Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل يواجه رياض سلامة "النشرة الحمراء" بكشف "صندوق الأسرار"؟

القاضية الفرنسية تتجه نحو إصدار القرار الظني في حق حاكم مصرف لبنان تمهيداً لبدء محاكمته

المذكرة صدرت بعدما تغيب سلامة عن المثول أمام القضاء الفرنسي للاستماع إلى أقواله (رويترز)

ملخص

يزداد المشهد القضائي والمالي تعقيداً بعد تسلم لبنان من الإنتربول نسخة من "النشرة الحمراء" التي تطلب توقيف رياض سلامة بالتزامن مع اقتراب نهاية ولايته من دون الاتفاق على بديل له في ظل الشغور الرئاسي

دخلت قضية ملاحقة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة منعطفاً جديداً، بعد أن تسلم لبنان من الإنتربول الدولي نسخة من "النشرة الحمراء" التي تطلب توقيفه لصالح القضاء الفرنسي، إذ بات قانوناً مطلوباً توقيفه في "جميع الدول". 

ووفق مصدر في النيابة العامة التمييزية، فإن القضاء اللبناني ملزم التعامل مع "النشرة الحمراء"، وإعطاء تقارير عن الإجراءات القضائية المتخذة، وذلك تنفيذاً لبنود الاتفاقية الموقعة بين لبنان ومنظمة الإنتربول الدولي، موضحاً أنه بعد تلقي النيابة العامة التمييزية المذكرة سيطلب النائب العام تفاصيل ملف الادعاء على سلامة من أجل الاطلاع عليه وتقدير الموقف ومخاطبة الإنتربول على هذا الأساس.

ولفت إلى أنه وفي سياق الاستعجال الفرنسي الواضح يتوقع أن يصل الملف كاملاً متضمناً كل القرائن التي تدين سلامة وتثبت ادعاءات القاضية الفرنسية أود بوريزي خلال الأسبوع المقبل، كاشفاً عن وجود اجتهادات يتم نقاشها حول إمكانية استدعاء سلامة للاستماع إليه بشكل مباشر أو ضرورة طلب الإذن المسبق بملاحقته من رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، باعتبار أن سلامة موظف من الفئة الأولى، ويشغل موقعاً سيادياً للدولة اللبنانية ويتمتع بحصانة إدارية.

 

كارلوس غصن

في السياق نفسه تقارن بعض الأوساط السياسية السيناريو المرتقب لتعامل القضاء اللبناني مع سابقة حصلت بملف المدير التنفيذي السابق لتحالف "رينو - نيسان" كارلوس غصن، حين سطرت في حقه مذكرة توقيف عبر الإنتربول الدولي لصالح كل من فرنسا واليابان، وحينها استدعي للتحقيق أمام النيابة العامة التمييزية، حينها ترك بسند إقامة أو رهن التحقيق مع إجراءات أخرى تتعلق بحجز جوازات سفره لمنعه من مغادرة الأراضي اللبنانية.

كذلك رفض حينها طلب فرنسا استرداده، وأبلغ الإنتربول أن القضاء اللبناني يلاحقه في الجرائم المسندة إليه ويتعذر تسليمه حالياً بانتظار استكمال الإجراءات القانونية ومعرفة مدى تطابق المذكرة الفرنسية مع قانون العقوبات اللبناني، في حين بات معلوماً أن القانون اللبناني لا يسمح بتسليم رعاياه إلى أي دولة أجنبية إنما يصار إلى النظر في ملف المطلوب استرداده أمام القضاء اللبناني.

وفي ملف سلامة يمكن لقاضي التحقيق الذي ينظر في القضية إصدار مذكرة توقيف وجاهية بعد استجوابه، أو تركه رهن التحقيق في حال عدم استكمال استجوابه أو تركه بسند إقامة، غير أن قاضي التحقيق الأول في بيروت شربل أبو سمرا ارتأى افتتاح تحقيقاته في هذا الملف باستدعاء رجا سلامة في جلسة حددها له في 15 يونيو (حزيران) المقبل.

القرار الظني 

أما في المقلب الفرنسي فتشير مصادر مواكبة للتحقيقات إلى أن القاضية الفرنسية تعتبر أنها غير معنية بالجدل القانوني الحاصل في لبنان كذلك بالطعن الذي يعتزم سلامة تقديمه، إذ تعتبر أن كل تلك الإجراءات لن تفرمل توجهها نحو إصدار القرار الظني قريباً تمهيداً لبدء محاكمته.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

كذلك تعتبر بوريزي أنها أبلغت سلامة موعد الجلسة التي تخلف عنها وجاهياً خلال الاستماع إليه في بيروت، إلا أنه حينها طلب القاضي أبو سمرا تبليغه وفق الأصول، وعلى رغم اعتبارها أن تبليغها المباشر قانوني اعتمدت الوسائل التي طلبها القضاء اللبناني.

أما مسار الطعن الذي يعتزم فريق الدفاع عن سلامة الشروع به خلال أيام فقد يستغرق أشهراً عدة لبته، وقد يتمكن المحامون من إثبات تجاوز القاضية الفرنسية المهل القانونية الملزِمة وأصول التبليغ أو ضربها سرية التحقيقات وقرينة البراءة. 

