خبرة واسعة في هذا المجال".

ولفت إلى أن الزيارة تضمنت أيضاً محادثات حول تطوير حقل "هنجام-بخا"، وهو حقل مشترك بينهما ويحتوي على مخزون كبير من الغاز الطبيعي، وقال إن "هناك حديثاً عن مد خط أنابيب من الحقل إلى السلطنة تقدر كلفته بمليار دولار".

وفي الصدد ذكر بيان لوزارة الخارجية العمانية أن السلطنة وإيران تدرسان التعاون في الطاقة والمعادن، مشيراً إلى أن وزير الطاقة والمعادن العماني سالم العوفي اجتمع مع وزير النفط الإيراني جواد أوجي وناقشا مشاريع تطوير حقل هنجام-بخا وتصدير الغاز إلى السلطنة.

تفعيل الاتفاقات الثنائية

يذكر أن وزيري خارجية الدولتين عقدا مؤتمراً صحافياً مشتركاً أثناء الزيارة، وقال وزير الخارجية العماني بدر البوسعيدي إن "سلطنة عمان وإيران تتعاونان من أجل تفعيل الاتفاقات الثنائية المبرمة بين الجانبين".

وأضاف في تصريحات صحافية على هامش المؤتمر أن "الهدف الرئيس هو تطوير التعاون في مجالات متنوعة تشمل النفط والغاز والطاقة المتجددة والزراعة والصناعة والملاحة البحرية وتأسيس علاقات مباشرة بين الموانئ العمانية والإيرانية".

من جانبه، قال وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان "سيتم قريباً التوقيع على الوثيقة الشاملة للتعاون الإستراتيجي بين البلدين"، مشيراً إلى أنه "تم التوقيع على أربع وثائق تعاون بين مسؤولي البلدين في المجال الاقتصادي والاستثمار والمناطق الحرة والطاقة".

قبل عام

وفي سياق متصل يعد التعاون الاقتصادي امتداداً لتعاون سابق بين البلدين قبل عام وأثناء زيارة الرئيس الإيراني لمسقط في مايو (أيار) من العام الماضي إذ تم توقيع ثماني مذكرات تفاهم، إضافة إلى توقيع أربعة برامج تعاون في المجالات الاقتصادية تشمل توسيع آفاق الاستثمار بين البلدين، وأخرى في قطاعات النفط والغاز والنقل والزراعة والثروة الحيوانية والسمكية.

وأشارت الإحصاءات الصادرة عن المركز الوطني للإحصاء والمعلومات العماني إلى أن عمليات التبادل التجاري بين الدولتين ارتفعت بمعدل 244 في المئة خلال 2022 وبلغت 207.4 مليون ريال عماني (539 مليون دولار) في مقابل 1.2 مليون ريال عماني (3 ملايين دولار) عام 2021. كما وصل إجمالي واردات السلطنة من إيران العام الماضي إلى 113.4 مليون ريال عماني (294 مليون دولار)، في مقابل 98.7 مليون ريال عماني (256 مليون دولار) عام 2021.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير