Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الهدنة التاسعة في الخرطوم ما الذي حققته؟

تحسن نسبي في عملية التنقل داخل العاصمة لكن إمدادات المياه والكهرباء لا تزال مقطوعة والإغاثة لم تصل

لا تزال آلاف الأسر تعاني نقصاً حاداً في الأغذية فضلاً عن انقطاع المياه والكهرباء (أ ف ب)

ملخص

تتزايد معاناة السكان مع انقطاع خدمات المياه والكهرباء والصحة فيما تطالب المنظمات الدولية بالإسراع إلى إيصال الإغاثة الإنسانية، وتلك حال العاصمة السودانية في ظل الهدنة.

أمران فقط شهدا تحسناً مع سريان الهدنة التاسعة لوقف إطلاق النار الموقت لمدة سبعة أيام وتنتهي اليوم الإثنين، بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في حربهما المشتعلة بالخرطوم منذ الـ 15 من أبريل (نيسان) الماضي، وهما عملية التنقل الحذر داخل مدن العاصمة الثلاث، الخرطوم والخرطوم بحري وأم درمان، خلال أوقات النهار، وتراجع عمليات القصف الجوي والاشتباكات على الأرض بنسبة كبيرة.

أما ما عدا ذلك فلم تحدث أية انفراجة تذكر حتى اللحظة، إذ لا تزال آلاف الأسر تعاني نقصاً حاداً في الأغذية، فضلاً عن انقطاع المياه والكهرباء في عدد من المناطق وتدهور الأوضاع الصحية نظراً إلى عدم توفر الخدمات في غالبية المستشفيات، وتواصل أعمال النهب والسلب لممتلكات المواطنين.

وتظل مواقع التواصل الاجتماعي الساحة الأكثر تداولاً لمعاناة مواطني الخرطوم، ففيها تطرح كل المواقف الصعبة التي يتعرض لها الناس بشكل جماعي أو فردي، وفيها يواسون بعضهم بعضاً وبخاصة مع حالات نهب المنازل، ومن خلالها يجري حل كثير من المشكلات وتوجيه الإرشادات الأمنية للمواطنين وغير ذلك.

تكافل سكاني

عز الدين حامد (45 سنة) أب لابنتين وولد ويسكن ضاحية الفتيحاب بأم درمان يقول، "استبشرنا خيراً بهذه الهدنة خصوصاً أن نصوصها كانت واضحة، وأهمها رفع المعاناة عن مواطني العاصمة الذين ظلوا محاصرين أكثر من 40 يوماً من خلال توفير الإغاثة وخدمات المياه والكهرباء والصحة، لكن للأسف كأن شيئاً لم يحدث، فالكهرباء والمياه مقطوعتان لأكثر من أسبوعين وكل مرافق الدولة لا تعمل، وكل أسبوع يأتي متطوعون لديهم شاحنات مياه ليقوموا بتوزيعها على المواطنين، أما مسألة الغذاء فهي مشكلة كبيرة لأن معظم ساكني هذه المنطقة يعتمدون على الأعمال اليدوية اليومية والآن أوضاعهم المعيشية سيئة للغاية، فلا أحد يملك مالاً لشراء وجبة واحدة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأضاف حامد، "وضعنا مأسوي ومهما قلت عن معاناة سكان هذه المنطقة فإنه لا يظهر حقيقة المأساة، والمؤسف أنه على رغم انعدام النقود تقريباً تتصاعد أسعار السلع نتيجة عدم توافرها، لكن المواطنين يساعدون بعضهم بعضاً بخاصة أنهم تعارفوا لسنوات طويلة وبينهم مودة مما خفف كثيراً من المعاناة لدى الأسر المحتاجة".

وزاد حامد، "هذه الهدنة خففت عنا الرعب الذي كان يسببه لنا الطيران الحربي بما يصاحبه من دوي انفجارات وقذائف ومضادات أرضية، إلى جانب تسهيل حركة التنقل بين المدن الثلاث بواسطة المركبات العامة، وهو أمر كان صعباً خلال الفترات التي سبقت الهدنة، وإن كانت هناك بعض الخروقات، إذ لا نزال نسمع أصوات الرصاص على فترات متباعدة".

