Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

اليمنيون في بورتسودان... ترقب وموت ومرض

وفيات وحالات إجهاض شهدتها المنطقة المحاذية للبحر الأحمر وسط اتهامات للسفارة اليمنية بالتقصير

لحظات وصول العالقين اليمنيين إلى ميناء جدة غربي السعودية في 29 أبريل الماضي (القنصلية اليمنية في جدة)

ما إن فر نحو ألفي شخص يمني من رمضاء الحرب في بلادهم نحو السودان حيث الدراسة والعمل وتحقيق الأحلام حتى اكتووا بنيران حرب أخرى بدأت شرارتها في أبريل (نيسان) الماضي بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.

وهي الحرب التي شردت أكثر من 200 ألف شخص إلى دول مجاورة، بحسب ما كشفت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.

ويفوق عدد اليمنيين العالقين هناك نحو ألفي شخص ظلوا متكدسين في بورتوسودان ومناطق أخرى وسط استمرار المعارك.

وظل طرفا الصراع يتقاتلان مع التزامهما بنود المحادثات التي جرت في مدينة جدة بوساطة سعودية- أميركية وهي البنود التي تعهدا فيها "بحماية المدنيين والسماح بعبور المساعدات الإنسانية".

الموت يسبق وعد الإجلاء 

ويروي اليمنيون الذين تواصل سفارتهم السعي إلى إخراجهم، الحالة التي يرثى لها إذ بلغت بحسب قولهم حد "ندرة الأغذية ومياه الشرب والمأوى أو والتكدس في شقق صغيرة وانعدام دورات المياه".

وتوفيت أمس الجمعة، امرأة يمنية تدعى سعدة الشميري ظلت عالقة منذ احتدام الصراع بعد اشتداد وطأة المرض عليها مع تأخر إجلائها مع المئات من الأسر. 

وجرى تشييع الشميري وسط حزن العالقين الآخرين في إحدى مقابر منطقة بورتسودان المحاذية للبحر الأحمر بحسب عضو لجنة الطوارئ التابعة للسفارة اليمنية، عمر المخلافي.

وأوضح المخلافي خلال حديثه لـ"اندبندنت عربية" أنه "جرى إسعاف المتوفاة إلى أحد المشافي إلا أن مضاعفات مرضها بلغت مرحلة حرجة خلال فترة النزوح إلى بورتسودان وتوفيت وسط حزن عميق".

وتسبب الوضع المأسوي والانتظار المميت في تسجيل أربع حالات إجهاض تم إنقاذ جنينين ووفاة اثنين آخرين بحسب لجنة الطوارئ اليمنية. 

مناشدة غير مسبوقة 

وقبل أيام، كشف مقطع فيديو عن معاناة صامتة تعيشها طالبات يمنيات في عدد من الجامعات السودانية تفجرت المأساة في كلماتهن المحروقة وهن يناشدن الحكومة اليمنية سرعة إجلائهن قبل أن تتفاقم الأوضاع الإنسانية أكثر ويصبحن ضحايا حرب لا ترحم أحداً هناك، بحسب مقطع فيديو لقي انتشار واسع.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وقالت إحدى الطالبات اليمنيات، إنها تنتظر الأجلاء "منذ أسبوعين"، فيما قالت أخرى، إنها شاهدت حالات ولادة بين نساء يمنيات وحالات وفيات أيضاً وتصفها بالمشاهد الـ"محزنة".

وعبرت الطالبات عن آمالهن السابقة بالتعليم وبناء مستقبل أفضل لأسرهن، لكن الآن بحسب إحداهن "نريد الفرار من الموت... هناك إهمال وتقاعس حكومي"، على حد وصفهن.

الانتقال بين نقيضين

ويروي أكاديمي يمني تفاصيل هربه من المعارك بالخرطوم بواسطة حافلة مع أسرته. ويقول "تعطلت الحافلة وسط الطريق الأمر الذي دفعني لدفع مبلغ كبير لوسيلة أخرى من أجل الهرب". وكانت الحرب قد دفعت السائقين إلى مضاعفة أسعار النقل مقابل تأمين حياة الهارين.

ويضيف الأكاديمي اليمني إبراهيم المهلل لـ"اندبندنت عربية"، لم تعد البلاد كما كانت من قبل، فهناك انعدام في كل شيء "الأكل والماء والنقود".

وبات مستقبل أموال كثيرين المودعة في المصارف مظلماً وسط إغلاق بعضها والبعض الآخر تعرض للنهب.

يقول المهلل "وجدنا شباباً يغيثون الناس والهاربين بالمياه والفواكه والطعام وفي جانب الطريق الآخر ثمة مجاميع تنهب مقار الدولة والمصانع ومحال قطع الغيار كنا نتوسط نقيضين لصورة من صور الحرب".

وبعد نحو 12 ساعة من السفر البري المضني المليء بالخوف وبعد المرور من نقاط القوات المنتشرة والعربات المدرعة وأصوات المدافع والطيران الحربي، يروي المهلل "وصلنا إلى بورتسودان واستقبلتنا لجنة الطارئ التابعة للسفارة اليمنية".

ونتيجة للازدحام الشديد في المأوى يروي اليمني الذي أنهكته الحروب "كنا بجوار شقة لطالب سعودي اتصل إلينا به بعد إجلائه لبلاده واستأذنته بدخول الشقة فرحب بنا حينها اضطررنا لكسر الباب بمعية ملاك الشقة الأقباط وهم الذين سارعوا مشكورين بتحضير طعام العشاء لنا".

انتقائية

يأتي ذلك في ظل بروز اتهامات تواجه السفارة اليمنية في الخرطوم بـ"الانتقائية" في عمليات الترحيل، وبحسب يمنيين فإن "النساء والطالبات كان من المؤمل أن يحظين بالأولوية في عملية الأجلاء".

وتداول ناشطون اتهامات لمسؤولي السفارة وملحق شؤون المغتربين بالتواصل مع عدد من العالقين سراً لإبلاغهم بموعد الرحلات الجوية، طالباً منهم الاستعداد لنقلهم جواً إلى مدينتي عدن أو جدة، بشرط ألا يخبروا أحداً.

وهو إجراء مخالف بحسب مراقبين للإجراءات المتبعة بنقل العالقين التي تم إعدادها مسبقاً وهي بحسب الأولوية الذين حضروا أولاً إلى بورتسودان، أو وفق الأقدمية أو بحسب أصحاب الحالات الخاصة والحرجة كالنساء والأطفال.

وحول هذه الاتهامات حاولت "اندبندنت عربية" التوصل لرد من السفارة اليمنية في الخرطوم إلا أنه لم يرد حتى إعداد هذا التقرير أي رد.

ونشرت السفارة اليمنية في الخرطوم الجمعة، بياناً قالت فيه، إنه يجري الاستعداد لتسيير رحلات لطيران الخطوط الجوية اليمنية خلال هذا الأسبوع مباشرة من بورتسودان إلى عدن، وفق توجيهات رئيس الوزراء اليمني. ولفتت السفارة إلى أن الحكومة اليمنية تتجه للتعاقد مع شركة طيران أخرى حتى يتم إجلاء جميع الرعايا العالقين في بورتسودان ونقلهم إلى أرض الوطن.

المزيد من تقارير