Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

رياض سلامة "يتمرد" ويفتح النار على السياسيين اللبنانيين

حاكم المصرف المركزي يعتزم الطعن على مذكرة الاعتقال الفرنسية وسيتنحى عن منصبه لو صدر بحقه حكم قضائي

رياض سلامة يقف بجانب سبائك من الذهب في البنك المركزي في بيروت (رويترز)

ملخص

أثارت مذكرة التوقيف الدولية التي أصدرتها القاضية الفرنسية أود بوروزي بحق حاكم مصرف لبنان تفاعلاً كبيراً وتصاعدت المواقف المطالبة باستقالته فوراً حفاظاً على سمعة لبنان

رغم الصخب الذي أحدثته مذكرة التوقيف التي أصدرها القضاء الفرنسي بحق حاكم مصرف لبنان، لا يزال رياض سلامة يتابع أعماله في البنك المركزي بشكل اعتيادي، وكأن شيئاً لم يحصل، وقد ترأس المجلس المركزي لمصرف لبنان واتخذ مجموعة من القرارات من أبرزها الترخيص لشركات صرافة جديدة واعتبار منصة صيرفة بمثابة السعر الرسمي لليرة اللبنانية.

وتؤكد مصادر سلامة إصراره على اعتبار الإجراءات القضائية بحقه ليست سوى "كيدية سياسية"، وأن الضجة التي أثيرت عقب المذكرة الفرنسية تأتي في سياق الحرب الإعلامية التي تخاض ضده من قبل ما يعتبره "غرفة سوداء"، تسعى منذ سنوات إلى الاستيلاء على حاكمية مصرف لبنان، لافتة إلى أن الفريق القانوني لسلامة ينهي استعدادات الطعن بالقرار القضائي الفرنسي خلال أيام.

السياسيون أولاً

وفي أول ظهور إعلامي عقب الإجراءات القضائية بحقه، أكد سلامة أنه متعاون مع القضاء، وأن سبب تخلفه عن المثول أمام القاضية الفرنسية أود بوروزي، هو عدم تبليغه بحسب أصول الاتفاقية بين لبنان وفرنسا، قائلاً "طلبنا منها تبليغنا حسب الأصول وهي رفضت"، معلناً المثول في أي جلسة تحقيق في حال تبليغه بها وفق الأصول.

وأكد  لقناة "الحدث" أنه مستعد للمسار القانوني وأنه سيتنحى عن منصبه لو صدر بحقه حكم قضائي، ناصحاً "القضاء في البدء بملاحقة السياسيين وليس حاكم المصرف المركزي" لافتاً إلى أنهم "يستهدفون حاكم المصرف المركزي لأنهم يخشون استهداف السياسيين".

لقاء سلامة وبوروزي

وبحسب صحيفة "لوموند" الفرنسية، فإن القاضية بوروزي، وخلال استجواب سلامة في بيروت في مارس (آذار) الماضي، أبلغته نيتها باستدعائه للمثول أمامها في باريس، ما وضع كثيراً من الشكوك في شأن نيته فعلاً الذهاب إلى باريس. 

وقال مصدر مقرب من القضية للصحيفة، إنه "لو سافر سلامة فعلياً إلى باريس، كان سيواجه تهماً ويتم وضعه تحت الرقابة القضائية"، لافتاً إلى أن "من المؤكد أنه كان هناك تفاوض بينه وبين القاضية الفرنسية في هذا الشأن".

ماريان الحويك ورجا سلامة

وتشير مصادر قضائية إلى أنه يتوقع خلال الأيام المقبلة، أن تصل إلى لبنان استنابات قضائية فرنسية جديدة، تطلب من القضاء اللبناني إبلاغ كل من رجا سلامة، شقيق حاكم مصرف لبنان، صاحب شركة "فوري"، والمساعدة ماريان الحويك بموعد جلسة استجوابهما التي حددت في فرنسا.

ومن المرجح، أن تصل الاستنابات القضائية إلى قصر العدل في بيروت تباعاً، لتحول بعدها إلى قاضي التحقيق الأول شربل أبو سمرا.

وحتى الساعة، لم يتلق القضاء اللبناني نسخة عن مذكرة التوقيف الصادرة عن القاضية الفرنسية بحق حاكم مصرف لبنان ولم تصل مذكرة التوقيف إلى مكتب الإنتربول في لبنان.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

الاستقالة فوراً

ارتفعت وتيرة المطالبة باستقالة الحاكم من موقعه، وصدرت للمرة الأولى على لسان نائب رئيس الوزراء اللبناني سعادة الشامي، الذي اعتبر أنه "عندما يُتهم شخص في أي دولة بمثل هذه الجرائم، ينبغي ألا يظل في موقع مسؤولية، ويجب أن يتنحى فوراً"، وأضاف لـ"رويترز": "أعتقد أنه يجب أن يستقيل".

وفي السياق حذر المحلل الاقتصادي روي بدارو، من خطورة استمرار سلامة في منصبه حتى انتهاء ولايته، وتقاعس مجلس الوزراء عن إقالته، معتبراً أن بعد إصدار مذكرة التوقيف الدولية بحقه، سيكون هناك تداعيات كبيرة على النظام المصرفي والمالي.

