ملخص
تواجه الحكومة الانتقالية الجديدة في إقليم تيغراي معارضة داخلية بعد اختيار رئيسها 29 وزيراً غالبيتهم من القيادات القديمة لجبهة تحرير التيغراي
أثار التشكيل الجديد للحكومة الانتقالية في إقليم تيغراي جدلاً داخل الأوساط السياسية، بعدما اختار رئيس الحكومة الانتقالية في إقليم تيغراي، جيتاشوا رضا، 29 وزيراً غالبيتهم من القيادات القديمة لجبهة تحرير التيغراي، حيث طعنت المعارضة في شرعية تشكيلها ووصفتها بأنها ليست "حكومة وفاق"، كما نص اتفاق السلام الذي تم توقيعه في بريتوريا في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وأنها غير قادرة على تنفيذ تطلعات التيغراويين لتجاوز مرحلة الحرب، وتحقيق الانتقال الديمقراطي، في الإقليم الذي لا يزال يواجه تداعيات الحرب وكلفتها الإنسانية والاجتماعية والاقتصادية.
وفي حين رحب رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، في خطاب المصادقة على حكومة الإقليم، بالتشكيل الانتقالي الجديد، ورغبته في العمل معه، "لتجاوز مرحلة الحرب الأهلية، وضمان عودة إقليم تيغراي للحياة السياسية الإثيوبية"، اعتبر عدد من الناشطين المجلس الحكومي الجديد غير ملبي لطموحات وتطلعات التيغراويين، وأنه تابعاً للحكومة الفيدرالية.
اجتماع تفاكري
وبالتوازي مع تشكيل الحكومة، عقد قياديو ومحاربو الجبهة القدامى اجتماعاً تفاكرياً بمدينة ميكيلي (عاصمة الإقليم)؛ بغرض تقييم نتائج الحرب والسلام، وتقديم توصيات للمرحلة المقبلة.
ونقلت قناة (the Habesha) الإثيوبية المستقلة أن عدداً كبيراً من القيادات العليا للجبهة أعرب عن رفضه للسلطة الانتقالية المناط بها إدارة الإقليم، وأفادت في تقريرها الإخباري عن الاجتماع، عن تشكل تيار واسع داخل الحزب، يرفض الخطوات التي يتخذها الرئيس الحالي للإقليم جيتاشوا ردا، في ما يخص العلاقة مع الحكومة المركزية؛، متهمين إياه بـ"التنصل من كل الالتزامات السياسية والأخلاقية المعبرة عن نضالات التيغراويين، والتحول نحو خدمة مصالح أديس أبابا"، وأفاد التقرير بأن قائمة الرافضين تضم جنرالات وقيادات حزبية ووزراء سابقون.
بدوره، قال السياسي التيغراوي محاري يوهانس في حديث تلفزيوني "إنه لم يعد متأكداً من بقاء الجبهة كحزب موحد"، لافتاً إلى "حدوث انقسامات عميقة بين القيادات الحزبية، لا سيما بعد اتفاقية بريتوريا، بالإضافة إلى الطريقة التي تم فيها اختيار ردا كرئيس للإقليم".
وأضاف السياسي، الذي شارك في القيادة المركزية للحرب، قائلاً "لا أعتقد أن الحزب الذي حكم البلاد لما يقارب ثلاثة عقود، لا يزال موحداً"، مؤكداً أن مؤشرات الانقسامات بدأت أثناء الحرب الأخيرة ومعظمها يرتبط بـ"الحسابات الخاطئة لقيام الحرب، والاستراتيجيات التي اتبعت في المواجهة، وصولاً إلى المسؤولية الأخلاقية والسياسية والعسكرية لنتائجها".
أكاديميون يحذرون
من جهته؛ نشر الأكاديمي التيغراوي والقيادي السابق في الجبهة، جيتؤام ارقاوي، تغريدات متتالية على صفحته في موقع "تويتر"، تضمنت عدداً من الصور وجملة من الانتقادات، وكتب "معظم قيادات الحزب ترى ثمة انحرافات كبيرة تحدث في الإقليم، لعل أهمها تحول السلطة من رمز للمقاومة إلى أداة طوعية في يد رئيس الوزراء الإثيوبي".