عناء شديد

أما عبدالمنعم جبريل (53 سنة) الذي يسكن منطقة الخرطوم بحري وهو أب لأربعة أولاد وبنت فيقول، "نحن في حال يرثى لها لأن منطقتنا من أكثر مناطق العاصمة تضرراً بسبب القصف الجوي الذي دمر البنية التحتية، فقد تعطلت محطة المعالجة التي تزود منطقة الخرطوم بحري بالمياه منذ بدء الحرب مع تواصل انقطاع الكهرباء لأيام عدة مما دفع كثيراً من الأسر إلى مغادرة هذه المنطقة، ولا يزال الوضع كما هو من دون بذل أي جهد في ظل الهدنة الحالية، فالمواطنون تحملوا عناء شديداً من كل النواحي المعيشية و الصحية و البيئية وغيرها، ومع هدوء القتال تتزايد أعمال قطع الطرق والنهب والسلب ليلاً بسبب نزوح أعداد كبيرة من السكان وترك منازلهم في ظل غياب الأجهزة الأمنية".

ومضى قائلاً، "الحرب أرهقتنا وتكالبت علينا الهموم، وصحيح حدثت انفراجة كبيرة في مسألة الاشتباكات التي قلت حدتها بشكل كبير وبدأ الناس يتنقلون داخل الأحياء وخارجها لقضاء حاجاتهم المعيشية وتفقد ذويهم في أنحاء العاصمة، لكننا كنا نتوقع أن تصاحب هذه الهدنة تدفقات للإغاثة التي نسمع بها من خلال وسائل الإعلام ولا نراها، فالناس هنا يعتصرهم الجوع وليست لديهم قدرة على شراء حاجاتهم اليومية من الغذاء، وغالبية عمال وموظفي الدولة والقطاع الخاص لم يتقاضوا رواتبهم من شهرين، وهذه أكبر معضلة تواجه هؤلاء".

وواصل جبريل، "لقد بلغنا مرحلة اليأس والتعب ولم نعد نتحمل أكثر مما تحملناه على مدى أكثر من 40 يوماً ذقنا فيها الرعب والخوف والجوع، والآن كل أملنا أن تصل إلينا المساعدات الإنسانية من المنظمات الدولية بأسرع وقت ممكن، وكل خوفنا أن تحدث انتكاسة بين الجيش وقوات الدعم السريع بتجدد القتال، ولحظتها سيكون حالنا مدمراً".

عوائق بيروقراطية

وتشهد الخرطوم منذ بدء سريان الهدنة الحالية في الـ 23 ممن مايو (أيار) الجاري هدوءاً حذراً، إذ حدثت اشتباكات متفرقة بين الجيش والدعم السريع وسط اتهام واشنطن لمجموعة "فاغنر" الروسية بإمداد قوات الدعم السريع بصواريخ أرض - جو لمواجهة الجيش السوداني.

وأفادت الخارجية الأميركية أنها رصدت انتهاكات لاتفاق وقف إطلاق النار في السودان شملت استخدام المدفعية والمقاتلات والمسيرات، مؤكدة أنها لن تتردد في تطبيق العقوبات حال عدم الالتزام بهذه الهدنة.

وفي حين أكد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أن المنظمات الإنسانية مستعدة لتقديم المساعدات إلى أكثر من 4 ملايين شخص، لكن العوائق البيروقراطية والمشكلات الأمنية تعرقل توزيعها.

وقال مسؤول إغاثة لـ "رويترز" إن "من بين 168 شاحنة جاهزة لتقديم المساعدات يتحرك عدد قليل فقط من بورتسودان إلى ولايات القضارف وكسلا والجزيرة".

وأسفر النزاع الممتد في السودان منذ 44 يوماً عن مقتل 750 شخصاً ونزوح أكثر من مليون شخص داخلياً ولجوء نحو 320 ألفاً آخرين إلى دول مجاورة، بحسب ما تفيد البيانات الأخيرة للأمم المتحدة.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات