Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"الهاكينغ"... مهنة الاستباحة "المعلوماتية"

50 في المئة من البرامج الحاسوبية تم اختراقها ولم تتفق الدول حتى اليوم على العقوبات التي يجب إلحاقها بالقراصنة الإلكترونيين بسبب عدم تحديد تعريف مفهومها

تتنوع أهداف القراصنة الإلكترونية ما بين شخصية أو سياسية أو لخمدة قضايا بيئية وغيرها (وسائل التواصل)

ملخص

ليس بالضرورة أن تكون القرصنة الإلكترونية نشاطاً ضاراً؛ لأنها تسهم في تشديد أنظمة الحماية الأمنية، ويتنوع القراصنة الرقميون بحسب الهدف الذي يريدون تحقيقه

كانت القرصنة في أعالي البحار مهنة القراصنة، أي سرقة السفن الشرعية التابعة لسلطات أو شركات، ومصادرة ما تحمله، وفرض السيطرة على المضائق وطرق السير البحرية، وبالتالي فرض الهيمنة عبر تخريب المخططات الرسمية، وضرب نظم العمل المتبعة بين الدول. ولطالما كان القراصنة مستقلين في أعمالهم أو مهنتهم التي تثير الرعب بين البحارة، يضاف إليها شعارهم المعروف (الجمجمة والعظمتين)، ولكن كان يمكن استخدامهم أيضاً كمرتزقة ليقفوا إلى جانب من يقدم لهم مغانم أكثر، ولكن في كل الأحوال لم يتحول قراصنة البحر إلى فريق مهني رسمي تحميه سلطة معينة، كما بات الأمر مع القرصان الجديد أو القراصنة الإلكترونيين.

قرصنة تقليدية

في 1982 اتفقت الأمم المتحدة على وضع قانون البحار، حيث تقوم الدولة التي تضبط سفينة أو طائرة استولى عليها قراصنة بتحديد العقوبة اللازمة لهم، ولم تتفق هذه الدول حتى اليوم في العقوبات التي يجب إلحاقها بالقراصنة الإلكترونيين المعاصرين، بسبب عدم تحديد تعريف القرصنة الإلكترونية بحد ذاتها، وعلى رغم ذلك تقوم كل دولة بمعاقبة القراصنة بحسب قوانينها، وأنشات الدول هيئات وجهات خاصة بالأمن السيبراني لحماية بياناتها ومكافحة كل أنشطة الاختراق.

القرصنة الإلكترونية بحسب الموسوعة الإنجليزية هي عملية تحديد الثغرات في نظام الكمبيوتر أو الشبكة ثم استغلالها، ويحدث ذلك عادة للحصول على وصول غير مصرح به إلى البيانات الشخصية أو التنظيمية، ولا تعد نشاطاً ضاراً دائماً؛ لأنها ربما تسهم في تشديد أنظمة الحماية الأمنية، لكن المصطلح ينطوي على دلالات سلبية في الغالب بسبب ارتباطه بالجرائم الإلكترونية، فبعدما أصبح مصطلح "القرصنة" مرتبط في ستينيات القرن العشرين بأعضاء نادي (Tech Model Railroad) التابع لمعهد ماساتشوستس للتقنية، الذين "يخترقون" مجموعات القطارات عالية التقنية الخاصة بهم لتعديل وظائفها، ثم انتقلوا من قطارات الألعاب إلى أجهزة الكمبيوتر في محاولة لتوسيع المهام التي يمكن أن تنفذها الأجهزة.

وكان المخترقون الأوائل مهتمين بكيفية استكشاف حدود البرامج الحالية وتحسينها واختبارها، وقطفت جهودهم ثمارها، فأنتجوا برامج أفضل من الموجودة، وبعدما أصبح الإنترنت جزءاً أساسياً من حياتنا في بداية القرن الواحد والعشرين؛ أصبحت القرصنة أكثر تعقيداً من أي وقت مضى.

قرصنة معاصرة

القراصنة المعاصرون الذين يتمكنون من فك شفرات الدخول إلى مؤسسات حكومية لرصد بياناتها أو لفضح عملية سياسية ما أو لإيقاف مد مدينة ما بالكهرباء والطاقة أو لإيقاف عمل المترو أو خلط أرقام الحسابات المصرفية بعضها ببعض، يؤلفون مجموعة مختلفة من العاملين في هذا المجال، فمنهم من يعمل من أجل قضية يعتبرها محقة، فيستخدم معرفته الواسعة في شبكة الإنترنت وبرمجياتها من أجل قضيته هذه، ومن هؤلاء أسانج وسنودن، اللذان أسسا لفضائح ويكيليكس الشهيرة التي أبرزت أهمية القرصنة في فضح معلومات سرية مخفية عن الجمهور، على رغم أنه من حق الناخبين أو دافعي الضرائب الاطلاع عليها.