ووجه ارقاوي انتقادات للرئيس الانتقالي قائلاً "المفاوض السابق لم يعد يعر أي أهمية تذكر لتضحيات التيغراويين، التي كلفتهم عشرات الآلاف من الشهداء ومئات الآلاف من النازحين في الداخل والخارج"، مضيفاً "كل تلك التضحيات لم تكن سوى طريق لهذا الرجل من أجل تبوؤ السلطة"، داعياً إلى "مراجعة المسار الحالي قبل أن تسوء الأمور أكثر"؛ متهماً القيادة الحالية بـ"موالاة أديس أبابا أكثر من الاستماع إلى شعبها".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
على جانب آخر؛ حذر دستا جبر ميكائيل، الأكاديمي القانوني بجامعة ميكيلي "من استمرار السياسات السابقة لحزب الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي، القائمة على الانفراد بالسلطة، وإقصاء الأطياف السياسية الأخرى"، مشيراً في حديث أدلى به لإحدى المواقع الإخبارية البريطانية إلى أن "استبعاد القوى المعارضة من التشكيل الحكومي الجديد، يكشف عن بداية خاطئة"، لافتاً إلى أنه "كان ينبغي تأسيس حكومة وفاق تضم أطيافاً واسعة".
واستطرد ميكائيل بالقول "على رغم البدايات الخاطئة لهذه الحكومة، فإن قيامها يعد ضرورة ملحة الآن، ذلك بسبب الظروف الأمنية والاقتصادية الصعبة، حيث ينتظر أن تشرع في معالجة الملفات العاجلة، المتمثلة في بسط الأمن، وتوفير الخدمات الأساسية للمواطن"، مطالباً بـ "التسامي عن بعض الأخطاء، ودعم الحكومة، لا سيما وأنها إدارة موقتة، تتمثل مهامها الأساسية في بسط الأمن، وتوفير الخدمات، بالإضافة إلى تهيئة الظروف المناسبة للاستحقاقات الانتخابية العام المقبل".
وأردف ميكائيل القول إن "الإدارة الجديدة أمامها مهام أخرى لا يمكن إغفالها، تتعلق بتأكيد الوحدة الترابية للإقليم بطرق سلمية، واستعادة المناطق التي تم احتلالها بالقوة العسكرية وهو ما يمثل مصلحة عليا للتيغراويين"، داعياً القوى السياسية إلى "تجاوز الوضع الحالي، وإعادة تأطير أحزابهم استعداداً للانتخابات المقبلة، والتي تمثل بارقة أمل جديد، بعد عامين من الحرب والدمار".
انفراط عقد الجبهة
وكشف تقرير لموقع "تيغراي ميديا نيت ورك" عن تحديات كبيرة يواجهها الحزب الحاكم في تيغراي، مؤكداً "أن ذلك خلف انقسامات حادة بين القيادات العليا للجبهة".
وبحسب ذات التقرير فإن ثلاثة أجنحة - على الأقل - تشكلت داخل جسد الجبهة، ذلك على خلفية نتائج الحرب، ومضمون اتفاق السلام الموقع في جنوب أفريقيا، وصولاً إلى طريقة تشكيل الحكومة الانتقالية.
وكشف التقرير أن الجناح الأول يمثله رئيس حكومة الإقليم جيتاشوا ردا، ويضم كل من وزير الدفاع الأسبق صادقان جبر تنسائي، وقائد أركان جيش التيغراي تولدي وردي، فيما يمثل الجناح المعارض الرئيس السابق للإقليم دبرظيون جبر ميكائيل، ورئيس الأمن والاستخبارات السابق جيتاشوا اسفا، بالإضافة إلى القيادي الحزبي، الم جبري اهادو، فيما يتشكل الجناح الثالث من الجيل الثاني والثالث من العسكريين الذين لا يعارضون بناء علاقة صحية مع أديس أبابا، لكنهم يرون أن التوجه الحالي لا يتناسب وحجم التضحيات التي دفعها التيغراويون في الحرب الأخيرة.
وتوقع التقرير أن تمثل المرحلة المقبلة بداية خروج هذه الانقسامات إلى العلن، لا سيما إذا ما مضت الحكومة المشكلة حديثاً في توجهها، بعيداً من خلق آليات للحوار الحزبي والشعبي.
وأعلن الرئيس الجديد للحكومة الانتقالية في إقليم تيغراي، جيتاشوا رضا، الأربعاء الماضي، تشكيل حكومته التي ضمت 29 وزيراً، وذلك تنفيذاً لاتفاق سلام بريتوريا، الذي تم توقيعه في نوفمبر (تشرين الثاني) 2022 بين جبهة تحرير تيغراي والحكومة الفيدرالية الإثيوبية، ونص الاتفاق على حل الحكومة التي ظل يقودها دبرظيون جبر ميكائيل، بعد انتخابات أجريت بشكل أحادي في إقليم تيغراي، وتشكيل حكومة انتقالية بالاتفاق مع رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، إلى حين تنظيم انتخابات تشريعية في مدة أقصاها عامان.