ملخص
يتوقع مراقبون أن يثير هذا القرار أزمة جديدة، ليس في إقليم #الأمهرا فحسب، بل أيضاً في إقليم #الأورمو وربما في إقليمي #عفر و#الصومال
اندلعت مواجهات محدودة بين الجيش الإثيوبي وحليفه السابق في إقليم الأمهرا، المعروف باسم الـ"فانو"، وهي ميليشيات خاصة بحماية الإقليم، وذلك عقب القرار الرسمي الذي اتخذ مركزياً لإعادة دمج كافة الأذرع المسلحة في الأقاليم الإثيوبية بالجيش النظامي واتباع إدارتها بوزارة الدفاع الفيدرالية.
وشهدت مناطق عدة في إقليم الأمهرا مواجهات بين الطرفين، سقط على أثرها عدد من المجندين في الجيش.
ويأتي قرار الحكومة الإثيوبية تطبيقاً لأحد بنود اتفاق السلام بين إدارة رئيس الوزراء آبي أحمد و"جبهة تحرير شعب تيغراي"، في بريتوريا بجنوب أفريقيا، والذي ينص على "توحيد القوات المسلحة، ودمج كافة الميليشيات المسلحة تحت إدارة وزارة الدفاع".
وفي حين ترى الحكومة الإثيوبية ضرورة في تطبيق هذا البند على كافة الأذرع المسلحة في البلاد، تتذرع قيادات ميليشيات الأمهرا، بأنها لم تكن طرفاً في الاتفاق، بالتالي فإن البند المذكور لا يلزم إلا الأطراف المشاركة والموقعة على الاتفاقية. وتعتمد في ذلك على دستورية موقفها، باعتبار أن الدستور الفيدرالي الإثيوبي ينص على "أحقية كل إقليم الاحتفاظ بقوات خاصة"، ويحدد الدستور مهامها في "حماية الأمن والسلام".
وفي وقت تمضي فيه الحكومة المركزية في تطبيق بنود الاتفاقية مع "جبهة تحرير تيغراي"، بما في ذلك نزع سلاح الأخيرة، تبدو المهمة في إقليم الأمهرا عصية على التطبيق، لا سيما أن الجيش النظامي استعان بالقوات الأمهراوية، في حربه ضد تيغراي لأكثر من عامين، بالتالي فإن المطالبة بنزع سلاحها في هذا التوقيت تعد إنكاراً لدورها المحوري في إلحاق الهزيمة بجبهة تيغراي، وهو المكسب الذي ضمن جر الجبهة إلى توقيع اتفاقية السلام.
التنكر لدور الأمهرا
وقال قائد وحدات الشرق لميليشيات الأمهرا، أببي فانتا، "إن محاولات إدارة آبي أحمد لنزع سلاحنا يعد بمثابة التنكر لدورنا المحوري في تحقيق النصر"، مؤكداً "أننا لن نتنازل عن المكاسب التي حققناها، والتضحيات التي دفعت من دماء وأرواح مقاتلينا خلال العامين الماضيين". وأضاف في تصريح للإذاعة المحلية، "لن نلقي سلاحنا لمجرد ورود بند في اتفاقية لم نكن طرفاً فيها"، موضحاً أن "موقفنا الدستوري سليم مئة في المئة".
وعلق فانتا على سؤال يتعلق بمركزية القرار وضرورة تطبيقه على المستوى الوطني، على كافة الميليشيات بشكل متساوٍ بالقول إن "نزع سلاح جبهة تيغراي لن يكون مبرراً لدفعنا إلى إلقاء السلاح"، مبرراً ذلك بأن "الجبهة تدفع نتائج قرارتها المتمثلة في الاعتداء على الجيش النظامي، والعبث بالسيادة الوطنية، كما أنها ملزمة بتطبيق بنود الاتفاقية التي وقعتها لإنقاذ قادتها من الهلاك، لكن ذلك لا ينطبق بتاتاً على موقفنا".
ودافع فانتا عن قواته بالقول "لا يمكن المساواة بين المعتدي على سيادة البلاد، بإشعال حرب مفتوحة، وبين من ساند الجيش النظامي طوال سنوات الحرب، ودفع كلفة باهظة بالأرواح".
شيطان التفاصيل
بدوره أكد الصحافي الإثيوبي جيتاشوا شفارو أن "الجيش النظامي لم ينه مهمة نزع سلاح جبهة تيغراي بعد". وأوضح أن "أديس أبابا تحاول طمأنة الجبهة التي شرعت في تشكيل الحكومة، من خلال الإيحاء بأنها ماضية في نزع سلاح كل الميليشيات، بما فيها القوات الخاصة في إقليم الأمهرا، الحليف السابق للجيش النظامي".