هناك أيضاً القراصنة الذين يعملون من أجل قضايا عامة كالبيئة وحقوق المثليين والمرأة ووقف الحروب والسلام العالمي، وهؤلاء لم تشكل قرصنتهم بعد خطراً كبيراً على المؤسسات الرسمية الوطنية أو العالمية، فمعظمهم يعملون في إطار القوانين العامة التي يقوم عليها النظام الاجتماعي والسياسي أينما حلوا.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

أما القراصنة الذين يستخدمون معرفتهم في سبيل قضايا سياسية تحمي بلادهم، أو تعبر عن انتماءاتهم الوطنية والقومية؛ لحماية حكومتهم فبعضهم يعمل لمصلحة الحكومات ومن داخلها في الحرب الإلكترونية التي اندلعت بين الأنظمة العالمية، منذ باتت شبكة الإنترنت تدير كل شيء، من الاتصال الهاتفي إلى نقل الأموال من مكان إلى آخر في العالم، وعلى رأس هؤلاء قراصنة روس وصينيون وأميركيون، وهؤلاء يخوضون حرباً من أمام شاشة الكمبيوتر أكثر أذى وشراسة من الحرب الفعلية التي يشارك فيها الجنود في ساحة المعركة مباشرة، حاملين أسلحتهم التي تطلق الرصاص أو القذائف، ففك شيفرة بيانات وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) كما حصل أخيراً، ربما يؤدي إلى أضرار أكبر بكثير من قصف مدينة من المدن.

مجموعة الأنونيموس

وهناك مجموعة الأنونيموس المشهورين حول العالم بقناعهم الموحد، وهؤلاء يعملون في مجموعات منظمة، وقد تلتقي مجموعة منهم في بلد ما مع مجموعة أخرى في بلد آخر لتحقيق أهداف مشتركة، وفي سيرة تأسيس هذه المجموعة التي ذاع صيتها بعد فيلم v-VENDETA، أنه لا يمكن إعادتها إلى شخص واحد معين قام بتأسيسها، بل بدأت عبر غرف التحادث الأولى بعد انتشار شبكة الإنترنت، وكان كل شخص يدخل إلى غرف "التشات" لا يحمل اسماً، بل "أنونيموس"، ولهذا صار هذا الاسم ملكاً لأشخاص كثر، ولكنهم يدافعون عن أهداف معينة، عنوانها العريض رفع ظلم فئة صغيرة من الحكام عن الفئة الكبيرة من المحكومين، وكشفت المجموعة أسراراً حكومية، كما قادت حملات رقمية اعتقد القائمون بها أنها عززت المصلحة العامة.

ومعظم القراصنة من دارسي علوم الكمبيوتر ما يمكنهم في وضع الأنظمة الأمنية، وكذلك من معرفة كيفية تفكيكها أو خرقها، ومنهم من بنى خبرته الشخصية من خلال ألعاب الكمبيوتر أو الهوس بصناعة برامج الكمبيوتر، وصانع البرنامج لا بد أن يعرف كيف يدمره، ولهذا بات هؤلاء في الجيوش الإلكترونية بأهمية الجنرالات، ويملكون من المعلومات السرية ما يعرفه الرئيس نفسه، وفي حال أراد أحدهم الخروج عن الدور الموكول إليه في حماية البيانات أو فضح المعلومات السرية الموكل إليه حمايتها، فإنه قادر على تحقيق دمار أقوى مما تحققه سياسات حكومته على مدى سنوات.

بات الخوف من تمكن القراصنة من خرق برامج حماية الأسلحة النووية والبيولوجية مسيطراً حول العالم، ومن أشهر قراصنة العالم الرقمي، جونثان جيمس، الذي تم القبض عليه وهو بسن 16 سنة فقط، متهم باختراق العديد من الأنظمة الأميركية مثل "وكالة ناسا" للفضاء و"البنتاغون"، إلا أنه انتحر في 2008 بمسدسه الخاص وهو في عمر الــ25 سنة.