صندوق الأسرار

وفي مقابل الجدل القانوني السائد في البلاد يبدو أن صبر رياض سلامة قد بدأ ينفد، ولم يعد يكتفي بالإجراءات القانونية التي أعلن عنها لناحية الطعن بقرار القضاء الفرنسي واستئناف مذكرة الإنتربول، إذ يشير مصدر على علاقة مباشرة معه إلى أنه لن يصمت عن محاولات تحويله إلى "كبش فداء" نيابة عن السياسيين اللبنانيين.

ووصف سلامة بـ"صندوق أسرار" حقبة امتدت أكثر من 30 عاماً، و"هو قادر على إحداث زلزال من الفضائح"، مشيراً إلى أن المادة 190 من قانون النقد والتسليف تعاقب بالسجن من ستة أشهر إلى سنتين الحاكم في حال إفشائه معلومات.

وكشف عن أن حياة سلامة قد تكون مهددة بسبب خزان المعلومات الذي يمتلكه، مؤكداً أنه سيبدأ بتسريب بعض الفضائح التي تطال السياسيين في المرحلة المقبلة، كذلك بعض الإثباتات على عمليات ابتزاز تعرض لها من قبل سياسيين لإرغامه على اتخاذ بعض القرارات، ومنها ملف الدعم على بعض السلع الذي استمر لمدة عامين تقريباً، وأدى إلى استنزاف نحو 20 مليار دولار من احتياطات البنك المركزي.

شركاء السلطة السياسية

وفي هذا السياق رأى الباحث في الشؤون المالية والاقتصادية البروفيسور مارون خاطر أن حاكم مصرف لبنان لا يشكل حيثية قائمة بحد ذاتها، بل هو جزء من "الزمرة" التي حكمت لبنان، مشيراً إلى أن إقالته تشكل امتحاناً لشركائه في السلطة السياسية الذين عاصروه واستفادوا منه وتسببوا معه في كل هذه التداعيات، التي تتحمل مسؤوليتها بالإضافة إليه الجهات الثلاث من المجالس المركزية والنيابية التي لم تعدل قانون النقد والتسليف والحكومات المتعاقبة التي أخذت الأموال من دون إدراجها في الموازنات، مؤكداً ضرورة محاكمة الجميع.

وأكد أن القضاء مقصر في تنفيذ المذكرات القضائية، ويتغاضى عن الجرائم في حق الشعب اللبناني وعن القيام بواجباته، لافتاً إلى أن حجم الوطن والدولة أكبر من حجم موظف، وأن مصارعة البلد للموت تتوجب إنقاذه وعدم ربط مصيره بالأشخاص وطوائفهم لضمان استمراريته، معلناً عن توجسه من عدم فتح الدعوى الأساسية التي تؤدي إلى الكشف عن الأموال المنهوبة، والتلهي بالدعاوى الثانوية الخاصة.

ولفت خاطر إلى تمرس سلامة وخبرته كحاكم لمصرف لبنان، مشيراً إلى قيامه بتدوير للعملة لإطالة الوقت، وكان باستطاعته في المقابل القيام بكثير للجم الطموح السياسي والذهاب بالبلد إلى بر الأمان لولا تورطه بالسياسة، لافتاً إلى إمكانية العمل على تنحيته قبل انتهاء ولايته للعبث بالاستقرار الهش في السوق النقدية والعودة إلى التفلت بغياب الدولة وانتظام مؤسساتها، مع إمكانية عودة التقلبات في سعر الصرف وارتفاعه، وعدم قدرة مصرف لبنان على تمويل القطاعات الحيوية، مؤكداً أن صمام الأمان الوحيد هو صبر اللبنانيين وتحملهم هذا الوضع.

جلسة حكومية

في السياق نفسه دعا رئيس الحكومة نجيب ميقاتي إلى جلسة حكومية في 26 مايو (أيار) الجاري للنقاش مع الوزراء بقضية سلامة، الأمر الذي اعتبرته بعض المصادر الوزارية فتح المجال أمام إمكانية اتخاذ قرار بإقالته خلال الجلسة.

إلا أن مصادر وزارية أخرى قللت من احتمال الإقالة، لا سيما أن وضعيته القانونية محمية عبر المادة 19 من قانون النقد والتسليف التي جاء فيها "فيما عدا حالة الاستقالة الاختيارية لا يمكن إقالة الحاكم من وظيفته إلا لعجز صحي مثبت بحسب الأصول أو لإخلال بواجبات وظيفته، في ما عناه الفصل الأول من الباب الثالث من قانون العقوبات، أو لمخالفة أحكام الباب 20، أو لخطأ فادح في تسيير الأعمال".

ممتلكات سلامة

في سياق آخر تشير أوساط قضائية إلى أنه حتى الساعة لم تدخل الدولة اللبنانية كطرف متضرر في النزاع القائم بين سلامة والقضاء الفرنسي، وبالتالي في حال تمكنت فرنسا من إثبات التهم عليه فهذا يعني بأنها ستضع يدها على ممتلكاته.

وبرأي تلك الأوساط فإنه في حال إدانة سلامة ستعود الممتلكات للدولة الفرنسية وللدول التي قدمت هذه الادعاءات، مستغربة عدم تحويل هذه القضية إلى قضية ادعاء شخصي للدولة اللبنانية التي يمكنها بدورها أن تضع يدها على ممتلكاته.

المزيد من متابعات