واعتبر شفاروا أن هذه الخطوة "محفوفة بالمخاطر، وقد تقود إلى حرب جديدة في إقليم الأمهرا، أسوة بما حدث في إقليم تيغراي".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقرأ الوضع الحالي قائلاً "إن الدولة تقع في حالة وهن واضح، وتقع تحت طائلة الضغوط الدولية المتمثلة في ضامني اتفاق السلام، وضغوط محلية متمثلة في جبهة تحرير تيغراي ومؤيديها داخلياً وخارجياً، مقابل ضرورة أن يتم توحيد القوات النظامية، وضمان عدم وجود ميليشيات خارج إدارة وزارة الدفاع الوطني". وقال شفاروا "إن شيطان التفاصيل في اتفاقية برتوريا يكمن في بند نزع سلاح الميليشيات، وهو بند لم يتم تحديده بشكل واضح، بأنه يخص مقاتلي جبهة تيغراي، دون غيرها، حيث تعمدت الأخيرة، تركه بندا عاماً يهدف إلى عدم وجود أي قوات خارج سيطرة الجيش النظامي"، مما يعني أن البند يساوي بين حلفاء الجيش النظامي وخصومه. وتوقع أن "يثير هذا القرار أزمة جديدة، ليس في إقليم الأمهرا فحسب، بل أيضاً في إقليم الأورمو، وربما في إقليمي عفر والصومال في وقت لاحق".
ورجح المتحدث ذاته أن اللجنة الأمنية والعسكرية المكلفة نزع السلاح ودمج الميليشيات في الجيش، قد "غضت البصر عن بقاء بعض قوات تيغراي مسلحة في المناطق المتاخمة لإقليم الأمهرا تحسباً لأي مواجهات بين الطرفين، حيث سيجنب ذلك الجيش النظامي من الدخول مباشرة في تلك المواجهات، كما سيمنحه مبرراً للمطالبة بنزع سلاح كافة الميليشيات"، بما في ذلك الذهاب "إلى تعديل دستوري يتضمن إلغاء البنود الناصة على تشكيل قوات خاصة بالأقاليم".
جهود لتهدئة الوضع
من جهته ذكر موقع "ذي هابيشا" The Habesha الإثيوبي المستقل أن الحكومة المركزية نجحت (الخميس) في التوصل إلى تفاهمات مع قيادة ميليشيات الأمهرا، بخصوص المواجهات المندلعة في منطقة رايا، وذلك بإشراك أعيان المنطقة ورجال الدين. وفي حين ذكرت وسائل الإعلام الحكومية أن قيادة الأمهرا اعتذرت لقادة الجيش على سقوط مجندين نظاميين في المواجهات، أكد الموقع على لسان قيادي من الميليشيات "أن قواته لم تقدم اعتذاراً، بل أعربت عن أسفها لسقوط الضحايا، محملة الجيش النظامي مسؤولية اندلاع المعركة بينهما". وأضاف تقرير الموقع المستقل أن "التفاهمات الأخيرة التي تم التوصل إليها في منطقة رايا، قد تكون بمثابة تأجيل للمواجهة الأكبر بين الطرفين، لا سيما أن ثمة تحركات واسعة من الجيش السوداني في الحدود المشتركة، حاول خلالها استعادة بعض المناطق المتنازعة بين البلدين، مستفيداً من انشغال الجيش الإثيوبي في النزاعات المحلية".
ونقل التقرير معلومات عن تظاهرات شعبية عارمة شهدها الإقليم الصومالي، للاحتجاج على قرار نزع سلاح القوات الخاصة، الذي من المزمع تطبيقه في كافة الأقاليم.
بدوره، قال منسق القوات المشتركة الأمهراوية، العقيد أملاكو أباي، إن التفاهمات الأخيرة بين قواته والجيش النظامي بوساطة الأعيان ورجال الدين "ينبغي أن تمثل نموذجاً لحل أي نزاعات لاحقة بين الطرفين". وأضاف أباي أن "الحوار هو السبيل الوحيد لحلحلة أي نزاعات"، متوسماً أن "تكون قيادات الجيش أدركت هذه الحقيقة، وألا تعتقد أنها قادرة على الحسم العسكري". وأسف أباي في تصريحه للإذاعة المحلية "لوقوع ضحايا في مواجهة بين حليفين طالما حاربا معاً في خنادق مشتركة لإلحاق الهزيمة بطرف حاول العبث بوحدة إثيوبيا وسيادتها".
وفي رده على سؤال حول إمكانية دمج قواته في الجيش النظامي، قال أباي "إن ذلك سابق لأوانه، ولا يمكن تحقيقه دون التوصل إلى اتفاق مستقل، يتناسب مع روح الدستور الفيدرالي وبنوده". وأكد أن قواته "تحظى بدعم شعبي كبير، كما أنها تحتفظ باحترام كبير للجيش النظامي وقياداته التي ناضلت معها لعامين، ولا ترغب الدخول في مواجهات ضدها".