Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"مؤتمرات الشباب" في مصر... منصة تواصل أم مكاسب سياسية؟

خبراء: حلقة وصل بين المجتمع والدولة تعوض غياب الأحزاب... وآخرون: معايير اختيار المشاركين لا تمثل الجميع  

فعاليات أعمال "نموذج محاكاة الدولة المصرية" من المؤتمر السابع للشباب (الحساب الرسمي على فيسبوك للمتحدث الإعلامي لرئاسة الجمهورية)

بين الحين والآخر ومنذ أكتوبر (تشرين الأول) 2016، حيث انطلاق النسخة الأولى منه، تعيش مصر أجواء ما يعرف بـ"مؤتمرات الشباب"، برعاية الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ووسط زخم النسخة السابعة منه التي تستضيفها العاصمة الإدارية الجديدة (شرق القاهرة)، أحد المشروعات القومية الكبرى التي تروج لها الحكومة المصرية على خريطتها الاستثمارية المستقبلية، تتواصل الأسئلة حول جدوى هذه المؤتمرات التي يعتبرها المسؤولون فرصة للتواصل "وجها لوجه" مع الشباب و"مساحة مباشرة للتعبير عن آرائهم"، فيما يعتبرها آخرون "مكاسب سياسية للحكومة عبر التواصل مع شباب لا يعبرون عن الشريحة الأكبر في المجتمع".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ومن الإشادة إلى النقد، انطلقت أمس النسخة السابعة للمؤتمر الوطني للشباب، الذي يستمر على مدار اليوم الأربعاء، بحضور نحو 1500 مشارك من مختلف محافظات الجمهورية، بالإضافة إلى كبار رجال الدولة، والشخصيات العامة، والإعلاميين، ورجال الأعمال، ووسط حضور أمني مكثف، لتتجدد التساؤلات لدى المتابعين والمراقبين بشأن التوقيت والأهداف.

 

 

كيف تراه الحكومة؟

وفق تعبير مصدر حكومي مصري رفيع المستوى، تحدث لـ"اندبندنت عربية" خلال المؤتمر، "فإن مثل هذه المؤتمرات باتت تمثل حالة مهمة تعيشها مصر وينتظر الرئيس عبد الفتاح السيسي إتمامها بين الحين والآخر، على الرغم من زخم جدول أعماله، لما تحققه من فرصة مباشرة للتواصل المباشر مع الشباب".

وبحسب المصدر، الذي فضل عدم ذكر اسمه، "فإن التواصل مع الشباب واحتواء أفكارهم أصبحت سمة الرئاسة المصرية منذ عام 2016"، موضحا "أن الرئيس السيسي يتابع بنفسه ملف الشباب ويرعاه على اعتبار أنهم القادة الحقيقيون للمستقبل، وهم من تراهن عليهم الدولة لتولي إدارة وشؤون البلاد في المستقبل القريب".

ورغم عدم نفيه تحقيق الحكومة لمكاسب سياسية وثقافية جراء العقد الدوري لمثل هذه المؤتمرات، فإنه أوضح "أن أغلب الانتقادات لهذه الجهود المكثفة غير صحيحة، مطالبا أي شخص ينتقد مثل هذه المؤتمرات التسجيل لحضور المؤتمر، الذي يتم بشفافية لرؤية حقيقة الإنجاز الذي تشهده مصر من خلال حديث مباشر بين كبار رجال الدولة والحكومة".

الفكرة ذاتها أوضحها السفير بسام راضي، المتحدث باسم رئاسة الجمهورية، معتبراً "أن مؤتمرات الشباب تعد منبرا فعالا لتحقيق التنمية في مصر"، مضيفاً في لقاء على هامش المؤتمر، "أن هذه المؤتمرات تكتسب زخمها مع الوقت، إذ أصبحت منصة فاعلة وتجرية مصرية رائدة نالت استحسان العالم أجمع، انطلاقا من حرص الدولة الذي تبديه للتواصل مع الشباب". ولفت إلى "أن الدولة تبذل جهدا كبيرا للغاية للنهوض بها من أجل الجيل الحالي والأجيال المقبلة، داعيا الشباب إلى الاستثمار في نفسه في جميع الجوانب".

وأوضح "أن جلسات مؤتمر الشباب يطرح فيها تساؤلات مباشرة على رئيس الدولة والوزراء المختصين ويتلقى الإجابات في نفس الوقت"، لافتا إلى "أن مؤتمرات الشباب خلقت حالة تفاعلية بين الدولة والشباب لم تكن متوفرة في الماضي لذلك كنا بحاجة إلى آلية جديدة".

