Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

داخل 10 أعوام من جهود الحفاظ على ثقافة السودان المهددة بالصراع

أحد مؤسسي مشروع "ذاكرة السودان" يقول: "الأزمة الإنسانية في البلاد تشكل أولوية أكثر أهمية وإلحاحاً. لكن إذا لم تكن الثقافة موجودة عند عودة الناس، فسيكون ذلك بمثابة خسارة جسيمة"

فريق "الحفاظ على التراث الحي في السودان" أقام مهرجاناً هنا في شهر مارس - وبعد أسابيع قليلة تحول إلى ركام (فريق الحفاظ على التراث الحي في السودان)

ملخص

في وقتٍ يعاني السودان من صراع مدمر حصد حتى الآن مئات الأرواح، يشكل الحفاظ على ثقافة هذه البلاد وتاريخها، عاملاً يكتسب أهمية متزايدة أكثر من أي وقتٍ مضى

في وقتٍ يعاني السودان من صراع مدمر حصد حتى الآن مئات الأرواح، يشكل الحفاظ على ثقافة هذه البلاد وتاريخها، عاملاً يكتسب أهمية متزايدة أكثر من أي وقتٍ مضى.

معلوم أن القتال اندلع هناك في الخامس عشر من أبريل (نيسان) الفائت، وفي الوقت الذي يجري فيه الآن وقف لإطلاق النار، إلا أن ما لا يقل عن 730 مدنياً كانوا قد قضوا نحبهم، وفر قرابة مليون و300 ألف شخص من منازلهم.

مكتبة "جامعة أم درمان الأهلية" (أول جامعة للتعليم الأهلي تُنشأ في السودان، وتم تأسيسها عام 1985) لم تكن استثناءً بين المباني التي تعرضت أخيراً للحرق على يد لصوص، في وقت أصبحت المؤسسات الثقافية في السودان محاصرةً بألسنة اللهب التي تجتاح البلاد.

وعلى مدى العقد الماضي، كرس فريق مشروع "ذاكرة السودان"  Sudan Memory (الذي أطلقته مجموعة من الشركاء بهدف الحفاظ على التراث الثقافي السوداني وتعزيزه) جهوده لإنشاء أرشيف رقمي شامل يحفظ تاريخ البلاد. وتشير الجهات المشاركة فيه إلى أن التدمير الأخير يوضح بالضبط الأهمية التي تكتسبها هذه المبادرة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

البروفيسورة مارلين ديغان، الأستاذة الفخرية للعلوم الإنسانية الرقمية في "جامعة كينغز كوليدج لندن"، قامت رفقة شريكاها السودانيان - الدكتور بدر الدين الحاج موسى من "الجمعية السودانية لأرشفة المعرفة"، والدكتور محمد أزرد من "مكتب السجلات الوطنية في السودان" - بتأسيس هذه المجموعة في عام 2013. وهي خطوة جاءت في جزءٍ منها، نتيجة المخاوف التي سادت على أثر تدمير مكتبات في دولة مالي المجاورة.

وتقول ديغان: "إن ما يحصل يدمي القلب، لأنني أعرف هذه الأماكن، وأعرف هؤلاء الناس. إنني ممتنة للغاية لأننا أطلقنا مشروع ’ذاكرة السودان‘، فالوضع الراهن في البلاد يؤكد بالتحديد الأسباب الكامنة وراء مبادرتنا".

وترى الأكاديمية البريطانية أنه "بينما تظل معالجة الأزمة الإنسانية الملحة في السودان أولويةً قصوى، فمن الأهمية بمكان إدراك أن غياب الثقافة عند عودة الناس، سيؤدي إلى خسارة فادحة لا يمكن الاستهانة بها. إذ إن الثقافة هي بمثابة القوة التي توحد البلاد، وتمنحها الهوية، وتجسد روحها".

 

يُشار إلى أن النزاع الدائر بين الطرفين المتحاربَين - الجيش السوداني و"قوات الدعم السريع" شبه العسكرية، يتسبب بأزمةٍ إنسانية مستعصية. يُضاف إلى ذلك، أن تلك الصراعات تسببت بتدمير وحرق ونهب مؤسساتٍ ثقافية مهمة. وهذا الواقع انسحب أيضاً على الجماعات الفنية والثقافية، وعلى الوثائق في الأرشيفات والمكتبات الخاصة والمجتمعية.

وتوضح السيدة ديغان أن مبادرة "ذاكرة السودان" جمعت تمويلاً بنحو مليون و600 ألف جنيه استرليني (مليون و970 ألف دولار أميركي)، الأمر الذي مكن المشروع من إنشاء مراكز مسح ضوئي في مختلف أنحاء البلاد على مر الأعوام. ويمكن للأشخاص مسح المواد الثقافية لإضافتها إلى الأرشيف الرقمي المتنامي على الموقع الإلكتروني، الذي يحتوي على نحو 60 ألف صورة.

وأضافت الأستاذة في العلوم الإنسانية: "نحاول جاهدين التقاط الصور قبل نهب المحتويات أو تفجيرها. ونعتقد أن متحف التاريخ الطبيعي الملحق بـ ’ جامعة الخرطوم‘ قد تم تفجيره - لكن لدينا صوراً لكل عينة فيه على موقعنا، ولدينا على الأقل سجلات لما كان موجوداً هناك".

كاثارينا فون شرودر، العاملة في مجال الإغاثة التي كانت "اندبندنت" قد أجرت معها حديثاً عندما كانت محاصرةً في مدرسة في العاصمة السودانية الخرطوم مع اندلاع الصراع، هي أيضاً مخرجة أفلام، وقد أنشأت مشروع رقمنة "أرشيف أفلام السودان" في إطار مبادرة "ذاكرة السودان". وتمكنت حتى الآن من مسح نحو 2500 فيلم وثائقي، يعود تاريخها إلى عام 1940. ومع ذلك، هناك مخاوف جدية من احتمال تعرض هذا الأرشيف للتدمير أيضاً.

 

يُشار إلى أن مشروع "ذاكرة السودان" يشترك في استضافة حدث في "جامعة كينغز كوليدج لندن" يوم الثلاثاء في الثلاثين من مايو (أيار) بهدف زيادة الوعي بالتحديات التي يواجهها الشعب السوداني وثقافته. وستتخلل الحدث حلقة نقاش للبحث في سبل حماية التراث الثقافي للبلاد والحفاظ عليه.

وتلفت البروفيسورة ديغان أخيراً إلى أن "الوثائق والمصنوعات اليدوية والذكريات والسجلات التاريخية التي تم حفظها، تضطلع جميعها بدورٍ مؤثر في دعم الثقافة والقيم التعددية التي تشكل الحجر الأساس لمجتمع مدني مزدهر. ففي السودان، البلد الذي يعتمد أساساً على التراث الشفهي (نقل المعرفة والتقاليد والتاريخ الثقافي شفهياً من جيل إلى آخر)، تُعد القطع الأثرية التاريخية المادية ذات قيمة استثنائية".

لمزيدٍ من المعلومات عن الحدث الذي ينظمه مشروع "ذاكرة السودان" يوم الثلاثاء في الـ 30 من مايو، يمكن النقر على الرابط هنا.

© The Independent

المزيد من ثقافة