جيوش إلكترونية

وفي الزمن المعاصر أصبحت القرصنة جزءاً من المهام الرئيسة التجسسية والدفاعية التي تقوم بها بعض الدول للحصول على المعلومات، وأصبح لها جيوش وميزانيات مالية لتحقيق أهدافها.

 

 

ولو نظرنا إلى أرقام الخسائر التي تصيب الشركات التجارية الكبرى العاملة في مجال البرمجيات الحاسوبية بسبب القرصنة فقط التي بلغت أكثر من 70 مليار دولار في 2023 قبل انتصافه، سنفهم مدى أهمية الجيش الإلكتروني في هذه المرحلة.

وبحسب تقرير لموقع "بي بي سي" الإنجليزي؛ فإن الخسائر التي تكبدتها الشركات العاملة في مجال السينما تُقدر بأكثر من 250 مليار دولار، وتُعتبر مصر من أكثر الدول التي تعاني من القرصنة في العالم العربي، بخاصة قرصنة المحتوى الترفيهي، أما الشركات الأكثر تعرضاً للقرصنة حول العالم اليوم فهي تلك المعنية بالحفاظ على الملكية الفكرية للأعمال الفنية، وتحديداً الموسيقية منها، وشركات صناعة الألعاب الإلكترونية وبرامج الكمبيوتر وتطبيقاته، التي يتم قرصنتها لبيعها في السوق السوداء بأسعار زهيدة، وعلى رأس هذه الشركات "أدوبي" و"أبل" و"سيمانتك"، و"مايكروسوفت". وترصد الأخيرة أكثر من 10 ملايين محاولة لمهاجمة خدماتها المختلفة في اليوم، مع العلم أن عدد الحوادث المتعلقة بالأمن الإلكتروني يتراوح ما بين 80 و90 مليون حادثة سنوياً، وأن الهجمات الإلكترونية لا يتم اكتشافها ويبقى فاعلوها مجهولين.

وتجد البرمجيات المقرصنة رواجاً في اقتصادات الدول الناشئة أو الفقيرة، حيث قوانين الحماية الملكية أقل تشدداً، وحيث تعتبر أسعار هذه البرمجيات مرتفعة جداً قياساً للمدخول الفردي، وبما أنها باتت ضرورية لتشغيل الآلات الإلكترونية بكل أنواعها، فبات لزاماً على أكثر أصحاب هذه الآلات شراء برمجياتها، ولكن شراء برنامج مقرصن بالنسبة لطالب جامعي فقير أو ربة منزل في دول عالم ثالث مثل الهند أو البرازيل أو الشرق الأوسط، يوفر أرقاماً كبيرة على هؤلاء الأفراد ذوي الدخل المحدود.

الجيش الأزرق

وتضاف الصين ذات الاقتصاد الأكثر نمواً في العالم إلى أعلى لائحة الدول التي تشهد قرصنة المعلومات وبرامج الكمبيوتر، بنفس الدرجة التي تنتج فيها برمجيات جديدة، أما الدول التي تنافسها في مجال قرصنة المحتوى الإبداعي فهي روسيا وكولومبيا وماليزيا وأوكرانيا، وفي المؤسسة العسكرية الصينية تم إنشاء "الجيش الأزرق" في "جيش التحرير الصيني الشعبي" وهي كتيبة خاصة تعتبر سراً من الأسرار القومية الصينية.

وبحسب إحصاءات منظمات واتحادات الملكية الفكرية فإن دول اليمن وليبيا والعراق تتصدر القائمة العربية في قرصنة البرمجيات بنسبة تقارب 91 في المئة، ويصعب تقدير الحجم الحقيقي للخسائر السنوية التي يتكبدها الاقتصاد العالمي نتيجة للقرصنة المعلوماتية، لكن تقديرات تشير إلى أنها تتجاوز تريليون دولار، ولا بد من الإشارة إلى أن أكثر من 70 في المئة من الذين تم استفتاؤهم حول القرصنة لم يعتبروها جريمة يجب المعاقبة عليها، وهذه الأرقام المفاجئة في اعتبار القرصنة عملاً لا يستحق العقاب يؤكد الأرقام التي تفيد بأن أكثر من 50 في المئة من البرامج المستخدمة في العالم مقرصنة، وأن 75 في المئة من أجهزة الكمبيوتر في العالم تضم على الأقل برنامجاً واحداً تم تنزيله بطريقة غير شرعية.

اقرأ المزيد

المزيد من علوم