وانطلقت النسخة الأولى من مؤتمر الشباب بمدينة شرم الشيخ السياحية جنوب سيناء في أكتوبر (تشرين الأول) 2016، وأبدى الرئيس السيسي حينها استجابته لمطالب الشباب بإقامة المؤتمر دوريا (كل شهرين على أقصى تقدير)، ليمر بعد ذلك بسلسلة من المؤتمرات بلغت ستة مؤتمرات، احتضنت آلاف الشباب، كان آخرها الذي عقد بجامعة القاهرة في يوليو (تموز) 2018.

 ويركز المؤتمر السابع للشباب بالعاصمة الإدارية الجديدة، على موضوعات رئيسة تتعلق بأجندة الإصلاح الاقتصادي وفرص الاستثمار في مصر، وبدأت أعماله بـ"نموذج محاكاة الدولة المصرية"، ناقش خلاله وزراء من الحكومة المصرية وبعض الشباب أبرز الملفات الاقتصادية التي تشهدها مصر بالإضافة إلى محاولة إيجاد الحلول للأزمات والتحديات التي تشهدها البلاد اقتصاديا.

 

 

أي رسائل تحملها المؤتمرات؟

تتباين الآراء حول جدوى ورسائل مؤتمرات الشباب التي تعقد برعاية الرئيس، ويرى المفكر والمحلل السياسي المصري عبد المنعم سعيد "يعد المؤتمر إحدى الوسائل الخاصة للدولة للتواصل المباشر مع الشباب، وتعويض الغياب الملحوظ لدور الأحزاب السياسية لما يخلقه من حالة من الحديث والنقاش بين الشباب في الداخل والخارج ككل".

وبحسب سعيد، "في الماضي كان هناك ما يعرف بمنظمة الشباب خلال سبعينيات وستينيات القرن الماضي، لكن الفكرة القائمة حاليا هي تجنب الأشكال المؤسسية التقليدية في مفاهيم احتواء الشباب، على اعتبار أن مثل هذه المؤسسات التقليدية القديمة كانت تخلق شكلا من أشكال الميليشيا السياسية، أما الآن فهناك اتصال مباشر قائم وفعّال بين الدولة والشباب".

وهو الأمر ذاته الذي اتفق معه الباحث بالمركز المصري للدراسات محمود حسين، أحد المشاركين في نموذج محاكاة الدولة المصرية بالمؤتمر السابع للشباب، إذ قال "إن مثل هذه المؤتمرات تكسر العزلة داخل المجتمع بين الشباب والقيادة السياسية والنخبة في مصر، وتنشئ حالة من الحوار كانت دوما تعاني مصر منها".

ووفق حسين، "كانت تغيب دوما الكوادر الشبابية القادرة على تولي المناصب في المستقبل والإمساك بزمام الأمور، إلا أن هذه المؤتمرات عززت ما يعرف بدوران النخبة، أي كسر سيطرة واحتكار من في السلطة لسنوات طويلة، إذ أصبح من المألوف إدماج الشباب في المناصب القيادية بالدولة"، واستشهد "بتعيين عدد كبير من الشباب في مناصب نواب ومساعدين للوزراء والمحافظين في مصر في السنوات الأخيرة".

وتابع حسين "الآن نرى قدرة مصر على صنع صورة جيدة من هذه المؤتمرات، والتي كانت في بدايتها (حوارا مصريا - مصريا)، حتى تحولت الفكرة لتأخذ طابعا دوليا وعالميا من خلال منتدى شباب العالم الذي عقد بنسختيه خلال عامي 2017 و2018، وهو ما ينعكس بالإيجاب على صورة مصر الخارجية وأفكارها الممثلة في نشر ثقافة الحوار وقبول الآخر وتعددية الآراء".

في المقابل، يقول باسم صلاح، الباحث السياسي في أحد مراكز الفكر المصرية، "إن الرسائل المستخلصة الوحيدة من تكرار مؤتمرات الشباب هي ترويج الحكومة لمشروعاتها الاقتصادية، وتحسين صورتها أمام القيادة السياسية".

وبحسب صلاح، "لا يزال الملف الحقوقي المصري يعاني من انتقادات واسعة على الصعيد الدولي، وتحاول الحكومة إظهار حالة من الحوار مع الشباب"، مشككا، "في المعايير التي يتم من خلالها اختيار هؤلاء الشباب، بالإضافة إلى عدم تشكيلهم طيفا واسعا من الشباب الحقيقي في المجتمع".

اقرأ المزيد

المزيد من سياسة