ولفت إلى أن قيام مجلس الوزراء بإقالته فوراً سيعطي انطباعاً جيداً بأن "المنظومة" السياسية لم تعد تغطيه، مشدداً على أنه في حال لم يسلك لبنان هذه المسارات فإن العواقب ستكون وخيمة جداً على اللبنانيين.

الرئيس السابق

بدوره طالب الرئيس السابق ميشال عون القضاء والحكومة في لبنان أن ينفذا مذكرة التوقيف الدولية بحق سلامة، معتبراً أن تخلفهما عن ذلك يشكل ارتكاباً ومخالفة كبيرة للقوانين.

ورأى أن تغيبه عن الحضور أمام القضاء الفرنسي يُشكل مخالفة كبيرة وهروباً من التحقيق، والحل يكون بإصدار مذكرة توقيف وتبليغها إلى الإنتربول الذي يقوم بتوقيفه في أي مكان في العالم، حتى في لبنان.

تسيير المرفق العام

في المقابل أكد الرئيس السابق للجنة الرقابة على المصارف سمير حمود، أنه بموجب القوانين اللبنانية لا تستطيع الحكومة إقالة حاكم مصرف لبنان إلا في حالات خاصة واضحة أبرزها صدور أحكام قضائية بارتكاب الحاكم جرائم شائنة أو لأسباب صحية مثبتة بتقارير طبية، معتبراً أن تلك الشروط لا تنطبق على سلامة، حيث لا تزال القضية ضمن الإجراءات التمهيدية وهي المرحلة الأولى من الإجراءات الثلاث "الملاحقة، التحقيق، والحكم"، مضيفاً أنه خلال هذه المرحلة يقبل الرد والطعن والدفوع، وبالتالي القرار الفرنسي لا يعتبر حكماً نهائياً وإدانة واضحة.

وبرأيه سيستمر سلامة في منصبه حتى يوليو (تموز) المقبل، ويسلم مكانه موقتاً لنائب حاكم البنك المركزي الأول وسيم منصوري، لحين انتخاب رئيس جديد للجمهورية، بموجب مقتضيات "تسيير المرفق العام" وعدم توقفه، وعلى قاعدة "تصريف الأعمال" النقدية.

خليفة سلامة

ولا يزال مشهد ما بعد انتهاء ولاية سلامة ضبابياً في ظل التناقض الكبير بين القوى السياسية، الأمر الذي يعرقل إمكانية الاتفاق على تعيين بديل له، ويبدو أن الأمور تتراوح بين ثلاثة سيناريوهات، أولها استلام النائب الأول وسيم منصوري مهام الحاكم لفترة قد تستمر طويلاً إذا لم تحصل تسوية سياسية في البلاد، والسيناريو الثاني هو إمكانية استقالة النائب الأول ورفض استلام مهام الحاكم وذلك لأسباب سياسية إذ لوح بذلك سابقاً رئيس مجلس النواب نبيه بري، الأمر الذي يؤدي إلى فقدان نصاب المجلس المركزي وبالتالي الاضطرار إلى تعيين حارس قضائي على البنك المركزي، والسيناريو الثالث هو الاتفاق على تعيين بديل له.

الدفوع الشكلية

وفي سياق متصل، أصدر قاضي التحقيق الأول بالإنابة في بيروت شربل أبو سمرا قراراً قضى برد الدفوع الشكلية المقدمة من وكلاء حاكم مصرف لبنان في وجه الدولة اللبنانية، معتبراً أن تدخل هيئة القضايا في وزارة العدل بالدعوى المقامة ضد سلامة قائم في محله القانوني، ما يعني قبول تدخل الدولة في الدعوى المقامة ضده في لبنان، محدداً جلسة لاستجواب شقيق الحاكم رجا في 15 يونيو (حزيران) المقبل.

إلا أن رئيس اللجنة القانونية لمحاربة الفساد، جاد طعمة، اعتبر أن الإجراء الذي اتخذه القضاء اللبناني شكلياً لرفع الحرج، مطالباً تطبيق القانون الذي يُلزم الدولة تنفيذ مذكرة التوقيف الدولية، أي لحظة وصولها إلى النيابة العامة التمييزية يجب على القضاء تعميمها على أجهزته الأمنية ليتم تسليم حاكم المصرف إلى القضاء الفرنسي.

ويؤكد "أن هذه المسألة معقدة قانونياً، فالجرائم المنسوبة إلى حاكم مصرف لبنان وقعت على الأراضي اللبنانية قبل أن يتم تحويل الأموال إلى أوروبا، والحاكم يملك الجنسيتين اللبنانية والفرنسية، لذلك، يحق للنيابة العامة التمييزية أن تدلي بوجوب محاكمته في لبنان، علماً أن هناك موجباً للتعاون بين الدول في ما يتعلق بطلبات تسليم المشتبه فيهم بجرائم الإرهاب وتبييض الأموال والفساد".

المزيد من تقارير